تطابق الشكل والمضمون في العمل الفني أساس وغاية للعمل فالفنان الذي بعمله فجوة بين الشكل الفني والمضمون الفكري يعد عملا ضعيفا ولم يستخدم أدواته ووعيه بشكل جيد والمضمون الفكري من بداية العمل حتي نهايته لابد أن يكون متصلاً فلا يمكن أن نقسم العمل الفني إلي مضمون إنساني أو فلسفي أو شكل درامي مجرد من هذا المضمون وإنما يجب وجود حالة من الاندماج التام.. فالشكل الفني الناجح هو نتيجة مباشرة لنجاح العمل الفني والفنان في إخضاع المضمون للمقومات الدرامية من حوار إلي موقف وحدث وشخصية والألوان والإيقاعات وعرف »أفلاطون« الفن علي أنه محاكاة للحقيقة المعاشة لأنه لايحاكي الظاهرة أو الفكرة »المجردة أو تجسيد الفكرة مادية قائلا«: »إن الفنان يحاكي الفكرة المجردة أي أنه يحاكي الأصل خاصة فيما يتصل بالجوهر أو الفكرة« ولذا أري مدي تقارب الفنون من بعضها البعض ومدي التواصل بينها ولهذا نجد أثرا للمسرح والسينما والزخرفة والقصة والشعر ويلتقيان في تقديم الأحاسيس والأفكار فاستلهم الشاعر اللوحة والصورة وسجل الهامة في قصيدة والأدب المصري القديم كان مظهر إلهام واستلهام لكل الحضارات التي جاءت بعدها حيث تمتليء موضوعات الشعر القديم بكثير من الصور والمواقف والتشبيهات والرموز تتسق مع الأفكار والمشاعر في الطبيعة واللقاءات الإنسانية ولذا يجب النظر إلي قصائد الحب القديم في هذا الإطار من التقاليد العلمية ولقد أرادت الباحثة إيناس ضاحي في بحثها »رؤية تشكيلية معاصرة مستلهمة من أشعار الحب في الأدب المصري القديم« تعريف أهمية قصائد الحب في مصر الفرعونية والتي رصدت الحياة الاجتماعية باعتبارها أداة تواصل إنساني يساعد علي إعلاء القيم الإنسانية والارتقاء باللغة الخاصة بالحب بين الماضي والحاضر.. فلغة الشعر لغة موسيقية وليدة معاناة تحمل رسالة إنسانية قاصدة الوجدان والفكر والخاطر غايتها إحداث هزة في الأذواق وتغييرا في الانطباع وللشعر إيقاعه وصوره الأخاذة التي يحرك بها الطاقات الكامنة وينبه المشاعر الساكنة وقال إبن خلدون »الشعر كلام موزون مقفي قصدا وهو كلام مفصل قطعا متساوية في الوزن ومتحدة في الحرف الأخير من كل قطعة وكل قطعة تسمي عندهم بيتا والبيت الأخير الذي تتفق فيه القافية جملة الكلام وينفرد كل بيت منه بإفادته في تراكيبه حتي كأنه كلام وحده مستقل عما قبله؟ ففي أشعار الحب في الأدب المصري القديم يظهر بوضوح تأثر مؤلف القصائد الشعرية بالبيئة المحيطة من أماكن يلتقي فيها المحبون وتظهر في إحدي قصائد مجموعة »أوستركا التي ترجمها فكري حسن وفيها: حبيبتي.. علي ضفة النيل الأخري.. وبيني وبينها النهر والتماسيح.. وفي أغنية شجرة الجميز من مجموعة »برويد تورين« في حديقتك أظلل بغصوني علي جلستك وأسعد كل يوم برؤياك.. راجيا أن أحظي برضاك.. فيوم غرسوني بالقرب من دارك.