بعد أن أعطت الحكومة الضوء الأخضر لإنشاء مصنع لفصل الرمال السوداء بكفر الشيخ ليقينها وإدراكها بمدي أهمية تلك الثروة المهدرة والتي من الإمكان أن تدر لخزانة الدولة ملايين الدولارات بات الحديث ملحاً عن باقي الثروات كالرمال البيضاء والتي تمتلك هي الأخري درجة نقاء عالية لا توجد في رمال دولة أخري فتدخل في صناعات الزجاج والأجهزة الإلكترونية لوجود عنصر السيليكون بها فضلا عن ألواح الطاقة الشمسية. لعل أهمية الرمال البيضاء هي ما تجعل دولاً عديدة كالصين وألمانيا تقدم علي استيرادها من مصر ب20 دولاراً للطن الواحد ثم تقوم بتصنيع السيليكون الخام وبيعه بسعر 10 آلاف دولار للطن، وهذا هو سبب قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخراً بمنع تصدير الرمال البيضاء للخارج بتوصية من المجلس الاستشاري المكون من خيرة العلماء وبعد شكاوي وصرخات أصحاب مصانع الزجاج، وفي هذا السياق انتهت الهيئة المصرية للثروة المعدنية من دراسة تلك الرمال في أماكن عدة كصحراء قنا وشرق وغرب سيناء وخلصت إلي أن هناك ملايين الأطنان من الرمال السيلسية والكاولينية وتحتويان علي مادتي السيليكون والألومنيوم وقامت بتوزيعها علي الجهات البحثية المعنية بتلك النتائج للبدء في الاستفادة منها وبالفعل فإن الحكومة بصدد إنشاء عدة مصانع متخصصة في منتجات السيليكون مصنعة من تلك الرمال المحلية بالتعاون مع عدة شركات عالمية سوف تحصل علي حصة من الإنتاج. وبحسب الدراسات العلمية فإن هناك أكثر من 20 مليار طن من الرمال البيضاء من وادي النيل والوادي الجديد حتي محافظة البحر الأحمر وفي سيناء أيضاً هناك أطنان من رمال السيليكون وتحديدا بمنطقة أبو زنيمة أما منطقة الزعفرانة بالسويس فهناك أبحاث تقوم علي تحليل رمالها بالفعل وقد انتبهت الحكومة لتلك الثروة وبدأت بالفعل في إنشاء وادي التكنولوجيا أو السيليكون كأحد مشروعات تنمية قناةالسويس ببورسعيد ومن المزمع أن يضم تجمعات لكبري شركات التكنولوجيا والبرمجة في العالم ومن المعروف أن ذاك المشروع قد بدأ الحديث عنه في منتصف التسعينيات أثناء تولي حكومة الدكتور الجنزوري لكنه توقف بعد ذلك وفي البرنامج الانتخابي للرئيس السيسي اهتم بإدراجه في خطته للاستفادة من الثروات المهدرة منذ آلاف السنين بحسب الرؤية الاقتصادية ولتوطين الشباب بسيناء فضلا علي أن بعض الوفود العلمية زارت وادي التكنولوجيا بسان فرانسيسكو بأمريكا لمعرفة إمكانية تطبيق التجربة أم لا؟ وعلي مدار السنوات الماضية عاني أصحاب مصانع الزجاج والسيراميك من سيطرة واستغلال الشركات الأجنبية والتي كانت تبيع بعض المواد الخام التي يحتاجونها في مصانعهم بالدولار في حين أنهم كانوا يصدرون أطنان الرمال بأسعار زهيدة تصل إلي 70 جنيهاً للطن الواحد ودوماً كانوا ينادون بوقف تصدير الرمال علي غرار السعودية التي أوقفت التصدير حفاظا علي ثرواتها المعدنية كما قام معهد بحوث البترول باستغلال رمال السيليكا بسيناء لتصنيع بوليمرات تدخل بصناعة الطائرات والسيارات لخصائصها الممتازة من كونها خفيفة الوزن وقوتها الميكانيكية ومقاومة التآكل ويتم تمويله من قبل صندوق العلوم والتكنولوجيا التابع لأكاديمية البحث العلمي يقول أحمد السيد أحد أصحاب مصانع الزجاج: بعد قرار الرئيس السيسي بمنع تصدير الرمال فقد وفر علينا آلاف الدولارات التي كنا نخسرها لاستيراد بوليمرات السيليكون والتي تدخل في صناعة أنواع معينة من الزجاج الحراري فضلا عن الزجاج الملون والذي يجذب كثيراً من الزبائن فضلا علي أن ارتفاع سعر الدولار جعل الكثير من المصانع تتعثر وتغلق أبوابها مما أتخم الأسواق المصرية بالزجاج التركي والصيني، مضيفاً: معروف أن مصر تتمتع بثروة كبري من الرمال البيضاء شديدة النقاء لذا كان لابد من الاستفادة منها وإنشاء وادي السيليكون لاستيعاب العمالة وافتتاح مصانع زجاج عديدة. فيما تقول الدكتورة مي السيد الباحثة الجيوفيزيائية: تنقسم الرمال إلي نوعين هما السيليكا وهو عبارة عن صخورٍ رملية بيضاء نقية تحتوي علي نسبة عالية من "السيليكا تصل إلي 99٪ وتتكون بشكلٍ رئيسي من حبيبات معدن الكوارتز، وتحتوي علي كمية قليلة من الشوائب ويعد السيليكون هو المعدن الأساسي بتلك الرمال ويدخل في صناعة الزجاج والكريستال وزجاج البصريات الذي يتم تصديره إلينا بملايين الدولارات أما النوع الآخر فهو الرمل الزجاجي والذي يدخل في الأساس في صناعات الزجاج والبورسيلين وألواح الطاقة الشمسية ويوجد في مناطق عدة كصحراء جنوبسيناء وتحديدا في منطقة أبو زنيمة ومنطقة الزعفرانة وتعد من أجود الرمال علي مستوي العالم نظرا لنقائها وجودتها. تتابع: هناك تصنيفات للرمال علي أساس جودتها تدخل في عمليات التصنيع فالصنف (أ) يستخدم في العدسات اللاصقة و(ب) في زجاج الديكور ومن المعروف أن الدول الصناعية كالصين وألمانيا كانوا يستوردون تلك الرمال من مصر بأسعار زهيدة ثم يصدرون لنا ذاك الزجاج بأسعار مبالغ فيها مما كان يسبب للدولة خسائر رهيبة وقد أيقنت السعودية جودة رمالها فحظرت تصديرها وبالطبع فإن قرار الرئيس السيسي بمنع تصديرها قرار صائب سوف يوفر لنا ملايين الدولارات كما أن هناك عشرات الدراسات للاستفادة منها حبيسة الأدراج يمكننا الاستفادة منها كما من المهم جلب طاقات مدربة لتدريب العمالة المصرية علي غرار المغرب التي جلبت الألمان لتدريبهم علي الاستفادة من المواد الخام بدلا من تصديرها. ويتفق معها في القول الدكتور محمود حسان أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم فقال: الرمال البيضاء لا تحتاج تكلفة عالية لاستخراجها حيث إنها رمال متحجرة بسيطة لا تحتاج سوي معدات بسيطة لازالة الغطاء الأصفر الذي يعلوها ثم الديناميت لتفجيرها وتحويلها إلي أكوام رملية بسيطة يتم تصديرها للخارج بسعر من 20 إلي 50 دولاراً للطن الواحد والأغرب أننا نعيد استيرادها مرة أخري في صورة صناعات تكلفنا آلاف الدولارات فلك أن تعلم أن تركيا تعيد تصدير أكواب الزجاج إلينا مرة أخري بأسعار مضاعفة مستغلة تعثر كثير من مصانع الزجاج الشهيرة خاصة بمدن أكتوبر والعاشر من رمضان فضلا عن صناعة الكريستال والتي تشتهر بها إيطاليا والصين وتصدرها أيضاً إلينا لذا علي الدولة أن تتدخل لحل مشكلات تلك المصانع المتعثرة. يواصل: القيادة الرشيدة أدركت أهمية هذه الثروات فبدأت في إنشاء وادي السيليكون علي غرار ما هو موجود في أمريكا وألمانيا، التي بها أكبر تجمع للشركات والمصانع التكنولوجية لصناعة الرقائق الإلكترونية وألواح الطاقات الشمسية المعتمدة في الأساس علي السيليكون حيث إن مصر من أول دول العالم اعتماداً علي الطاقة النظيفة وهو ما يسمي مشروع تنمية قناةالسويس بغرب مدينة بورسعيد مما سيوفر فرص عمل ومشروعات لصغار الجيولوجيين والباحثين. أما الدكتور سعيد نور الخبير الجيولوجي فيقول: بعد قرار السيسي بمنع تصدير الرمال قامت الهيئة المصرية للثروة التعدينية بدراسة الرمال السيلسية والكاولينية وهي المحتوية علي الألومنيوم وأكدت وجود قدر كبير من المعادن بها ووصلت نسبة الكاولينا إلي 14٪ في الرمال الكاولينية والألمونيا إلي 38٪ وهي نسبة مرتفعة طبقا للمقاييس العالمية لذا كان لابد من سن قرار يقضي بمنع تصديرها للاستفادة منها ويتم تصديرها إلي دول العالم بسعر20 دولاراً للطن ثم يتم تصنيعه ليتراوح سعره بين100 و200 دولار للطن وعند تحويله إلي سيليكون نقي تصبح قيمة الطن عشرة آلاف دولار وهو ما يستخدم في تصنيع الخلايا الشمسية وبالطبع فإنه يجلب لخزانة بلادهم أموالا كثيرة. ويضيف: وقد كان مصنع عصفور لإنتاج الكريستال ينافس دول مصانع أوروبا ولكنه بسبب ارتفاع أسعار بعض المواد الخام قل إنتاجه ولم يعد قادراً علي المنافسة الخارجية لذا فإن توفير المواد الخام وأهمها االرمال من شأنه إعلاء وزنه في الأسواق العالمية. أما الدكتور أحمد الصباغ مدير معهد بحوث البترول والمشرف علي مشروع إنتاج بوليمرات النانو كمبوزيت فقال: ابتكرنا تلك البوليمرات من رمال سيلكا سيناء والتي من الممكن استخدامها في صناعة الطائرات والسيارات لخفة وزنها وقوتها العالية فضلاً عن حركتها الديناميكية وذلك لدرجة نقائها العالية فاحتياطي تلك الرمال بسيناء يصل إلي 27 مليون طن وهو المكون الرئيبسي لصناعات الزجاج ومن المؤسف أننا كنا نصدره بأسعار زهيدة للغاية والكارثة أن الدول التي كنا نصدر لها الرمال كانت تقوم بتحويله إلي رقائق إليكترونية وبيعها إلينا مرة أخري بسعر يزيد علي عشرة آلاف دولار. ويضيف: كان هدفنا الوصول لجيل جديد من الألياف البوليمرية المقواة والتي لها استخدامات صناعية عديدة مما يخلق العديد من فرص العمل ويقوم صندوق العلوم والتكنولوجيا التابع لأكاديمية البحث العلمي بتمويله.