براءة وإدانة.. انتصار سياسي وتحقيقات مستمرة.. مشكلات قانونية تحيط بالدائرة المقربة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتوجيه اتهامات إلي 34 شخصاً.. ورغم تبرئته من التواطؤ إلا أن هذا لم يعف ترامب من محاولته عرقلة العدالة.. هذا ما خلص إليه المحقق الخاص روبرت مولر من خلال تحقيقه الذي دام 22 شهراً، وانتهي مؤخراً عندما قدم تقريراً تجاوز 300 صفحة إلي المدعي العام الأمريكي ويليام بار. لايزال هناك العديد من الألغاز التي تحيط بالتحقيق في جهود موسكو لتخريب الانتخابات الرئاسية الأخيرة، رغم عدم إيجاد أي دليل علي إدانة الرئيس الأمريكي لقيامه بالتنسيق مع الحكومة الروسية. ومع ذلك، فقد حذر المدعي العام الأمريكي من أن تقرير مولر لم يعف ترامب بشأن عرقلة العدالة. وذكرت صحيفة »USA Today» الأمريكية، أن تحقيق مولر كشف بالفعل عدة تفاصيل حول التدخل الروسي، وإنه من المنتظر أن يوضح التقرير السري أسباب الاتهامات التي وجهها لبعض الأشخاص خلال التحقيق، وسبب رفضه توجيه الاتهامات لأشخاص آخرين. لكن الصحيفة أكدت أن ماهية التقرير النهائي لنتائج تحقيق مولر لا تزال غامضة، وأرجعت ذلك إلي قواعد وزارة العدل الأمريكية التي تقضي بأن يقدم مولر تقريراً سرياً عند إنهاء عمله، ثم يأتي الدور علي المدعي العام بار، ليقرر ما سيحدث بعد ذلك. ووفقاً لصحيفة »نيويورك تايمز» الأمريكية، بعد ساعات من استلام نتائج التحقيق، قدم بار رسالته التي تصف نتائج مولر إلي الكونجرس، لكن الديمقراطيين طالبوا بالكشف عن المزيد وتسليم جميع ملفات التحقيق. وتتوقع الصحيفة بأن الرسالة قد تكون مجرد بداية معركة دستورية مطولة بين الكونجرس ووزارة العدل حول ما إذا كان سيتم نشر النص الكامل لتقرير المحقق الخاص. وذكرت رسالة بار بأن »هدفه وقصده» كان إصدار أكبر قدر ممكن عن تقرير مولر، لكنه حذر من أن بعضا من المعلومات الواردة في التقرير استندت إلي مواد هيئة المحلفين الكبري »بموجب القانون لا يمكن الإعلان عنها». وقام بار بإرسال ملخص مفصل لتقرير مولر إلي المشرعين لإطلاعهم؛ نظراً لأنه ملزم بموجب القانون بتسليمه إلي الكابيتول هيل. فيما انتقد المشرعون استنتاج المدعي العام بأن الرئيس لم يعرقل العدالة عندما اتخذ خطوات لإعاقة التحقيق وتوجيهه إلي منعطفات أخري، الأمر الذي يتطلب البحث والتحقيق بشأن ما إذا كان لترامب »نية سيئة». وبعد وقت قصير من نشر نتائج مولر، كتب رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب، النائب »جيرولد نادلر»، تغريدة علي موقع التواصل الاجتماعي »تويتر» بأنه يعتزم استدعاء بار للإدلاء بشهادته حول ما أسماه بالتناقضات الشديدة واتخاذ القرارات النهائية غير المفهومة من جانب وزارة العدل. خاصة أن الرئيس الأمريكي قد قام بإقالة مستشار الأمن القومي »مايكل فلين»، وكذلك مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية »جيمس كومي»، هذا بالإضافة إلي ضغوط ترامب علي المدعي العام »جيف سيشن» بشأن التحقيق الخاص بدور روسيا. كما كان للرئيس الأمريكي تعاملات واتصالات مع العديد من المسؤولين الآخرين في وزارة العدل والاستخبارات، فيما يتعلق بالتحقيقات التي تشير لتورطه أو تورط شركائه، وإدلاء شركائه بشهادات مزورة للجان في الكونجرس كانت تحقق في التدخل الروسي. ولشهور، قام الرئيس ومحاموه بشن حملة علاقات عامة بقدر ما كانت حملة قانونية، كانت محاولة لتشويه سمعة تحقيق مولر ومنع الرأي العام من التأثير علي المشرعين للتحرك ضد ترامب. ومن ناحية أخري، تكشف الصحيفة عن وجود عدة تحقيقات مختلفة تنظر في حملة ترامب وعائلته ومؤسسته الخيرية ولجنة تنصيبه وأعماله؛ هناك تحقيقان فيدراليان رئيسيان بشأن ترامب، الأول يجريه مكتب المدعي الأمريكي للدائرة الجنوبية في نيويورك، حول دفع أموال لشراء صمت نساء زعمن إقامة علاقات مع ترامب أثناء الحملة الانتخابية. هذه هي القضية التي أقر فيها محاميه »مايكل كوهين» بذنبه وقال إنه انتهك قوانين تمويل الحملات الانتخابية بتوجيه من ترامب. والتحقيق الثاني تجريه مكاتب المدعي الأمريكي في نيويورك أيضاً، حول أين ذهبت أموال حفل تنصيب ترامب، واحتمال تقديم تبرعات أجنبية غير قانونية. هذا بالإضافة إلي تولي مكتب المدعي الأمريكي في دائرة كولومبيا قضية الجاسوسة الروسية المتهمة »ماريا بوتينا». وهناك أيضاً دعوي قضائية ضد ترامب، أقامها المدعون في ولاية »ميريلاند» ومقاطعة »كولومبيا» لمخالفته مادة المكافآت في الدستور الأمريكي، الذي يمنع تلقي هدايا أو أموال من حكومات أجنبية. وقد تسمح هذه القضية للمسؤولين ببعض التدقيق في صفقات ترامب التجارية، وتضارب المصالح المحتمل. بمرور الوقت تصاعدت آراء الأمريكيين بشأن تحقيق مولر، حيث اقتنع الكثير من الأمريكيين أنهم كانوا يعرفون الإجابات قبل تقديم مولر استنتاجاته، فيما اعتقد البعض الآخر أن لوائح الاتهام السابقة التي أصدرها المحقق الخاص، ومع التقارير الإخبارية الضخمة، أظهرت مؤامرة بالفعل بين حملة ترامب والكرملين. كما يري آخرون أن التحقيق، كما وصفه ترامب، هو »مطاردة الساحرات». وقال ممثلو الادعاء السابقون، في حالة التحقيق لإثبات وجود مؤامرة، كان علي فريق مولر إظهار ترامب أو أيٍ من شركائه وافقوا علي تدخل روسيا في الانتخابات من خلال التجسس علي الكمبيوتر، والاستخدام غير القانوني لوسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل إجرامية أخري. وكان نشر النتائج بمثابة انتصار سياسي كبير للرئيس ترامب ورفع سحابة الاتهامات التي خيّمت علي رئاسته حتي من قبل أدائه اليمين الدستورية. ومن المحتمل أيضاً أن يغيِّر النقاش في الكونجرس حول مصير رئاسة ترامب؛ وكان بعض الديمقراطيين قد تعهدوا بالانتظار حتي يكمل المحقق الخاص عمله قبل أن يقرروا بدء إجراءات الإقالة. ورداً علي السؤال الذي يتردد حول مصير ترامب أجابت صحيفة »USA Today» أن ما يحدث لن يؤثر علي وجوده في منصبه، مشيرة إلي أن تحقيق مولر يعد واحدة من العديد من المشكلات القانونية المحتملة للرئيس الأمريكي ودائرته المقربة، لافتة إلي أن قائمة التحقيقات التي تحيط به يبدو أنها تتزايد يوماً بعد يوم.