قتلوا شابا لأنه يقف مع شابة في الشارع المضيء المزدحم بالناس بمدينة السويس.. لم يكن يقف ليلا في الظلام في طريق خال كالشيخ ونيس، الذي كان يجاهد قبل أن يهرب.. لأنه خاف من بشاعة ما يستحقه من عقاب شرعي.. المرعب أن الشاب طالب الهندسة قتله عواطليه مسلحون، وقتلوه وسط سلبية الناس التي رأت بداية الشكل والتحرش، وتوقعت النتيجة، لكنها لم تتحرك إلا بعد هروب الموتوسيكل بالقتلة.. لماذا تسمروا في أماكنهم ولم يهاجموا القتلة أو حتي يطاردوهم؟.. لأنهم خافوا.. ورجال الأمن لم يستردوا عافيتهم لتطبيق القانون، والملتحون خرجوا للشوارع، يراقبون سلوك من ليس منهم شكلا.. وبعضهم أعطي لنفسه الحق في تغيير المنكر بيديه وفورا.. يري المنكر من وجهة نظره، ويحكم علي الجاني من وجهة نظره، ويصدر الحكم وينفذه فورا وعلنا!!. وبعضهم علي ثقة أنه فوق القانون لأنه يطبق شريعة الله بشجاعة، وأن ثوابه عند الله أكيد!. وقبلها بأيام قتلوا مطربين شقيقين بوابل من رصاص بنادق آلية بمدينة أبوكبير بالشرقية.. الشهود حددوا الجناة.. لكن ضاعت الحقيقة.. لماذا ضاعت، لأن الناس سكان المدينة خافوا من الانتقام منهم.. لدرجة أن مواطناً انبري يدافع عن سلفيي البلد في أخبار اليوم بأنهم إنما يبادرون بعقد جلسات الصلح لأهل البلد.. وأنهم لم يرتكبوا ولا جريمة عنف إلا واحدة فقط بسبب ملاحقة مخبر شرطة لأحدهم، فقتله، لكن الجماعة تبرأت منه!!.. وضاعف المواطن من شجاعته فصرح بأن الجاني هم فلول الحزب الوطني الذين يريدون تمزيق الوطن.. أو الأمن الذي يريد تشويه صورة الإسلاميين وبث الرعب فيهم!. وتنتهي كل جريمة بأن يتضاعف الخوف في نفوس المصريين أفرادا وجماعات، ويترسب.. وتصبح السلبية هي القيمة بدلا من الإيجابية والشهامة.. ويعلو شعار من خاف سلم.. والشجاع اللي يهرب من الشهادة وليس من يشهد بالحق. وبدأت أشعر أن الخوف بدأ يتحول إلي وباء، عندما حكي لي رجل أعمال مهندس، أن سيارته سرقوها من أمام محل عمله في شارع مزدحم جدا.. وأن اللص طلبه عالموبايل وطلب منه فدية عشرين ألف جنيه وحكي لي نفس التفاصيل التي اعتدنا سماعها منذ بدأت ظاهرة سرقة السيارات من بعد الثورة.. بادرت بتشجيعه علي متابعة البلاغ والاتصال بمدير الأمن اللواء محسن مراد، فانزعج جدا.. وطلب مني عدم التدخل بالكتابة لأن اللص طلبه عقب ذهابه للشرطة، وحذره من تكرار الذهاب للقسم.. وقال له إنه يعلم عنوان سكنه وعمله، وأنه قدم بلاغا لقسم النزهة الساعة كذا، وأن من حرر له المحضر هو فلان .. وكانت معلومات اللص صحيحة!.. فقرر الضحية الصمت وترك حقه في استعادة السيارة.. وشكر ربنا أنه نجي من سطو مسلح، وف داهية العربية!!. إذا كان هذا هو حال المتعلمين المثقفين فماذا ننتظر من الجهلة إلا رد العنف بالعنف ومضاعفة البلطجة ومزيد من الفوضي. والخطر هو اختلاط الحابل بالنابل.. لم نعد نعرف من الذي يعتدي علينا.. ومن الذي يروعنا . ومن الذي يسرقنا ثم يهددنا .. لكن الذي نعرفه وتأكد، هو أن الخوف بدأ يكبلنا .. لم يعد الخوف إحساسا يشل تفكيرنا لحظة المفاجأة أو الحادثة، نستعيد هدوءنا بعدها ونقاوم ونصر علي المطالبة بحقنا وبتطبيق القانون.. الخوف بدأ يسحبنا للتراجع والتنازل والهروب، وترك الساحة للصوص والبلطجية والانتهازيين، والمأجورين، والأخطر الذين نصبوا أنفسهم قضاة ومنفذي أحكام وجلادين، أو أعداء الوطن الأثرياء المعروفين للأمن والحكومة والعقلاء، علموهم أن من رأي منكرا فليغيره بيده .. وممكن يقبض التمن فلوس أو حماية. لذلك أطالب د. مرسي بأولوية تفعيل القانون وإعادة هيبته، ومحاكمة مسئول الأمن الذي يتقاعس عن تطبيق القانون .. وبإصدار أمر بمحاكمات استثنائية سريعة لجرائم الترويع باسم الدين .. وبتعويض الشرطة عن آلاف السيارت التي حرقت أثناء الثورة حتي تنتشر الدوريات الراكبة في كل شارع .. وتعزيز الشرطة بوسائل حمايتها وحمايتنا، ومنها زرع كاميرات المراقبة في كل مكان .. مثلا رأيت في لندن أخيرا قوات الأمن أثناء تأمين المدينة في احتفالات العيد الماسي للملكة، واستعدادا للدورة الأولمبية لتأمين الحشود .. كل رجل أمن مسلح تسليحا واضحا وظاهرا للمارة لبث الطمأنينة في قلوب المواطنين، وإرهاب اللصوص، بالاضافة لكاميرا معلقة في رقبته لتصوير ماقد يحدث له من اعتداء، أو أمامه وحوله في الطريق .. هذا بخلاف الأمن المندس غير الظاهر للاستطلاع. القانون وقوة رجال الأمن هما مطلبنا وحقنا.. وهما السبيل الوحيد لاستعادة الدولة، وقمع الذين ينتشرون كالجراد.. وبدأوا يعلنون عن انفسهم داخل مؤسسات الدولة، ويطمعون في المناصب والمكاسب. وكلمة اخيرة لن نخاف منكم أبدا، لأن الله هو الذي ينشر الحق والعدل والأمان في بلدي.