التمويل الإسلامى امتد إلى الدول التى تعانى من أزمات مالية في ظل الأزمات الخانقة التي تلاحق الاقتصاد المصري وتزيد من عثراته.. هل يمكن أن يشهد الاقتصاد المصري تحولا في السياسات الاقتصادية المتبعة..ويتجه في تعاملاته للاقتصاد الإسلامي ،خاصة بعد ما تصدرت التيارات الإسلامية المشهد السياسي بامتلاكها الغالبية التشريعية في البرلمان مما يعكس ترقبا لتحولات جذرية في النظام الاقتصادي المصري.. وتعد أبرز الإصلاحات المرتقبة للاقتصاد المصري.. كما يراها العديد من خبراء المال المصريين والدوليين هو الدفع نحو تطوير سوق الصكوك التي تعد عنصرا أساسيا لسوق رأس المال الإسلامي ..وهي نفس الفكرة التي كانت الحكومة الحالية والبنك المركزي المصري قد أقدمت عليها الفترة الماضية بهدف تمويل عجز الموازنة ، ولكن تم تأجيل الفكرة بسبب المشاكل الحرجة التي تواجه البلاد حاليا ..ويرون أيضا أن قطاع الخدمات المالية الإسلامية علي مستوي العالم تمكن حتي الآن من التغلب علي التحديات التي فرضتها الأزمة المالية العالمية التي ضربت اقتصاديات العالم منذ عام 2008 وحتي الآن، وأدت إلي انهيار عشرات البنوك التقليدية وبخاصة في الولاياتالمتحدة ..في حين ارتفعت قيمة الأصول الإسلامية إلي نحو تريليون دولار نهاية عام 2010 مرتفعة من 150 بليونا في منتصف تسعينيات القرن الماضي وبنمو نسبته 20٪ سنويا.. مما شجع العديد من البنوك التقليدية حتي في الدول غير الإسلامية مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها علي تقديم خدمات البنوك الإسلامية إلي جانب خدماتها التقليدية. الواقع المصرفي المصري يقول إن القطاع المالي في مصر يضم 39 بنكا لا يوجد فيه سوي ثلاثة بنوك إسلامية هي فيصل الإسلامي والوطني للتنمية والبركة ،أي أن الأنشطة الإسلامية المصرفية لا تمثل سوي من 3إلي 4٪ فقط من قطاع البنوك في مصر في حين تصل النسبة إلي 46٪ في الأمارات العربية المتحدة..وتلعب البنوك الإسلامية نفس الدور التي تلعبها البنوك التقليدية في سوق التمويل رغم الفروق الجوهرية بينهما ..والمتمثلة في عدم دفع فائدة محددة مقابل التمويل أو غير ذلك من المحظورات الشرعية ، لأن المفهوم الأساسي للبنوك الإسلامية كما يري محمد عشماوي الرئيس التنفيذي للمصرف المتحد هو "العدل" الذي يتم الوصول إليه من خلال تقاسم المخاطر بين المقرض والمقترض فالمودعون في البنوك الإسلامية ملتزمون بتحمل نصيبهم من الخسائر إذا حدثت، كما يحصلون علي نصيبهم من الأرباح عندما تتحقق,ولا تعترف البنوك الإسلامية بمبدأ سعر الفائدة الثابت سواء علي الإيداع أو الإقراض. كما أن النظام المالي الإسلامي أثبت أنه الأقل تضررا من تداعيات الأزمة العالمية بفضل إدارته الصارمة لأدواته المالية وتركيزه علي العمليات المالية الحقيقية والابتعاد عن المضاربات. والحقيقة أن الانبهار بأداء نظام التمويل الإسلامي لم يقتصر فقط علي الدول الغنية وإنما امتد أيضا إلي الدول التي تعاني من أزمات مالية حيث أعربت عن اهتمامها بهذا النظام..ولكن لكي تتمكن تلك البنوك من كسب أرضية صلبة خلال الفترة المقبلة يجب أن يكون هناك نظام رقابي عليها من قبل البنك المركزي وعلي المعاملات التي تقدمها عن طريق وحدة متخصصة تراقب أعمال هذه البنوك من مختلف الزوايا إضافة إلي أنه يجب أن يكون لدي كل بنك لجنة للشريعة تراقب عمل البنك ويجب الاستعانة بخبرات بعض الدول التي تطبق هذا النظام مثل ماليزيا والتي يوجد لدي البنك المركزي التابع لها وحدة متخصصة للرقابة علي البنوك الإسلامية. في الوقت نفسه دعت دراسة مصرفية حديثة أعدها الخبير المصرفي أحمد آدم مدير إدارة البحوث ببنك أبو ظبي الوطني السابق ، الحكومة المصرية إلي ضرورة الاستفادة من ودائع البنوك الإسلامية لسد عجز الموازنة عن طريق طرح صكوك إسلامية، في ظل التوجه للصيرفة الإسلامية والتي تلقي صعوبات في نفس الوقت بأنشطة توظيف ودائع العملاء. فالبنوك الإسلامية تواجه صعوبات في التعامل مع القطاع الخاص كعميل ودائع، لأن الشركات لها موازنة تقديرية سنوية يتعارض معها عدم تحديد العوائد علي إيداعاتها مقدمًا.. وبالتالي فهي تفضل التعامل مع البنوك التقليدية والمحددة للعائد علي الودائع مقدمًا، وكذلك تقبل تلك البنوك أيضًا بمنحها عوائد إضافية مميزة لاجتذابها وهو أمر لا تقوم به البنوك الإسلامية..كما أن القطاع الخاص لا يمثل الوزن النسبي الأهم بنشاط الودائع حيث تبلغ نسبته 19٪ من إجمالي ودائع العملاء في نهاية سبتمبر الماضي بعد استبعاد "الودائع الحكومية"، والتي أصبحت قصرًا علي الإيداع بالبنك المركزي طبقًا لقانون الشباك الموحد. في الوقت نفسه يمثل القطاع العائلي الوزن النسبي الأهم وتبلغ نسبته 76.1 ٪ من إجمالي الودائع بعد استبعاد القطاع الحكومي، وهناك شريحة عريضة تحب أن تتعامل إيداعًا مع النظام المصرفي الإسلامي وبالتالي فهناك بنوك لا تعمل بالنظام الإسلامي تفتح فروعًا إسلامية لاجتذاب هذه الشريحة لزيادة ودائعها. وكذلك فإن البنوك التي تتعامل وفقًا للشريعة الإسلامية بمصر لا تواجه مشاكل علي الإطلاق في نشاط الودائع إلا أنها وعلي النقيض تجد مشاكل في نشاط التوظيف لدي العملاء. كما تجد البنوك الإسلامية مصاعب في التعامل مع القطاع الخاص أيضًا كعميل للائتمان تمامًا كالودائع، والذي يعتبر صاحب الوزن النسبي الأهم في نشاط التوظيف لدي العملاء إذ تبلغ نسبته 64.9٪من إجمالي القروض والتسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك للعملاء..لأن القطاع الخاص يعتمد علي تقديم الضمانات مقابل الحصول علي نقدية في صورة قروض وتسهيلات ائتمانية، بينما النظام الإسلامي يشترط أن يقابل كل تحرك نقدي تحرك سلعي، فالبنك يقوم بشراء الآلات أو إجراء التوسعات بنشاط العميل بنفسه ومن خلال رقابة كاملة، الأمر الذي لا يقبله معظم العملاء من القطاع الخاص..كما أن قروض التجزئة المصرفية التي توجهت إليها وبقوة البنوك العاملة بمصر بداية من عام 2006 وحتي الآن وقد حققت معدلات نمو خلال 6 سنوات قدرها 145.9٪ قد وجدت فيها البنوك الإسلامية متنفسًا لها فأنتجت منتجات مصرفية خاصة بالتجزئة تتشابه لحد بعيد مع المنتجات التي تقدمها البنوك الأخري وأصبحت تنافسها بذلك المجال. ولا تستثمر البنوك الإسلامية في سندات الخزانة الحكومية، وقد أرادت الحكومة المصرية في ظل حاجتها للسيولة الاستفادة من ودائع البنوك الإسلامية والتي مازالت لا تمثل أكثر من 5٪ من إجمالي ودائع العملاء بدراسة إصدار صكوك إسلامية إلا أن المشاكل التي تواجه البلاد في هذه الفترة الحرجة قد أجلت طرح الصكوك.و لابد أن تكون فكرة طرح صكوك إسلامية لتمويل عجز الموازنة (الدين المحلي) موجهة للدول الإسلامية سواء كانت عربية أو غير عربية في ظل مشكلات السيولة المتاحة بأغلب بنوك مصر بسبب توسعها في الاستثمار بأدوات الدين المحلي والحكومة،و لا تقوم بسداد ديونها بل تقوم بسداد طرح مستحق من الأذون أو السندات بطرح آخر جديد وهو ما رفع نسبة مخاطر التعثر بالاستثمار بهذه الأدوات وأدي لتخفيض التصنيف الائتماني لخمسة من بنوك مصر الكبري مرتين متتاليتين. لذا طالب أحمد آدم الحكومة بالعمل من الآن علي الدعاية الإيجابية لفكرة طرح الصكوك الإسلامية بالدول العربية البترولية والإسلامية مثل ماليزيا، داعيًة وزارات "المالية" و"التعاون الدولي" و"الخارجية" التنسيق فيما بينهم لإرسال وفود للتسويق لهذه الصكوك لأنها قد تكون بديلاً يعتمد عليه للبنوك المصرية والتي باتت تواجه مشاكل مؤرخة بالسيولة لديها بعدما أصبحت الممول الرئيسي لعجز الموازنة خصوصًا خلال الفترة من بعد الأزمات العالمية وحتي الآن.