الحياة تحاكي حفلة بحرية صادحة بالبهجة المنعشة لأول وهلة.. فالدنيا في عالم المبدعة رباب النمر أشبه بلعبة بحرية، جدارية زاهية الألوان، أكاد أتنفس رائحة اليود والملح، الشماسي الملونة المراكب الثملة تضاهي أشعار رامبو، أطرب لما شاهدته في معرضها بقاعة الزمالك وأستكمل رصد تلك السفرة السحرية الملونة، فالبحر رحم الوجود الشاهق يلفظ خيراته، أسماكه، جواهره، رزقه الوافر، ولكن في قلب هذا الدوار المُسكر، صاخب الألوان تباغتني وجوه البشر المتشابهة بل المتطابقة، من غاصوا وتورطوا في تلك اللعبة الوهمية، الوجوه أقرب إلي أقنعة منحوتة من صوان، صخرية تعلن الصلابة، التضاد، الثبات بل الغلظة تستدعي المقاومة، المؤازرة، تحض علي المشاركة من أجل الرزق والصمود في مواجهة الحزن، الجوع والبؤس فالكل فريسة محتملة سائغة إزاء العدم، الوجوه بلون الأديم، أرضية تتناقض مع تلك الأجواء المبهجة، فالحفلة البحرية، الدنيوية تلك ليست بهذا اليسر، ولاتلك الشواطئ الآمنة المرصعة بالأوفوريا، بل هي فخ محكم، دنيا البحر المتلاطم، المعربد مانح الغواية فهو يصخب ويخفت، يصدح ويلين، يفور ويزبد ملوحا بخيراته، هباته، عطاياه، أسراره وأيضا أخطاره، وأوراق اللعب التي تبرزها رباب قد تحمل الخسارة في خضم تلك المقامرة المحفوفة بالمجهول، بالخطر، ما أجمل وأروع عالم الفن التشكيلي يحاكي طلقة ملونة، فورية لاتحتاج مساحة زمنية مثل باقي أنواع الإبداع، فهي لحظة مكثفة تتجمل بفعل اللون، الشكل، العمق، الصورة التي تسبيك في ثوان وتحلق بك من حال إلي حال. الأصيل وتابعه المغيب ينثر حمرته، يتورد ، يغمر الأمكنة، يمهد لأفراح المساء، حيوية المشهد الإبداعي تحمل بشائر وإرهاصات مضادة لأجواء الإظلام، هو قانون الوجود فإما أن نكون أو لانكون.