رغم مرور مايقرب من عامين علي اندلاع ثورة 52 يناير العظيمة، التي أذهلت العالم، أقول وبكل وضوح، إن مصر لم تنجح بعد في خلع عباءة وهيمنة الحزب الوطني علي مقاليد الأمور فيها، وعندي من الأمثلة الكثير لأدلل بها علي صدق رؤيتي تلك، فالانتخابات هي التي حملت الإخوان إلي السلطة، وبالتالي حمّلتهم مسئولية إدارة البلاد، وهو ما كانوا يناضلون من أجله سنوات طويلة، تحملوا فيها ألوانا من الظلم والقهر، ومع ذلك الواقع يؤكد أن الإخوان عملوا ومازالوا يعملون من عباءة الحزب الوطني، وكأنهم لا يملكون مشروعهم الخاص، ولا يملكون رؤية واضحة لإدارة البلاد، رفع أسعار الكهرباء الذي تم تطبيقه مؤخرا، من الذي فكر فيه، الحزب الوطني، ومنذ عام 9002 ولم ينفذوه، ونفذته حكومة الإخوان دون أي تعديل، بل لنقل دون تفكير، الضريبة العقارية من أعدها وفكر فيها بطرس غالي وزير الجباية في حكومة الحزب الوطني، ولم ينفذ وأعيد إلي مجلس الشعب لعلاج ثغرات فيه، من الذي يريد تطبيقه، ومن الذي أخرجه من أدراج الحزب الوطني المنحل، حكومة الإخوان، قطار الطلقة، من الذي فكر فيه وأعد له الدراسات، الحزب الوطني، ومن الذي سينفذه، الإخوان، وعندي من الأمثلة أكثر من ذلك، ولكني سأكتفي متسائلا هل من العقل أو المنطق أو الحكمة، أن يقوم الشعب بثورة تطيح بنظام، ليأتي بنظام آخر يسير علي نهج سابقه، لقد كان الناس يتندرون علي الرئيس السادات عندما كان يدعي أنه يسير علي نهج عبدالناصر، فيقولون أنه يسير علي خطي عبدالناصر بأستيكة، الحكمة تقتضي أن يكون هناك جديد، ومصر تحتاج إلي أفعال سريعة وحاسمة، ودراية وحنكة وفهم وحسم، وثورة في الاقتصاد والاستثمار، وعدم العودة إلي الوراء، والله يقول في كتابه العزيز: { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، والحكمة تقتضي أيضا، أن نخلع عباءة الحزب الوطني، بل وأي عباءة، ونرتدي فقط عباءة مصر.