نواب مجلس الأمة الكويتي الجديد الذي تم انتخابه الخميس الماضي هو نتاج أزمة شديدة بين مجلس الأمة والحكومة الكويتية أدت لحل المجلسين وتشكيل حكومة جديدة وانتخاب مجلس أمة جديد.. وخاض 287 مرشحا الانتخابات تم انتخاب خمسين نائبا يمثلون خمس دوائر انتخابية بواقع عشرة نواب لكل دائرة.. وأسفرت عملية الاقتراع عن حدوث تغيير بنسبة 52٪ عن المجلس السابق.. ونجحت المعارضة والتيار الإسلامي في حصد 34 مقعدا من أصل 50 مقعدا. عاشت آخر ساعة أسبوعا كاملا داخل كواليس انتخابات مجلس الأمة الكويتي.. لاختيار خمسين نائبا يمثلون الحياة النيابية الجديدة في الكويت.. وكانت تجربة مليئة بالدروس رصدنا العملية الانتخابية.. حضرنا الندوات والمؤتمرات وعملية الإدلاء بالأصوات والفرز.. وكشفنا تشكيل وانتخاب مجلس الأمة الكويتي للدورة الجديدة ومخاوف الشارع الكويتي من تجدد المشاكل بين الحكومة والمجلس. وقد دخل عشرون نائبا جديدا لمجلس الأمة مع عودة 8 نواب قدامي كانوا خارج المجلس السابق.. وكان الإقبال علي الانتخابات متوسطا حيث حضر حوالي 110 آلاف ناخب من أصل 400 ألف لهم حق التصويت.. ولكن الجميع لم يشعروا بالتفاؤل لاستمرار المجلس الجديد بسبب كتلة المعارضة والخوف من صدامهم مع الحكومة من جديد.. وكان أجمل ما في المشهد الانتخابي الكويتي هو عدم حدوث مشكلة واحدة في أي لجنة انتخابات .. وكذلك إقبال السيدات وكبار السن علي التصويت ورغم ذلك فشلت المرأة الكويتية في حصد مقعد واحد في البرلمان الجديد رغم نجاح أربع عضوات في المجلس السابق. ونجحت التكتلات الإسلامية مع بعض قوي المعارضة في الوصول إلي أغلبية في المجلس. تربيطات عائلية أشد مشاكل الانتخابات النيابية في الكويت منذ فترة هي القبلية والعصبية وأواصر الدم والنسب.. حيث اعتادت القبلية والعائلات علي عمل انتخابات داخلية بفرز أصوات وتكون النتيجة هي اختيار المرشحين المطلوبين من هذه العائلات.. ولأن الكويت معظمها عائلات كبري عددا وتكون هناك علاقات نسب ومصاهرة فإن الأمر يصبح محسوما للمرشح المختار ونسب نجاحه غير قابلة للجدل.. ولكن هذه المرة أصبح الحديث عن التشاور وليس الانتخابات القبلية أي أن الجميع يتشاور فقط.. وبدأت حملات نقد شديدة وهجوم شديد ضد التربيطات العائلية والعصبيات.. ورغم ذلك لم تفلح هذه الحملات في القضاء علي ظاهرة طبيعية تتأصل وسط أبناء الكويت لأنهم يعتبرونها صلة رحم.. ومسألة كرامة. ومن الأزمات التي شهدتها عمليات الدعاية للمرشحين قبل الانتخابات هي اشتعال نيران الفتنة والتفرقة التي ظهرت لأول مرة في تاريخ الانتخابات الكويتية منذ عام 1963.. حيث نجح البعض في تقسيم المرشحين إلي فئات منهم البدوي والحضري والسني والشيعي.. حيث استخدم بعض المرشحين وأبواقهم الإعلامية وصف منافسيهم حسب مولده أو اعتقاده الديني وهو ما أثار ضجة وقلق الكويتيين لأنهم لم يعتادوا هذه التقسيمات الفئوية والدينية.. وفي المؤتمرات والمقار الانتخابية شهدت هذه الأوصاف حقها كاملا لدي المرشحين المنافسين. المال والدينارات لهما حترامهما ودورهما في الانتخابات لأنهما المحرك الرئيسي ليس لشراء الأصوات.. ولكن أولا فإن تكلفة الدعاية والمقار الانتخابية ارتفعت إلي أرقام فلكية منذ عام 2009 واستمرت في الانتخابات الحالية ووصلت تكلفة الخيم الانتخابية التي يقيمها المرشح لاستقبال مؤيديه وعمل الندوات والمؤتمرات فيها وتقديم المشروبات والحلوي إضافة لطباعة الملصقات والبوسترات واللافتات الضخمة علي الطرق وعمل إعلانات ضخمة بالصحف والمجلات.. واستخدام السيارات في نقل المرشحين ومؤيديهم إلي مقار الانتخابات وغيرها من المصروفات التي تصل في معظم الأحيان إلي مليون ونصف المليون دولار.. ولكن هناك عدد قليل من المرشحين أصحاب الأسماء الاقتصادية الكبري رصدوا أكثر من 2 مليون دولار للعملية الانتخابية كاملة، والمؤكد أن إجمالي الانفاق لأمة 2012 وصل إلي 150 مليون دينار كويتي. قلق وخوف الكثير من السياسيين ورجل الشارع الكويتي والإعلاميين لديهم تخوف كبير من اسمرار الأزمة بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء رغم حل الاثنين وإجراء انتخابات جديدة بعد أزمة الثقة بين الطرفين ووجود حالة من العداء بين بعض نواب مجلس الأمة الكويتي والحكومة الكويتية وصل لاتهامات بالفساد والمخالفات بين الطرفين وبعد حل المجلسين وإجراء انتخابات جديدة.. ثم تقسم النواب من البعض إلي عدة جبهات منها موال للحكومة ومعارضون للحكومة وطرف ثالث هو خارج التصنيف ويحدد موقفه بناء علي المواقف والأزمات.. لذلك أطلق من هم ضد الحكومة علي نواب الحكومة لقب »المفسدون« وأطلق الآخرون عليهم لقب »المؤزمون« أي أصحاب الأزمة والمسببون لها.. وعلي مدي شهر قبل الانتخابات كانت الصحف والمجلات والبرامج تحمل العديد من الألفاظ الساخنة والاتهامات المرسلة بدون أدلة أو مستندات ولكن كلها سب وشتائم واتهامات قاسية جدا وتوعد بالمحاكمات.. وأصبح الجميع يوزع اتهاماته لمنافسيه بعقد صفقات مشبوهة والحصول علي امتيازات من الحكومة أو بابتزاز المسئولين رغبة في الاستفادة.. وهذه الاتهامات ستترك آثارها بعد الانتخابات حيث ستصبح هناك حالات تربص وتحفز لرد الاعتبار أو الثأر ممن نجحوا أو من لم يوفقوا.. لذلك نجد أن حوالي 25٪ من النواب السابقين لم يرشحوا أنفسهم هذه المرة. من ناحية أخري صرح الشيخ صباح الخالد الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي ل»آخر ساعة« في تصريح خاص: اعتبرنا الانتخابات مرحلة للاحتفال بالعرس الديمقراطي بعد أن أظهر المواطن الكويتي دورا كبيرا في ممارسة الديمقراطية ورحبنا بوجود جمعية الشفافية والمراقبين الدوليين الذين تابعوا الانتخابات لتوصيل رسالة للعالم عن الديمقراطية الكويتية والحرية التي تتمتع بها سياسيا واقتصاديا وطالب مجلس الأمة الجديد والحكومة الكويتية بأن يكونا يدا واحدة وبينهما تكاتف وتعاون بعيدا عن الخلافات. وأضاف الشيخ حمد الجابر وزير الإعلام الكويتي ل آخر ساعة: مطلوب في الفترة القادمة تعاون كامل بين مجلس الوزراء ومجلس النواب حتي نزيل حالة القلق التي أصابت الشارع الكويتي.. كما أننا في وزارة الإعلام كنا علي الحياد وأعطينا جميع المرشحين الفرصة لعرض برامجهم الانتخابية.. ووفرنا للمراقبين المحليين والدوليين كل الفرص لمتابعة عملهم بحرية كاملة.. وتم تحويل إحدي القنوات الفضائية للنيابة بعد أن تسببوا في إثارة الفتن والرأي العام. كواليس.. انتخابية بلغت تكلفة إيجار الخيمة الملكية الفاخرة التي استخدمها المرشحون كمقار انتخابية إلي ألف دينار كويتي يوميا أي حوالي 20 ألف جنيه مصري. تلقت لجنة الشفافية ومراقبة الانتخابات حوالي 35 بلاغا بشبهة شراء أصوات انتخابية وتمت إحالتها للتحقيق بواسطة النيابة.. ولكنها لم ترق إلي درجة التهمة ولذلك تم حفظها لأنها بدون دليل. استمرت عملية فرز الأصوات حتي صباح اليوم التالي وتمت إذاعتها علي الهواء مباشرة في خمس قنوات فضائية. وزارة الإعلام الكويتية أقامت مركزا إعلاميا فخما في أحد الفنادق الكبري لخدمة وسائل الإعلام المحلية والدولية. جرت عملية التصويت في 543 لجنة أصلية وفرعية إضافة إلي خمس لجان رئيسية من خلال 98 مدرسة.