»الدم عمره ما يبقي ميه« نختلف ونتشاحن ونصرخ في وجوه بعضنا ، لكننا كما يقول المثل الشعبي »مصارين البطن بتتعارك« ونعود مرة أخري إخوة وأشقاء وأحبة. أتكلم عن زيارة الرئيس مبارك للجزائر الأحد الماضي لتقديم العزاء للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في وفاة شقيقه. صحيح أن العزاء واجب ، ولكن أحيانا يكون أكثر من أن يكون واجبا إنسانيا . العزاء في هذه الحالة تعبير عن حالة المشاركة، تجسيد للقرابة والصلة الوثيقة بين الرئيسين وبين الشعبين الشقيقين. مرت بالعلاقات فترة غير صحية، لعب فيها الإعلام دورا سلبيا، أساء فيها لقيم مست مشاعر الشعبين، والحمد لله أن مجلة آخر ساعة كان لها رؤية واضحة وسليمة، تمسكت خلالها بقيم ثابتة في الحديث عن علاقتنا والجزائر، هي قيم الأخوة العربية وشراكة النضال والدم في الصراع العربي ضد إسرائيل والصراع العربي ضد الاستعمار في الجزائر. استغرقت زيارة الرئيس مبارك عدة ساعات وصدرت تصريحات عن محادثات تناولت قضايا عربية وأفريقية وأخري تهم البلدين. وقد اهتمت وسائل الإعلام الجزائرية بالزيارة وأشارت إلي الحفاوة التي قوبل بها الرئيس من الرئيس بوتفليقة الذي كان في مقدمة مستقبليه بمطار هواري بومدين. كما رددت وسائل الإعلام تصريحات أحمد أبو الغيط وزير الخارجية بشأن عزم البلدين تقوية علاقاتهما، بعد اجتماعه بوزير الخارجية الجزائري . هذه الخطوة يجب أن يتبعها خطوات فالعالم يتسابق للتلاحم والتقارب والأولي بنا نحن الأشقاء أن نسبق الخطي لكي نتكامل. علينا أن ننظر أولا لمصالح شعبينا ، إلي أي مدي يمكن أن نزيد من استثماراتنا المتبادلة، إلي أي مدي يمكن أن نزيد من تعاوننا الرياضي، وتعاوننا الثقافي والفني، إلي أي مدي يمكن أن نزيد من تعاوننا العلمي والتعليمي. لقد كان لمصر دور كبير في عملية التعريب بالجزائر، والمطلوب أن يستمر هذا الدور بصيغة أو بأخري حسب ظروف التقدم العلمي والتكنولوجي. لقد شهد نضال الشعبين في الخمسينات والستينات وفي حرب أكتوبر ملاحم نضالية، كنت علي إيمان كامل بأن نتيجة مباراة رياضية لن تغير منها ومن تاريخها ومن الدماء التي اختلطت سواء علي أرض الجزائر أو علي أرض سيناء. كان جمال عبدالناصر في وجدان الشعب الجزائري، كما كان أحمد بن بيللا وهواري بومدين وكل الثوار. كان الفن المصري والسينما المصرية أكثر ما عبر عن الكفاح الجزائري وتجسيد رحلة المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد . اليوم كالأمس تماما ولكن بصورة أخري ، فلم يعد هناك استعمار، وعلينا أن نعوض شعوبنا عن معاناتها سنوات طويلة، أن نعوضها بتحقيق مصالحها، أن نتبادل الخبرات ، أن نضاعف الاستثمارات ، أن نزرع في قلب كل فرد منا محبة الآخر وترسيخ عواطف ومشاعر شقيقة وأخوية .