نازلى مع أولادها: فاروق والبنات الملك فؤاد تزوج نازلي وهو أكبر منها ب 92 سنة! في حديث شهير جري بين الملك فؤاد والكاتب الألماني الشهير »أميل لودفيج« قال الملك: »إني أدرك مخاطر التعليم المؤدي إلي الغرور الذين يلقن عادة للأمراء.. أما أنا فقط اختلطت بجميع طبقات الناس العظماء والبسطاء.. ولم أقض حياتي بطولها في البلاط.. عاشرت رجالا من كافة الأجناس، وكنت جنديا وطالبا ودرست شئون التجارة والسياسة، ولا أدع أحدا يملي عليَّ إرادته في منصبي الحالي.. إن الأساليب التي كانت تتخذ في تربية الأمراء وتعليمهم هي التي أوجدت ذلك الانحطاط في الأسر، كما أصاب «آل هايسبرج» الذين هبطوا إلي الحضيض ومن العجيب والغريب أن فؤاد فعل عكس ماذكره تماما في تربية أبنائه.. وخاصة فاروق الذي عزله عن الاختلاط في طفولته حتي مع أطفال العائلة المالكة واستقدم له مربيتين »سويدية وانجليزية« تشرفان علي سلوكه وطعامه وتلقناه »الإتيكيت« والبروتوكول وكل مايتصل بالبلاط الملكي من آداب.. وحين أتم السابعة استقدم له فؤاد معلما بريطانيا للغة الانجليزية وآخر مصريا للغة العربية والدين.. وفي سن العاشرة أضيف إلي منهجه دراسة الجغرافيا والتاريخ والرياضيات واللغة الفرنسية والعلوم العسكرية وتدريجيا تم إنشاء مدرسة داخل القصر لم يدرس فيها إلا فاروق محروما من الزمالة والصداقة والندية والمنافسة والغيرة والمشاركة فلم يعرف مبدأ الثواب والعقاب وكل مايذكره الأطفال عن طفولتهم باستثناء أوقات لعبه مع شقيقاته.. عاش فاروق في سجن ملكي في طفولته فكان طبيعيا أن يتمرد ويثأر لوحدته من الظروف التي جعلته شابا مراهقا بدرجة »ملك« وهو لم يتجاوز السابعة عشرة. أميرات عابدين إنهن بنات الملك فؤاد، أو صاحبات السمو الملكي الجميلات اللاتي بدأت حياتهن الأرستقراطية رقيقة رومانسية حالمة، وانتهت نهاية مأساوية دامية.. وقد تشابهت نشأة الأميرات، حيث عهد فاروق إلي »نيلور« المربية الانجليزية بتدريس اللغة الانجليزية لهن عن طريق المحادثة وهن في سن الرابعة، وحين أتممن سن السادسة درسن تدريجيا اللغة العربية والدين والعلوم والرياضة والرسم والأشغال اليدوية واللغة الفرنسية وآدابها ودروس البيانو وتدربن أيضا علي ركوب الخيل وقيادة السيارات داخل القصور الملكية.. وفي الحرملك لم يحرمن من ضيافة صديقاتهن من أميرات العائلة.. ولم يفتقدن الإيناس فيما بينهن.. وكان فاروق لايجد أمامه بديلا عنهن في سنوات طفولته. زواج فؤاد ونازلي لكن دعونا نعود للوراء قليلا لنتأمل قصة زواج فؤاد من نازلي، ثم ماتبع ذلك من سلوك غريب من الملك تجاه زوجته.. وكيف أثرت معاملة الزوج لزوجته علي حياتها وامتد هذا التأثير ليلعب دورا سلبيا بل شديد السلبية علي سلوك الزوجة حين مات الملك، ثم علي ابنها الملك وبناتها اللاتي انتهت حياتهن نهايات مأساوية. عندما نودي بفؤاد سلطانا علي البلاد في أكتوبر 7191.. أعاد ترتيب أوراقه وحاول أن يرد الجميل للأقدار التي لعبت دورا رئيسيا في حياته. كان لقاؤه بنازلي للمرة الأولي لقاءً غريبا.. فذات ليلة كان يحضر أحد عروض الأوبرا.. وعندما انطفأت الأنوار إيذانا ببدء العرض ورفع الستار وقعت عيناه علي فتاة هيفاء تحتجب بالبرقع الأبيض ولايظهر منها إلا عيناها الجميلتان.. إنها »ذات الدلال« أو »نازلي« باللغة التركية كريمة عبدالرحيم باشا صبري وحفيدة سليمان باشا الفرنساوي »مؤسس جيش مصر في عهد محمد علي« تلك الفتاة التي كانت تصغره بتسعة وعشرين عاما.. وجدته نازلي لطيفا ومحدثا لبقا فتم عقد قرانهما في مايو عام 9191م.. كان فؤاد يميل بطبيعته إلي سماع تنبؤات العرافين ويؤمن بالطالع.. وفي شبابه المبكر أشار عليه أحد المنجمين بتخليد حرف »الفاء« في أبنائه،وقد فعل، وربما كان ذلك هون السبب في سوء طالعهم جميعا!.. وبينما كانت تشكو نازلي من إرهاق الحمل وإعياء الوحم تسلل بلبل أبيض جميل ووقف علي نافذة غرفة نومها، وحين شاهده فؤاد إبتسم مستبشرا به وقال: إذا غرد هذا البلبل ثلاث مرات سوف تلدين ولدا.. وقد كان وتهلل وجهه فرحا سألته نازلي عن السبب فأجابها إنه شاهد بلبلا أبيض وغرد ثلاث مرات وهو يصارع الموت بعد إطلاق ا لنار عليه، فتفاءل بهذا الطير واستشعر نجاته!.. إلي هذه الدرجة كان مولعا بالغيبيات.. وفي الحادي عشر من فبراير عام 0291وحين بلغ الثانية والخمسين من عمره رزق فؤاد بولي عهده »فاروق الأول«،وكانت نازلي تردد دائما: إنه إبن سبعة أشهر، وسرعان ما أطلقت المدافع في القاهرةوالاسكندرية، وصدر العفو عن المسجونين وتقرر أن يصبح هذا اليوم عطلة رسمية تعطل فيها المصالح والوزارات.. وفي 51 إبريل 0291 قدم المندوب السامي »اللنبي« اعتراف حكومته بصاحب السمو ولي العهد الأمير فاروق ونسله من الذكور علي قاعدة الأكبر من الأولاد فالأكبر من أولاده وهكذا. وفي فبراير 1291م ولدت الأميرة فوزية التي قال عنها د. شاهين طبيب القصر حين شاهدها: »إن هذه الطفلة سوف تكون أجمل أميرة في العالم«.. وبعد مضي عامين ولدت الأميرة فائزة عام 3291م، والأميرة فائقة عام 6291م.. وفي عام 0391م ولدت الأميرة فتحية التي لقيت مصرعها المأساوي علي يد زوجها رياض غالي. سجينة القصر ونعود إلي الملكة نازلي لنستعرض حياتها بتفصيل أكبر، وذلك لما كان لها من تأثير في تولية ابنها الملك فاروق عرش مصر بعد وفاة والده الملك فؤاد.. وكذلك لفضائحها داخل وخارج مصر. ولدت نازلي في يوم الأثنين 51 يونية عام 4981 في قصر أبيها في الاسكندرية في ضاحية سان استيفانو.. وكان والدها عبدالرحيم باشا صبري وزيرا للزراعة.. أما والدتها فهي كريمة محمد شريف باشا، الذي يرجع نسبه إلي الأشراف.. وجدها لأمها سليمان باشا الفرنساوي، الذي جاء لمصر مع الحملة الفرنسية واعتنق الإسلام وأصبح قائد ومدرب الجيش المصري، وواصل مهمته حتي عصر سعيد باشا، وانخرط في المجتمع المصري، ثم تزوجت إحدي بناته بمحمد شريف باشا (أبو الدستور المصري والمسمي باسمه شارع شريف أحد أشهر شوارع وسط البلد) فأنجب منها فتاة تزوجت عبدالرحيم صبري باشا (وزير الزراعة) في ذلك الوقت، وأنجبا »نازلي« التي تزوجت فيما بعد من الملك فؤاد، وقد أنجبت من الملك فؤاد خمسة أبناء هم: الملك فاروق، الأميرة فوزية، الأميرة فائزة، الأميرة فائقة ثم الأميرة فتحية.. ولأن الملك فؤاد الأول كان يكبر الملكة نازلي ب 92 عاما، فقد كان شديد الغيرة عليها، يخفيها داخل جدران القصر، ويعين الجواسيس لمراقبتها دائما، بل وخرجت شائعات تفيد أنه كان كثيرا ما يعذبها.. وعندما توفي الملك فؤاد في إبريل من عام 6391 شعرت نازلي بالحرية للمرة الأولي بعد أن عاشت طويلا داخل جدران سجنها الملكي. وقد لعبت الملكة نازلي دورا كبيرا بعد وفاة الملك فؤاد في تولي الملك فاروق العرش، حيث كان فاروق عند وفاة والده لم يبلغ السن القانونية التي تمكنه من تسلم كامل لسلطاته الشرعية، حيث عينت لجنة وصاية عليه كان يرأسها أبرز الطامعين في الحكم وقتها الأمير محمد علي توفيق، الأمر الذي دفع بالملكة نازلي لاستصدار فتوي من الإمام المراغي بأنه يجوز للإنسان أن يتصرف في أمواله عندما يبلغ 51 عاما من عمره ليتسلم فاروق حكم البلاد وهو في عمر 71 ميلاديا و81 هجريا طبقا للدستور الذي ينص علي إن إحتساب التقويم بالهجري، ويقال إن أحمد باشا حسنين لعب دورا في هذا أيضا. غرام مع الملكة وفي عام 5391م تم اختيار أحمد حسنين رائدا لولي العهد »الملك فاروق« في بعثته الدراسية إلي لندن، وكان عمر فاروق وقتها 51 عاما،وخلال الرحلة توطدت العلاقة بين فاروق وأحمد حسنين إلي درجة كبيرة، حيث يقال إن أحمد حسنين هو أول من أصطحب الملك في هذه السن الصغيرة للسهر في ملاهي ونوادي لندن.. ولم تمض سبعة أشهر حتي مات الملك فؤاد وعادت البعثة إلي مصر دون أن يكمل فاروق تعليمه. وقد تردد أن أحمد حسنين عندما عاد مع الملك الصغير نجح في أن ينسج خيوط فتنته حول الملكة نازلي وأن يجعلها تقع في غرامه، وكانت الملكة بعد رحيل زوجها قد انطلقت في الاستمتاع بمتع الحياة ومباهجها بشكل كبير، مما أدي إلي التصادم بين الملك فاروق وأمه أكثر من مرة، في حين ظهر أمامها أحمد حسنين في تلك الفترة بمظهر »الجنتلمان« الرقيق الذي يجيد مخاطبة النساء والفارس المغامر أيضا في نفس الوقت. وارتبطت ا لملكة نازلي بعلاقة عاطفية مع أحمد حسنين استمرت لما يقارب التسع سنوات، إلي أن توفي في حادث سيارة.