تعرف على موعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني بمدارس كفر الشيخ    مياه الإسكندرية تستقبل وفد الوكالة الألمانية لبحث خطة التكيف مع التغيرات المناخية    محافظ بوسعيد يستقبل مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية    "الرقابة المالية" تطور قواعد القيد لتيسير تعامل الشركات على أسهم الخزينة    الفسيخ يتخطى ال300 جنيه.. أسعار الرنجة 2024 في كارفور والمحال التجارية قبل شم النسيم    جهاز دمياط الجديدة يشن حملة لضبط وصلات مياه الشرب المخالفة    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في ختام تعاملات الثلاثاء    فرار 200 ألف إسرائيلي للملاجئ هربًا من مسيرات حزب الله    الجامعة العربية تشهد اجتماع لجنة جائزة التميز الإعلام العربي    أصدرت عبوات تحمل شعار النادي.. جماهير الأهلي تطالب بفسخ التعاقد مع كوكاكولا    رسميا.. تحديد موعد نهائي كأس إنجلترا    وزير الشباب والرياضة ومحافظ شمال سيناء يفتتحان المرحلة الأولى لتطوير استاد العريش    إصابة 5 أشخاص في حريق داخل منزل بقنا    إدارة المنيا التعليمية تعلن استعدادها لامتحانات نهاية العام    إحالة أوارق المتهم بقتل شاب وسرقة مقتنياته في الشرقية للمفتي    بدءا من اليوم.. برنامج حافل لقصور الثقافة احتفالا بعيد تحرير سيناء    احتفالاً بذكرى تحرير سيناء.. متحف السكة الحديد مجاناً للجمهور غدا    توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    «نجم عربي إفريقي».. الأهلي يقترب من حسم صفقة جديدة (خاص)    وزير المالية: 1.5 مليار جنيه حوافز نقدية للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    بيلجورود الروسية تكشف عدد الق.تلى المدنيين في هجمات أوكرانيا منذ بدء الحرب    بقرار من الرئيس.. بدء التوقيت الصيفي الجمعة المقبلة بتقديم الساعة 60 دقيقة    وزير العدل يفتتح مؤتمر الذكاء الاصطناعي وأثره على حقوق الملكية الفكرية (صور)    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    الحكومة: إنشاء منظومة تعليمية متكاملة لأهالي سيناء ومدن القناة    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    شكسبير كلمة السر.. قصة الاحتفال باليوم العالمي للكتاب    بيومي فؤاد يتذيل قائمة الإيرادات.. أسود ملون الأضعف في شباك تذاكر الأفلام (بالأرقام)    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    بطولة أبطال الكؤوس الإفريقية.. فريق الزمالك لكرة اليد يواجه الأبيار الجزائري    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    غدا .. انطلاق قافلة طبية بقرية الفقاعى بالمنيا    هل مكملات الكالسيوم ضرورية للحامل؟- احذري أضرارها    فرج عامر: الفار تعطل 70 دقيقة في مباراة مازيمبي والأهلي بالكونغو    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    رئيس شُعبة المصورين الصحفيين: التصوير في المدافن "مرفوض".. وغدًا سنبحث مع النقابة آليات تغطية الجنازات ومراسم العزاء    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    آخر تطورات الحالة الصحية ل الشناوي، وتفاصيل وعد حسام حسن لحارس الأهلي    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    سقوط المتهم بالنصب على الطلاب في دورات تعليمية بسوهاج    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    رسولوف وهازنافيسيوس ينضمان لمسابقة مهرجان كان السينمائي    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراعات السلطة بين أبناء الجيل الثاني للعائلة الحاكمة تهدد مستقبل الحكم الأميري في الكويت
نشر في القاهرة يوم 05 - 07 - 2011

في خضم مشهد التوتر والتصعيد الذي تشهده الساحة السياسية في الكويت في المرحلة الراهنة ، ثمة عناصر تبدو ثابتة أو شبه ثابتة في ثنايا الحياة السياسية الكويتية، عبر استمرارها عدة سنوات، وتكرارها مرارا كأسباب لإنتاج الأزمات السياسية المتكررة، بينما هناك عناصر أخري تبدو مستجدة علي المشهد السياسي في الكويت، وتطرح عشرات التساؤلات حول التجربة الديمقراطية في الدولة الخليجية الصغيرة، ومستقبل نظامها السياسي. فمنذ أيام ، نجا رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر المحمد الصباح بأغلبية برلمانية مريحة من قرار " عدم التعاون " الموازي لحجب الثقة، والذي تقدمت به المعارضة علي خلفية اتهامات له بالانحياز لإيران علي حساب المصالح الكويتية، وبعد دقائق من إعلان هذه النتيجة لصالح رئيس الوزراء ، تقدمت المعارضة السياسية مجددا بطلب جديد لاستجوابه مجددا ينظر في وقت لاحق، داعية إلي استقالته من منصبه وقد صوت 18 نائبا لصالح طلب عدم التعاون مع رئيس الوزراء بينما الأغلبية المطلوبة هي 25 صوتا ( ولاتصبح استقالة رئيس الوزراء سارية إلا إذا قبلها أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح). وكانت الساحة الكويتية قد شهدت مؤخرا مظاهرات قام بها شباب كويتيون علي مدي عدة أسابيع ، للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية جذرية حتي يمكن حل المشكلات التي تواجه الدولة الخليجية ، وفي مقدمة مطالب الشباب جاءت استقالة رئيس الوزراء ، ونائبه الشيخ أحمد الفهد، وهما من العناصر البارزة في " العائلة الحاكمة " في الكويت ، ويخوضان معا منذ فترة صراعا علنيا علي السلطة ، ظهر واضحا للعيان للمرة الأولي خلال جلسة البرلمان في 31 مايو الماضي . وتعصف بالكويت موجة من الأزمات السياسية منذ تولي الشيخ ناصر المحمد منصب رئاسة الوزراء في عام 2006 ، ومنذ ذلك الحين ، قدمت ست حكومات استقالتها ، كما تم حل البرلمان ثلاث مرات . وفي مواجهة هذا المسلسل من الأزمات، أكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر ضرورة تجنب الفوضي ، واحترام مقتضيات الدستور الكويتي الذي يضطلع هو شخصيا بحمايته ، تمسكا بالنهج الديمقراطي لحل مشكلات المجتمع الكويتي . نصف ديمقراطية يصف بعض المراقبين التجربة السياسية الديمقراطية في الكويت بأنها تمثل " نصف ديمقراطية " ، فما إن تخرج الحياة السياسية في الكويت من أزمة ، حتي تدخل في أزمة أخري ، وقد تم حل مجلس الأمة الكويتي ثلاث مرات في غضون ثلاث سنوات وذلك في الأعوام 2006 ، 2008 ، 2009 ، بسبب التوتر والاحتقان السياسي المستمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وذلك من إجمالي عدد المرات التي تم فيها حل البرلمان علي مدار فصوله التشريعية الثلاثة عشر والبالغة ست مرات ، منها ثلاث مرات علي مدار عشرة فصول تشريعية كاملة في 40 عاما (1963 2003 ) . وإذا كانت الصورة الظاهرية لأزمات الحياة السياسية في الكويت تُعزي إلي صراعات سياسية بين الحكومة والتجمعات السياسية أي بين سلطة ومعارضة ، والأزمات التي تثور في مناقشات أعضاء مجلس الأمة ، غير أنه بنظرة أكثر عمقا ربما نكتشف أن السبب الرئيسي في إنتاج الأزمة تلو الأخري في الحياة السياسية هو " سوء فهم المبدأ الديمقراطي " وكيفية الممارسة الديمقراطية ، وما يفترضه المنهج الديمقراطي من قدرات علي التفاوض والحوار والقبول بالآخر السياسي ، في إطار من حرية الرأي والتعددية السياسية ، واحترام حقوق الإنسان . ولذلك ، فإن الأمور دوما، كانت تسير في طريق إما حل الحكومة أو حل البرلمان ، في كل مرة تثور فيها " أزمة أو شجار " بين النواب، مع إبقاء الوضع المتأزم كما هو . وفي الآونة الأخيرة ، تصاعد التوتر بين حكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح وبعض نواب مجلس الأمة ، حيث تقدم ثلاثة نواب من كتلة التنمية والإصلاح النيابية باستجواب لرئيس الورزاء ، في أعقاب أداء الحكومة الجديدة في الكويت اليمين الدستورية في 18 مايو الماضي ، مما ضاعف من حالة الاحتقان السياسي وساهم في تأزيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويتهم نواب كويتيون رئيس الوزراء بتعريض أمن الكويت للخطر الإيراني ، والارتماء في أحضان إيران ، علي حد تعبير النائب الإسلامي وليد الطبطبائي، وكانت السلطات الكويتية قد ألقت القبض مؤخرا علي شبكة تجسس ( تردد أنها لصالح إيران ) مما فجر معطيات مهمة عن الأخطار التي تحيط بالكويت ، ودور الاستخبارات الإيرانية فيها، ومحاولات اختراق الأمن الكويتي وتزويد جماعات بالسلاح للقيام بعمليات ضد الكويت ، ويقال إن ذلك كله لا يجد استجابة قوية من رئيس الوزراء الكويتي ، وأنه يلزم الصمت إزاءها ، وهو الذي قرر إطلاق سراح مدبر تفجيرات المقاهي الكويتية ، ومخطط محاولة اغتيال أمير الكويت في الثمانينات ، سعد عبد الكريم بناء علي طلب إيران ، زيادة علي ذلك يتهم عدد من النواب رئيس الوزراء بأنه أمر بتعيين أشخاص محسوبين علي حزب الله في مجلس التعاون لدول الخليج في مناصب قيادية ، الأمر الذي يمثل خطرا علي عمل المجلس وقراراته ، قبل إصدارها . في الوقت نفسه، تم توقيع بيان من 16 من أعضاء مجلس الأمة (وعددهم خمسون ) لطلب استقالة رئيس الوزراء ونائبه والحكومة لاتهامات بالفساد ، والفشل في إدراة البلاد . ويقول نواب في مجلس الأمة إن ميزانية الكويت من 2006 2011 ارتفعت من 10 مليار دينار ( 36 مليار دولار ) إلي 20 مليار دينار ( 72 مليار دولار ) .. غير أن شيئا من انجازات ومشروعات التنمية لم يتحقق ، ويذكر أن الخلافات والصراعات السياسية في الكويت أدت إلي تجميد تطبيق خطة " للتنمية الاقتصادية " بقيمة 112 مليار دولار في العام 2010 ، فضلا عن تأخير عشرات المشروعات العملاقة ، خاصة في قطاع النفط الحيوي بالنسبة للاقتصاد الكويتي، ولدي الكويت فائض مالي ضخم يبلغ حجمه حوالي 300 مليار دولار ، ويشكل النفط نسبة 94 % من العائدات. غير أن جلسات البرلمان الكويتي شهدت أيضا أسبابا أخري للشجار وتبادل الاتهامات ، إلي حد تبادل الضرب واللكمات في مايو الماضي بين النواب، عندما كان المجلس يناقش موضوع المعتقلين الكويتيين في معتقل جوانتنامو ، حيث كشف موقع " ويكيليكس " مؤخرا نقلا عن دبلوماسي أمريكي قال إن وزير داخلية الكويت طالب بترك المعتقلين الكويتيين ( يموتون في المعتقل ) ، معللا ذلك بنص البرقية " بأنهم إذا كانوا فاسدين فمن الأفضل التخلص منهم ، وإذا كانوا اعتقلوا في أفغانستان ، فلتعيدهم أمريكا إلي هناك ، أي لمنطقة الحرب " . وطبعا نفت الكويت هذه المقولات ، مؤكدة أنها محض أكاذيب. صراعات عائلية تسعي العائلة الحاكمة في الكويت لاحتواء " الانقسامات والمنافسات " التي بدت مؤخرا في صفوف العائلة ، وجعلها في إطار عائلي ، بدلا من إخراجها إلي العلن ، وتحولها إلي موضوعات تثار علناً في البرلمان والشارع الكويتي ، غير أن " التنافس الضمني " بين أبناء الأسرة الحاكمة من آل الصباح قد تحول إلي صراع علني ، منتقلا من النطاق الداخلي للأسرة إلي الساحة السياسية والإعلامية والشعبية، وتراقب الأوساط الكويتية والخليجية صراعات القوة داخل العائلة الصباحية ، خاصة بين فرعي ال سالم وال جابر ، والمنحدرين من مبارك ال صباح مؤسس الكويت ، وواضع سنن الحكم لأبنائه الثلاثة ، والتي استفاد منها(علي مدي سنوات طويلة ) سالم وجابر، بينما بقي حمد بعيدا عن سدة الحكم وإن كسب بعض المناصب المهمة . وعبر عقود ، تناوب الحكم آل سالم وآل جابر والأبناء من كليهما، وصولا إلي «ال جابر» والأمير الحالي صباح الأحمد،وبالتالي فقد ثارت التساؤلات حول استمرار لعبة تبادل المنصب الرئيسي ، علي الرغم من تولي نواف الأحمد شقيق الأمير الحالي ومن نفس الفرع منصب ولاية العهد ؟ وهنا لابد من أن نذكر أن هناك فرعين آخرين للصباح هما الحمد والعبد الله واللذان قدما خمسة مشايخ تولوا 26 منصبا لعل أهمها منصب وزارة الدفاع التي يحتفظ به حاليا جابر مبارك الحمد ال صباح، وفي حال تطور الصراعات الحالية والاتهامات الموجهة لرئيس الوزراء ، يتوقع أن يتقدم للمنصب الشيخ محمد صباح السالم الذي يتمتع بمكانة رفيعة وتعليم غربي وقبول عام، غير أن مشكلات قد تثور بسبب علاقة الشيخ ناصر المحمد بأمير البلاد ، وعلاقاته مع القوي الشيعية ، وكذلك بإيران. ولا يخفي هنا أن الشيخ ناصر المحمد يتوق إلي منصب ولي العهد، في حالة تولي نواف الأحمد ( ولي العهد ) الحكم خاصة أن أمير البلاد مريض ، لكن يواجه ناصر المحمد منافسة قوية من الشيخ مشعل الأحمد ، نائب رئيس الحرس الوطني الذي يكبره سنا ومكانة ونفوذا، ويحاول الشيخ ناصر المحمد كسب الولاء في البرلمان والشارع الكويتي ، بينما يتمتع مشعل الأحمد بالقبول القبائلي ، و تأييد العناصر المناوئة للشيخ ناصر ، والتي تعارض سياساته ، خاصة ما يتعلق برفضه مسألة تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين مجاملة لإيران ، وبالتالي التشكيك في " ولائه " لمصالح الخليجيين ، فضلا عن اعتقال معارضين سياسيين كويتيين في عهده ، وتعثر المشروعات التنموية في الكويت الأمر الذي انعكس علي مستويات معيشة المواطنين . وعلي صعيد آخر ، تتمتع كتلة الشيخ أحمد الفهد وزير الدولة لشئون الإسكان وشئون التنمية بنفوذ قوي في البرلمان ، وميزة صغر سنه وشبابه في مواجهة شيوخ عواجيز ، فيتحالف أحمد الفهد مع قبيلة العوازم، ويتمني تولي منصب الإمارة، ويحاول دوما تنويع تحالفاته يمينا ويسارا، والتقارب مع الخليجيين، واللعب علي تغيير المواقف، ويصفه البعض بأنه ممن يجيدون المناورات السياسية بامتياز . الكويت .. والحداثة السياسية وفقا للدستور، فالكويت إمارة وراثية ، يحكمها أمير من ذرية الشيخ مبارك الصباح، ويعين ولي العهد عن طريق أمر أميري بناء علي تذكية الأمير ومبايعة مجلس الأمة بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس ، وإذا لم يحصل علي موافقة أغلبية المجلس يقوم الأمير بترشيح ثلاثة أشخاص من ذرية مبارك الصباح فيبايع المجلس أحدهم وليا للعهد . ومن المعروف أن " الدولة " في الكويت نشأت أساسا بناء علي "عقد " متفق عليه بين أسرة ال صباح وزعماء القبائل وكبار التجار الذين مثلوا مختلف فئات المجتمع الكويتي آنذاك ، ويبدو أن هذه الأسس التي تعود إلي أكثر من ثلاثة قرون ، لاتزال موضع الاحترام ، وتحكم العلاقة بين المجتمع والدولة ، غير أن التجربة السياسية الكويتية ، علي المدي التاريخي، لم تقترن بإضافة أجهزة التحديث السياسي التي تتجاوز الإطار التكويني التقليدي الذي يواكب استمرار الدولة ، لذلك ، بقيت الأصول والتقاليد الاجتماعية السائدة تحكم مسار العملية السياسية ، بالرغم من المظهر الحداثي الذي يلون التجربة الكويتية ظاهريا . فهناك علي سبيل المثال التمسك بوجود الدستور ، والمجالس البلدية والبرلمان ، وتقنين للحريات ، والانتخابات الدورية ، ومساحة لا بأس بها من حرية الصحافة ، والسماح وديا بالتكتلات والجماعات السياسية ، غير أن ذلك كله اقترن بممارسة النشاط السياسي في إطار ، وضمن تقاليد التكوينات التقليدية بالمعني الشامل للكلمة. فمن ناحية ، تمثل العائلات الكويتية قوة ثقل رئيسية في الحياة السياسية ، استمرارا لدور العائلات منذ مجلس شوري 1921 الذي قام علي التمثيل العائلي ، واستمر ذلك تاريخيا لنصل حاليا إلي عائلات تقدم النواب والوزراء ، وفقا لقوتها الاقتصادية ، وعلاقاتها مع أسرة الحكم ، ومن هذه العائلات : الخرافي والمطوع والمضف والغانم والحميضي والصقر والخميس والنفيسي والخالد .. إلخ . وقد بلغ عدد العائلات التي قدمت وزراء ونواب 108 عائلات، فأسرة الغانم علي سبيل المثال قدمت 9 نواب و4 وزراء وبلغ عدد مرشحيها في الانتخابات 18 مرشحا، وفي غمار أزمة رئيس الوزراء الحالية ، فإن عنصر " العائلة " يلعب دورا مهما ، فهي تقف وراءه وتعضده ، ولما كان حجم العائلة يصل إلي حوالي 3000 شخص ، فإن ذلك يجعلها قوة انتخابية لها اعتبارها. هذا، بينما قامت عائلات حضرية بالمشاركة مع قبليين بتنظيم اعتصام احتجاجي ضد رئيس الوزراء ، للمطالبة بتقليص سلطاته ، وانتخابه من الشعب مباشرة ، الأمر الذي وصفه البعض ب «تحدي سلطات العائلة الحاكمة في الكويت لأول مرة». من ناحية ثانية ، تعد القبيلة حتي اليوم هي أساس المجتمع الكويتي وإطار رئيسي لتشكيل نسيجه الاجتماعي ، ومصدر القوي السياسية التي تشارك في البرلمان والحياة
السياسية برمتها . وتاريخيا ، دعمت القبائل علاقاتها مع العائلة الحاكمة ، ولكننا نري حاليا قبائل قد تقف في صفوف المعارضة السياسية للعائلة الحاكمة . فإذا تحدثنا عن اجراء انتخابات في الكويت ، فإن ذلك يرتبط إلي حد كبير بما تقرره "الديوانيات " الملحقة بالقبيلة ، والتي تمثل غرفا للنقاش الموسع والحر واستقبال المؤيدين والأنصار ، وفي إطار القبيلة يجري ما يعرف بالانتخابات الفرعية ، وهي انتخابات تمهيدية تجري قبيل اجراء الانتخابات الرسمية ، ويتحدد وفقا لها من سيتقدمون للترشح ، والحصول علي التأييد السياسي ، وبالتالي فإن نتائج الانتخابات تكون معروفة سلفا حتي قبل إجرائها ، وقد جرّم القانون الكويتي هذه الانتخابات الفرعية ، غير أنها مستمرة بقوة الأمر الواقع ، عبر أساليب تلتف حول القانون . وهكذا يجري توظيف واستثمار الأشكال والأدوات السياسية الحديثة ( مثل الانتخابات ، والتمثيل النيابي ) لتقوية ودعم وتعزيز نفوذ وقوة التشكيلات التقليدية كالعائلة والقبيلة ، ودورها في الحياة السياسية ، بدلا من أن تؤدي الآليات السياسية الجديدة إلي تحديث الممارسة السياسية وتطويرها . ولكن ذلك لا يمنع من بروز تيار شبابي جديد من المثقفين بين رجال القبائل ، مما يبشر لاحقا بنقلة نوعية في ( ثقافة نواب البرلمان ) حيث يثير هؤلاء قضايا مهمة ، يغلب عليها محاولة تقويم مواقف السلطة التنفيذية . وبوجه عام ، إذا ما نظرنا إلي الأزمة الراهنة في الكويت ، والتصعيد الجاري بين الفعاليات السياسية ، حكومة وبرلمانا ، فلن نجد الأمر منفصلا عن واقع التشكيل السياسي ومقتضياته علي النحو السالف ، والذي ينتج حالة مزمنة من التناحر والتعسف وشراسة المنافسة ، فبدلا من الحوار والتفاوض والتعاون والتكامل والتوصل إلي الحلول الوسط ، علي مقتضي المبدأ الديمقراطي، فعلي العكس من ذلك ، تبدو الحكومة مصممة في كثير من الأحيان علي محاولة الظهور كقوة سياسية قادرة علي القيام بمسؤلياتها بدون تبعية للبرلمان ، وبدوره البرلمان يصر علي إظهار استقلاله ، وقوته ، وفعالية تكويناته السياسية ، فيتعسف ويتشدد ويتوسع في استخدام أدواته الرقابية ، كالسؤال والاستجواب، إعمالا لمبدأ المساءلة، ولكن بدون تغليب للمبدأ الرئيسي المفترض في الممارسة السياسية الرشيدة ، والمتمثل في" عقلانية وترشيد الممارسة السياسية " تغليبا وحماية للمصلحة العامة أولا وقبل أي شئ آخر . من ناحية ثالثة ، تنص المادة ( 51 ) من الدستور علي أن " السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقا للدستور ، وتنص المادة (52 ) علي أن " السلطة التنفيذية يتولاها الأمير ومجلس الوزراء علي النحو المبين بالدستور " ، وتنص المادة ( 53 ) علي أن السلطة القضائية تتولاها المحاكم باسم الأمير ، في حدود الدستور " ، ومن ثمة يثور التساؤل في دوائر كويتية بدأت حاليا في مناقشة حدود السلطات السياسية ، وهذا السؤال هو : أين مبدأ الفصل بين السلطات الذي يقرره الدستور في المادة ( 50 ) طالما أن هناك هذا الربط الدستوري بين الأمير وجميع سلطات الدولة في الكويت ؟ وكيف يتفق ذلك مع القاعدة الديمقراطية ؟ مستقبل الكويت علي مدي سنوات ، كانت الكويت تبدو " لؤلؤة الخليج " الديمقراطية ، التي تنفتح علي العالم ، وتسابق الخليجيين في مجال التطور السياسي ، والذي بدأ بتشكيل أول مجلس نيابي منتخب في 29 يناير 1963 ، وتواصل تجربتها الديمقراطية الوليدة وانجازاتها الاقتصادية بنجاح ملحوظ ، الأمر الذي حقق للدولة النفطية مكانة إقليمية وعالمية واعدة . ولا شك أن لدي الكويت الإمكانات التي توفر لها هذه المكانة ، فهي واحدة من الاقتصادات ذات الشأن في المنطقة ، وتشكل الصناعة النفطية بها أكبر الصناعات ، وتغطي ما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي وأغلب الصادرات ، وتمتلك الكويت 10 % من الاحتياطي النفطي العالمي ، وتعد من مؤسسي منظمة أوبك ، ويسيطر علي نفط الكويت شركات ترجع ملكيتها للحكومة ( 90 % منها ) ، بالإضافة إلي الصناعات البتروكيماوية ، ومصانع المعدات الإنشائية ، والأغذية والملابس والأثاث ، والشركات الخدمية الضخمة والمؤثرة في الاقتصاد الكويتي الذي يرتكز علي سوق الأوراق المالية ، والتي تعد واحد من أهم أسواق المال في العالم العربي ، كما تمثل الاستثمارات الخارجية والداخلية أحد أهم انجازات الاقتصاد الكويتي . ويلاحظ أن مجلس الأمة الكويتي أقر مؤخرا ميزانية السنة المالية 2011 2012 التي تنص علي إنفاق يصل إلي 44 . 19 مليار دينار (7، 70 مليار دولار ) وثارت تحذيرات من عجز يصل إلي 6 مليارات دينار ، غير أن ارتفاع أسعار النفط سيجعل الكويت لا تحقق أي عجز . وبالرغم من أن عدد سكان الكويت يعتبر محدود نسبيا ، غير أنها تتمتع بأعلي نسبة نمو سكاني في العالم ( 5 .6 % ) ، ويبلغ عدد سكان الكويت حسب احصائيات وزارة التخطيط 813 .441 3 نسمة (2008 )، منهم 552 .87. 1 مواطنا كويتيا، مقابل الباقي أجانب ووافدون ( جاليات مصرية ، وسورية ، وأردنية ، وآسيوية ) ، ويعتبر عدد الوفيات نسبة إلي عدد السكان الأقل في العالم ( 3 عن كل ألف ) . ومع ذلك كله ، ففي السنوات الأخيرة ، لم تحقق التجربة الكويتية النموذج الواعد الذي كان يأمله الكويتيون ، وتوالت مؤشرات التراجع بالمقارنة مع نماذج أخري خليجية وعالمية ، ففي عام 2006 احتلت الكويت المكانة رقم 40 ضمن دول العالم الأفضل كبيئة عمل Doing Business ، ثم تراجعت هذه المكانة إلي 46 في العام 2007 ، والمكانة 52 في العام 2009 ، والمكانة 61 في العام 2010 . وفي هذا السياق ، تقدمت دول خليجية أخري لتسبق الكويت ومنها قطر، البحرين، الإمارات والسعودية التي حققت مكانة متقدمة محتلة الرقم 13 كبيئة عمل أفضل عالميا . وبالنسبة لمؤشرات التنافس الدولي والتي تتضمن معايير تتعلق بمستوي المؤسسية والبنية التحتية والصحة والتعليم والتدريب وسوق البضائع وسوق العمال وسوق المال ومرونة الأعمال وفرص الابتكار ، فإنه وفقا لنتائج العام 2011 تأخرت الكويت في ذلك إلي المكانة رقم 35 ، وسبقتها دول كان ينظر إليها علي أنها أفقر من الكويت مثل البحرين ، وطبعا تقدمت عليها دول خليجية أخري هي السعودية والإمارات وسلطنة عمان . وحسب دراسة حديثة ، فقد تأخرت الكويت كبلد جاذب للاستثمارات ، وتوالت مؤشرات أخري صادمة للكويتيين ، مما تغيرت معه صورة بلادهم التي كانت توشك بكل الثقة علي احتلال مكانة تؤهلها لتكون " منارة الخليج " والمنطقة العربية . وفي خضم الجدل المجتمعي الذي يثور حاليا في دوائر الحكم والسياسة ، وفي الشارع الكويتي حول مستقبل البلاد ، وما ينتظرها من تطورات مرتقبة في ضوء معطيات الأزمة الراهنة ، وتداعياتها المتوقعة ، يمكن الإشارة إلي عدة ملاحظات : أولا .. يصعب بأي حال من الأحوال الفصل بين مستوي التطور الاقتصادي الذي تحققه الكويت ، ودرجة إنعاش برامج ومشروعات التنمية ، وفرص الاستثمار ، والتي أصابها التجمد ، وما يعتمل في الساحة السياسية من معارك ومشاحنات وصراعات ، احتدمت مؤخرا إلي حد ينذر بمزيد من التدهور . وتجمع تقارير كويتية علي أن ما تصفه بضعف الحكومة وفشلها في المجال الاقتصادي وتحسين بيئة العمل ، يأتي في مقدمة أسباب اندلاع الأزمات السياسية . ويري باحث كويتي أنه بمقتضي المبدأ الديمقراطي ، فإنه لا يضير الحكومة الكويتية أن توجه لها الاستجوابات ، حتي ولو كانت متكررة ، وأن الحكومة ملزمة بالرد عليها بدون أن تعتبر الاستجوابات خطا أحمر يضمر لها نية " الإسقاط " العمدي ، فتقديم الاستجواب ، حتي لرئيس الوزراء، يجب ألا يعني مباشرة " اندلاع الأزمة " ولا داعي لحساسية الحكومة في هذا الصدد . ثانيا .. أصبح هناك ما يشبه الإجماع في دوائر كويتية عديدة بشأن حاجة النظام السياسي في الكويت إلي " التحديث " ومعالجة مواطن الخلل في صلب هذا النظام السياسي . فهناك مثلا من يطالب بتقوية البرلمان ، ودعمه بمصادر قوة سياسية في مواجهة السلطة التنفيذية ، بما لا يجعله يفرط في استخدام أدوات الرقابة التشريعية ، مع ملاحظة أنه من أهم سمات الوضع الراهن هو أن مصير السلطتين التنفيذية والتشريعية ، يبقي دوما رهنا بإرادة أمير البلاد ، ومن هنا تأتي المطالبة بإصلاحات دستورية تنظم العلاقة بين السلطتين بصورة قانونية وواضحة ومحددة ، وبدون الاعتماد علي مجرد النيات الطيبة لطرف ما . غير أن النظرة إلي "تحديث " النظام السياسي في الكويت تتضمن قضايا أخري من أهمها السماح بتشكيل الأحزاب السياسية رسميا وبدون حظر ، ويبدو أن هذا المطلب أخذ يتردد في دول خليجية أخري دفعت الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي السابق عبد الرحمن العطية إلي الدعوة إلي إقامة نوع من المنابر السياسية في منطقة الخليج لاستقطاب التيارات والقوي السياسية الحية في هذه المجتمعات . ثالثا .. من الأهمية بمكان متابعة نوعية جديدة من الآراء والأفكار السياسية التي أخذت تتردد في الأجواء السياسية بما يمس مستقبل النظام " الأميري " الوراثي في الكويت ، وعلاقة هذه الأفكار بالتعديلات المنشودة علي النظام السياسي . فالمطالبة بإصلاحات سياسية في النظم "الملكية " العربية عموما كانت فيما مضي تستثني العائلات الحاكمة الراسخة في الحكم علي مدي عقود أو حتي قرون ، ومن ذلك العائلة الحاكمة في الكويت، غير أن اليوم ، هناك من يردد مقولات مثل تعارض الديمقراطية التي تقوم علي تداول السلطة مع النظم الوراثية حيث يمسك الأمير أو الملك بزمام الحكم علي مدي حياته، ويستمر ذلك في ذريته خاصة أن الملك في السياق العربي يملك ويحكم. وبالنسبة للعائلة الحاكمة في الكويت تحديدا ، فإنه فضلا عن مشكلة عدم حسم الترتيب المستقبلي لوضعية الشيوخ من جيل الشباب ، والجيل الثاني من أبناء الأسرة ، وتطورات المنافسة فيما بينهم ، فثمة تكهنات بشأن أثر الصراعات علي مركز وقوة العائلة ، واحتمالات تآكل هذا المركز تدريجيا ، الأمر الذي يستوجب اتخاذ اجراءات ضرورية وسريعة لإعادة التوافق بين صفوف العائلة بمختلف أجيالها ، ومراجعة سلوكيات أبنائها ، خاصة في خضم التفاعلات السياسية والاجتماعية الجارية . وإذا كانت مثل هذه المناقشات تجري حتي الآن في الكويت ، علي نطاق هامشي نسبيا ، غير أن البعض أخذ يترقب ملامح مشهد كويتي يتردد أنه قد يفضي إلي تأسيس أول " جمهورية " في منطقة الخليج العربي . رابعا .. يمكن أن يؤدي إصلاح وتحديث النظام السياسي في الكويت إلي فتح الباب لإصلاحات مماثلة وحيوية في منطقة الخليج ، وجعل النظام السياسي الكويتي نموذجا يحتذي في السياق العربي . غير أنه من غير الممكن الحديث عن نظام سياسي ديمقراطي حقيقي في الكويت من دون وجود مؤسسات تستوعب المشاركة السياسية الموسعة ، وإقرار حقوق المواطنة للرجل والمرأة ، وسيادة ثقافة تغلب المصلحة العامة علي مصالح الفئات التقليدية والانتماءات الأولية ، وتنظيم العلاقة بين السلطات علي قاعدة التوازن والمرونة والتكامل ، وشيوع مبدأ سيادة القانون ، وتنظيم الانتخابات علي قاعدة المنافسة السياسية الحقيقية ، وحل مشكلة 106 آلاف شخص من عديمي الجنسية أو البدون الذين يعيشون علي أرض الكويت منذ عقود ، من دون الحصول علي الجنسية الكويتية .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.