أحلام وفضائح.. ونهايات مأساوية ثورة 52 بداية حكم المصريين لبلدهم لأول مرة لكن دون اختيار من الشعب يوم العاشر من مارس المقبل يفتح باب الترشح لأرفع منصب في الدولة.. منصب »رئيس الجمهورية« في ظل مناخ سياسي ديمقراطي لم تشهده مصر طوال تاريخها الطويل من قبل.. وفي ظل تعددية حزبية وبرامج سياسية يطرحها كل مرشح في إطار دستوري وقانوني يسمح بالتعبير عن آراء الجميع، ولجنة عليا للإشراف علي الانتخابات وإشراف قضائي كلي عليها، ورقابة شعبية تكشف أي تجاوزات.. وإعلام حر غير منحاز يرصد ويتابع.. وضمانات قانونية تحصن المرشحين ضد أي تجاوز للإدارة، وتصون الوطن من أي محاولات للاختراق وتحمي إرادة الناخبين. ولأول مرة سيتوجه الناخبون للإدلاء بأصواتهم بعد التعديلات الدستورية التي أسفرت عن تغيير النظام الانتخابي لرئيس الجمهورية من نظام »الاستفتاء« علي اسم واحد، إلي الانتخاب والاختيار بين أكثر من مرشح.. انتخابا حرا مباشرا يعبر عن الإرادة الشعبية الحقيقية. ومن غير شك.. ستكون هذه الانتخابات علامة فارقة في تاريخ مصر والمصريين. وبإعلان اسم الفائز بين المرشحين، تكون مصر قد خطت خطوتها الأولي والثانية نحو ديمقراطية حقيقية.. ديمقراطية أتت برئيس الدولة بإرادة شعبية حقيقية.. لقد حرم شعبنا من هذا الاختيار طوال تاريخه.. صحيح أن المصريين حكموا أنفسهم خلال العصور الفرعونية القديمة، ولكنهم لم يختاروا حكامهم بأنفسهم.. فقد كان الحاكم يجمع بين صفة الحاكم والإله.. وبعدها ولمئات السنين لم يحكم مصر أحد من أبنائها، ولم يشارك المصريون في اختيار حاكمهم.. حتي جاءت ثورة يوليو 25، ليحكم أبناء مصر بلدهم لأول مرة لكن دون اختيار من الشعب.. وحتي تجربة محمد علي وصعوده للحكم لم تكن بإرادة شعبية، بل كانت نتاج واقع اجتماعي ارتبط بمصالح النخبة الاجتماعية وظروف سياسية تتصل بعلاقات مصر بدولة الخلافة العثمانية. وطوال التاريخ حكم الغزاة مصر، مع اختلاف اسمائهم ودولهم.. أما مرحلة مابعد ثورة يوليو 2591 فلها ظروفها التاريخية التي أفرزت نظام »الاستفتاء«.. لكن.. مصر الآن أمام لحظة تاريخية وعلاقات فارقة.. تسجل مرحلة جديدة في مسيرة كفاحها وانتصاراتها.. إنه تاريخ جديد لمصر. الآن يستطيع المصريون صناعة التاريخ وأختيار من يجلس علي مقعد الرئاسة.. وفقا لبرنامجه الذي سيلتزم به أمامهم، ويستطيعون في الوقت نفسه، وعبر صناديق ا لانتخاب أن يمدوا له.. أو يختاروا مرشحا وبرنامجا آخر. لقد أصبح الاختيار ملكا للشعب.. وهذه الدراسة التاريخية تضع أمام أعين القارئ نماذج من حكام مصر من مينا إلي مبارك المخلوع.. كيف جاءوا.. وكيف حكموا.. وكيف انتهي بهم الأمر.. وسوف نلحظ أن هذه المجموعة أنتهت حياتهم نهايات مأساوية.. وليس معني ذلك أن حكم مصر كان »لعنة« للحاكمين.. وإنما كان لعنة للذين لم يحترموا الشعب.. الذين اعتبروا مصر »عزبة« خاصة لهم فسرقوا ونهبوا.. وأذلوا أعناق الشعب وأغرقوه في المشاكل والديون.. فلفظهم الناس وثاروا عليهم وانتهت حياتهم بالمآسي والخسران.. من مينا.. إلي مبارك علي مدار آلاف السنين حكم مصر 877 حاكما توالوا علي حكم مصر منذ الحاكم الأول للفراعنة في الأسرة الأولي.. نرمر »مينا« موحد القطرين عام 0013 ق.م في العهد الثيني.. ثم توالت العهود في الدولة المصرية القديمة »عصر بناة الأهرام« الذي يبدأ بالاسرة الثالثة حتي الأسرة السادسة.. ليبدأ بعدها نهاية الدولة القديمة أو عصر الانتقال الأول ثم عهد الدولة الوسطي ثم عهد الانتقال الثاني الذي دام خمس أسرات واستمر حوالي 012 سنوات.. ثم بدأ غزو الهكسوس لمصر في نهاية حكم ملوك الأسرة الرابعة عشرة، حتي بدأت ثورة المصريين ضد الهكسوس من أمراء مدينة طيبة ملوك الاسرة السابعة عشرة.. وقد ساعد وجود الهكسوس علي أن يجعل من الشعب المصري للمرة الأولي في تاريخه شعبا محاربا ومنتصرا في سبيل الحرية.. وكان من أثر ذلك أن بدأ يتخطي بهذه القوة العسكرية حدوده فأخضع البلاد المجاورة. بداية عهد الامبراطورية ثم بدأ عهد الدولة الحديثة أو عهد الإمبراطورية، حيث دخلت مصر في طور حربي عظيم، فبدأ ملوكها الحرب علي آسيا وفتحوا فلسطين وسوريا حتي وصلوا إلي نهر الفرات وجنوبا حتي الشلال الرابع في السودان.. وأقام ملوك هذه الأسرة »الثامنة عشرة« المعابد الهائلة مثل الكرنك والأقصر وعاشت البلاد في أزهي مظاهر الرفاهية والفن والعلوم والتجارة حتي الأسرة العشرين، ليبدأ بعدها عصر الإضمحلال الأخير الذي استمر من الاسرة الحادية والعشرين حتي الأسرة الحادية والثلاثين.. ثم فتح الفرس مصر وحكموها مايقرب من 421 عاما، إلي أن جاء حكم البطالمة إلي مصر من خلال الاسكندر المقدوني الذي دخل مصر عام 233 ق.م وأسس مدينة الاسكندرية وأمر أن تتخذ عاصمة مصر.. وتولي حكم مصر من البطالمة بعد الاسكندر 51 حاكما.. ثم فتح الرومان مصر بعد أن دخل »أوكتافيوس« وجيوشه المنتصرة إلي الاسكندرية عام 03 ق.م وحكم مصر 68 واليا رومانيا بعد ذلك. وظل الحال هكذا إلي أن بدأ العصر البيزنطي سنة 323 ميلادية، وتولي الإمبراطورية البيزنطية في هذه الفترة 22 إمبراطورا أرسلوا 97 من الولاة لحكم مصر. فتح مصر وفي أواخر عهد الدولة البيزنطية ظهر علي مسرح الأحداث العالمية دولة جديدة في الشرق هي الدولة العربية الإسلامية التي حملت دينا جديدا هو الإسلام.. وبعد أن مدت هذه الدولة سيادتها علي الجزيرة العربية بدأت تتطلع إلي خارج الجزيرة العربية فوجدت امبراطوريتين طحنتهما الحروب هما: امبراطورية فارس (الفرس) وامبراطورية الروم »الرومانية« أو »البيزنطية« فتمكنت الدولة العربية من الإطاحة بهما.. وكان دخول مصر في الدولة العربية علي يد عمرو بن العاص سنة 046 ميلادية. وأصبحت مصر منذ ذلك التاريخ ولاية إسلامية خلال فترة حكم الخلفاء الراشدين، وكانوا يرسلون الولاة ينوبون عنهم، وبلغ عدد الولاة في عهد الخلفاء: عمر وعثمان وعلي ستة ولاة. وبمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب »آخر الخلفاء الراشدين« في عام 166 ميلادية أسس معاوية بن أبي سفيان الدولة »الأموية« واتخذ دمشق عاصمة للخلافة، ولم يتغير وضع مصر في ظل الدولة الأموية، فقد ظلت إحدي أهم ولايات الدولة الإسلامية وأقواها وأغناها.. وتولي حكم مصر في عهد الدولة الأموية 52 واليا.. حتي تولي بنو العباس مقاليد الخلافة في الدولة الإسلامية من عام 057م إلي عام 8521 ميلادية. ولم يتغير الحال بمصر من عصر الدولة الأموية إلي عصر الدولة العباسية فظلت إحدي أهم ولايات الدولة وأقواها وأغناها.. وحاول بعض ولاة مصر الاستقلال بها عن الدولة المركزية في بغداد مثلما حدث في عهد أحمد بن طولون ثم الأخشيد.. وتولي حكم مصر في عهد الدولة العباسية بما فيها محاولات الاستقلال من إبن طولون والإخشيد 69 واليا. بداية التوريث وكانت الديار المصرية منذ الفتح الإسلامي إلي بداية الدولة الطولونية إمارة أو ولاية تابعة للخلافة الإسلامية وكان الخلفاء العباسيون في بغداد مثل سابقيهم من الخلفاء الأمويين في دمشق يرسلون إلي مصر الولاة لتوليها وكان اعتمادهم علي خراج مصر كبيرا في تعمير بيت المال للدولة الإسلامية.. وفي عام 868 ميلادية تم تعيين أحمد بن طولون واليا علي مصر.. وتمكن أحمد بن طولون لأول مرة في تاريخ مصر بعد الفتح الإسلامي من أن يجعل حكم مصر حكما وراثيا في أسرته وله شبه استقلال عن دولة الخلافة العباسية. وقد حكم ابن طولون وأولاده مصر لمدة 83 سنة تقريبا. لكن الدولة الطولونية مالبثت أن انهارت أمام جيوش الخليفة العباسي واستسلم له الجند وأحرقت العاصمة »القطائع«.. وبذلك عادت مصر ولاية عباسية كما كانت قبل أحمد بطولون في عام 509 ميلادية. وفي خلال ثلاثين عاما من سقوط الدولة الطولونية إلي تولية الإخشيد، توالي علي حكم مصر أحد عشر واليا.. وكانت تجربة إبن طولون ودولته قد فتحت العيون علي مايمكن أن تقدمه مصر لمن يتولاها من إمكانيات.. فهي قاعدة عسكرية اقتصادية كبري، من تمكن منها استطاع أن يحصل علي مال وفير متصل، وبهذا المال يقضي علي مطامع حكام الدولة العباسية وأن يقيم لنفسه ملكا يدوم بدوامه ويورثه لذريته.. لذلك حرص الأذكياء من ولاة مصر في هذه الفترة أن يثبتوا أقدامهم فيها. وقد نجح في ذلك أبوبكر محمد بن طغج »الإخشيد« وهو لقب كان يطلق علي الملوك، حيث أسس في مصر دولة شبه مستقلة ذات قوة لا يستهان بها وأورثها لأربعة من ذريته. القاهرة.. عاصمة الدولة ونتيجة الضعفف الذي أصاب الدولة العباسية في بغداد تمكن الفاطميون من تحقيق أطماعهم في الاستيلاء علي مصر في يونيو 969م.وعندما دخل جوهر الصقلي الفسطاط وأصبحت مصر بذلك ولاية تابعة للخلافة الفاطمية التي اتخذت من المغرب عاصمة لها منذ عهد الخليفة المهدي لسنة 909م إلي أن وصل الأمر للخليفة المعز لدين الله أبوتميم معد الذي تولي الخلافة الفاطمية في المغرب سنة 259م، وفكر في الاستيلاء علي مصر وضمها للخلافة الفاطمية خاصة مع تدهور النفوذ العباسي. وبدخول جوهر الصقلي إلي مصر زال نفوذ الإخشيديين والعباسيين عنها، وأصبح نفوذ الدولة الفاطمية يمتد من المحيط الأطلسي غربا إلي البحر الأحمر شرقا.. وقد وصل الخليفة المعز لدين الله الفاطمي إلي مصر في يونيو سنة 379م واتخذها مقرا له، وأصبحت مصر منذ ذلك الحين وطيلة حكم الفاطميين دار خلافة بعد أن كانت دار إمارة، وغدت القاهرة عاصمة لهذه الدولة.. وتولي حكم مصر في هذه الحقبة11 حاكما. وفي الحلقات القادمة نقدم قصة الحكام الذين لم يبتسم لهم التاريخ.. من فرعون موسي الذي حكم مصر لمدة 66 عاما ومات غرقا هو وجنوده في البحر.. ورمسيس الثالث الذي تدخلت زوجته الملكة »تي مون إيست« في شئون الحكم ومحاولاتها كسر التقاليد الفرعونية لتوريث حكم البلاد لإبنها »بنتاتور«.. أما كليوباترا التي أصبحت ملكة في عام 15 قبل الميلاد وماتت بعد 02 عاما فلاقت مصيرا مأساويا بإقدامها علي الانتحار بعدما سمعت بهزيمة حبيبها مارك أنطونيوس في الحرب،.. وشجرة الدر التي تولت حكم مصر عام0521 بعد وفاة زوجها السلطان الصالح نجم الدين لمدة 08 يوما وانتهي مصيرها بضربها بالقباقيب حتي الموت.. حتي محمد علي مؤسس مصر الحديثة فلم ينج من المصير المؤلم حيث أصيب بحالة من الجنون.. وأصيب الملك فاروق بنفس اللعنة بعد أن استمر في الحكم 61 عاما وتم طرده من مصر في 62 يوليو 2591، ومات في عام 5691 بعد أن تناول العشاء، في أحد مطاعم إيطاليا وقيل إنه مات مسموما.. وتولي اللواء محمد نجيب رئاسة الجمهورية كأول مصري يصل إلي هذا المنصب، ولكن بعد أزمة مارس الشهيرة في عام 4591 قرر مجلس قيادة الثورة إعفاءه من المنصب وتحديد إقامته في فيلا زينب الوكيل بالمرج.. وتولي عبدالناصر الحكم عام 4591 واستمر حتي عام 0791 ولكنه تعرض لست محاولات لاغتياله.. ومات السادات مقتولا بالرصاص بعد أن حكم مصر 11 عاما في أكتوبر 1891.. بينما ينتظر الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة 52 يناير 1102، مصيرا مجهولا.. ولأول مرة سيتوجه الناخبون للإدلاء بأصواتهم بعد التعديلات الدستورية التي أسفرت عن تغيير النظام الانتخابي لرئيس الجمهورية من نظام »الاستفتاء« علي اسم واحد، إلي الانتخاب والاختيار بين أكثر من مرشح.. انتخابا حرا مباشرا يعبر عن الإرادة الشعبية الحقيقية. ومن غير شك.. ستكون هذه الانتخابات علامة فارقة في تاريخ مصر والمصريين. وبإعلان اسم الفائز بين المرشحين، تكون مصر قد خطت خطوتها الأولي والثانية نحو ديمقراطية حقيقية.. ديمقراطية أتت برئيس الدولة بإرادة شعبية حقيقية.. لقد حرم شعبنا من هذا الاختيار طوال تاريخه.. صحيح أن المصريين حكموا أنفسهم خلال العصور الفرعونية القديمة، ولكنهم لم يختاروا حكامهم بأنفسهم.. فقد كان الحاكم يجمع بين صفة الحاكم والإله.. وبعدها ولمئات السنين لم يحكم مصر أحد من أبنائها، ولم يشارك المصريون في اختيار حاكمهم.. حتي جاءت ثورة يوليو 25، ليحكم أبناء مصر بلدهم لأول مرة لكن دون اختيار من الشعب.. وحتي تجربة محمد علي وصعوده للحكم لم تكن بإرادة شعبية، بل كانت نتاج واقع اجتماعي ارتبط بمصالح النخبة الاجتماعية وظروف سياسية تتصل بعلاقات مصر بدولة الخلافة العثمانية. وطوال التاريخ حكم الغزاة مصر، مع اختلاف اسمائهم ودولهم.. أما مرحلة مابعد ثورة يوليو 2591 فلها ظروفها التاريخية التي أفرزت نظام »الاستفتاء«.. لكن.. مصر الآن أمام لحظة تاريخية وعلاقات فارقة.. تسجل مرحلة جديدة في مسيرة كفاحها وانتصاراتها.. إنه تاريخ جديد لمصر. الآن يستطيع المصريون صناعة التاريخ وأختيار من يجلس علي مقعد الرئاسة.. وفقا لبرنامجه الذي سيلتزم به أمامهم، ويستطيعون في الوقت نفسه، وعبر صناديق ا لانتخاب أن يمدوا له.. أو يختاروا مرشحا وبرنامجا آخر. لقد أصبح الاختيار ملكا للشعب.. وهذه الدراسة التاريخية تضع أمام أعين القارئ نماذج من حكام مصر من مينا إلي مبارك المخلوع.. كيف جاءوا.. وكيف حكموا.. وكيف انتهي بهم الأمر.. وسوف نلحظ أن هذه المجموعة أنتهت حياتهم نهايات مأساوية.. وليس معني ذلك أن حكم مصر كان »لعنة« للحاكمين.. وإنما كان لعنة للذين لم يحترموا الشعب.. الذين اعتبروا مصر »عزبة« خاصة لهم فسرقوا ونهبوا.. وأذلوا أعناق الشعب وأغرقوه في المشاكل والديون.. فلفظهم الناس وثاروا عليهم وانتهت حياتهم بالمآسي والخسران.. من مينا.. إلي مبارك علي مدار آلاف السنين حكم مصر 877 حاكما توالوا علي حكم مصر منذ الحاكم الأول للفراعنة في الأسرة الأولي.. نرمر »مينا« موحد القطرين عام 0013 ق.م في العهد الثيني.. ثم توالت العهود في الدولة المصرية القديمة »عصر بناة الأهرام« الذي يبدأ بالاسرة الثالثة حتي الأسرة السادسة.. ليبدأ بعدها نهاية الدولة القديمة أو عصر الانتقال الأول ثم عهد الدولة الوسطي ثم عهد الانتقال الثاني الذي دام خمس أسرات واستمر حوالي 012 سنوات.. ثم بدأ غزو الهكسوس لمصر في نهاية حكم ملوك الأسرة الرابعة عشرة، حتي بدأت ثورة المصريين ضد الهكسوس من أمراء مدينة طيبة ملوك الاسرة السابعة عشرة.. وقد ساعد وجود الهكسوس علي أن يجعل من الشعب المصري للمرة الأولي في تاريخه شعبا محاربا ومنتصرا في سبيل الحرية.. وكان من أثر ذلك أن بدأ يتخطي بهذه القوة العسكرية حدوده فأخضع البلاد المجاورة. بداية عهد الامبراطورية ثم بدأ عهد الدولة الحديثة أو عهد الإمبراطورية، حيث دخلت مصر في طور حربي عظيم، فبدأ ملوكها الحرب علي آسيا وفتحوا فلسطين وسوريا حتي وصلوا إلي نهر الفرات وجنوبا حتي الشلال الرابع في السودان.. وأقام ملوك هذه الأسرة »الثامنة عشرة« المعابد الهائلة مثل الكرنك والأقصر وعاشت البلاد في أزهي مظاهر الرفاهية والفن والعلوم والتجارة حتي الأسرة العشرين، ليبدأ بعدها عصر الإضمحلال الأخير الذي استمر من الاسرة الحادية والعشرين حتي الأسرة الحادية والثلاثين.. ثم فتح الفرس مصر وحكموها مايقرب من 421 عاما، إلي أن جاء حكم البطالمة إلي مصر من خلال الاسكندر المقدوني الذي دخل مصر عام 233 ق.م وأسس مدينة الاسكندرية وأمر أن تتخذ عاصمة مصر.. وتولي حكم مصر من البطالمة بعد الاسكندر 51 حاكما.. ثم فتح الرومان مصر بعد أن دخل »أوكتافيوس« وجيوشه المنتصرة إلي الاسكندرية عام 03 ق.م وحكم مصر 68 واليا رومانيا بعد ذلك. وظل الحال هكذا إلي أن بدأ العصر البيزنطي سنة 323 ميلادية، وتولي الإمبراطورية البيزنطية في هذه الفترة 22 إمبراطورا أرسلوا 97 من الولاة لحكم مصر. فتح مصر وفي أواخر عهد الدولة البيزنطية ظهر علي مسرح الأحداث العالمية دولة جديدة في الشرق هي الدولة العربية الإسلامية التي حملت دينا جديدا هو الإسلام.. وبعد أن مدت هذه الدولة سيادتها علي الجزيرة العربية بدأت تتطلع إلي خارج الجزيرة العربية فوجدت امبراطوريتين طحنتهما الحروب هما: امبراطورية فارس (الفرس) وامبراطورية الروم »الرومانية« أو »البيزنطية« فتمكنت الدولة العربية من الإطاحة بهما.. وكان دخول مصر في الدولة العربية علي يد عمرو بن العاص سنة 046 ميلادية. وأصبحت مصر منذ ذلك التاريخ ولاية إسلامية خلال فترة حكم الخلفاء الراشدين، وكانوا يرسلون الولاة ينوبون عنهم، وبلغ عدد الولاة في عهد الخلفاء: عمر وعثمان وعلي ستة ولاة. وبمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب »آخر الخلفاء الراشدين« في عام 166 ميلادية أسس معاوية بن أبي سفيان الدولة »الأموية« واتخذ دمشق عاصمة للخلافة، ولم يتغير وضع مصر في ظل الدولة الأموية، فقد ظلت إحدي أهم ولايات الدولة الإسلامية وأقواها وأغناها.. وتولي حكم مصر في عهد الدولة الأموية 52 واليا.. حتي تولي بنو العباس مقاليد الخلافة في الدولة الإسلامية من عام 057م إلي عام 8521 ميلادية. ولم يتغير الحال بمصر من عصر الدولة الأموية إلي عصر الدولة العباسية فظلت إحدي أهم ولايات الدولة وأقواها وأغناها.. وحاول بعض ولاة مصر الاستقلال بها عن الدولة المركزية في بغداد مثلما حدث في عهد أحمد بن طولون ثم الأخشيد.. وتولي حكم مصر في عهد الدولة العباسية بما فيها محاولات الاستقلال من إبن طولون والإخشيد 69 واليا. بداية التوريث وكانت الديار المصرية منذ الفتح الإسلامي إلي بداية الدولة الطولونية إمارة أو ولاية تابعة للخلافة الإسلامية وكان الخلفاء العباسيون في بغداد مثل سابقيهم من الخلفاء الأمويين في دمشق يرسلون إلي مصر الولاة لتوليها وكان اعتمادهم علي خراج مصر كبيرا في تعمير بيت المال للدولة الإسلامية.. وفي عام 868 ميلادية تم تعيين أحمد بن طولون واليا علي مصر.. وتمكن أحمد بن طولون لأول مرة في تاريخ مصر بعد الفتح الإسلامي من أن يجعل حكم مصر حكما وراثيا في أسرته وله شبه استقلال عن دولة الخلافة العباسية. وقد حكم ابن طولون وأولاده مصر لمدة 83 سنة تقريبا. لكن الدولة الطولونية مالبثت أن انهارت أمام جيوش الخليفة العباسي واستسلم له الجند وأحرقت العاصمة »القطائع«.. وبذلك عادت مصر ولاية عباسية كما كانت قبل أحمد بطولون في عام 509 ميلادية. وفي خلال ثلاثين عاما من سقوط الدولة الطولونية إلي تولية الإخشيد، توالي علي حكم مصر أحد عشر واليا.. وكانت تجربة إبن طولون ودولته قد فتحت العيون علي مايمكن أن تقدمه مصر لمن يتولاها من إمكانيات.. فهي قاعدة عسكرية اقتصادية كبري، من تمكن منها استطاع أن يحصل علي مال وفير متصل، وبهذا المال يقضي علي مطامع حكام الدولة العباسية وأن يقيم لنفسه ملكا يدوم بدوامه ويورثه لذريته.. لذلك حرص الأذكياء من ولاة مصر في هذه الفترة أن يثبتوا أقدامهم فيها. وقد نجح في ذلك أبوبكر محمد بن طغج »الإخشيد« وهو لقب كان يطلق علي الملوك، حيث أسس في مصر دولة شبه مستقلة ذات قوة لا يستهان بها وأورثها لأربعة من ذريته. القاهرة.. عاصمة الدولة ونتيجة الضعفف الذي أصاب الدولة العباسية في بغداد تمكن الفاطميون من تحقيق أطماعهم في الاستيلاء علي مصر في يونيو 969م.وعندما دخل جوهر الصقلي الفسطاط وأصبحت مصر بذلك ولاية تابعة للخلافة الفاطمية التي اتخذت من المغرب عاصمة لها منذ عهد الخليفة المهدي لسنة 909م إلي أن وصل الأمر للخليفة المعز لدين الله أبوتميم معد الذي تولي الخلافة الفاطمية في المغرب سنة 259م، وفكر في الاستيلاء علي مصر وضمها للخلافة الفاطمية خاصة مع تدهور النفوذ العباسي. وبدخول جوهر الصقلي إلي مصر زال نفوذ الإخشيديين والعباسيين عنها، وأصبح نفوذ الدولة الفاطمية يمتد من المحيط الأطلسي غربا إلي البحر الأحمر شرقا.. وقد وصل الخليفة المعز لدين الله الفاطمي إلي مصر في يونيو سنة 379م واتخذها مقرا له، وأصبحت مصر منذ ذلك الحين وطيلة حكم الفاطميين دار خلافة بعد أن كانت دار إمارة، وغدت القاهرة عاصمة لهذه الدولة.. وتولي حكم مصر في هذه الحقبة11 حاكما. وفي الحلقات القادمة نقدم قصة الحكام الذين لم يبتسم لهم التاريخ.. من فرعون موسي الذي حكم مصر لمدة 66 عاما ومات غرقا هو وجنوده في البحر.. ورمسيس الثالث الذي تدخلت زوجته الملكة »تي مون إيست« في شئون الحكم ومحاولاتها كسر التقاليد الفرعونية لتوريث حكم البلاد لإبنها »بنتاتور«.. أما كليوباترا التي أصبحت ملكة في عام 15 قبل الميلاد وماتت بعد 02 عاما فلاقت مصيرا مأساويا بإقدامها علي الانتحار بعدما سمعت بهزيمة حبيبها مارك أنطونيوس في الحرب،.. وشجرة الدر التي تولت حكم مصر عام0521 بعد وفاة زوجها السلطان الصالح نجم الدين لمدة 08 يوما وانتهي مصيرها بضربها بالقباقيب حتي الموت.. حتي محمد علي مؤسس مصر الحديثة فلم ينج من المصير المؤلم حيث أصيب بحالة من الجنون.. وأصيب الملك فاروق بنفس اللعنة بعد أن استمر في الحكم 61 عاما وتم طرده من مصر في 62 يوليو 2591، ومات في عام 5691 بعد أن تناول العشاء، في أحد مطاعم إيطاليا وقيل إنه مات مسموما.. وتولي اللواء محمد نجيب رئاسة الجمهورية كأول مصري يصل إلي هذا المنصب، ولكن بعد أزمة مارس الشهيرة في عام 4591 قرر مجلس قيادة الثورة إعفاءه من المنصب وتحديد إقامته في فيلا زينب الوكيل بالمرج.. وتولي عبدالناصر الحكم عام 4591 واستمر حتي عام 0791 ولكنه تعرض لست محاولات لاغتياله.. ومات السادات مقتولا بالرصاص بعد أن حكم مصر 11 عاما في أكتوبر 1891.. بينما ينتظر الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة 52 يناير 1102، مصيرا مجهولا..