«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من نجيب الريحاني إلي محمد هنيدي:باللغة العربية الفُصحي

علي مدار تاريخها؛ نجحت السينما المصرية في إظهار صورة سيئة لمدرس اللغة العربية وتقديمه بشكل كاريكاتيري يهتم في المقام الأول بإضحاك الناس والسخرية من معلم ساهم بجهد وإخلاص شديدين في صناعة التحضر للإنسان العربي أينما كان.
التقليل من شأن مدرس اللغة العربية كان له دائما ما يبرره من عدم اهتمام الحكومات المختلفة في بلادنا بالمعلم، والنظرة الضيقة له من مجتمع يعلي من قيمة طبيب يعالج الجسد، ومهندس يتعامل مع الخرسانة، علي حساب معلم يعالج العقل ويتعامل مع الأفكار.
سلط نجيب الريحاني في فيلمه "غزل البنات" الضوء علي حالة متردية تصاحب مدرس اللغة العربية وتجعله في مرتبة اجتماعية أقل من خادم الكلاب. وفضح الأستاذ حمام بملابسه الممزقة ومنديله المثقوب وحقيبته المفرغة وانكساره الواضح في التعامل مع من حوله طبيعة هذا المعلم في حياة لا تمنحه أبسط مقومات الحياة، بينما جاءت دموعه كرد فعل لأغنية عبدالوهاب "عاشق الروح" واستمرار فعل لما يلقاه من نفي لعواطفه وأحاسيسه الطبيعية كإنسان من حقه أن يحب ويربح فتاة أحلامه في الوقت الذي يدق فوق رأسه جرس الإنذار مذكرا إياه بأنه الأدني ومن ثم فعليه أن يختار بين سحق مشاعره أو التفريط فيها لصاحب النصيب!
إذلال من الواضح أنه أغري صناع السينما لتكراره في فيلم "مع تحياتي لأستاذي العزيز" بطولة محمود يس.
حمل مُسعد نفس حقيبة حمام، ووقع في غرام بنت الأكابر سميحة (نيللي) التي اتخذته قنطرة للوصول إلي حبيبها، بينما يقف الأستاذ في نهاية العمل وفمه يتسع بابتسامة لا معني لها تشبه مصيره المبهم.
كان لاختيار اسم بطل العمل مسعد سعيد أبو السعد دلالة واضحة ومفارقة كبيرة اسهم كل منهما في توضيح ما يحمله معلم اللغة العربية من حزن معمّر.
واختفت بدلة الأستاذ حمام وحقيبته ولم يبق إلا منديله الذي أراد له صناع العمل أن يكون بلا ثقوب هذه المرة في فيلم "السفيرة عزيزة" لنشاهد الأستاذ حكم – عبد المنعم إبراهيم- وهو يلوح به من النافذة أملا في إنقاذ صديقه من سكين المعلم.
ظل الأستاذ حكم طيلة الفيلم يتحدث باللغة العربية الفصحي وكأنه يتعمد استخراج السخرية ممن حوله، وإظهار استهجانهم للغة انحسر النطق بها داخل الغرف الدراسية المغلقة؛ فقدت من يتواصل معها في الحياة العادية ووجدت من يستهجنها ويحاربها بانتقادات لاذعة ويرفضها رفضا مطلقا وكأنها لغة أجنبية لا مبرر لتداولها.
منديل حمام ظهر أيضا في فيلم محمد هنيدي " رمضان مبروك أبو العلمين حمودة". دسه الأستاذ رمضان في جيبه، وكان يستعمله كلما اقتضت الضرورة الكوميدية، في الوقت الذي استبدل بدلة حمام الشتوية بأخري صيفية يبرز من أحد جيوبها العلوية قلمان: أحمر وأزرق، واستخدم صوته الجهوري ولغته الفصيحة وأفرط في التعامل بها بمناسبة وبدون مناسبة اقتداء بشخصية حكم ليضمن اقتلاع الضحك من قلوب مشاهديه، ويرسخ لصورة ذهنية (باطلة) تتداولها السينما.
وإذا كان الأستاذ رمضان أفلت من تبوير المضمون لمدرس اللغة العربية وجعل المحيطين به يلتفتون إلي ما يحدثه من تغيير جذري في سلوك طلابه، فإن جورج سيدهم في فيلم "الشقة من حق الزوجة" لطم ضمير المعلم وقدمه في طرح مغاير متخذا من المهنة وسيلة للربح وأداة لاستدرار المال من جيوب أولياء الأمور ممن يسوقون عيالهم إلي شقته أملا في تحسين مستواهم التعليمي.
ونفس الشيء فعله حسن حسني في فيلم "درس خصوصي" لكنه وجد والده الآتي من زمن مضي يقف له بالمرصاد ويحيي ضميره الميت وهو يعلمه قيما كان يتم تداولها في العصور السابقة (!)
ولم يتخلص نور الشريف في فيلم "آخر الرجال المحترمين"من الاكسسورات المظهرية لمدرس اللغة العربية سواء من حيث الشكل العام والإصرار علي ارتداء بدلة كاملة وكأنها فرض عين علي مدرس اللغة العربية لابد أن يظهر بها حتي وهو ذاهب في رحلة مدرسية مع تلاميذه إلي حديقة الحيوان، أو من حيث استخدام الفصحي في مخاطبته لمن حوله حتي ولو كان يتحدث إلي بلطجي في العشوائيات.
لاحظ أنه لم يكن هناك فارق بين قروية فرجاني في " آخر الرجال المحترمين" وقروية مسعد في فيلم" مع تحياتي لأستاذي العزيز أو رمضان في "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة"، وظهر بها جورج سيدهم في فيلم "الشقة من حق الزوجة" النظارة كذلك كانت القاسم المشترك للجميع، وهي النظارة التي تم استعارتها من الأستاذ حمام في فيلم " غزل البنات" واستعملها حسن حسني في فيلم "درس خصوصي".
والسؤال هل يختلف واقع معلم اللغة العربية عن خيال السينما؟
من المهم أن تكون الإجابة بنعم. داخل كل منا ذكريات تحمل لمدرس اللغة العربية العرفان، وتحفظ له الجميل، وتشحذ همتنا للدفاع عنه كلما حاول البعض النيل من شخصية عظيمة ساهمت بدور كبير في صياغة الوجدان والحفاظ علي تراث عربي كان من السهل تبديده لولا وجود هذا المعلم.
وجود نماذج سلبية من المعلمين وارد، وضلوعهم في تشويه الصورة لا يمكن إخفاؤه، ولكن الشوائب من السهل تنظيفها، كما أن النباتات الطفيلية لا تؤثر علي امتداد الشجرة.
وإذا كان الخيال يؤذي معلم اللغة العربية، فإن الواقع يتبني نفس المنطق فالدولة تمنحه راتبا زهيدا لا يمكّنه من الإنفاق علي أسرته ويحرضه علي تأجيل الاهتمام بمظهره وتقليم أحلامه.
ومع كل هذا فهو مستمر في أداء دوره، يذهب في الصباح إلي مدرسته بنشاط ملحوظ، ويعلو صوته الجهوري وهو يقرأ أبيات الشعر داخل الفصل بلغة فصحي سليمة ويعاقب تلاميذه ممن يضيعون النحو ويبتسم في رضا إذا وجد بينهم من يحترم لغة القرآن.
معركة التعريب بين الرفض والقبول
نقيب الأطباء: فكرة إيجابياتها كثيرة
فكرة التعريب ليست وليدة هذه الأيام.. لكن بدأ التفكير فيها منذ فترة سابقة.. سواء كان تعريب الطب أو تعريب العلوم عموما.. وهو مادة في الدستور تنص علي أن تحمي الدولة المقومات الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع وتعمل علي تعريب التعليم والعلوم والمعارف.. فهل نستطيع تطبيق هذه الفكرة بسهولة في مصر؟ وماذا نفعل في المدارس ذات التعليم الأجنبي وكذلك الجامعات الأجنبية؟
أما المشكلة الأكبر فهي تعريب الطب.. فهل يمكن أن يتم تعريبه بالفعل في مصر أم أن هذا ضرب من المستحيل لأن النهضة الطبية هي في أوروبا وليست في مصر ولا الدول العربية.. كذلك نهضة أي بلد تقوم علي الترجمة والتواصل مع الثقافات الأخري مثلما فعل الغرب في مؤلفات ابن رشد وابن سينا وابن حيان وغيرهم من علماء العرب.. هناك أصوات تؤيد مسألة التعريب حتي في الطب وأخري ترفض ذلك تماما ولكل وجهة نظره والأسباب التي تؤيدها.. ناقشنا هذه القضية مع المختصين.
جدل واسع
أثارت مسألة التعريب خاصة في الطب جدلا كبيرا قد يتصوره البعض ضربا من الخيال حيث إن الواقع الحالي الذي نعيشه يحيطنا بالغزو الأوروبي من كل الاتجاهات.. فحتي أسماء التوكيلات العالمية والمحلات باللغات الأجنبية.. فهل يسهل كتابتها بالعربية بدلا من لغاتها الأجنبية.. هذه نقطة.. هناك نقطة ثانية وهي تعريب جميع العلوم والمعارف وكذلك الطب وهذا من أكثر الأشياء التي يتعجب منها البعض متسائلين كيف يتم ذلك ونحن نستورد الطب الآن من الخارج وكذلك التكنولوجيا وليس لدينا نهضة طيبة ولا تكنولوجية ولا علمية.. فهل هذه المسألة تؤدي إلي النهوض باللغة العربية والاهتمام بها.. أم أن ذلك سيؤدي إلي الانفلات وعدم التواصل مع الثقافات الأخري ويؤدي بنا إلي الانفصال عن العالم الخارجي؟
يمكن التطبيق
يوافق الدكتور خيري عبدالدايم نقيب الأطباء علي فكرة التعريب بشدة وحتي تعريب الطب نفسه قائلا: أوافق علي ذلك ويمكن تطبيقه بالفعل إذا توفرت الإرادة والحماس.. ونستفيد جدا من ذلك حيث تسهل علي الطلبة البرامج التعليمية ويرتبط بلغته الأم.. ولذلك يجب علي الطفل أصلا من البداية أن يتعلم اللغة العربية وهي لغته الأساسية وبلده التي يعيش فيها ويرتبط بها لأنه عندما يتعلم الطفل لغة غير لغته في سن مبكرة يكون نموه العقلي أقل فهذا هو الأساس.. كذلك تؤكد الأبحاث كلها أنه لا يصح أن تدخل لغة ثانية غير اللغة الأصلية للطفل قبل سن 11سنة ولكن بعدها ممكن حتي لا يعوق نمو الطفل العقلي.. فهذا جزء علمي ثابت.
ثانيا: التعليم العام باللغة الأجنبية أدي إلي موجة التغريب السائدة حاليا.. وللأسف الثقافة العامة في المجتمع الآن أنه من مظاهر الرقي التكلم بالأجنبية.. وكذلك كتابة أسماء المحلات باللغات الأوروبية.. ولكن يجب في التعليم العام التأكيد علي العربية حتي يكون مواطنا صالحا وعنده انتماء.. وبالنسبة للطب المشكلة المهمة أنه يجب التواصل بين المريض والطبيب.. ويجب علي المريض أن يفهم مرضه وتشخيصه وحتي عندما يشرح له الطبيب لا يستطيع المريض فهمه لأنه لا يجد مرادفات صحيحة ومطابقة يشرحها له.. لأن المريض لم يتعلم لغة العلم.. وكذلك يجب التواصل بين المريض والممرضة لأنها تتابع معه العلاج.. كذلك هناك نقطة هامة وهي أن الطلبة سوف يفهمون أفضل باللغة العربية.. وفي الطب حاليا مثلا في أسئلة الامتحانات مكتوبة بلغة ركيكة وبها أخطاء وأسلوبها ضعيف وذلك لضعف في اللغة الإنجليزية أيضا.. حتي التدريس في الكليات باللغة الإنجليزية بلغة ضعيفة ركيكة وحتي الترجمة منها إلي العربية تكون بطريقة صعبة المرادفات أو الترجمة المطابقة الصحيحة.. والإنجليزي عندنا غير مضبوط.. ومن يتحدث حتي بالإنجليزية عندنا لغته ضعيفة.. ولذلك أقول إن النظام الحالي خطأ ولكن الصحيح أنه يجب الآن أن يدرس باللغة العربية.
سألته عن أن نهضة الغرب قامت علي أساس الترجمة مثل ترجمة كتب ابن سينا وابن رشد وابن حيان وأبوبكر الرازي وغيرهم من علماء العرب؟
فأجاب: بأن جزءا من عدم وجود النهضة هو عدم دراستنا بلغتنا الآن وأن كل دولة تدرس الطب بلغتها هي وليس بلغة أخري غير لغة البلد والغرب قاموا بالترجمة صحيح ولكن أخذوه بعد ذلك بلغتهم.. فقاموا بالترجمة ونقلوها إلي لغة بلدهم.. ولذلك أقول ممكن أن نترجم ولكن نتعلم بلغتنا.
مميزات وعيوب
أما الدكتور مصطفي عبدالله مدرس أمراض النساء والتوليد بكلية الطب جامعة الأزهر فيؤكد أن فكرة التعريب مطروحة منذ فترة وليست الآن فقط.. ولكن يصعب تطبيقها في دولة مثل مصر لأن التكنولوجيا من الغرب والطب نفسه الحصول عليه من دول غربية.. فلو تم هذا لن يتم التواصل بيننا وبين الدول الغربية.. ومن الصعب الاعتماد علي العربي فقط.. ولكن هناك شق آخر للموضوع وهو تقوية العربية والتأكيد عليها وكذلك تواصل الأطباء مع المجتمع.. كذلك يقلل التكلفة في عدم الحصول علي مراجع أجنبية.. ولكن إذا أردت أن أسافر دولة معينة لحضور مؤتمر في الخارج يمكن بذلك أن تضيع فرصة السفر والحضور في المؤتمر بسبب عدم وجود لغة جيدة لذلك هناك من يكبرون رءوسهم عن ذلك ولا يذهبون من الأساس.. وبالتالي لا يستطيعون الإطلاع علي الجديد وبالتالي لن يكون هناك نهوض والإلمام بكل ما هو جديد في الطب والعلم وهذه مشكلة لا يستهان بها.. ولكن هناك نقطة إيجابية وهي أن اللغة العربية سيكون وضعها أفضل لأننا سنهتم بها.. ونحن كأطباء نحاول إيجاد مرادف بالعربية من الأجنبية بصعوبة لتوصيلها إلي المريض.. مع أن هذا سيولد تكلفة عالية علي الدولة في عملية التعريب لأن العلم يأتي من الخارج فنضطر لترجمتها إلي العربية.. وكذلك لا نستطيع جلب وفود أجنبية وبالتالي لا يحدث عندنا تواصل.. فإما أن الوفد الذي يأتي إلينا يتعلم العربية وهذا لم يحدث لأننا نحن المحتاجون لهم وليس هم.. ومعظم التعليم في مصر لم يتعلم فيه الطالب اللغات الأجنبية جيدا في الصغر إلا من بداية سن معينة لأنها ليست لغته الأصلية.. كل هذه المشاكل واجهت سوريا وليس لها نجاح عال عندما خاضت مسألة تعريب الطب..
أما من وجهة نظري الشخصية.. فالطب يمكن تعريبه إذا حدث نهوض في مصر أو الدول العربية ويصبح احتياجنا للغرب قليلا. وهذا طبعا مستحيل ولا فرق في ذلك بين الطب في الأزهر أو غيره من الجامعات لأن الطب عالمي وليس مادة دينية ندرسها.. فكل ما نقوله في قضايا الطب ينطبق في كل الجامعات.
لغتنا الجميلة محاصرة رغم الدستور
لاشك أن اللغة العربية تمر بأزمة شديدة خاصة في الآونة الأخيرة.. فهي محاصرة رغم مواد الدستور التي تؤكد علي الاهتمام بها والتأكيد علي مكانتها حيث أنها اللغة الرسمية لمصر.. كما أنها لغة القرآن الكريم.. ولكنها مع الأسف تعاني من عدم ولاء أهلها.. كما أنها محاصرة من غزو اللغات الأجنبية واللهجات العامية.. ويرسخ لهذا الإهمال واقع التعليم في مصر الذي يساعد علي تدمير اللغة العربية وضحالتها.. من وجود مدارس أجنبية وتجريبية.. وإهمال معلم اللغة العربية والتقليل من مكانته..
كذلك إمكانية صعود الطالب للجامعة وهو راسب فيها وتأجيل الامتحان بها فيما بعد.. مما أنتج جيلا ضعيفا فاقد الهوية.. بالإضافة لظهور لغة ثالثة بين الشباب تحوي المفردات الهابطة التي تحمل في كثير من الأحيان معاني.. للسخرية والنكتة.. والغريب أنها ليست مقصورة الآن عليهم بل أصبح يشاركهم فيها الكبار أيضا.. وسط كل هذا الإهمال للغتنا الجميلة ومحاصرتها.. هل تنجح مواد الدستور في النهوض بها.. أم أن ذلك يصعب تطبيقه لما يفرضه الواقع الراهن؟!
واقع مظلم
وسط كل هذا الجدل الواسع حول مواد الدستور أثارت المادة 21 اهتماما كبيرا والتي تنص علي تعريب التعليم والعلوم والمعارف وبأن تحمي الدولة المقومات الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع وتعمل علي تعريب التعليم والعلوم والمعارف.. ولكن رغم ذلك يتوقع الكثيرون أن تظل لغتنا الجميلة محاصرة
فهي محاطة بغزو اللغات الأجنبية من ناحية وكذلك العامية من ناحية أخري مما ضيق عليها الخناق وكذلك وجود المدارس الأجنبية والتجريبية التي توجه اهتمام الطلاب لتعليم اللغات علي حساب لغتهم الأصلية.. كما أن خير دليل علي ذلك هو إمكانية صعود الطالب للجامعة رغم رسوبه فيها وله أن يؤجل امتحانها في أي وقت شاء.. كذلك إهمال معلم اللغة العربية والسخرية منه وممن يتحدث بالفصحي.. فالبعض يري أنه من مظاهر الرقي هو إعوجاج الألسن باللغات الأوروبية.. رغم أننا عندما كنا أطفالا في المدارس كنا نقدر معلم اللغة العربية ونلاحظ تميزه في أشياء كثيرة وثقافته الواسعة عكس مايحدث الآن.. ولكن للأسف هذه الأشياء جعلت معلم اللغة العربية يهمل هو أيضا لغته التي يدرسها ولايهتم بالنهوض بنفسه.. أو برفع مستواه فأصبح جانيا ومجنيا عليه وسلم بالأمر الواقع.. مما أنتج جيلا ضعيفا لايشعر بالانتماء للغة الأم.. بل يتسابق علي تعلم اللغات الأخري أكثر من لغته الأصلية.. كذلك المفردات الهابطة التي تستخدم بين الشباب.. شيء آخر هو كتابة أسماء التوكيلات والمحلات باللغات الأجنبية كل تلك الأشياء ضيقت الخناق علي لغتنا الجميلة لكننا كمثقفين ومنتمين لهذه اللغة يجب علينا النهوض بها والتوعية بمكانتها حتي تعود قوية علي عرشها مرة أخري.
اللغة محاصرة
يؤكد الدكتور محمد شفيع الدين السيد الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة وعضو مجمع اللغة العربية أن الأزمة حقيقية وموجودة فالعربية محاصرة من جميع الجهات سواء اللغات الأجنبية أو العامية فكل ذلك يحاصرها وينتقص من مساحتها.. ولذلك نحتاج لإرادة سياسية وإلي تعميق سياسة الشعب بالانتماء للغته الأم والإحساس بأنها لغة راقية وليست متدنية وكفاها فخرا بأنها لغة القرآن الكريم.. ولايوجد كتاب مثل القرآن.. فهي خالدة بخلوده علي مدي الزمان.. لذلك نقول في مجمع اللغة العربية وكل العاشقين لها والمتخصصين فيها بالعودة لها سواء حتي في المحلات أو الإعلانات تكون مكتوبة بالعربية وليست بالأجنبية وكذلك الاهتمام بها في الإعلام.. وللأسف الناس تتوهم أن الدعوة للعربية والحفاظ عليها سيحول بين تعليمهم للغات الأخري ولكن ليس هذا علي حساب تلك.
ولكن نقول أنه يجب أن تقع اللغة العربية في الصدارة ولاينتقص منها لصالح الأجنبية في كليات الجامعة المختلفة والمدارس.. فاللغة تنمو وتنتشر حين تستخدم.. فنحن نقول نعم لتعلم اللغات الأخري فهي ضرورة للتواصل مع العالم الخارجي ولكن ليس علي حساب العربية.. ولن نستطيع إضافة الجديد لعالم المعرفة إلا إذا كان التفكير مع التعبير باللغة العربية معا.. ولايجب النظر إليها علي أنها عبء ثقيل.. وتعريب العلوم لن يؤدي إلي التأخر فكل العالم يتعامل بلغته في العلم.. فكل مطالب بأن ينقل مستجدات العلوم إلي لغته العربية.. أما مسألة إصلاح المدرس فأمره سهل فهناك لجنة تعمل علي تطوير اللغة العربية في التعليم وتعمل علي تطوير المناهج ومراقبتها من خلال مجمع اللغة العربية ومعنا أساتذة تربويون ومستشارون ورسم خطة للمعلمين للنهوض بأدائهم في المدرسة وتحبيب الطالب في المناهج حتي لاترتفع أصوات تقول بأنها صعبة وثقيلة أو تقدم في صورة منفرة.. ويجب أيضا أن نحافظ علي اللغة العربية في الجرائد والإعلام لأن هناك للأسف أخطاء في الصحف والإعلام ويجب الاهتمام بالمستوي اللغوي للمذيعين.. وكذلك المدارس التي تدرس بالأجنبية لا يجب أن تقدم المفردات المدرسية بالأجنبية وتتجاهل اللغة العربية فعظماء مصر كانوا ممن درسوا في التعليم العام.. ووصلت درجة الإهمال أن الطلاب يسمح لهم بتأجيل الامتحان في العربية إلي ما بعد دخولهم الجامعة وحتي الامتحان يكون هزيلا.
بقاء اللغة
ويري الدكتور محمد حماسة عبداللطيف الأستاذ بكلية دار العلوم وعضو مجمع اللغة العربية أن لغتنا الجميلة استطاعت أن تتخطي السنين عبر سبعة عشر قرنا من الزمان أو يزيد.. فهي اللغة الوحيدة التي بقيت في استعمالها منطوقة ومسموعة يتسع مجالها حينا ويضيق أحيانا ولكنها تصمد برغم كل شيء.. ويكفي أن الله اختارها لتكون لغة كتابه العزيز ورسالة خاتم رسله محمد ([).. وهي تحمل في خصائصها مايضمن لها البقاء والاستمرار فهي لغة اشتقاقية وذات ثراء في مفرداتها.. وقد أمدها شعرها من قديم بكثير من أساليب التعبير والبيان.. فاللغات الغنية في مفرداتها وتراكيبها مكفول لها البقاء والاستمرار.. ولكن بجانب ذلك يجب أن نعمل علي أن تكون هي لغة التعليم والعلم في كل مراحل التعليم بدلا من أنها الآن أصبحت غريبة في موطنها إذا انتشرت المدارس الأجنبية وصار الالتحاق بها مدعاة للفخر والتباهي وكأنها تدل علي طبقة اجتماعية معينة.. وكذلك نلاحظ أن الكليات العملية مثل الطب والهندسة تدرس بالأجنبية.. بل إن بعض الكليات النظرية أنشأت قسما للتدريس بالأجنبية أيضا.. ويقبل عليها الكثير أملا في وظيفة أو عمل مريح فيما بعد.. ومع أن الكثير من الأمم تحرم التخاطب بلغة غير لغتها علي أرضها، ولكننا نحن نفرض التعامل بلغات أخري غير لغتنا في دور التعليم وهذا عدم احترام منا للغتنا.. ولانقول معني هذا أننا لانتعلم اللغات الأخري ولكن هناك فرقا بين تعلم اللغات الأجنبية والتعليم بها.. كذلك يجب علينا الاهتمام بلغة الفضائيات بدلا من هذا التشرذم الهمجي المقيت.. فلو أن كل الدول العربية اتفقت فيما بينها علي جعل العربية هي لغة الإعلام المرئي فيها فسوف يكون ذلك أفضل فحتي من يشاهد هذه الفضائيات المتنوعة يدرك أن العرب أمة واحدة تجمعهم لغة واحدة لأنه من المعروف أن اللغات لاتعز إلا بعزة أهلها ولاتذل إلا بذلتهم.. ولكن للأسف وجدنا المعلم غير المؤهل والمتعلم المتبرم والمنهج القاصر غير المخدوم مع كثرة الحاصلين علي الألقاب العلمية العليا.. فلا توجد من بينها دراسة واحدة تحل مشكلة أو تفتح الطريق لحلها.. وإذا وجدت فإنه يتم طمسها.. ولدينا مشكلات لغوية تحتاج إلي معالجة وأهمها الازدواج اللغوي وهو سبب أساسي في ضياع كثير من جهود التعليم لدينا.. لأن المتعلم تعلم اللغة العربية الفصحي في الصغر ولكنه يجيد الحديث العام بالعامية عكس الأميين فهم لايعانون من هذا الأزدواج لأنهم يمتلكون لغة واحدة هي سليقتهم التي اكتسبوها منذ الصغر.. أما المتعلمون فهم الذين يعانون من ذلك فهم لايستطيعون في كثير من الأحيان الفصل بين الفصحي والعامية نطقا وكتابة.
تحول خطير
وأما الدكتور حسام عقل أستاذ النقد بكلية التربية جامعة عين شمس فيقول: لاشك أن المنظومة التعليمية تجتاز مراحل تحول خطيرة وقد أفرغ النظام السابق كل مافي طوقه من العداء لتراث الأمة وهويتها وفي الصدارة اللغة العربية والتربية الإسلامية وتم ذلك ضمن سياسة عرفت في مصر وتونس بسياسة تجفيف المنابع بالإشارة إلي أن بذرة التطرف تبدأ بالمنهج التعليمي الذي يربط الطالب بتراثه ولغته ومن ثم شنت حملات متوالية علي مدار ثلاثة عقود من الزمن أو يزيد لمحاصرة مضامين التاريخ الاسلامي في مناهجنا التعليمية وكذلك جرعات الثقافة اللغوية التي تصل الطلاب بإسلامهم وعروبتهم وفي المقابل حدث مايشبه الغزو باللسان الأوروبي فظهرت المدارس التجريبية والأجنبية وحدث نوع من التكريم للغات الأجنبية علي حساب العربية في المراحل الستة المبكرة وهو مايمثل خطورة علي لسان عروبة الطفل.. وفي المقابل لم يحدث من الدولة دعم للمؤسسات والكيانات التي نيط بها حماية اللغة العربية.. ويلاحظ أن الأمم والشعوب الآن تستحدث من القوانين والدساتير ما يصون هويتها ويحفظ لسانها ولغتها فمثلا وليس حصرا في سنة 4991 صدر قانون في فرنسا يعاقب من ينتهك قواعد اللغة الفرنسية عن عمد واحتقار بعقوبات مغلظة تصل إلي حد السجن والغرامة بما يوازي مائتي دولار.. ومن المعروف أن السلطات الفرنسية غرمت سلسلة مطاعم معروفة غرامات مالية كبيرة لمجرد أنها استعاضت عن المصطلح الفرنسي بمصطلح إنجليزي في إحدي وجباتها.. وليس بعيدا ماتقوم به وزارة الثقافة الألمانية التي تخصص نصف ميزانيتها تقريبا لنشر اللغة الألمانية والحفاظ عليها وعلي الدرب نفسه تمضي المراكز البريطانية التي تقوم بجهد منظم لصون الإنجليزية والحفاظ عليها.. ومن الأمور المضحكة القانون رقم 511 لسنة 6591 والذي يعاقب من يزدري اللغة العربية واحتقارها بغرامة قدرها 01 جنيهات والأكثر غرابة علي مافيه من غرامة مالية زهيدة لم يطبق هذا القانون ولا مرة واحدة منذ سنه وعلي ذلك لم تتوفر للأنظمة والحكومات المتعاقبة أي إرادة سياسية لإصلاح المنظومات التعليمية والحفاظ علي لغة القرآن الكريم ويواصل د.عقل: ومما زاد الطين بلة أن هناك فضائيات ليس لها هم إلا التقليل من العربية ولدينا فضائية محددة كانت تفرض علي مذيعيها ومقدمي البرامج فيها أن تكون نشرات الأخبار بالعامية والحوارات بالعامية.. ومن هنا نناشد مجلس الشعب القادم والرئيس المصري وكل الكيانات المنتخبة والإعلام الشريف ومنابر المساجد وكذلك قاعات الكنائس القيام بحملة وطنية شاملة للدفاع عن اللغة العربية.. كما نهيب بالتربويين في مصر الاحتشاد بكتيبة ضخمة للدفاع عن العربية ووضع مناهج تعليمية جديدة تضمن للشخصية المصرية التوازن بين الأصالة والمعاصرة وبين عناصر الهوية من ناحية واستحقاقات الحداثة من ناحية أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.