أحدث ابتكارات ماسك، خبير يكشف مفاجأة عن صفحات تدار من إسرائيل للوقيعة بين مصر والسعودية (فيديو)    باحثون يحذرون من تزايد خطر تعرض السيارات المتصلة بالإنترنت لعمليات القرصنة    وزارة البترول تتعاون مع جامعة مردوخ الأسترالية لتطوير قدرات كوادر التعدين المصرية    «الوزير» يترأس الوفد المصري في اجتماعات الجمعية العامة للمنظمة البحرية الدولية    آخر تطورات سعر جرام الذهب، عيار 21 وصل إلى هذا المستوى    الاحتلال الإسرائيلي يكثف عدوانه على طوباس ويحتجز أكثر من 70 فلسطينيًّا    هوس التصنيف الإرهابي للإخوان.. حدود الضرر    ليفربول يكشف تفاصيل إصابة إيكيتيكي خلال مواجهة أيندهوفن    آرتيتا: تفوقنا على أفضل فريق في أوروبا    اعترافات صادمة لسائق متهم باغتصاب وسرقة سيدة بالسلام: الحشيش السبب    ضبط المتهم بالتعدى على فتاة من ذوى الهمم بطوخ وحبسه 4 أيام    الليلة، افتتاح الدورة ال 18 من مهرجان سماع للإنشاد والموسيقى الروحية    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    مصرع 11 عاملًا وإصابة آخرين بعد اصطدام قطار بمجموعة من عمال السكك الحديدية بالصين    عاجل.. وفاة مذيعة قناة الشمس بشكل مفاجئ    اغتيال المغنية دي لاروسا في "كمين مسلح" بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية    البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد التونسي إلى 6ر2% في 2025    قرش يقتل امرأة ويصيب رجلا بجروح خطيرة على الساحل الشرقي لأستراليا    أسوان على خطوط السكك الحديدية — دليل الرحلات اليومية إلى القاهرة والإسكندرية الاثنين 24 نوفمبر 2025    ارتفاع حصيلة ضحايا حريق هونج كونج إلى 44 قتيلا واعتقال 3 مشتبه بهم    اليوم.. انطلاق اختبارات شهر نوفمبر لصفوف النقل بجميع مدارس القاهرة    أسوان تشهد طقسًا خريفيًا معتدلًا اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    جنة آثار التاريخ وكنوز النيل: معالم سياحية تأسر القلب في قلب الصعيد    ترامب: الولايات المتحدة لن تستسلم في مواجهة الإرهاب    ترامب: الهجوم على الحرس الوطني "عمل إرهابي" ويجب إعادة النظر في دخول الأفغان إلى أمريكا    محمد ياسين يكتب: يا وزير التربية    السيطرة على حريق شب في مقلب قمامة بالوايلي    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    التموين تبدأ ضخ السلع بالمجمعات الاستهلاكية استعدادا لصرف مقررات الشهر    زكريا أبوحرام يكتب: أسئلة مشروعة    رسميًا خلال أيام.... صرف معاشات شهر ديسمبر 2025    المصل واللقاح: فيروس الإنفلونزا هذا العام من بين الأسوأ    علامات تؤكد أن طفلك يشبع من الرضاعة الطبيعية    اليوم، قطع الكهرباء عن عدة مناطق في 3 محافظات لمدة 5 ساعات    أوركسترا النور والأمل يواصل البروفات في اليونان    أستاذة آثار يونانية: الأبواب والنوافذ في مقابر الإسكندرية جسر بين الأحياء والأجداد    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    الحماية من الإنفلونزا الموسمية وطرق الوقاية الفعّالة مع انتشار الفيروس    مدارس النيل: زودنا مدارسنا بإشراف وكاميرات مراقبة متطورة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    برنامج ورش فنية وحرفية لشباب سيناء في الأسبوع الثقافي بالعريش    فيتينيا يقود باريس سان جيرمان لمهرجان أهداف أمام توتنهام    جمال الزهيري: حسام حسن أخطأ في مناقشة مستويات اللاعبين علانية    الرئيس السيسي: يجب إتمام انتخابات مجلس النواب بما يتماشى مع رغبة الشعب    إجراء مرتقب من رابطة التعليم المفتوح بعد حكم عودته بالشهادة الأكاديمية    ماذا قدمت منظومة التأمين الصحي الشامل خلال 6 سنوات؟    أتلتيكو مدريد يقتنص فوزا قاتلا أمام إنتر ميلان في دوري الأبطال    عبد الله جمال: أحمد عادل عبد المنعم بيشجعنى وبينصحنى.. والشناوى الأفضل    الكرملين: الدعوات لإقالة ويتكوف تهدف إلى عرقلة المسار السلمي في أوكرانيا    بسبب المصري.. بيراميدز يُعدّل موعد مرانه الأساسي استعدادًا لمواجهة باور ديناموز    ريال مدريد يكتسح أولمبياكوس برباعية في دوري أبطال أوروبا    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    السيسي يشهد اختبارات قبول الأكاديمية العسكرية المصرية والكليات العسكرية    جامعة المنيا تخصص 10 ملايين جنيه لدعم الطلاب عبر صندوق التكافل المركزي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحنين إلي أيام الشاه‏..‏ ظاهرة جديدة في إيران
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 05 - 2010

عشرة أيام قضيتها في العاصمة الإيرانية طهران وهي مدة ليست كافية بالطبع لإصدار الأحكام القاطعة علي الشعب الإيراني لكن للوهلة الأولي تشعر بألفة في التعامل معهم وعندما تقول أنا من مصر وهي تنطق بالفارسية مصر تفتح لك القلوب قبل الأبواب. فمصر بالنسبة لهم حلم يراودهم هي الأهرامات والأزهر والحسين‏..‏ طبعا كل من رأيتهم يريدون زيارة مصر‏:‏ من فضلك اكتبي أننا نحب مصر وأهلها ونشتاق إليها هذه الجملة سمعتها كثيرا خلال زيارتي‏.‏ وفي طهران تستطيع أن تري كل فصول العام في يوم واحد‏..‏ الثلوج علي الجبال ثم الامطار الغزيرة وفجأة تبزغ الشمس وتنهمر المياه من مخرات الجبال‏,‏ وفي كل الأحوال تغطي الخضرة هذا البلد الملبد بالمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية‏.‏ والزائر لطهران يلحظ للوهلة الأولي ودون عناء حروف اللغة الفارسية نفس حروف اللغة العربية وأن معظم شوارعها تحمل أسماء الشهداء فتجد شارع الشهيد همت وهو أحد قادة الحرب الإيرانية العراقية والشهيد قرني وهو من قادة الباسدران وتعني الحرس الثوري‏.‏
يعد شارع ولي عصر أي الامام الغائب من أهم شوارع طهران‏,‏ وقد تم تغيير اسمه مرتين فكان يطلق عليه‏'‏ شارع بهلوي‏'‏ ثم تغير ليصبح‏'‏ محمد مصدق‏'‏الذي يعد زعيم الجبهة الوطنية الإيرانية وكان رئيس الوزراء المنتخب عام‏1951‏ وحتي‏1953‏ وأمم صناعة النفط الإيرانية وتمت الإطاحة به ليعود الشاه للحكم وبعد نجاح الثورة عام‏1979‏ تم تغييره من محمد مصدق إلي ولي عصر وبهذا الشارع الجدارية التي تحمل اسم قاتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات وهي من أكثر المشكلات تعقيدا في العلاقات المصرية الإيرانية‏.‏
متاعب اقتصادية
ومن فندق‏'‏ الاستقلال‏'‏ أو‏'‏الاستغلال‏'‏ كما ينطق بالفارسية والكائن في أحد الشوارع المتفرعة من‏'‏ ولي عصر‏'‏حيث كنت أقيم أوقفت تاكسي للتفاوض معه لتوصيلي إلي خيابان‏-‏ شارع‏-‏ شريعتي وطلب السائق‏6‏ آلاف تومان وبفارسية مكسرة اكتسبتها من المحيطين بي قلت له‏'‏ تنزيلات‏'‏ أي أنني‏'‏ أفاصل‏'‏ معه كما اعتدنا في مصر وأصر‏..‏ فوافقت ولأن الألف تومان تساوي دولارا أي خمسة جنيهات مصرية يصبح المبلغ المطلوب‏30‏ جنيها والمشوار يساوي في حساباتنا بمصر‏10‏ جنيها تناقشته بعد أن ركبت‏.‏
وقال لي‏'‏أنتي عربية‏'‏ قلت‏'‏ مصرية‏'‏ ابتسم وقال‏'‏ أهلا وسهلا‏'‏ وأضاف متحدثا بقليل من العربية التي يحبها وتعلمها‏-‏ كما يقول من بعض أصدقائه العرب الموجودين في إيران‏-:'‏مصر جميلة وأتمني زيارتها‏'.‏
سألته عن ارتفاع اجرة التاكسي وهل ترتبط بتزايد أسعار البنزين مثلا قال لا البنزين رخيص وجزء منه مدعوم من الحكومة فثمن لتر البنزين المدعوم‏100‏ تومان أي يعادل‏50‏ قرشا وللمواطن‏100‏ لتر شهريا ونأخذها كل‏3‏ أشهر بشكل مجمع‏'‏ لكن هذه الكمية لا تكفي فنلجأ للبنزين الحر وثمن اللتر منه‏400‏ تومان أي جنيهين تقريبا لكن زيادة الاجرة للزحام الشديد وضعف الحالة الاقتصادية‏.‏
لذلك فأنا موظف ومساء أعمل سائقا‏,‏ لأن مرتبي‏500‏ دولار‏2500‏ جنيه تقريبا أدفعه إيجارا للشقة رغم أن مصاريفي محدودة فلدي طفل واحد فالمرء حتي يعيش حياة كريمة في إيران يجب ألا يقل دخله عن‏1500‏ دولار‏.‏
وقال السائق الذي طلب عدم ذكر اسمه أن الأوضاع الاقتصادية أصبحت سيئة تماما وان الوضع كان أفضل كثيرا قبل الثورة فحرب العراق أثرت كثيرا ثم إن البرنامج النووي دون شك يستقطع الكثير من الميزانية فضلا عن حالات الفساد المستشري في مختلف المؤسسات لذلك فإن الشباب أصبح بعيدا عن الثورة لانه يشعر بأنه لم يجن ثمارا حقيقية تحسن من احواله فضلا عن حالة الكبت السياسي التي نعيشها قبل اضطراب الاوضاع السياسية مؤخرا‏.‏
ونزلت في خيابان شريعتيووجدت إشارة المرور قد أغلقت ووقف الشباب يبيعون الورد بألوانه الزاهية وسألت أحدهم فقال الورد هو السلعة الرائجة في طهران لا يوجد بيت يستغني عنه ولا تكتمل زيارة إلا به ونحن نبيعه بدلا من التسول أو الاتجار في المحرمات بعد تراجع الحالة الاقتصادية‏..‏ سألته‏'‏ محرمات إيه مخدرات يعني قال‏:‏ نعم‏'‏ فالمخدرات منتشرة والسيطرة عليها أصبحت صعبة‏!‏
وعلي الجانب الآخر حيث توقفت لعبور الطريق وجدت رجلين أحدهما يحمل المزمار والآخر الدف وفي ثوان معدودة كانا أمامي يعزفان وعلمت أنه نوع من انواع التسول‏,‏ كما يحدث في شوارع أوروبا وظلا بجواري طمعا فيما أدفعه لكن حظهما كان سيئا فالتقطت لهما الصورة واعتذرت فلم يكن معي التومانات العملة الايرانية
المخدرات بين الشباب
خلال احدي جولاتي في انحاء العاصمة الايرانية رأيتها تشتري صحيفة فسألت سيمين بور وهي امرأة في الخمسين من العمر عن أهم المشكلات التي تواجه المجتمع الايراني قالت‏'‏بصراحة من أهمها المخدرات وخاصة بين طلبة المدارس الثانوية وأرادت أن تنهي الحديث لتستقل الاتوبيس العام فركبت معها وفي الجزء الخلفي المخصص للنساء جلست بجوارها وفي الحقيقة لم أكن أدري إلي أين سأذهب لكنها كانت جولة في عقل المواطنة الايرانية‏'‏ سيمين‏'‏والتي واصلت حديثها قائلة‏:‏ إن الحكومات المتوالية في إيران وخاصة في الفترة الأخيرة فقدت القدرة علي السيطرة علي المخدرات وأصبحت عائلة المدمن تتواري خجلا ويتم علاجه سرا‏.‏
وهمست سيمين أما مبادئ الثورة الإسلامية التي نشأنا عليها ونحن في شبابنا ودافعنا عنها وكنت أنا واحدة ممن وقفوا بجوارها وما زلت متمسكة بها وبالمكاسب التي تحققت من خلالها فكادت تتلاشي بين ابناء الجيل الثالث والرابع ووصل الأمر إلي حد الكفر بها ولا تستهيني‏-‏ بالعلمانيين في إيران والغرب الذي يجند النشطاء لتصوير الثورة الإسلامية علي أنها كبت وتراجع‏.‏
ولان انتشار المخدرات بين طلاب المدارس بات ظاهرة كما أكد اكثر من مصدر التقيت سرشتير ماتيان وكيلة التربية والتعليم وسألتها عن كيفية التعامل مع المدمنين الصغار قالت ليس عندنا طلاب مدمنون‏'‏ لكن هناك بعض المشكلات التي قد يتعرض لها الطلاب ونقوم بحلها من خلال لجنة الأسرة التي تتشكل من المعلمين والآباء وبعض أطباء الأمراض النفسية‏.‏
أما الدكتورة توبة كرماني المستشار الثقافي الإيراني بأثينا فأكدت انتشار المخدرات بين الطلاب والشباب وقالت إن‏26%‏ تقريبا من الشباب مدمنون وتحاول إيران مكافحة المخدرات التي تأتي مهربة من أفغانستان وعللت المستشار الثقافي تراجع الحجاب وانتشار المخدرات بأن الثورة الاسلامية ما زالت في حاجة إلي جهد كبير لتثبيت أقدامها في الشارع الإيراني ومن ثم في قلوب الشباب وألقت باللوم كعادة المسئولين الإيرانيين‏-‏ علي‏(‏ قوي الاستكبار العالمي‏)‏ أوالغرب الذي لا يريد للجمهورية الاسلامية الإيرانية الارتقاء‏.‏
من الشادور إلي الشيشة
بمجرد هبوط الطائرة أرض مطار الامام الخميني بطهران اكتست رءوس السيدات بأغطية الشعر فهذه المرأة الأربعينية أتذكرها جيدا في بداية الرحلة من اسطنبول حيث لا يوجد طيران مباشر من القاهرة لطهران كانت بلا غطاء رأس فمرت أمامي كثيرا ترتدي‏'‏ الجينز‏'‏ الضيق والجاكيت القصير جدا ثم غطت ثلث شعرها وارتدت‏'‏ مانتو‏'‏ ويشبه اسما وشكلا البالطو‏.‏
والمانتو أكثر شيوعا في ايران بخلاف الشادور وهو زي أسود ترتديه المرأة الإيرانية يغطيها من رأسها إلي قدميها وتتعدد أنواع أقمشته من الحرير العادي إلي الانواع الفاخرة منه وهوبالمناسبة زي وطني وليس دينيا لكن ترتديه النساء الأكثر تدينا ولايخفي الوجه ويلف حول الخصر مثل الملاءة اللف المصرية ومع هذا ينزلق ومن الصعب أن تذهب أي سيدة ايرانية إلي مدينة قم حيث تتواجد الحوزات العلمية دون ارتدائه‏.‏
يسير الشادور علي استحياء وينظر البعض إليه علي أنه وضع غريب في شمال طهران الذي يعد من المناطق الراقية‏'‏ هكذا تحكي ليلي كاظمي المذيعة بتليفزيون الكوثر وهي تمسك بأطراف‏'‏ الشادور‏'‏ متحدثة العربية بطلاقة‏'‏ تخيلي أنهم ينظرون إلينا وكأننا تخلفنا عن ركب الحضارة رغم أنني أشعر براحة حين أسدل هذا الرداء الأسود علي ملابسي حتي اصحاب المحال يسخرون مني حين أشتري ملابس فاخرة ويتعجبون لان الشادور سيغطيها‏'.‏
وبوضوح قالت إقبال زاده وهي طالبة في جامعة طهران‏:‏ أنا لا أميل لارتداء الشادور لانه يقيدني كثيرا وأري أن الحجاب مسألة شخصية ويجب ألا تكون بحكم القانون‏,‏ وأضافت إننا نتمني أن يكون قرار الحجاب بإيدينا وليس فرضا علينا وقالت إن التيار الإصلاحي الذي قاده محمد خاتمي كان قادرا علي اتخاذ أو الاستمرار في هذه الخطوة التي وصفتها بالجريئة‏.‏
وفي تيد تيراني أحد المولات الشهيرة بطهران وفي دشت بهشت وهو مكان يشبه الديسكو تستطيع أن تري وجه إيران الآخر تري مضاد‏'‏الشادور‏'‏ أوبمعني أدق لاتراه في المول‏..‏ النساء والبنات اناقة بلا حدود المانتو قصير والبوت بالكعب العالي أما الطرحة فحين تبحث عنها تجدها في آخر الرأس تظهر علي استحياء‏,‏ والبنات والشباب جنبا إلي جنب‏.‏
إنها الحرية كما يقول المرجع الديني آية الله محمد سعيد النعماني وهو عراقي عاش سنوات في إيران وقال إن تغيرا كبيرا حدث للشباب في عهد الرئيس الاسبق هاشمي رفسنجاني الذي كان منفتحا ثم تلاه عصر محمد خاتمي الأكثر انفتاحا فابتعدت الشابات عن الحجاب قلت له‏'‏ أليس هذا تخليا عن مبادئ الثورة الإسلامية أوعلي الأقل تراجعا عنها‏'‏فرد النعماني‏:‏ معك حق فالبعض ابتعد عن مبادئ الثورة الاسلامية بسبب الانفتاح الفضائي وثورة الإنترنت وعموما الشكل ليس مهما المفيد هنا الاهتمام بالثقافة والجوهر ثم إن الحجاب قضية فردية‏.‏
ولم أصدق ما قاله لي أحد الاجانب المقيمين في ايران حين أكد لي ان النرجيلة أو‏'‏الشيشة‏'‏ أصبحت منتشرة في طهران وربما في ايران ولم يقصد انها منتشرة بين الرجال بل بين النساء لم أصدقه وقلت له‏'‏ مش معقول لأننا في مصر نستنكر الشيشة النسائي ما بالك في إيران‏'!‏ قال سترين بنفسك سنذهب إلي دشت بهشت‏!‏
ودشت بهشت هذا يعني بالفارسية مجمعا فارسيا وهو مكان بعيد في شمال طهران يبدو من الخارج وكأنه ديسكو أصوات صاخبة وأضواء خافتة ودخلت فرأيت كل منضدة فوقها شيشة والفتيات يدخن وفي أوضاع غرامية المستفز في الأمر أن لافتة كبيرة معلقة في الخارج تقول‏'‏ مع الالتزام بالتعاليم الإسلامية‏'‏ ولا أدري أي التزام يقصدون‏!‏
وقال هذا المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه إن كان وقتك يسمح كنت سأدعوك للحفلات الخاصة التي تقام في المنازل لترين أيضا وجها جديدا في طهران ظهر مؤخرا فالخمر متاح والمخدرات وكل شئ ولايستطيع‏'‏ بوليسي أخلاقي‏'‏ أوشرطة الأخلاق أن تقتحم المكان إلا بناء علي شكوي مسبقة من الجيران وأثناء عودتنا من دشت بهشت وفي أحد الشوارع الجانبية سمعنا أصوات الموسيقي تنطلق من أحد المنازل وقال إن هذا الاختلاط ممنوع لكن الحكومة‏'‏ تغمض عينيها الآن بعد المظاهرات المناهضة لنظام احمدي نجاد في الفترة الأخيرة حتي لا يجتمع الكبت السياسي مع الكبت الاجتماعي‏.‏
وفي شوارع طهران تلاحظ أن المرأة تقود السيارة ببراعة تامة بخلاف المرأة المصرية ففي السادسة مساء تجد الشوارع قد اكتظت بالسيارات وكأن الجميع يتجه إلي حفل الكثير من السيارات تقودها فتاة مع صديقاتها في طريقهن للسهروتجد الشاب والفتاة معا في نفس السيارة أحيانا‏,‏ كما يقول‏'‏ صديقنا‏'‏ تستوقف الشرطة السيارة لتسأل عن شكل العلاقة التي تجمع الطرفين‏..‏وهذه‏'‏ الكبسة‏'‏ قلت بعد الأحداث الأخيرة أيضا‏.‏
وبالمناسبة وعلي احدي محطات الاتوبيس في خيابان‏(‏ شارع‏)‏ ولي عصر التقيت مع موظفة في احدي الهيئات الحكومية تحدثت معي بانجليزية‏'‏ مكسرة‏'‏ عن الزواج وقالت إن الفتاة تصل إلي سن الثلاثين دون ان تتزوج وبررت نور زاهدي تأخر سن الزواج بالاوضاع الاقتصادية وقالت‏'‏ المرتبات قليلة جدا لا تكفي استئجار شقة فالموظف دخله لا يتجاوز ال‏600‏ دولار‏(3‏ آلاف جنيه مصري تقريبا‏)‏ والمشكلة ليست في أسعار السلع الاساسية ولكن في أسعار الشقق‏.‏
قلت لها‏'‏ هل يشتري الشاب الشقة وتساهم العروس معه في تأسيسها‏'‏ قالت لا بل إن العروس تجهز الشقة بالكامل من الأجهزة الكهربائية إلي الأثاث إلي مستلزمات المطبخ ولكن الشقق مهمة للشباب وأسعارها نار‏.‏
فمتر الشقة في الأحياء الراقية مثل حي إلهية وصل إلي‏4‏ آلاف دولار‏(‏أكثر من‏20‏ ألف جنيه‏)‏ والزعفرانه وهي من المناطق المميزة أيضا سعر المتر بها‏(5‏ آلاف دولار‏..‏ أي‏20‏ ألف جنيه‏)‏ وتقل الأسعار بحسب مستوي الأحياء لكن بشكل عام يعد ارتفاع أسعار الشقق العقبة الاولي أمام الشباب حتي إيجار الشقة متوسطة المستوي مرتفع ويبلغ‏500‏ دولار شهريا‏(‏ أي‏2500‏ جنيه تقريبا‏)‏ في حين أن متوسط دخل الفرد يتراوح ما بين‏500‏ إلي‏700‏ دولار في الشهر‏..‏ أي أن الموظف يدفع راتبه لسداد ايجار الشقة‏.‏
ساعات في قم
وزيارة ايران لا يمكن ان تكتمل بدون المرور علي مدينة قم التي تحتل مرتبة ومكانة دينية بالغة الأهمية للشيعة داخل الجمهورية وخارجها‏.‏ ولا يحسب عمر قم بالسنوات ولا بعدد الحوزات العلمية التي تضمها بل المعيار الأهم هو دورها في تكوين الجمهورية الاسلامية الايرانية ودعمها للامام الراحل الخمينيوممارسة نفس الدور مع علي خامنئي‏..‏
فخريجو هذه الحوزات ينتشرون في مختلف المؤسسات ويغذون مفاصل الدولة حتي ظن البعض أن الحوزة هي التي تحكم إيران لكن الواقع أنها‏'‏ ظهر‏'‏ النظام الداعم والحامي ويؤخذ في الاعتبار أن عددا من المراجع الدينية بدأ ينسلخ عن عقد المؤسسة الدينية بسبب معارضته لنظرية ولاية الفقيه أوللولي الفقيه نفسه‏.‏
وزيارة طهران لايمكن أن تكتمل دون المرور علي المدينة الدينية قم‏..‏ لذلك حرصت في نهاية الرحلة أن أخطف بضع ساعات في قم للقاء بعض المراجع الدينية وحين طلبت من مرافقي في الرحلة ترتيب الزيارة للمدينة الواقعة جنوب طهران التي تختلف تماما عن الشمال حين فاجأني الدكتور محمد صادقي أحد رجال الدين ورئيس مركز الدراسات الاسلامية بالاذاعة والتليفزيون في السيارة ب‏'‏شادور‏'‏ وقال لي‏'‏ صعب تدخلي قم بدونه‏'..‏ وقلت لامانع‏.‏
وفي لقاء سريع مع رئيس الحوزة العلمية آية الله مقتدائي وسألته عن عدد الحوزات في ايران فقال هي كثيرة جدا في كل محافظة وكل مدينة ويشرف مقتدائي عليها جميعا ما عدا الحوزات في أصفهان وخراسان لكنهما يسيرا علي نفس نهج الحوزة في قم وقال إن تاريخ تأسيسها يعود إلي أحمد بن اسحق القمي قبل ألف ومائتي عام تقريبا وكانت له علاقة بالامام الحسن العسكري الامام الحادي عشر وكان شيخا للعلماء ويتلقي العلوم ويعلمها للطلبة في قم‏.‏ ومرت الحوزة بفترات صعود وهبوط حتي‏100‏ عام مضت حتي قام الشيخ عبد الكريم الحائر‏'‏أستاذ الامام الخميني‏'‏بتطويرها‏.‏ ويبلغ عدد طلاب الحوزات كما يقول آية الله مقتدائي‏70‏ ألفا والاساتذة‏3‏ آلاف‏.‏
وفي الحوزات حوالي‏300‏ مدرسة وهناك‏3‏ مستويات عمرية للدراسةالمستوي الاول‏6‏ سنوات‏(‏ ويكون عمر الطالب‏14‏ سنة‏)‏ والثاني‏3‏ سنوات والثالث سنة واحدة ثم فترة لكتابة رسالة الاجتهاد وتعادل الماجستير ثم المستوي الرابع‏4‏ سنوات للدكتوراة‏.‏

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.