بوش وبلير شريكا الحرب وثائق جديدة تكشف مضمون المحادثات الهاتفية قبل غزو العراق بين الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وحليفه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.. أسرار يسعي مفوض المعلومات الإنجليزي كريستوفر جرايم لإزاحة الستار عنها وسردها بالتفاصيل من داخل وزارة الخارجية البريطانية بموجب أمر قضائي.. تسجيلات للحليفين سعي لإخراجها للنور بعد مضي 9 سنوات علي احتلال بلاد الرافدين، وإظهار الاحتجاج علي الحرب غير المبررة عليها، وتعمد تضليل الرأي العام العالمي وتوريط فرنسا بشن عمل عسكري ضد بغداد. ويتزامن هذا الكشف مع تعالي الأصوات مجدداً من داخل منظمة العفو الدولية بمحاكمة بوش وبلير كمجرمي حرب. الوثائق التي ستخرج للنور وسيتم بثها جاءت بعد أن خسرت وزارة الخارجية البريطانية الاستئناف الذي رفعته لمنع الإفراج عن مقتطفات من نص مكالمة هاتفية بين بلير وبوش والتي جرت قبل غزو العراق دون الحصول علي موافقة من مجلس الأمن. وجاءت هذه الخسارة عقب دعوي قضائية رفعت قبل أكثر من عام من قبل المفوض جرايم بموجب قانون حرية تداول المعلومات للكشف عن السجل الكامل للمحادثات الهاتفية بين الزعيمين السابقين، وفقاً لتقرير كتبه مراسل صحيفة الجارديان للشؤون الأمنية ريتشارد تايلور. وقضت محكمة المعلومات في لندن بوجوب نشر نص المكالمات وأمهلت الخارجية البريطانية 30 يوماً للكشف عن مضمونها. كما اعتبرت أن شهود وزارة الخارجية قللوا من أهمية قرار المشاركة في حرب العراق وبشكل يصعب قبوله. وقال جون أنجيل قاضي المحكمة لدي النطق بالحكم إن الظروف المحيطة بقرار حكومة المملكة المتحدة خوض حرب مع دولة أخري دائما ما يكون يهدف للمصلحة العامة مثل النتائج المترتبة علي هذه الحرب، ويجب أن يتم الكشف عن أجزاء من المكالمة الهاتفية وخاصة كلام بلير الذي يشغل حالياً منصب مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط، وهذا ما أيدته المحكمة بشكل كبير قرار سابق من المفوض البريطاني بأن أجزاء المذكرة تتعلق بجانب بلير من المناقشة يمكن نشرها. وتناول الحليفان في المحادثة الهاتفية قرارات الأممالمتحدة حول العراق، ومقابلة تلفزيونية أجراها الرئيس الفرنسي حينها جاك شيراك في مارس عام 2003 وعارض فيها القيام بعمل عسكري ضد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، مما دفع وزراء الحكومة البريطانية السابقة بإلقاء المسؤولية علي تصريحات شيراك في انهيار الجهود المبذولة لتأمين قرار ثان من مجلس الأمن يعطي تفويضاً بشكل خاص فيما يتعلق بعمل عسكري ضد بغداد. وذَكرت الصحيفة البريطانية بعدد من ردود أفعال قام بها مسئولون بالحكومة وقتها اعتراضا علي محاولة بلير إخفاء الحقيقة والإصرار علي ضرب العراق دون مبرر قوي مدعم بالمستندات والوثائق، فاستقالة كلير شورت وزيرة التنمية الدولية من حكومة بلير، احتجاجاً علي احتلال العراق، متهمة بلير خلال جلسة استماع في محكمة المعلومات بتعمد تضليل الموقف الفرنسي. وسبق وأن ادعي جاك سترو وزير الخارجية في يناير عام 2010 أمام لجنة تحقيق "شيلكوت" في حرب العراق أن شيراك أوضح أن فرنسا لن تدعم قرار الأممالمتحدة الجديد حول الحرب تحت أي ظروف وستستخدم باريس حق الفيتو. وأضاف سترو أن مقابلة شيراك في 10 مارس 2003 بددت الآمال في حل دبلوماسي لمخاوف واشنطنولندن بشأن العراق. وقال السفير البريطاني جون هولمز لدي باريس في ذلك الوقت للتحقيق في يونيو 2010 إنه فسر كلمات الرئيس بشكل مختلف، مضيفاً أنه كان غامضاً، وكان هناك مجال للتفسير. وأظهرت الوثائق التي نشرها التحقيق أن الفرنسيين اشتكوا بشكل متكرر في ذلك الوقت حول الطريقة التي تصور بها البريطانيون ما قاله شيراك، فقط لرفض اعتراضاتهم. وسبق وأن وجه التحقيق الرسمي البريطاني في غزو العراق انتقادات لاذعة للطريقة التي تعامل بها رئيس الوزراء الأسبق مع الحرب التي أطاحت بنظام صدام. وأعلن التحقيق في اللجنة التي رأسها جون شيلكوت أن بلير تجاهل النصيحة القانونية للنائب العام في حكومته بأن غزو العراق سيكون غير قانوني من دون استصدار قرار بهذا الشأن من الأممالمتحدة، لأنها كانت مؤقتة. وكان النائب العام اللورد جولد سميث قد أبلغ رئيس الوزراء البريطاني الأسبق في يناير 2003 في إطار نصيحة قانونية من 6 صفحات تناقض تماماً حجة بلير أن قرار مجلس الأمن 1441 والذي اعتبر أن العراق خرق مادياً التزاماته بنزع أسلحة الدمار الشامل، لم يكن كافياً في حد ذاته لتبرير استخدام القوة ضده. واتهم سميث بلير بتضليل البرلمان باقتراحه أن بريطانيا يمكن أن تشارك في الغزو دون استصدار قرار جديد بهذا الشأن من الأممالمتحدة. وقال بلير لم أكن أفهم كيف يمكن أن يصل النائب العام إلي استنتاج مفاده أن هناك حاجة إلي قرار آخر حين رفضنا بوضوح مثل هذه اللغة في القرار 1441. وأعرب مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام بالشرق الأوسط عن عدم ندمه علي إشراك بريطانيا في هذه الحرب، لدي مثوله أمامها لتقديم شهادته للمرة الأولي في يناير 2010 أمام لجنة لتحقيق في حرب العراق، ودافع في شهادته التي اعتمد فيها لهجة تبريرية، بقوة عن "صوابية" قراره دخول الحرب إلي جانب الأمريكيين ضد "الوحش صدام حسين" وأضاف أنه يعتقد أن العالم أصبح أكثر أماناً بعد الإطاحة به. أما أثناء مثوله للمرة الثانية اعتقد أن النائب العام سيغير موقفه بشأن الحاجة إلي استصدار قرار ثان من الأممالمتحدة لتبرير غزو العراق حين يعرف التفاصيل الكاملة. وأضاف أنه لم يصل وقتها إلي مرحلة تقديم طلب رسمي للحصول علي المشورة من النائب العام لاعتقاده أن استصدار قرار آخر من الأممالمتحدة لم يكن ضرورياً، مع أنه كان يدرك مخاوفه حول مشروعية غزو العراق. وألقت لجنة التحقيق اللوم علي بلير، لإبلاغه البرلمان البريطاني بأن المعلومات الاستخباراتية حول امتلاك صدام أسلحة دمار شامل كانت خارج نطاق الشك، والدور الذي لعبه في جر لندن إلي واحدة من أكبر الإخفاقات بسياستها الخارجية. وأضافت أن لجنة التحقيق بحرب العراق حملت بلير مسؤولية الفشل بأربعة جوانب رئيسية هي الإدعاءات المزيفة حول أسحة الدمار الشامل لدي صدام حسين، وعدم إبلاغ الرأي العام البريطاني بالتعهد السري الذي قطعه علي بوش بإشراك بريطانيا بالحرب، وعدم إطلاع حكومته علي خطط غزو العراق، والفشل بالتخطيط لمرحلة ما بعد الحرب. وجادلت وزارة الخارجية والكومنولث بأن نشر تسجيل المحادثة بين بوش وبلير سوف يتسبب في خسارة كبيرة لعلاقة بريطانيا بالولايات المتحدة، قائلة إن نشر المعلومات سيزعج واشنطون بشكل خطير، ومن شأنه أن يسفر عن مخاطرة حقيقية بأن تبدأ واشنطون بحجب المعلومات عن بريطانيا. أدانت منظمة العفو الدولية توني بلير بالتخطيط للعدوان علي العراق واجتياحه في خرق سافر لميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي.