د. فتحى سرور خلال لقائه بحمدى خليفة وعدد من نواب المجلس من المحامين وسط أجواء مشحونة بالتوتر والعصبية والعنف اشتعل فتيل الأزمة بين ركني العدالة، المحامين والقضاة.. معركة شرسة واشتباكات وتراشق وأنباء عن تبادل الصفعات بين مدير نيابة طنطا باسم أبوالروس وعدد من المحامين منتصف الأسبوع الماضي انتهت بصدور حكم يقضي بحبس المحاميين إيهاب ساعي الدين ومصطفي فتوح بالسجن 5 سنوات وغرامة 300 جنيه لكل منهما.. ما تسبب في ثورة غضب عارمة في صفوف المحامين أعلنوا علي إثرها إضراباً مفتوحاً من جانبهم عن حضور جلسات المحاكم، قبل أن تتصاعد حدة الاتهامات المتبادلة بين نقيب المحامين، حمدي خليفة، وعدد من رموز العمل النقابي وبين أعضاء الهيئات القضائية ونادي القضاة علي نحو غير مسبوق.. إعلاء القانون وتطبيقه علي الجميع دون تمييز.. قاعدة أساسية تنطلق منها منصة الاتهامات التي يطلقها المحامون علي القضاة وأعضاء النيابة وبالعكس، وتبقي المطالب المتكررة بالاعتذار وعدم تنازل أي من أنصار الفريقين عنها هي العقبة الرئيسية في طريق تهدئة الأجواء وحل المشكلة. وبينما يري المستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، أن الحكم المستعجل بحبس المحاميين صدر في حق من قام بجريمة الاعتداء علي مدير النيابة، ومن ثم فهو يحفظ هيبة القضاء بعدما تكررت مثل هذه الحوادث من قبل، واصفاً امتناع المحامين عن العمل بالمحاكم بأنه نوع من "الإرهاب الذي لا يقره الواقع ووسيلة للتهييج والإثارة ".. فإن نقيب المحامين، حمدي خليفة، يطالب بأن يقدم مدير النيابة للمحكمة باعتباره من بدأ بالاعتداء علي المحاميين، ومن تسبب في كهربة الأجواء علي هذا النحو، مؤكداً بوضوح علي أنه "من غير المعقول محاسبة المحامين علي رد الفعل.. ولابد من تقديم كل أطراف الأزمة للعدالة للبت في حقيقة الأمر".. وفي الوقت الذي يواصل فيه نادي القضاة مطالبته المحامين ونقابتهم الالتزام بأحكام القضاء، تواصلت الإضرابات والوقفات الاحتجاجية للمحامين بمقر النقابة العامة بالقاهرة وعدد من النقابات الفرعية، إضافة لتكرار اقتحام بعضهم لعدد من مجمعات المحاكم والنيابات، كما حدث مؤخراً في مجمع محاكم المحلة الكبري، كوسيلة ضغط لإعادة فتح القضية مرة أخري والإفراج عن زميليهما المحبوسين، فيما صدرت للمرة الأولي أحكام بالغرامة في حق 16 محامياً ببنها لامتناعهم عن حضور الجلسات والترافع عن موكليهم.. وفي بيانات عدة وزعها المحامون وعدد من الروابط النشطة داخل النقابة تؤكد عزمهم الاستمرار في الإضرابات والاعتصامات، داعين إلي "الامتناع عن دفع الرسوم القضائية وتوريد أي مبالغ مالية لوزارة العدل". تزامن هذا مع عقد نادي قضاة المنصورة جمعية عمومية طارئة انتهت بتقديم بلاغات للنائب العام ضد كل من حمدي خليفة بدعوي تحريض المحامين علي التجمهر أمام المحاكم، ومنتصر الزيات المحامي لما بدر منه تجاه القضاة في تصريحات صحفية وتلفزيونية وبلاغ آخر ضد مقتحمي مجمع محاكم المحلة ومحكمة سمنود، وثالث ضد قيادات الشرطة لما وصفوه بالتقصير في أداء واجبهم الوظيفي بخصوص أحداث المحلة في 10يونيو. وعلي ما يبدو أن الأيام القليلة القادمة ستشهد مزيداً من البلاغات.. ومن جانبه وصف مجدي عبد الحليم رئيس رابطة "محامون بلا قيود" الحكم علي زميليه بالسجن خمس سنوات بأنه "متسرع وجائر" بدعوي أن النيابة لم تستمع لطلبات الدفاع بالاطلاع علي أوراق الدعوي لأول مرة في تاريخ القضاء المصري. وهو ما أكده منتصر الزيات أيضاً. وعلي الرغم من أن تلاحق الأحداث المؤسفة بين المحامين والقضاة يؤشر لصعوبة عودة الهدوء والوئام بين حراس العدالة قريباً، إلا أن بارقة ضوء بدأت تلوح في عتمة "الخلاف الحاد" بعد تواصل اللقاءات بين نقيب المحامين والنائب العام، المستشار عبدالمجيد محمود، لمنع سكب مزيد من الزيت علي النيران المشتعلة، فضلاً عما يبذله الدكتور فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب، لتقريب وجهات النظر بين المحامين والقضاة وإنهاء فتنة "العناد" الدائرة بينهم فقد عقد لقاء مغلقا بوفد من نقابة المحامين ضم حمدي خليفة وحضره من نواب المجلس المحامون عمر هريدي وعلاء عبد المنعم وآمر أبو هيف وطلعت السادات، إلي جانب لقاء آخر بالمستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة.. وبينما يبدو المواطن هو الخاسر الأكبر لتعطل مصالحه القضائية جراء الأزمة الأخيرة، فإنها جاءت كطوق نجاة لنقيب المحامين حمدي خليفة، فبينما كان يواجه الأخير قبل أيام خطر سحب الثقة منه ومن مجلسه وتحاصره ضغوطات كبيرة من قبل عدد من رموز المحاماة في مصر لترك منصبه، فإذا به وبعد أن تصدي لقيادة موقف الأرواب السوداء في أزمتهم مع القضاة، يصبح رمزاً لكل المحامين ولتوجهاتهم ووجهة نظرهم، الأمر الذي دفع منتصر الزيات الذي يقود التيار المطالب بسحب الثقة من خليفة للقول: "الحمد لله توحدت صفوف المحامين في هذه الأزمة"..