علي عكس المتوقع لم تكن التغييرات التي وقعت في عدد من الأحزاب المصرية المعارضة بمثابة خطوة جديدة نحو تحريك المياه الراكدة فيها أو لإعطائها فرصة أخري للتواصل مع الناس والنزول بقوة إلي الشارع السياسي، فلقد كان تعيين عدد من قياداتها في مجلس الشوري ونجاح البعض الآخر في الانتخابات سببا في تفجر الأوضاع بداخلها وزيادة التشاحن بين أقطابها كما حدث في الحزب الناصري مثلا الذي تجددت فيه الاستقالات مرة أخري بعد تعيين أحمد حسن أمينه العام في مجلس الشوري . ورغم الانتخابات التاريخية التي شهدها حزب الوفد والحراك الذي أحدثه الدكتور السيد البدوي في الحزب بالعضويات الجديدة ومحاولته المستمرة إيجاد دور للحزب في الحياة السياسية إلا أن جبهة المعارضة التابعة لمحمود أباظة في الحزب تتصيد أخطاء جبهته حيث أثاروا قضية المنضمين حديثا للحزب وتساءلوا عن أسباب انضمامهم خاصة الشخصيات العامة منهم في مشهد يحدث لأول مرة في التاريخ حيث يتساءل أعضاء الحزب عن سبب زيادة العضوية في حزبهم بعد قدوم رئيس جديد للحزب ! هذه المشاكل تؤكد بلا شك أن أحزاب المعارضة لازالت تعاني من ضعف بنائها الداخلي فلا توجد قرارات تحظي بتأييد ولا توجد تحركات أو خطط معدة للتفاعل مع التغيرات السياسية أو حتي قراءة المشهد السياسي في مصر والذي يتجه نحو مواجهة شاملة مع التيارات السياسية الدينية من أجل استكمال إجراءات الإصلاح السياسي الشامل التي تتطلب تدعيم الدولة المدنية ومواجهة كل أشكال التطرف . غالبية أحزاب المعارضة لازالت بعيدة عن هذا التوجه بدليل لقاءاتهم مع ممثلي جماعة الإخوان المسلمين والتي فشلت في الغالب لإحساس الإخوان بأنهم دائما في مرتبة أعلي من الأحزاب في الشارع السياسي رغم خسارتهم المدوية في انتخابات الشوري الأخيرة ..ولذلك كان من الغريب تفجر الأزمات داخل أحزاب المعارضة عقب نجاح بعض مرشحيهم في انتخابات الشوري وتعيين البعض الآخر وهو الأمر الذي فجر الصراعات بينهم بدلا من اتخاذ ذلك كدفعة لهم نحو عمل سياسي جاد يعودون به للشارع مرة أخري بعد غياب طويل. ففي حزب الوفد مثلا لايزال الوفديون منقسمين علي ما يجري داخل الحزب من تغييرات فجبهة محمود اباظة رئيس الحزب السابق غير راضية عن العضويات الجديدة في الحزب وأشعلت فتيل الأزمة تصريحات الدكتورة سعاد صالح و المنضمة حديثا إلي الوفدحينما رفضت رئاسة المسيحي لمصر حيث لعب أنصار أباظة علي وتر عدم معرفتها بتاريخ الحزب العريق القائمة علي التساوي بين المسلم والمسيحي في الحقوق السياسية . وسادت بين جبهة أباظة حالة من القلق بعد القرار الذي أصدره البدوي بإسناد رئاسة لجنة الانتخابات لرجل الأعمال رامي لكح والمنضم حديثاً للوفد والذي أثار غضب الوفديين لأنه تخطي بذلك قيادات كبيرة داخل الحزب كما ألقي لديهم ظلالا كثيفة من الشك حول الأسماء التي ستخوض انتخابات مجلس الشعب القادمة من الوفد وهل هم من المنضمين الجدد وبالتالي سيتم إهمالهم. وعلي هذا السؤال يرد فؤاد بدراوي نائب رئيس الحزب الذي أكد أن قواعد الحزب هي التي تحدد الترشيح في مجلس الشعب موضحا أن أي عضو في الحزب من حقه أن يبدي الرغبة في خوض الانتخابات ويقوم بتقديم الأوراق مع سيرته الذاتية ولجان المحافظات تنظر هذه الطلبات وتقوم بفرزها ثم تعرض هذه النتائج علي الهيئة العليا التي توافق علي اختيارات لجان المحافظات فيما عدا إذا كان هناك أكثر من مرشح فإن المكتب التنفيذي هو الذي يفصل بينهم وفقاً لمعايير محددة. أما التجمع فيواجه أزمة مختلفة بعد إعلان لجان 5 محافظات مقاطعتها انتخابات الشعب القادمة الأمر الذي وضع الدكتور رفعت السعيد في حرج شديد بعدما أعلن أن الحزب سيشارك في الانتخابات وهو ما دفعه إلي الدعوة لمؤتمر عام يوم الجمعة المقبل مع ممثلي القطاعات الأربعة للجمهورية داخل الحزب من أجل بحث الأمر من جديد. ورغم فوز أحد مرشحي التجمع في انتخابات مجلس الشوري الاخيرة وهو صلاح مصباح في محافظة دمياط إلا أن هذا الفوز كان سببا لتفجر الأزمات في باقي لجان المحافظات التي رفضت هذا الفوز كما أعلنت لجان الحزب في محافظات القاهرة والجيزة والغربية والمنوفية رفضهم لهذة النتيجة و مقاطعتهم لانتخابات الشعب القادمة . نفس الحال في الناصري حيث كانت نتائج الشوري السبب في تجدد المواجهات والخلافات بين سامح عاشور النائب الأول لرئيس الحزب الناصري وأحمد حسن الأمين العام للحزب بعد التصريحات التي أطلقها عاشور عقب تعيين الثاني في مجلس الشوري والتي أكد فيها عاشور أن حسن لايمثل الحزب الناصري في مجلس الشوري . من جانبه قال حسن إن سامح لا يمتلك اختيار من يمثل الحزب ومن لا يمثله فهناك هيئات الحزب التي تصدر القرارات وإذا لم يكن الأمين العام يمثل الحزب فمن الذي يمثله ؟ . وأضاف أن الأمانة العامة للحزب وافقت من قبل علي قبول التعيين في مجلس الشوري وإذا عرض علي أحد قيادات الحزب التعيين فيه وهو ما حدث بالفعل لذلك امتثلت إلي قرار الأمانة العامة ووافقت علي التعيين، كما أن المكتب السياسي ناقش في اجتماعه في 16 يونيو الماضي مبدأ التعيين في الشوري، ورغم موافقة المكتب مبدئيا إلا أنه قام بالتأجيل لاتخاذ قرار نهائي خوفا من عدم تضمن قرار التعيينات أحدا من الحزب حيث كان الاجتماع قبل أيام من صدور قرار التعيينات . و أشار إلي أنه فور تلقيه خبر التعيين في مجلس الشوري دعا لعقد اجتماع طارئ للمكتب السياسي للحزب لمناقشة موقفه من قبول التعيين ووافق المكتب علي التعيين . ورفض حسن ما تردد أن قبول التعيين في مجلس الشوري هو تنازل عن مبادئ الحزب قائلا إن الحزب الناصري لايمكن شراؤه أو بيعه بقرار تعيين في مجلس الشوري وأن موقف الحزب السياسي ثابت وليس محل اختيار من أحد وأن تصريحات سامح عاشور تعد دجلا سياسيا ولن يكون له أي أساس علي أرض الواقع ، مشيرا إلي أنه تلقي العديد من التهاني من أمانات الحزب في جميع المحافظات ما عدا أمانة كفر الشيخ التي تقاطع العمل الحزبي منذ فترة طويلة . واعتبر حسن أن موقف سامح عاشور منه هو نوع من الغضب لعدم صدور القرار بتعيينه في الشوري مؤكدا أنه إذا جاء قرار التعيين لسامح عاشور لوافق دون تردد وتغير موقفه بنسبة 100٪ . لم يتوقف الأمر عند هذا الحد وقام السفير أمين يسري أحد أهم رموز الحزب الناصري وواحد من قيادات الجيل الأول في بناء الحركة الناصرية، بتقديم استقالته من الحزب اعتراضا علي فوز محسن عطية أمين التنظيم بعضوية مجلس الشوري مؤكدا أن ترشحه تم بالمخالفة لقرار المكتب السياسي للحزب، وأنه تمت احالته إلي لجنة القيم التي أدانته وقررت تجميد عضويته بالحزب مع قيام الحزب بإخطار مجلس الشوري بأن عطية لا يمثل الحزب في مجلس الشوري . وأشار إلي اعتراضه أيضا قبول أحمد حسن عضوية الشوري مؤكدا أن الحزب لا يقوم بأي دور سياسي مؤثر وفعال بالإضافة إلي غياب ضياء الدين داود رئيس الحزب عن الحزب وعدم حضوره للقاهرة منذ قرابة ثلاث سنوات لأسباب صحية بالإضافة إلي عدم إصدار الحزب لأي بيانات عن حوادث مهمة جرت علي الساحة السياسية. كلام السفير يسري أكد أن الوضع في الناصري لايزال متفجرا بسبب غياب رئيس الحزب الطويل وبحث الحزب عن رئاسة جديدة تضع حدا لهذا الصراع المحتدم بين نائبه الأول والأمين العام . ورغم استقرار الوضع الداخلي في الجبهة عقب التراشق الذي تم بين مارجريت عازر الأمين العام وأعضاء الحزب علي خلفية المشاركة في الشوري الآن الحزب يواجه مأزقا شديدا بين رغبة أعضائه الترشح في انتخابات الشعب القادمة وبين آراء الدكتور أسامة الغزالي حرب التي تسعي إلي مقاطعة الانتخابات القادمة وهو الأمر الذي لم يحسم داخل الحزب وإن كان الاتجاه حسب مصادر داخلية يشير إلي أن الحزب لن يقاطع الانتخابات منفردا .