المصريون.. مابعد 52 يناير .. مختلفون يا أهل الكياسة والفطنة.. فهل تدركون حجم التغيير الذي طرأ عليهم بعدما خُلعت الأقنعة وبان الأقزام علي حقيقتهم.. بعدما ثاروا ودفعوا ثمن الثورة سواء من حياتهم؟!! وقوت عيالهم؟ إذن أحذر في أن مجرد تفكر أنهم ممكن أن يعودوا.. مسامحين.. صابرين.. قابلين لأي أنواع.. غدر أو قهر.. أو استبداد مرة أخري حذار.. حذار.. حذار لقد عشنا للأسف سنين طويلة.. تمسكنا فيها بحبال الصبر علي جار السوء.. أو حاكم السوء ليرحل ياتيجي له مصيبة.. حتي اكتشفنا أن الرحيل والمصائب لابد أن تجد يدا تحركها حتي يختفي من نكد علينا حياتنا حتي أصبحنا نخجل من كوننا مصريين! لماذا؟ لأننا تركنا البقرة الضاحكة التي ضحكت هي علينا 03 عاما حتي أصبحنا فُرجه وجُرسه. وكان السؤال الذي كان يحرجني كلما سافرت إلي الخارج كيف تعيشون مع رئيس غير منتخب يحكمكم كالعبيد ويتملككم هكذا دون أن تحاولوا أن تثوروا عليه؟ وكانت إجابتي التي كنت أحاول فيها أن أحفظ بعضا من كبريائي أمام سائلي.. هو أنكم لم تجربوا الأنظمة البوليسية القمعية التي تتخذ من التعذيب والمعتقلات والاختفاء القسري وتغول الجهاز الأمني في كل مناحي الحياة.. حتي كادت تسيطر علي كل الأجهزة وتتحكم فيها.. حتي النيابية والقضائية منها.. ومن ثم غلبنا علي أمرنا أو للأسف كنا منتظرين (المخلص) البطل المغوار الذي سوف يأتي علي حصان أسود.. ليخلصنا من هذا الانتهاك ولكن إجابته ألجمتني. لا.. لم تكونوا مستعدين أن تدفعوا ثمن الحرية.
وكان علي حق.. ودفعنا ثمن الحرية من أجساد أولادنا وجراحهم.. واختفاء أكثر من ألف شاب لانعرف لهم مكانا.. ولا مصيرا ولا حتي جثة نبكيها وندفنها ونعدها بالقصاص. وكانت بداية.. عامان تقريبا من الأخطاء السياسية والآمال الساذجة والثقة بمن لايستحق الثقة.. نظرنا حولنا ورأينا العجب!! فجرت البلد من الداخل.. الكل يجري هنا وهناك ليبحث عن مصالحه فقط الشباب البريء.. لم يكن يبحث إلا عن مصلحة مصر ولكنه للأسف كان ينقصه التجربة والمعرفة بدروب السياسة وألاعيبها ورجالها وسياستهم واتفاقياتهم وتواطئهم. فكان من الطبيعي أن يجري عزلهم والتواطؤ عليهم في الغرف السرية. ولكن: مرة أخري لم يدرك لا النظام القديم ولا النظام الذي ورثهم. أن مصر بعد الثورة غير مصر وأهلها.. قبل الثورة العيون فتحت.. وتغيرت مفاهيم أهمها أن الرئيس حتي لو كان منتخبا لأول مرة لم يعد مقدسا ولا ملهما.. إنما إنسان عادي قدم نفسه لنا لامتحانه وإذا نجح انتخبناه مرة أو مرتين.. وبعدها يعود لعمله العادي.. إنسان يأكل ويشرب ويصيب ويخطئ.. هو موظف عند الشعب له احترام المنصب كأي منصب مهم.. ولكن علي شرط.. أن يحترم من انتخبوه يقوم علي مصالحهم.. إذا أخطأ.. حوسب وإذا انحرف قّوم.. وإذا نسي .. ذُكّر! أما تدينه وصلاته وأذكار المساء والصباح الخاصة به فهي علاقة عبد بربه.. لا علاقة رئيس بمن انتخبه!!
العقد شريعة المتعاقدين.. هكذا يخبرنا أهل العلم والاختصاص انتخبنا الرئيس لأنه كان أحسن المتاح.. انتخبنا الرئيس ليكون رئيس مصر لا مندوب جماعة معينة انتخبناه حتي يحقق لنا مطالب الثورة. وأن يكون صريحا.. واضحا.. صادقا.. فالمؤمن كما قال رسول الله [ يقتل.. يسرق.. يزني.. ولكن لايكذب لماذا؟ لأن الكذب يقوض الحياة والمجتمع تماما.. فلا اتفاق ولا ذمة ولاعهد.. إذن تموت الدولة.. وإنما الأحري بالحاكم أن يتعهد بما يقدر عليه خطوة.. خطوة.. يصدق في الأولي فنصبر حتي تتحقق الثانية وندفعه ونؤازره حتي الثالثة.. ونكون يده وظهره وسنده.. حتي تحقق الرابعة والمائة بعد الألف أما الوعود بلا دراسة ولن أقول شيئا آخر. تفقده المصداقية وتزعزع استقرار الدولة. ولن يسكت الناس علي مظلمة أو انتهاك.. أو فقر أو توزيع الثروات والمناصب علي أعضاء جدد يرثون الحزب الوطني.. لن نرضي ولن نسكت!
الأساس في الحرية.. حرية أن نعامل بكرامة في وطننا.. حقنا ألا يعود البوليس ليقتلنا ويعذبنا ويلفق لنا التهم.. أن يختار أهل الكفاءة وليس أهل الثقة حتي لا تتكرر جرائم حكم مبارك ومن ثم نصل إلي نفس نقطة النهاية وهي أننا لم نعد نتحمل أكثر من ذلك وإذا قامت ثورة أخري فلا أعتقد حاشا لله هذه المرة سوف تكون سلمية. فالسلمية لم تأت نتيجة فرصة هكذا سوف يفكر الكثيرون.. الأعداء والأصدقاء وأهالي الشهداء والمحرومون الذين ربما قست حياتهم أكثر من بعد الثورة.. ونالتهم البطالة والفقر.. فكيف لا تدركون أن لا أحد سوف يتقبل نظام مبارك مرة أخري.
لا أحد يتعلم من أخطاء ومصائر الآخرين.. ولم يتعلم مبارك من تونس ولم يتعلم القذافي منا وها هو بشار يقول إن سوريا ليست مثل مصر واليمن فهل يقول حاكم مصر الآن لست مثل مبارك؟ الأيام بيننا عليه أن يختار أن يكون مختلفا بالأعمال وحسب لا بالأقوال. فالشعب هو الذي أوصله إلي سدة الحكم وليس الجماعة التي احتاج إلي 03٪ من التيار الشعبي حتي يتفوق علي شفيق.. ابن مبارك ونديمه. فعليه أن يحمد لهؤلاء جميلهم وهو يعرف أن الأغلبية أعطته صوتها كرها في شفيق وليس حبا في الإخوان وكما قلنا لمبارك يوما ليسمع.. إنك كنت تستطيع أن تدخل التاريخ من أوسع أبوابه لو تركت الحكم ورسخت لمبدأ تداول السلطة ولكنه قال لا أريد تاريخا ولا جغرافيا. إنما كان القدر يسوقه لينتهي في طرة حتي يكتب عنه في كتب التاريخ.. إنه أول حاكم عربي يعزل ويحاكم ويسجن ويموت في السجن واليوم أقول للرئيس المنتخب إنها فرصتك لتدخل التاريخ مرفوع الرأس.. كأول رئيس مدني.. انحاز للثورة ومطالبها.. انحاز للديموقراطية واستحقاقاتها.. كأول رئيس يخلع عباءة الحزبية ويقاوم نفسه وجماعته ويعلنها أنه رئيس لكل المصريين (بجد)!! ولكن كما قال الله سبحانه إن أكثر الناس لايعقلون.
الحرية هي مطلبنا ومن تلك النقطة تبدأ وتنتهي حياتنا الحرية تعني دستورا لكل المصريين. تعني حريتي كمواطن لا ينقص منها شيء بسبب الجنس والدين والنوع.. يعني حريتي في أن أكون حرا أؤمن أو أكفر حريتي في الملبس والمأكل وحرية الفكر والرأي والفن والإبداع. حريتي في خصوصيتي وتفردي. حريتي ألا أساعد أي رئيس بنصوص تحوله لديكتاتور حتي لو كان في أخلاق أولياء الله الصالحين. حريتي ألا يفتش أحد في ضميري. ولا يتدخل أحد في خصوصياتي. فالدين لله والوطن للجميع!!
احذروا طيور الظلام الذين يحاولون تغيير هوية مصر الحضارية وليحولونا مسخا لمجتمعات كانت تنظر لنا وعلي طوال التاريخ علي أننا النموذج والأمل والحضارة حتي حوجنا المخلوع لهم. فصبوا علينا نسائم أعرافهم التي تعادي العدل والمساواة وحرية المرأة وحرية العقيدة أقول لمريديهم.. نحن أقوي منكم نحن الجدار الذي سوف يحمي مصر من فتاواكم المريضة. فالمصريون بعد 52 يناير غير قبلها فاحذروا غضبة المصدوم.