عبدالحكيم سليمان بعدما انفردت (آخرساعة) في عددها السابق بأول حوار للصحافة العربية مع عبدالحكيم سليمان، المصري الذي اتهم ظلماً في قضية تفجير السفارة الإسرائيلية في الدنمارك وتفجيرات نيويورك عام 3991 وحصل علي البراءة في واحدة من أشهر قضايا الإرهاب التي هزت أوروبا، يواصل سليمان في هذا العدد سرد تفاصيل جديدة حول ملابسات القضية، كاشفاً فساد جهاز الإنتربول المصري وقتذاك، ودوره المخزي في فبركة تقرير أمني زاد من حجم معاناة (الإرهابي البريء) قبل أن ينصفه القضاء الدنماركي، ويعجز الإنتربول المصري عن إثبات ما أورده في تقريره المفبرك أو حتي إرسال ملف سليمان القضائي الذي يدعم ما جاء بالتقرير من زيف رغم مرور 02 عاماً علي القضية حتي الآن. ما قصة الرسوم التي بناء عليها اتُهمت بالترتيب لتفجير السفارة الإسرائيلية في الدنمارك؟ - عند اقتحام بيت صديقي الذي كنت أقيم معه أخذوا كل ما فيه من أوراق، وهذه الرسمة كانت عبارة عن واحدة من مئات رسومات ألعاب الأطفال التي كانت تعرف وقتذاك ب"حرب العصابات" أو science fiction وكان ابن صديقي (41عاماً) يلعب هذه الألعاب مع زملائه في المنزل، واختار البوليس هذه الرسمة ووزعها علي 081 محطة بوليس دنماركي ولم يحصلوا علي أي رد منها، باستثناء ضابط متقاعد، قال إنه عندما أحيل إلي المعاش، عمل حارساً أمنياً في سفارة إسرائيل بالدنمارك لمدة شهرين، وأن هذه الرسمه تشبه السفارة الإسرائيلية في العاصمة كوبنهاجن، ولكن هذا الدليل المفبرك طرح أرضاً وكان مسار سخرية القضاة والمحلفين في المحكمة والإعلام بعد شهادة الشهود وهم الأطفال أصحاب اللعبة والرسمه في المحكمة. كيف كانت هذه الرسمة التي زعم الضابط المتقاعد أنها للسفارة الإسرائيلية محل سخرية في المحكمة؟ - أحد المحلفين وهو مزارع دنماركي بسيط عندما استدعي في المحكمة ليؤكد أو ينفي شهادته السابقة في محضر البوليس، طرح سؤالاً علي المدعي العام في القضية والضابط: "ماذا كتب في الخطاب المرفق مع الرسمة من قبل المخابرات الدنماركية؟"، فأجاب المدعي العام وصدق علي كلامه الضابط أن الذي كان مكتوباً أننا وجدنا هذه الرسمة مع الإرهابيين المصريين الذين كانوا ينوون عمل سلسلة تفجيرات في محطات القطارات والكباري ومقابر اليهود في الدنمارك، فضجت قاعة المحكمة بالضحك علي هذا الغباء وهذه الفبركات، وسقط هذا الاتهام الباطل. كيف سارت الأمور في القضية بعد ذلك؟ - القضية بدأت في نوفمبر1993 وبقيت مسجوناً احتياطياً حتي نهاية أبريل 1994 ثم تم الإفراج عنا علي ذمة القضية، ولم يتمكن الادعاء العام من تقديم أو رفع أي اتهام ضدنا، وبقينا علي ذمة القضية حتي نهاية عام 1995 عندما تم رفع الادعاء ضدنا، بعد فترة من عدم التوافق بين وزارة العدل والادعاء العام والمخابرات علي رفعه من عدمه، وتمت مداولة القضية في فبراير 1996 وحتي أبريل 1996 في محكمة الاستئناف العليا مع وجود 12 من المحلفين حسب القانون الدنماركي. وما هي التهم التي وُجهت إليكم؟ - ثلاث تهم، الحريق (حرق باب البيت) وعقوبتها حسب المادة 182 من القانون الجنائي السجن من 4 إلي 6 سنوات، والإرهاب، وعقوبتها حسب المادة 186 من القانون الجنائي السجن من 8 إلي 12 سنة، وقلب نظام الحكم، وعقوبتها حسب المادة 114 من القانون الجنائي السجن مدي الحياة (16 سنة سجناً)، وهذه المادة لم يسبق أن استخدمت ضد أحد قبلنا ولم يحكم بها علي أي شخص في الدنمارك من قبل. وبماذا حكمت المحكمة؟ - رغم عدم وجود أدلة تديننا في كل هذه الاتهامات، حكم علينا في تهمة الحريق بحكم قاس يتراوح بين 8 شهور لصديقي وسنة سجنا لي، أما الثالث فكان مختلاً عقلياً وحكم عليه بسنة معالجة في مستشفي أمراض عقلية، ولكن لأننا مسلمون وأيضاً حتي يحفظوا وجه وزير العدل ورئيسة المخابرات اللذين أعطيا الضوء الأخضر لرفع الاتهام، وأيضاً لتقليل مبلغ التعويض الذي سنحصل عليه مقابل براءتنا في الاتهامين الآخرين، حُكم عليّ بالسجن سنة وحسب القانون الدنماركي سنة السجن 8 أشهر وتم خصم فترة الحبس الاحتياطي الأولي واستوفيت فقط المدة المتبقية (شهرين) في مدرسة تعليم اللغة الدنماركية في السجن المفتوح وأكون في بيتي مع زوجتي التي تزوجتها عام 1997 نهاية كل أسبوع. ما قيمة التعويض المالي الذي حصلت عليه بعد براءتك من تهمتي الإرهاب وقلب نظام الحكم؟ - حصلت علي مبلغ 250 ألف كرون تعويضاً من الدولة أي ما يعادل وقتذاك 50 ألف دولار، وقمت بتأسيس شركة استيراد وتصدير للمنتجات الغذائية، وأكملت دراستي العليا في المحاسبة والتمويل وإدارة الأعمال، وعندي الآن مكتب خاص للمحاسبة وأوضاعي المعيشية مستقرة، ولا يستطيع أحد أو السلطات الدنماركية وبخاصة الأمنية تحريك أي اتهام من ذلك النوع السابق ضدي، بعد ثبوت براءتي من المحكمة العليا الدنماركية وهذا ما يقرره القانون الدنماركي، كما أنني حصلت علي الجنسية الدنماركية. كيف تعامل الإعلام الدنماركي مع قضيتك؟ - كانت تلك أولي قضايا الإرهاب في أوروبا، والبوليس والمخابرات الدنماركية تذرعا بها للدخول إلي بيوت العرب والأجانب للتحقيق معهم وعمل أرشيف بمعلوماتهم في جهاز المخابرات، وكان هذا هو الباعث الحقيقي لفبركة القضية، وتم توجيه الإعلام أسوأ توجيه في الشهور الأولي من القضية، لأننا كنا مسجونين، ومنعزلين عن العالم، ولا نستطيع الدفاع عن أنفسنا لدحض هذه الاتهامات، وتم فعلاً تحويلها إلي قضية رأي عام. ولكن عن طريق محامينا وبعد الإفراج عنا قمنا بالرد علي كل هذه الاتهامات وفضح كذب وفبركة البوليس وجهات الادعاء حتي سقطت القضية فعلاً قبل أن ترفع، لكنهم استمروا في الغباء فسقطت القضية في محكمة الاستئناف العليا سقوطاً مدوياً مصحوباً بكشف فضائح الفبركة، وأيدت هذه الأحكام وهذا السقوط المحكمة العليا الدنماركية، ما كان له الأثر في استقالة وزير العدل والمدعي العام نائب رئيس البوليس الدنماركي ورئيسة المخابرات الدنماركية، علي إثر فشلهم وحصولنا علي البراءة وتقديم طلبات الحصول علي تعويضات كبيرة تحملتها خزانة الدولة في الدنمارك، بخلاف مصاريف القضية وأتعاب المحامين التي بلغت 20 مليون كرون دانماركي، إذ حصل المحامي الخاص بي علي 650 ألف كرون، بالإضافة إلي ضريبة المبيعات 25٪ أي حصل علي 800 ألف كرون وكان هناك في القضية 4 محامين ومترجمين وخلافه. أثناء فترة حبسكم احتياطياً ألم يكن مسموحاً لكم أو لمحاميكم بالإدلاء بتصريحات إعلامية توضح موقفكم؟ - الإعلام الدانماركي كأي إعلام في أي دولة من حيث التوجه في القضايا التي تكون موجهة ضد المجتمع، وبخاصة أن المواطن الغربي والدنماركي تحديداً يثق بقوة في مؤسساته الأمنية، وهذا حدث في فترة السجن الأولي، إذ كانت هذه القضية بمثابة زلزال علي المجتمع الدنماركي وبخاصة أننا ومحامينا كنا ممنوعين من الكلام أو التصريحات بشأن القضية. ولكن عندما تم الإفراج عنا بعد الحبس الاحتياطي لمدة 5 شهور علي ذمة القضية، نظراً لعدم كفاية الأدلة وعدم قدرة الادعاء العام علي رفع أي اتهام ضدنا، كان هذا الإفراج بمثابة الزلزال أيضاً الذي أطاح بالقضية، بعد كل هذا النفخ الإعلامي الموجه، ثم بدأنا إجراءات فتح الأبواب وإلغاء حظر النشر، للرد علي اتهامات البوليس والمخابرات بالأدلة والوثائق، فكانت هذه الفضائح وأحاديثنا مع الصحافة والمحامين بمثابة رصاصة الرحمة علي القضية بعد سخرية الإعلام من وزير العدل والمدعي العام ورئيسة المخابرات. تبعات حكم براءتك كلفت الحكومة الدنماركية الكثير من الاستقالات.. حدثني عن ذلك تفصيلاً. - بعد الإفراج الأول في القضية لعدم كفاية الأدلة استقال نائب رئيس المخابرات، لأنه رفض الاستمرار في الفبركات مع المدعي العام في القضية، وقبل رفع الاتهام رفض المدعي العام الأصلي المدني تحمل هذا الاتهام أو رفعه لمعرفته بفبركة القضية، فانتدب الادعاء العام نائب رئيس البوليس الذي قاد كل إجراءات البحث والتحري والفبركه ليكون هو المدعي العام في القضية ويتحمل تبعاتها، وهذا مخالف للأعراف القانونية الدنماركية في أن يكون رجل البوليس خصمك هو المدعي العام ضدك، وبعد الحكم النهائي وحصولنا علي البراءة استقال وزير العدل ورئيسة المخابرات الدنماركية لأنهما هما اللذان أعطيا الضوء الأخضر لرفع الاتهام، وتمت إقالة المدعي العام في القضية الذي هو نائب رئيس البوليس الدنماركي وإحالته للتقاعد بعد أن تم تصويرهم في الصحف مثل القرود التي لا تجيد سوي أكل الموز. ماذا تطلب الآن من السلطات المصرية بعد 20 عاماً من اللجوء السياسي؟ - أبعث بأسمي آيات الإعزاز والتقدير للرئيس المنتخب محمد مرسي وأتقدم إليه بمطلب عام يخص كل أبناء الوطن وهو التطهير لتحقيق العدل بحيث لا يظل فاسداً من النظام البائد الذي قهر أبناء شعبه وشردهم داخل وخارج البلاد. أنا لا أتوسل لعفو ولا أطلب تصريح دخول إلي بلدي، لكنني أطلب من الرئيس مرسي رفع الظلم الذي وقع عليّ وعلي أسرتي طيلة 20 عاماً بدون أي دليل لدي السلطات المصرية قبل سقوط النظام البائد وحتي بعد سقوطه، وأن يقوم بالتطهير الفوري الأجهزة الأمنية وبخاصة الإنتربول المصري الذي كان السبب في فبركة هذه القضية في الدنمارك ولعب الدور الأسوأ لتقديمه معلومات كاذبة في تقريره عام 1993 الذي أرسله للسلطات الدنماركية، واستمر هذا الجهاز فأعاد وضع اسمي علي قوائمه عام 2004 وتم تحديث البيانات عام 2009. من المسئول عن هذا التقرير في جهاز الإنتربول المصري وقتذاك؟ - رئيس الجهاز الذي قدم معلومات كاذبة بشأني في تقريره عام 1993 وأطالب الرئيس مرسي بمحاسبته علي الفساد الذي كان في هذه المؤسسة ومازال، ألم تكن تكفي هذا اللواء، أثناء خدمته في الجهاز، أحكام البراءة التي حصلتُ عليها ونشرتها معظم الصحف العربية والأجنبية وأذاعها أيضاً التلفزيون المصري في نشراته الإخبارية عام 1996، لكي يصحح قائمة معلوماته المغلوطة وقوائم المطلوبين التي تضم اسمي حتي الآن! بل إمعاناً في الظلم والكذب والفساد يقوم الجهاز بوضعي في قائمة المطلوبين عام 2004 وتحديثها عام 2009. وإن لم يرفع هذا الظلم فوراً فأرجو السلطات المصرية موافاتي بملفي القضائي المفبرك الذي انتظرته وانتظرته أيضاً السلطات الدنماركية طيلة 20 عاماً ولم يصل حتي الآن! ولماذا لا تعود مباشرة إلي مصر طالما بحوزتك ما يثبت براءتك.. ما الذي تخشاه؟ - أعيش هنا معززاً مكرماً وعندي شركتي ومكتب المحاسبة والتمويل، وكل أمنياتي أن أعود لأستثمر أموالي في بلدي بعد غربة 20 عاماً وأن أسهم في النهضة والتنمية في النظام الجديد بعد الثورة، ولكن حتي الآن لم يتم تطهير المؤسسات الأمنية وتصحيح الأخطاء والقوائم الأمنية ومحاسبة الفاسدين من رجال النظام البائد، فكيف آمن علي نفسي وزوجتي وأولادي في مصر ومازال الوضع كما هو. عموماً قمت بتوكيل أحد المحامين في مصر (نزار غراب) لرفع هذا الظلم بالطرق الشرعية ولكن لم يصلني أي جديد أو تطورات بشأن قضيتي. وطلبت من المحامي رفع هذا الظلم أو موافاتنا بالملف الأمني والقضائي الذي وعدنا به الإنتربول المصري منذ 20 عاماً في تقريرة المفبرك. إلي أي مدي ساهم هذا التقرير الذي أعده الإنتربول المصري في توريطك بقضية الإرهاب بالدنمارك؟ - عندما تم القبض عليّ لم يكن لدي السلطات الدنماركية أي معلومات عني سوي المعلومات المسجلة فقط في طلب الحصول علي حق اللجوء وبصماتي ومعلوماتي الشخصية وفيها أنني مصري الجنسية، وبالتالي كان هذا التقرير المفبرك وما احتواه من معلومات كاذبة رددها الإعلام الدنماركي، أحد الركائز الأساسية التي بنيت عليها القضية. وماذا جاء في نص هذا التقرير؟ - يقول التقرير الصادر من جهاز الإنتربول المصري وقتذاك إنني "من أكبر الإرهابيين في العالم ومصر خاصة، ولي تاريخ حافل بالإرهاب والعمليات الإرهابية في مصر، وزعيم جماعة إرهابية وخبير دولي في عمل المتفجرات والتفجيرات وسوف يقوم بإرسال سجلي القضائي إلي السلطات الدنماركية لاحقاً"، وبكل وقاحة يطلبون السماح لهم بالتحقيق معنا ومساعدة السلطات الدنماركية.. ولكن السلطات الدنماركية رفضت هذا الطلب المخزي.