اقتصاد نفسي في حياة أي منا يوم من أيام الأسبوع تكون فيها الحياة مزدحمة ومملة ومرهقة دون سبب ظاهر.. ومثلكم جميعا يوجد هذا اليوم الاسبوعي في حياتي.. ولكني أيضا أملك علاجا سحريا لنسف هذا الاحساس بفقدان مثل هذا اليوم لمعني الحياة وأحيانا أنجح في الحصول علي العلاج السحري، وفي أحيان أخري أفشل ولكني نجحت هذا الاسبوع نجاحا يفوق خيال أي أحد لمجرد أن خطت أقدامي إلي معرض الفنانة رباب نمر المقام في جاليري الزمالك.، ومهما أوتيت من قوة التعبير فلن أستطيع تلخيص بناء الحيوية المتدفقة في لوحاتها التي تبدو لنا مشغولة بدقة وصبر وأناة عبر أقلام رفيعة السنون يستخدمها الرسامون المهندسون تسمي أقلام الرابيدو جراف وعلي الورق السميك الأبيض تبني رباب عالمها وكانت دائما ما ترسم بالأبيض والاسود وقديما كانت ترسم نفس الوجوه بنفس الاسلوب بألوان الزيت ولكن هاهي تستخدم الخطوط الرفيعة الملونة لترسم لوحات أقل ما توصف بها أن جمالها يرحل بك من كل الهموم ليغسل أعماقك في بحر من الصفاء الشديد. إلي الدرجة التي اتصلت فيها بصديقي د.أحمد عكاشة لأقول له: ما رأيك أن تكتب لمرضاك رؤية معرض رباب نمر، فالنظر بتأمل للوحاتها يمكن أن ينقل من الألوان موسيقي قادرة علي إعادة ترتيب أعماق أي كائن مرتبك في إدارة شئون عمره، بل هي لوحات تحكي للعين كيف يمكن أن تغزل من تلك اللوحات قوقعة من أحلام تهرب بها من أنياب الواقع، ضحك أحمد عكاشة وهو يقول: أنت تعرف موقفي من الفن فهو موقف الثقة في أن اللوحات تضيف إلي أعماق الإنسان بصيرة لا يملكها أي دواء خصوصاإن كان الفن مبدعا. ولم أقل لأحمد عكاشة أن المطلوب تدريسه حاليا في أقسام الطب النفسي هو كيف يمكن أن نجد في كل بلد مبدعة في حجم وقامة وقيمة رباب نمر فما ترسمه من مراكب وصيادين وأسماك وعربات كارو وقوارب هو عالم قد يبدو شاقا لمن يمارسه أي للصيادين أو لمن يقودون مراكب في البحر ولكنه يمنح من يري تلك اللوحات طاقة من صفاء يندر أن يهبها للقلب أو للعقل أي دواء. رفعت سماعة التليفون لأقول لرباب نمر: من أين تأتين بالصبر الذي تجعلين الورق الذي ترسمين عليه له في العين رؤية كأنه القماش الكتاني، ومن أين تأتين بالصبر علي نسج كل لوحة بمثل هذا التدفق المبدع؟ وشكرتني رباب، علي الرغم من أني أنا من طلبتها كي أشكرها علي ما وهبتني إياه من سعادة غامرة قضت به علي تفاهة وركاكة يوم أسبوعي يأتي لي كما يأتي لكم جميعا ليسرق مني البهجة. وهاهي رباب نمر أضافت لي بهجة يمكن أن أغمض عيوني لأتخيلها كلما جاء يوم صعب إلي حياتي. شكرا رباب علي هذا النقاء الصبور الدقيق الجميل.