هو عنوان المجموعة القصصية الجديدة للقاص الجاد محمود أحمد علي، وهي صادرة عن جمعية أصدقاء علي أحمد باكثير. والمجموعة تضم عددا من القصص القصيرة، كما تضم دراسة عنها بقلم الدكتور جمال عبدالناصر، والدكتور حامد أبو أحمد وعندما أخذت في قراءة قصص المجموعة لا أعرف لماذا تداعي إلي ذهني كلمة تولستوي بأن مهمة الأديب أن يحدث الناس عن الناس، وبالفعل فإن مؤلف هذه المجموعة لم يجلس في برج عاجي ليحدثنا من خلال قصصه عن عالم وأبطال وأحداث من صنع خياله، ولكنه انغمس في واقع مجتمعه، ومايجري فيه من أحداث، سياسية واقتصادية واجتماعية، وبلور كل ذلك من خلال هذه القصص التي تتسم بمضمون جيد، وطريقة سرد جيدة في قالب فني جميل. المجموعة القصصية مستمدة من واقع الأحداث التي مرت بمصر، وأدت إلي ثورة 25 يناير، فترسم صورة لما كانت عليه مصر، وما كان عليه هذا المجتمع المصري الذي عاني كثيرا من الظلم والتسلط والاستبداد وغياب روح الديمقراطية، ومن هنا تشعر من خلال قصص هذه المجموعة، والتي تبدو كل قصة فيها كفصل من رواية طويلة، تتكامل في عمل فني يوحي بما حدث، ويوشي بالرغبة في تغيير واقع مصر إلي واقع جديد، يشعر فيه المواطن بأنه مواطن كريم في وطن كريم. وقصة (ذلك الصوت) الذي جعلها المؤلف عنوانا لمجموعته القصصية، تحدثنا عن ديكتاتور يتحكم في كل شيء، ويريد حتي أن يتحكم في مسلك العصافير التي تحط علي نافذة غرفته..! إنه لايريد أن يسمع إلا صوته، ولايري إلا صورته، فقد جن جنونه عندما رأي عصفورا يغرد علي شباك حجرته، فيعقد مجلسا لوزرائه لقتل هذا العصفور حتي لو أدي الأمر إلي قتل كل العصافير!! حتي لايسمع هذا الصوت الذي يعكر صفو حياته. ولعل تعليق الصديق الدكتور حامد أبو أحمد علي هذه المجموعة قد أصاب كبد الحقيقة بقوله: والحقيقة أنني وجدت في مجموعة محمود أحمد علي وعيا شديدا بأصول الفن القصصي وعناصره، وحقا هو عاشق مخلص لفن القصة القصيرة، وفقا لفوزه بالعديد من الجوائز في مصر وخارجها وجميعها في القصة القصيرة، وهذا شيء طبيعي جدا لأن قصصه في الحقيقة متنوعة وداخلة في عمق الواقع الاجتماعي والإنساني، وعناصر القص عنده ناضجة ومكتملة. والمجموعة لا تنم عن كاتب قصة واعد فحسب، بل تنم عن كاتب قصة قصيرة مكتمل لأدواته الفنية، وهو يسير بخطوات سريعة ليكون واحدا من ألمع كتاب القصة القصيرة.