في دولة غاب عنها القانون يصبح الفصل في كثير من المشكلات من خلال الجلسات العرفية" الحل الوحيد خصوصا أن هناك بعض المشكلات لاتجد سوي الجلسات العرفية حلا لها مثلما يحدث في المجتمع البدوي بسيناء فلا يتم حل أي مشكلة إلا من خلال الجلسات التي يعقدها شيوخ القبائل، كما أن أغلب قضايا الصعيد وخاصة المتعلقة بالثأر لاتجد لها حلا سوي اللجوء الي الجلسات العرفية. وثالث تلك القضايا هي الأحداث الطائفية وخاصة بعد الثورة والتي بدأت بحادث كنيسة صول ومن بعدها أحداث إمبابة وانتهاء بكارثة تهجير الأقباط بقرية العامرية وفتاة الشرقية. ويري العديد من الشخصيات السياسية أن الجلسات العرفية هي الحل مثلما يري هاني نور الدين، القيادي بحزب البناء والتنمية "الذراع السياسية للجماعة الإسلامية عضو مجلس الشعب مشيرا إلي أنها لها دور في إنهاء الأزمة أكثر من الحل القانوني وأضاف "القانون يزيد الأمور اشتعالا في بعض الأحيان وهناك قضايا تحتاج إلي ضرورة الحسم السريع وبأي طريقة". فيما أكد السعيد كامل رئيس حزب الجبهة الديمقراطية أن مواجهة الأزمات الطائفية والقبلية تعتمد في المقام الأول علي وعي المواطنين وتداركهم للمرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد والتي تحتاج إلي ضرورة التكاتف وتوحد الرؤي والأفكار بعيداً عن أي فتن خارجية تدفع إلي حدوث أي نوع من الأزمات السياسية أو الطائفية أو القبلية. وأضاف أن الأزمات الطائفية والقبلية التي تشهدها مصر هي فواتير النظام السابق، وأن النظام السابق الفاسد استطاع علي مدار 03 عاما محاربة الشعب المصري عن طريق اللعب معه بثلاث ورقات هي: (الفتنة الطائفية - الإرهاب - الخوف من الإسلاميين) واستمر النظام السابق في الضحك علي الدول الخارجية بالثلاث ورقات وساعده علي ذلك وسائل الإعلام التي سخرت من أجل النظام السابق ودورها في شحن الرأي العام خلال 03 عامًا مما تسبب في رسوخ اعتقادات الفتنة الطائفية والإرهاب والخوف من الإسلاميين في عقول الشعب. وأضاف أن هناك نخبة في مصر مازالت تلعب علي وتر الأزمات الطائفية لاستمرار الفوضي في مصر ويري سليمان أن مواجهة هذه الأزمات تتم من خلال تشريعات صارمة من مجلس الشعب لممارسة الإعلام لدوره وتحمل مسئوليته في توضيح العلاقات بين الإخوة المسيحيين والمسلمين وشرح طبيعة العلاقات بينهم منذ القدم بالإضافة إلي قيام المدارس والجامعات بدورها في توطيد العلاقات وبين المسلم والمسيحي. ومن جانبه أكد الدكتور أحمد أبو بركة عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة عضو مجلس الشعب، أن تطبيق القانون هو المخرج الوحيد للقضاء علي الأزمات القبلية والطائفية. وأضاف أن الجلسات العرفية يمكن أن تنهي أي خلاف بين المسلمين والمسيحيين لأن لها قوة القانون ويمكنها أيضا القضاء علي أي إشكاليات بين الطائفتين، مشيرًا إلي حل الآلاف من المشاكل بالجلسات العرفية وإن لم تحل يبقي تطبيق القانون بل لابد من تطبيق القانون. من جانبه قال اللواء محمود عبدلله الخبير الأمني إن اللجوء للجلسات العرفية لا يلغي دور الشرطة لكنه نوع من المعاونة لها وبناء علي رغبة أطراف النزاع في البحث عن حل سريع للقضية بدلا من طول مدة التقاضي الطبيعي، وتكون في حضور قيادات وزارة الداخلية أيضا مثل مديري الأمن في كل محافظة، إلي جانب قيادات القبائل والعائلات التي يرضي أصحاب القضية بحكمهم في نهاية الأمر ويكون كحكم المحكمة ويتم تسجيل وقائع الجلسات العرفية في مستندات يوقع عليها أطراف الخصومة والقائمون علي الجلسة ليتسلمها بعد ذلك رجال الداخلية. وأضاف أنه في حالة عدم قبول أي طرف من أطراف النزاع بحكم الجلسة العرفية من حقه طلب التحكيم مرة أخري أمام محكمين آخرين، وإذا لم يفلح الأمر يتم تحويل الأمر للقضاء المدني. ومن جانبه قال المحامي مصطفي البرديسي إن القانون لا يسمح إطلاقا بتلك الجلسات العرفية التي أشبهها "بعقد الإذعان" حيث يتقدم الجانب القوي (وهي القيادات الأمنية) بمشروع عقد صلح يوجهه إلي الطرف الآخر (المجني عليه) وهو الجانب الضعيف ولا يسمح لهذا إلا بالرضوخ والقبول الذي قد يكون مجرد إذعان لما يمليه الموجب. فالقابل للعقد لم يصدر قبوله الحر بعد مناقشة ومفاوضة بل هو في موقفه من الموجب لا يملك إلا أن يوافق أو أن يدع حريته تنحصر في قبول الاتفاق أو رفضه (وهذا يجرنا إلي عواقب ونتائج خطيرة). إذ هو مضطر إلي القبول فرضاؤه موجود ولكنه مفروض عليه ومن ثم سميت "بالشرط الإذعاني" أو عقد الإذعان. وأضاف أن هذا الإذعان يعيب الرضاء إذن هو نوع من الإكراه لأن إرادة واحدة (وهي مباحث أمن الدولة) هي التي اشتغلت بوضع شروط الاتفاق ثم فرضته فرضاً علي الجانب الضعيف الذي كان قبوله مجرد إذعان وانصياع. وأوضح أن المادة 911 من القانون المدني تجعل للقاضي سلطة تقديرية لتعديل مشروع الصلح العرفي متي ارتأي شرطاً تعسفيا في هذا الصلح. كما أن المادة 151 من القانون المدني المصري أعطت للقضاء أيضاً سلطة تفسير الشك لمصلحة الطرف المذعن (وهو المجني عليه). انتقد جوزيف ملاك مدير المركز المصري للدراسات الإنمائية وحقوق الإنسان بالإسكندرية طريقة أداء لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الشعب للتحقيق في أحداث العامرية واعتبرها لجنة مصالحة بهيئة مغايرة ترسخ فكرة الجلسات العرفية ولا فرق بينها وبين جلسات الصلح العرفية الأولي التي حكمت بتهجير 8 أسر مسيحية من قرية شربات بالعامرية. وعلي جانب حادثة الإسكندرية قال ملاك ما فعلته لجنة تقصي الحقائق رفض ماحدث وتضمن رجوع الأقباط وترمي اللوم علي الإعلام وتنفي فكرة التهجير من الأساس، وتضع حلولا توافقية للتعويضات، وفي النهاية هذه اللجنة ليست إلا لجنة مصالحة بهيئة مغايرة ترسخ فكرة الجلسات العرفية ولافرق بينها وبين الجلسة الأخري إلا في أنها نفت الحقائق وتصالحت.