جفاف وإخلاء منازل.. هل يحمي السد العالي مصر من الفيضان    أسماء محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    ابنة الملحن محمد رحيم تعاني وعكة صحية وتخضع للرعاية الطبية    وزير قطاع الأعمال العام يشهد تكريم عدد من الشركات المصرية المشاركة في أعمال صيانة بشركة "كيما"    الإسكان تطلق منصة استقبال طلبات أصحاب الإيجار القديم للحصول على وحدات بديلة    «المشاط»: العلاقات المصرية الكورية تتجاوز التعاون الثنائي إلى تعزيز التكامل الإقليمي والنفاذ إلى عمق القارة الأفريقية والآسيوية    محافظ المنوفية: 87 مليون جنيه جملة مشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة بمركزي تلا والشهداء    هند رشاد: "مستقبل مصر" يعكس رؤية القيادة السياسية لبناء الجمهورية الجديدة    لامين يامال على رأس قائمة منتخب إسبانيا لمواجهتي جورجيا وبلغاريا    «الداخلية» تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدي الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة    ضبط (4124) قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    القبض على المتهمين في مشاجرة «أبناء العمومة» بالمنيا    خاص| ميمي جمال تكشف تفاصيل شخصيتها في فيلم "فيها إيه يعني"    محمد رمضان ينافس على جائزة Grammy Awards    الأمم المتحدة: الحديث عن منطقة آمنة في غزة مهزلة    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    حزب العدل يعلن استعداده للانتخابات ويحذر من خطورة المال السياسي بانتخابات النواب    إدارة مسار تشدد على ضرورة الفوز أمام الأهلي.. وأنباء حول مصير عبد الرحمن عايد    محمد صلاح على موعد مع التاريخ في قمة ليفربول وتشيلسي بالبريميرليج    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    ترسل بيانات لحكم الفيديو.. فيفا يكشف عن الكرة الجديدة لكأس العالم 2026    مجلس الإدارة ينضم لاعتصام صحفيي الوفد    جامعة قناة السويس تواصل دعم الحرف اليدوية بمشاركتها في معرض تراثنا الدولي    الداخلية تفتتح مراكز تدريب للمرأة المعيلة ضمن مبادرة "كلنا واحد"    خلافات حول أولوية الحلاقة تنتهي بمقتل شاب طعنا على يد آخر بأكتوبر    تعرف على جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات    العفو الدولية: العدوان الوحشي على غزة أطلق مرحلة كارثية جديدة من النزوح القسري    الأونروا تنتصر قضائيا في أمريكا.. رفض دعوى عائلات الأسرى الإسرائيليين للمطالبة بتعويضات بمليار دولار    مخرج استنساخ: ميزانية الفيلم انعكست بشكل كبير علينا    غدا .. انطلاق مهرجان نقابة المهن التمثيلية بمسرح جراند نايل تاور    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول العربية المعتمدين لدى اليونسكو لدعم ترشيح خالد العنانى    احتفالية ضخمة للأوبرا في ذكرى انتصارات أكتوبر    126 عملية جراحية و103 مقياس سمع بمستشفى العريش العام خلال أسبوع    إجراءات وقائية تجنب طفلك عدوى القمل في المدارس    نجاح أول جراحة قلب مفتوح بالتدخل المحدود داخل مستشفى النصر في بورسعيد    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار مدرسة داخلية بجزيرة جاوة الإندونيسية إلى 7 قتلى    اليوم العالمى للابتسامة.. 3 أبراج البسمة مش بتفارق وشهم أبرزهم الجوزاء    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    حكم البيع الإلكترونى بعد الأذان لصلاة الجمعة.. الإفتاء تجيب    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    الداخلية تواصل ضرباتها ضد المخالفات بضبط 4124 قضية كهرباء و1429 بالمواصلات    محمد عواد يعود لقائمة الزمالك فى مواجهة غزل المحلة    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 3-10-2025 في محافظة قنا    ليلى علوي تنهار من البكاء خلال مهرجان الإسكندرية.. اعرف التفاصيل    الفيضان قادم.. والحكومة تناشد الأهالي بإخلاء هذه المناطق فورا    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    الشرطة البريطانية تكشف هوية منفذ هجوم مانشستر بالقرب من كنيس يهودي    مواقيت الصلاة اليوم وموعد خطبة الجمعة 3-10-2025 في بني سويف    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيام .. في إيران
نشر في آخر ساعة يوم 12 - 06 - 2012

(طهران - قم - أصفهان) في زيارتي الثانية إلي إيران وقد كانت الأولي عام 2004 مع طائرات الإغاثة العسكرية عقب زلزال واحة بم المدمر وجئت لأكمل ما بدأته يومها باكتشاف أن واحة بم نسخة مكررة من واحة سيوة المصرية في كل شيء فعدت لأبحث عن الإنسان ونصف الرافد الثقافي للحضارة الإسلامية الذي امتزج في ظل الدولة الإسلامية لأكثر من ألف عام ليصنع مع الحضارة المصرية أهم أساسيات الحضارة والإبداع.. بلاد جاءت منهاحكايات ألف ليلة وليلة أتلمس نقاط الاتفاق وأرصد نقاط الاختلاف والتي وجدتها لا تزيد علي عدة أصابع يد واحدة فكانت هذه الرحلة.
(تهران ) بالفارسية تعني نهاية الوادي أو محل الهبوط فهي تمتد عند أقدام جبال البرز بطول وعرض 50 كم ويشرف عليها بعمامته الثلجية البيضاء الشتوية في صقيع 16 تحت الصفر فيتحول لمنطقة سياحية للتزحلق و في الربيع يذوب عشقا من حرارة شمسها فتترقرق مياهه براقة صافية ثلجية في مصارف خاصة مبطنة بالبازلت الأسود علي جانبي الطرق العامة تأخذها إلي مزارع أطراف المدينة أو تخزن لزراعات الصيف والممرات يتابعها عمال النظافة ليلا ولا يلقي بها أحد شيئا بالنهار وهي مدينة أنشئت من 330 سنة (تقارب تاريخ الحملة الفرنسية علي مصر).
راقني كصعيدي يعشق النيل متابعة المفيض وهو سرسوب يتلوي كثعبان في برودة الليل ثم يتدفق مع الصباح يكشف طقس النهار فهو معقول في الجو الربيعي هادر في الحر معكر بالطمي في الظهيرة وعلي تقاطعات الطرق الجانبية كباري أسمنتية سطحية بمستوي الأرض لعبور البشر والسيارات وعلي جانبي المصارف أشجارالكنار باسقة عالية خضراء يتم غسلها بمياه المصارف مع أسفلت الشوارع وصناديق القمامة ليلا ومرور الشوارع في اتجاه واحد وثلثها الأيسر ممر خاص للأتوبيس ذهابا وإيابا لايشاركه إلا الإسعاف والمطافئ ليكون الأسرع في زحام المدينة التي تماثل القاهرة في عدد السكان والسيارات ليصل به الموظفون إلي أعمالهم في الثامنة صباحا وكنا إذا تهنا ليلا ننصح بركوبه فهو أسرع من التاكسي وأرخص (يوازي 25 قرشا مصريا) ويعمل كغيره من السيارات بالغاز الطبيعي ركبناه مرة في العاشرة صباحا فلم نجد غيرنا فالكل في عمله أما الزحام فمن الثانية والنصف عصرا حتي الرابعة ثم تهدأ المدينة ساعتين ليبدأ التنزه والتسوق في محلات تغلق في الثامنة مساء إلا من بعض السوبر ماركت والمأكولات السريعة حتي العاشرة أو الثانية عشرة لكن التنزه مستمر طوال الليل من الجنسين فالشاب والفتاة تحديدا أحرار من سن الثامنة عشرة وكم رأينا فتيات يدخلن الحدائق بعد منتصف الليل واستغربن تساؤلنا مرددات وماذا في ذلك لكنهن قلن إن كثيرا من الأسر المحافظة يفضلون عودة بناتهم قبل الغروب وأنه في ثلوج الشتاء لا يزيد السهر عن السابعة.
في المدينة 50 ألف دراجة بخارية تستخدم تاكسي سريع ونقل البضائع الصغيرة وتاكسي بلون أخضر مميز تقوده سيدات وتستخدمه السيدات فقط ويتم استدعاؤه بالتليفون.
تحصل طهران علي مياهها من ثلوج الجبال والأنهار الصغيرة بسدود جبلية تذهب لمحطات تنقية وصلت إلي 160 سدا كانت قبل ثورة عام 1979 "20 فقط
ويفخرون بتحويلهم كل مقالب الزبالة إلي حدائق يخصص بعضها للنساء والبعض للأسر وبأنهم ثاني دولة في العالم في إنتاج الزهور بعد هولندا ولديهم قرية علي بعد 200 كم من طهران متخصصة في إنتاج ماء الورد لغسيل الكعبة حاليا.
الفتاة تتمتع بثقة عالية في النفس ترتدي غالبا بنطلون جينز مع بالطو لا يخفي جمالها وإيشارب تحيط به رأسها ورقبتها لايخفي الشعر الكستنائي الناعم ولا مكياج الوجه والفتيات يرتدين أحذية منخفضة تناسب حركتهن السريعة علي طرق أصلها جبلي منحدرة وقلن حماية للظهر إلا من نوادر يظهرن بالكعب كثيرا من نعم الله عليهن.
أما الشيعيات فمميزات برداء أسود لامع قريب من الملاءة اللف مسترسلا يخفي وجههن وتضاريسهن واذا ما لاقتك في الطريق تمشي جنب الحائط متجنبة النظر في حياء نساء صعيد مصر.
والمرأة صاحبة الكثافة العددية في الشوارع والوظائف ومعظمهن يكملن تعليمهن العالي ويمثلن 70٪ في الجامعات فالشباب يسعي بعد الثانوية للعمل.
وهي تتمتع بدلال خاص (بغددة) في بيتها والزواج بعد العشرين في المدن وأقل منه في القري والعريس يجهز المنزل والأدوات الكهربائية وعليها وأهلها باقي الفرش والمهر غال ويقيم بالجنيه الذهب ويساوي 400 دولار ويتراوح من 20 الي 50جنيها وغالبا لايدفع مقدما لكن يثبت في العقد ويوقع العريس علي دفعة عند الطلب من الزوجة أو عند المقدرة والاحتفال بسيط بوليمة لحم ضأن وليلة حنه وزفاف في سيارة من بيت العروس بفستان الزفاف الأبيض إلي منزل العريس سواء مع أهله أو في بيت مستقل ويذبحون أمام البيت خروفا قالوا (قربان ) ولما سألت لماذا لاتقولوا ضحية أو ذبيحة احتاروا ويفضلون في أسماء أبنائهم محمد وعلي وحسن وحسين وعباس ومهدي والبنات فاطمة وزهرة ومريم وورد ونرجس ولا يقيمون الزفاف في أشهر رمضان ومحرم وصفر ولديهم مصاهرات متبادلة مع العراقيين والأفغان.
المساكن مرتفعة الثمن وهناك مشروع لشقق العرائس بتمويل من (بنك مسكن) بأقساط علي عشرين عاما بمساحة 65 مترا ويميزونها بلون أزرق وبرتقالي ولديهم 2 مليون عاطل يقدمون له إعانة 200 دولار حتي تعرض عليه الجهة المسئولة عملا فيأخذ مرتبا 300 دولار واذا رفض توقفت الإعانة.
❊ والتعليم في إيران 3 مراحل تبدأ من سن السابعة لدراسة خمس سنوات ثم مرحلة ثانية لمدة 7 سنوات وبعدها الجامعة 4 سنوات ولديهم مدارس خاصة للقادرين لكن مناهج التعليم موحدة لابد أن يتقن الطالب لغته الفارسية وألفاظ القرآن باللغة العربية.
❊❊❊
أسعار السلع تقارب مصر في الخضراوات واللحوم ووجدوا أن الدعم خاصة البنزين والغاز لا يصل مثلا لأهالي القري فحولوه إلي مقابل نقدي بين 30 -45 دولارا لكل فرد.
خبز إيران مستطيل كبير من دقيق أسمر( بربي ) يباع الخمسة بحوالي جنيه مصري وهناك نوع أشبه بالرقاق صغير الحجم (لافوش )يحفظ في الثلاجات ويسخن عند الأكل وجبتهم المفضلة يو م الجمعة من فاصوليا بالطماطم والدجاج تسمي (أبجوشت) ولحمهم البقري مميز والإفطار والعشاء بالجبن والطماطم والخيار ومن سلاطاتهم شرائح البطيخ والشمام وعرف موظف المطعم عشقنا لهما فكان يقدمهما لنا مع كل وجبة وحفظناه الاسم بالعربي.
النظافة والنظام شيء ملفت رغم ندرة ظهور عساكر الأمن تراها في بريق الأسفلت وأسطح المنازل والطرق الفرعية والمصالح والمساجد (خاصة دورات المياه) والإحساس الجمالي بالفن الإسلامي في كل الأماكن وتتولي شركات خاصة النظافة والمواصلات مع متابعة صارمة من البلديات و علي مدي عشرة أيام لم ألمح قطا أو كلبا، وذبابة أو ناموسة رغم الأشجار الكثيفة.
أغلب أسماء الشوارع للشهداء من ثورتهم ومن فلسطين وحزب الله ويرون (خالد اسلامبولي) كذلك وإن لم يمانع المسئولون في تغييره لكنهم قالوا إن سكان المنطقة رفضوا وبالمناسبة هو من أرقي وأطول شوارع طهران به عدد كبير من البنوك ومباني أمنية وعمارات فاخرة أصروا علي تحذيرنا من الوقوف فيه أو التصوير أو حتي المرور منفردين حتي لا يعترضنا الأمن.
أهم شوارع طهران هو (ولي عصر) أو الإمام المنتظر و كان أصلا باسم بهلوي ويمتد من قصر الشاه الذي تحول الي متحف إلي محطة القطارات الرئيسية التي أنشئت من 110 سنوات وبها 100 خط قطار إلي أنحاء إيران منها 20 يوميا لزوار مدينة قم علي بعد 135 كم. ثم شارع الانقلاب ويعني الثورة وكان باسم محمد رضا بهلوي ثم شارع جمهوري (الجمهورية الإسلامية) وكلها تجارية بالمنتجات الإيرانية والتركية وهي الأغلي ثم الصينية وهي الأرخص مع أمنية لمرشد الثورة أن يكون العام المقبل للمنتجات المحلية و يفخرون بأن الحصار الغربي جعلهم يكتشفون قدراتهم علي إنتاج احتياجاتهم وقد تكون ليست بالكفاءة المطلوبة (لكنا نطورها منها) سياراتهم من ماركة فرنسية شهيرة وأخري كورية بسعر 10 آلاف دولار وبأقل من ذلك في الخارج لمواجهة المنافسات ويستخدمها كل المسئولين وينتجون مليونا ونصف المليون سيارة سنويا.
معظم أسعار المنتجات تماثل مصر والمكسرات أرخص أما السجاد فقالوا بالعامية أنسي فالمتر يوازي 1500 دولار ونسيت.
وتتطابق أسماء بعض المحلات معنا فمحلات المفروشات باسم ستائر ومفروشات ومحل خردوات كلشن (كلشن كان) أما أستوديو التصوير يسمي عاكس وحديقة تسمي (الا لا ) وهو الورد الأحمر ولدينا سويقة الا لا في مصر القديمة والأرقام من لعبة الطاولة دو-يك -هبيك ويقولون بوليس والطريف أنهم يسمون القصر كشك ووجدت كلمة كارخانة علي الكثير من المحلات فعرفت أنها تعني مصنع رغم إنها اسم سيئ السمعة في مصر
رجال الدين بالعمامة والعباءة تجدهم بكثرة في المصالح الحكومية والمساجد والطرقات نهارا لكني لم أصادف منهم أحدا في وسط المدينة ولا المحلات التجارية ولا في الليل.
معظم المحلات يستفزها السؤال عن قيمة السلع بالدولار ويتعاملون بالعملة المحلية إلا في أضيق الحدود ومكاتب تحويل العملة كثيرة وفي أحد المحلات وقد اعلن عن تخفيضات وجدت الأسعار مبالغا فيها وفي الخارج فسر لي أحدهم ما قاله البائعون بالفارسية من أني لست إيرانيا وأكمل أن التعامل في محلات المسلمين أكثر امانة فلم أدخل في التفاصيل
❊ وجدتني في شارع جمهوري أستعيد ذلك القروي من واحة (بم ) في أقصي الجنوب الغربي وقد وصل إلي القاهرة قديما لأي سبب فلم يفهم عامية المصريين ولم تساعده لغته الفارسية علي توصيل ما يريد فلم يجد إلا اسم واحته و ظن أن الجميع يعرفونها فقال بم وعندما تكرر عدم الفهم لم ينطق (ماقلش بم ) وقد احترت في المبلغ المطلوب لبعض مشترياتي من كشك سجائر علي الناصية فمددت كل نقودي الإيرانية ليأخذ البائع ما يريد فنظر بدهشة فلم أجد امامي إلا أن أقول (مصر) ومن قلة بختي لم يعرفها فوقفت ساكنا حتي ينهي حسابه (وما نطقتش بم).
❊ ولكني وجدت الكثيرين يعرفوننا في الشارع يبدأون بسؤال التأكد عراقي فلسطيني وعندما يعرفون يكررون مصري مصري ثم تكتشف أنهم متابعون لأدق تفاصيل مظاهرات التحرير ومجلسي الشعب والشوري والانتخابات بل ويخشون نجاح اتجاه حكومي لكنهم ليسوا سعداء باتجاه ديني سياسي.
❊ لا تتصور فرحة أهالي الأهواز بنا وهي منطقة في أقصي الجنوب الغربي تطل علي بحر العرب والعراق وسكنتها قبائل عربية منذ الفتح الإسلامي 23 ه ويتحدثون العربية يعرفوننا من أول نظرة يتبادلون كل الأخبار يسألون عن فتح الزيارات يترك أحدهم محله ليتجول معنا في السوق يختار لنا الأجود والأرخص.
أهم ما لاحظناه في السوق والمحلات حالة الهدوء الشديد لا كاسيت يغني أو يقرأ قرآنا ولا نداء علي البضائع
في إيران قوة ناعمة مصرية في (فيروز سبق روح) مديرة بوكالة الأنباء أمها مصرية تتحدث العامية وبنت نكتة تؤكد أن والدتها وجدتها من المنوفية وصحفي شاب (مختار) في جريدة إيران بالعربية يتمني رؤية قرية جدته التي تحكي له عنها وعندما حملته السلام لوالدته من أخواله ذاب امتنانا.
عندهم صحف بلغات كثيرة ومنها واحدة بطريقة برايل وصحف رياضية وحوادث ووجبات طعام و حتي سور الأزبكية بكتبه القديمة علي أرصفة المساء ولديهم مدينة للإنتاج الإعلامي وفضائيات لأمريكا اللاتينية وبالعربية والإنجليزية.
❊❊❊
في شارع طلقاني (آية الله خرج من السجن في الثورة وتولي مسجد طهران وتوفي بعد 6 أشهر) تقع السفارة الأمريكية والتي تحولت إلي متحف للثورة علي بابها تمثال الحرية الأمريكي بوجه جمجمة وحرصوا عند دخولها من باب فولاذي سميك يفتح بأرقام كخزنة البنوك الكبيرة أن يضعوا دواسة أقدام مكتوبا عليها دوس علي أمريكا به مخلفات عام 1979 عندما فشل الأمريكان في تحرير رهائنهم وامتلأت الحوائط برسومات تشكيلية تسجل ذلك وسط فخرهم بأجهزة اتصال بالقطع كانت حديثة لكنها الآن عتيقة من فاكس وكمبيوتر ولاسلكي وأقمار صناعية وغرف مداولات مبطنة ببلاستيك مقوي أشبه بالزجاج مقبضة الهندسة ضيقة الممرات لم أستمر فيها إلا قدر المشاهدة لأخرج لحديقة كبيرة وجراج فسيح وضحكت مع أحد الشباب المتحمسين بأنك لا تعرف تصاريف الأيام والسياسة فقد تكونون يوما أصدقاء وتعود لسابق عملها فحرك رأسه بلا إجابة.
❊ في قصر الشاه وقد أنشئ عام 1958 فوجئت ببساطة لم أتوقعها في مساحة الغرف وأثاثها بل والتحف التي قالوا إنهم كانوا يجمعونها وجدت بينها مركبا فرعونيا من العاج يباع في خان الخليلي ووجدت أن السقف متحرك ليحمي من ثلوج الشتاء ويلطف حرارة الصيف بتحريكه غير مبهر لي ولا دليل فخامة إمبراطورية سمعت عنها كثيرا أما الحدائق التي تراص في جنباتها طالبات كليات الفنون يرسمن المباني والأشجار في تدريب عملي فهي مكان بحكم جداول المياه الجبلية الكثيرة والأرض الخصبة متعة حدائقية طبيعية وإن خجلت الفتيات من الحوار أو التصوير وتنظم المدارس رحلات مخفضة لتلاميذها أسبوعيا لزيارته.
❊❊❊
منزل الخميني في منطقة جماران المتوسطة طبقيا ليست في ثراء منازل الشمال ووجدت فيه بساطة زعيم يقود شعبا فقيرا في ثورة ويمتد منه ممر معدني إلي حسينية هي دار مناسبات كان يستقبل فيها الجماهير يحييهم وفيها يتسلم رئيس الجمهورية الحكم ويحلف اليمين ويأتيه فيها كل المسئولين والزوار الرسميين ورأيت أن منزله القديم في مدينة قم عندما كان يدرس ويفتي أكثر تنسيقا وجمالا ومن وجهة نظري أعجبني أكثر من قصر الشاه ولفت انتباهي فرحة طاغية لسيدتين بعباءتين سوداوين وهما تلحقان بنا في زيارة المنزل تتأكدان بأننا مصريون فأخذتا تتبعاننا بفرحة شديدة لأننا نزور الإمام الذي يحبونه لدرجة التقديس وقد عاش في هذا المنزل آخر 8 سنوات في عمره.
بجوار البيت مستشفي (بيمارستان ) متخصص للقلب أقاموه خصيصا للإمام في مرضه الأخير وأصبحت مجانية للشعب عقب وفاته عام 1988 في سن 90 سنة.
في المسجد الحديث المقام بجوار بيت الخميني علي أجمل صور الفن الإسلامي جمعنا صلاة الظهر مع العصر ونحن علي سفر وجدت الإمام يقف في الثلث الأخير من المسجد بعلامة من وسادتين وقف بينهما واشتمل الأذان بعد (أشهد أن محمدا رسول الله ) أن (علي ولي الله) وأضاف حي علي صالح العمل وأضاف المؤذن بعض الابتهالات الدينية ثم وقف صبي في حدود العاشرة أمام ميكروفون المسجد علي مسافة أمام الإمام يرفع تكبيرة الصلاة ويقول الله أكبر فنركع وسمع الله لمن حمده فنقف حتي سلم ذات اليمين وذات الشمال فأخذنا جانبا لنصلي العصر قصرا جماعة فوجدناهم يقيمون صلاة العصر ويصلون لنعرف انهم يجمعون صلاتي الظهر والعصر وكذا المغرب والعشاء وأوضح لي أحدهم أنكم منذ دخلتم وهم يعرفون أنكم من أهل السنة لأنكم لم تأخذوا الحجر الصغير من النجف في العراق وتضمون أيديكم فوق بطونكم.
❊ علي بعد 50 كم من العاصمة هناك مسجد ضخم للخميني أعجبني فكرة ابتعاده عن العاصمة ليحميها من زحام آلاف الزوار خاصة في احتفالات مولده ويكون أداة جذب لامتداد العاصمة إليه ونفذوا له مترو أنفاق ومثله خط آخر بطول 90 كم إلي المطار الجديد (مسافة القاهرة الإسماعيلية) وينتهي مشروع مترو الأنفاق وهو بعمق 130 مترا عام 2019 بأطوال 450 كم تحت الأرض وضعفها فوق الأرض.
(قادرون) يافطة هي شعار خميني للثورة تتصدر برج ميلاد خميني الذي بدأ إنشاؤه في عام وفاته ونفذ في 11 سنة في أطراف طهران بارتفاع 435 مترا أراه في عبورنا مرتفعا كهيئة قلنسوة محارب إسلامي قديم له سهم كبير يتجه إلي السماء قالوا به المطعم الدوار الوحيد في العالم وابتسمت فهما عندما وجدت في شرفته ماكيتات لأشهر عشرة أبراج في العالم ليس بينها برج القاهرة
علي دوران الشرفة يتراص فنانون تشكيليون من الجنسين يرسمون ويصممون ويبيعون للزوار توقفت أمام شاب منهم يرسم كاريكاتيرا يعلق رسم منها يشبه وجه فنان الكاريكاتير العبقري صلاح جاهين واكتشفت أنه لا يعرف شيئا عنه لكنه أصر علي إعطائنا الإيميل لنرسل كل ما يمكن عن جاهين ويستخدم البرج لتسهيل الاتصالات اللاسلكية والتليفزيون يعتدون في بهو استقباله بتمثال لشاعرهم أبو القاسم الفردوسي الطوسي الذي أنفق 30 عاما من عمره لتأليف الشاهناما وهي ملحمة جمع فيها اللغة الفارسية ولد في القرن الخامس الهجري وهو من خراسان.
❊❊❊
أسوأ ما في طهران الاتصالات الخارجية خاصة مع مصر وعدم وجود فيس بوك والنقود التي حاولنا التعامل مع آلافها التي لاتشتري شيئا فلم نفلح إلا في تقديم كل ما معنا من ريالات أو تومان أو خميني وهي أسماء العملة للبائعين ليأخذوا ما يريدون والدولار يساوي 1700 ريال (وأحسب انت بقي).
لايخل الأمر من مشاغبات ودليل الرحلة يروي عن استشهاد أحد قادتهم وسط جنوده في الجبهة مع العراق متسائلا أين هو القائد الذي يفعل ذلك فقلت مع احترامي للقائدواستشهاده لكن التاريخ العسكري العالمي يذكر الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب الجيش المصري عام 1969 فاستمع طويلا لي وقال معلومة جديدة ومهمة.
❊❊❊
في كل اللقاءات الرسمية والاحتفالات التي شاركناها بدأت بتلاوة القرآن علي طريقة ورش عن نافع المصرية المنغمة وأصواتهم جميلة وفي أحد اللقاءات شعرت برسالة خاصة عندما تقدم أحدهم ليقول نحن نعرف تلاوة المصريين للقرآن جميلة فهل منكم من يقوم بذلك وبالقطع اعتذرنا فقالوا عندنا مقرئ جاهز وفهمت أنها قد تكون وسيلة تقارب بتواجد مقرئ مصري فلا لقاءات قادم الأيام وهو ما جعلنا لا نحدث ضجيج فرح المصريين وفوزهم عندما سمعنا صوت الشيخ الطبلاوي قبيل صلاة المغرب في أحد مساجد وسط المدينة
في إيران 90٪ مسلمين والباقي يتوزع بين يهود ومسيحيين وزردشت وبهائيين وقوميات فارسية وتركية وعربية.
❊❊❊
كانت لقاءاتنا مع المسئولين عديدة ومفيدة منهم مدير الفضائية الإيرانية (العالم ) ود. محمد تسخيري مدير مركز تقريب المذاهب ورامين مهما نبرست المتحدث باسم وزارة الخارجية ود.علي أكبرا ولا يأتي وزير الخارجية السابق وعلي أكبر ولا يأتي رئيس مجلس النواب والمسئول السابق عن الملف النووي الإيراني والرئيس أحمدي نجاد ثم الدعوة الكريمة من الإمام خامنئي لحضور كلمته في مسجد الخميني في ذكري مولده والتي خصنا بها بمكان وسط كبار الزوار.
❊ أما اللقاءات فقد حفلت بالرسائل المتبادلة بين الوفد الصحفي المصري وبين المسئولين بل وبين كل من تعاملنا معه واعين أننا نقدم صورة مصر لكل من يشاهدنا أو يتعامل معنا (نشرت نصوص الأحاديث في الجرائد المصرية القومية الثلاثة).
كنا واعين لكل محاولات جس النبض والإستكشاف عن أحداث مصر وساستها وسياستها حاسمين في الرد علي أي محاولة نراها إساءة وللأمانة لاقي ذلك احتراما كبيرا لدي الجميع وحريصين علي تأكيد دور مصر الرائد في كل من المجالات خاصة المجال النووي السلمي الذي بدأته من عام 1958 وأن ما يواجهونه من محاولات التعطيل واجهنا مئات مثله وحاسمين في عدم التعقيب علي أحكام القضاء مؤكدين أن القانون يمنعنا من ذلك وواضحين في أن المصريين يعشقون آل البيت لكنهم لا يقدسونهم ومؤكدين علي مشاعر شعبية طيبة للتواصل مع كل العالم الإسلامي موضحين أن الشيعية ليست بالغريبة علي مصر فقد حكمنا الفاطميون 220 سنة وأخذنا منها ما يوائمنا وعدنا للمذهب السني بسرعة البرق مع صلاح الدين الأيوبي وأن منهجنا المقبول من جميع المصريين هو عدم التشدد او التزمت والوسطية وأن مصر في ثورتها وقبلها وبعدها ودائما قامة عالية وريادة مؤكدة وقلب مفتوح لكل العرب والمسلمين والعالم وحاسمين في أي محاولات التلميح لسياسات مصر الخارجية ومعاهداتها الدولية وأن منهجنا عدم التدخل في شئون الآخرين وعدم السماح بالتدخل في شئوننا.
وحرص كل المسئولين علي تأكيد تقديرهم لمصر وأهلها ورغبته في عودة العلاقات ووجدنا في الدعوة المفاجئة للرئيس نجاد ناتجا وتقديرا لكل ما حرصنا عليه في رحلتنا وعلما به بالقطع.
ولاحظت أنهم يتكلمون عن فلسطين بتشدد يماثل حماسهم لآل البيت ويحتدون أمام أي موقف سلبي يرونه تجاهها وأكاد أظن أنهم يعتبرون من يضحي بها كافر.
أما أهم الرسائل بعد رحلة من الحوارات والتوضيحات بل والمشادات الخفيفة حيالنا كانت رسائل الرئيس احمدي نجاد الثلاثية والتي بدأت قبل لقائه بتقديم أطباق من منتجات إيران من الفواكه والخضروات الطازجة خيار وموز وبرقوق ومشمش لنعرف جودة منتجاتهم ويكون بيننا (عيش وملح) أو فاكهة ثم لقاؤه الودود جدا الذي بدا فيه كصديق قديم لكل منا متبسطا وكريما بدأ به علي الفور بحبه لمصر وأهلها ورغبته الشديدة لزيارتها بل والمساهمة بخبراته في بناء سدودها وقناطرها وكان واضحا في أن مصر كلما كانت قوية كنا نحن أقوياء وكلما ارتفعت هامتها ارتفعت هامتنا بل ورغم أن مراسم الرئاسة طلبت منا سؤالا واحدا إلا أنه سمح بسؤال لكل موسسة صحفية ثم ختم لقاء الود بهدية كتاب الله هو من يجمعنا ولا يفرق ولايختلف وكان أفضل ختام.
❊❊❊
❊ في طابور المغادرة بالمطار زعقت فينا فتاة أنتم مصريين وأضافت اشمعني أنتم تأتون بلدنا ونحن لا نستطيع الذهاب إلي مصر جاملناها بأن مجيئنا بداية خير فقالت ممكن تضعوني في إحدي حقائبكم وضحكنا فأكدت بحماس سأكون أول من تحصل علي الفيزا.
❊❊❊
ولا ينتهي الكلام في إيران مما يحتاج وقتا أطول وحوارات أوسع لمسكوت عنه كثير.
ليس آخره خلافي مع مسئول قناة العالم الفضائية الإيرانية والذي وصل إلي مغادرتي مكتبه غاضبا.
ولا الصورة الزيتية التي في بيت الخميني التي قالوا عنها كلاما غريبا وجدت جميعنا يتحرك مبتعدا عن تفاصيلها.
ولا لعنة إيقاظ الفتنة بطرح اسم خليج فارس ورفع خريطة بذلك في البرلمان.
ولا نهاية فقرة المحاضر الديني وهو يقول ذلك هو أساس الصراع بين السنه والشيعة فسألته بالعامية (علي إيه) فاحتار فأكملت إنها خناقة منذ 1400 سنة ولست طرفا فيها ورؤيتي الآن المستقبل وليس البكاء علي الماضي.
ولا ملاحظتي تكراره صفة الخليفة الثاني فانتظرته عقب المحاضرة أساله ومع الحرج أيضا أجاب مجرد الاعتياد فأكملت إن المصريين يعشقون عمر بن الخطاب وأنا منهم فقد اسميت ابني الوحيد باسمه فكرر علي الفور أحلي اسم.
ولا دوران إجابة إمام مسجد السيدة فاطمة المعصومة في مدينة قم حتي لا يجيب عن موقفه مباشرة علي سؤال عن السيدة عائشة زوج النبي رضي الله عنها.
ولا دهشة شاب وضح لي إجراءات زواج المتعة وشرعيته وأنا أبلغه أن ما يقوله يعد عندنا في مصر حراما ونسميه زني فوقف يردٍد كيف يكون زني.
ولا تلك الفتاة التي حاورتها في السوق التجاري تعمل في أحد محلاته أنهي حواري بسؤال صحفي تقليدي أعندكم مشاكل فردت علي الفور كثير كثير وأمسكت حلقها بأصبعيها لتقول نحنا مخنوقين.
ولم تزد
وسكتت عن الكلام المباح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.