كانوا دايما يقولوا علي الشعب المصري شعب ابن نكتة.. شعب لايعرف الحزن أو البكا.. ومهما حصل الشعب يضحك ويحول مشكلته إلي ضحكة ويلاقي مشكلته وضحكته في نكتته.. مهما فكرنا في مصايبنا في مآسينا لازم الضحكة تبقي بعد دمعتنا.. لكن والله يا مصر بعد اللي شفناه اتعلمنا البكا.. اتعلمنا الحزن من غير نكت اتعلمنا ازاي نزعل ونحزن ونبكي من غير نكت.. مبقاش فيه روح تقول نكت. كان حزننا يروح أمام ضحكة طفل.. أو كلمة موعظة من راجل عجوز .. وكان حزننا يروح بمجرد طلوع الشمس وبداية يوم جديد ننسي الحزن ونجفف الدموع.. ولكن بعد اللي شفناه.. بعد الشباب الضحايا اللي سقطوا واللي أصيبوا بعد ما انتشر الحزن في كل مكان في كل بيت علي أرض مصر .. بعد ما اتشربت الأرض بالدم .. بعد اللون الأسود اللي بقي اللون المفضل لكل المصريين.. بعد الشعور بالحزن اللي بقي في كل بيت.. بعد الآمال اللي اتبخرت في الهوا.. بعد خيبة الأمل حوالينا في كل شيء.. بعد الشهدا اللي سقطوا علي أيد رجال أمننا.. بعد الفتنة اللي ضربت بين ولادنا.. ولادك يا مصر.. بقي فيه مسلم ومسيحي.. وبقي فيه مسلم وكافر.. بقي فيه وطنيين وخونة.. بعد ما بقي فيه ثوار وبلطجية.. بعد الرصاص اللي انضرب.. بعد العيون اللي راحت فدا الثورة .. بعد الستات اللي اتهانت علي ايد الرجالة.. بعد البنات اللي انداست بالجزم.. والله كرامتك يا مصر هي اللي انداست. فين النكتة فين الضحكة؟!.. والله يا مصر ما عارفين نضحك.. هوه ينفع الواحد يضحك وعينه بتدمع.. ينفع الضحك مع البكا .. والله يا مصر نسينا الضحك ومش فاكرين غير البكا.. أيه يفيد البكا.. يا تري ممكن يرجع اللي راح.. ممكن البكا يرجع الشهيدة سالي.. ممكن البكا يرجع الشهيد البطران.. ممكن البكا يرجع الشهيد الشيخ عماد أو الدكتور علاء أو غيرهم اللي اتقتلوا بدم بارد باعتبار إنهم بلطجية!!!!!! يا خسارة يا مصر ولادك بقوا بلطجية!! الشيخ والدكتور والمهندس والطالب وغيرهم وغيرهم من اللي ماتوا أو أصيبوا وضاعت عيونهم بلطجية واللي مات من الضرب وتكسير عظام رجليه أو دماغه بلطجية.. طيب فين ولاد الثورة.. فين اللي ضحوا بحياتهم وبدمهم .. فين ولادك يامصر.. انقسموا للآسف بين التحرير والعباسية!! ليلك يامصر طول والسواد بقي في كل بيت.. ومحدش يعرف أمتي يطلع النهار .. ماحدش يعرف أمتي نرجع تاني نقول نكت.. بس النكت تتقال في المشاكل مش في المآسي.. والله يامصر نسينا نضحك ازاي وكل ولادك بيعيطوا.. ما خلاص اتعلمنا البكا.. ومش ها نبطل بكا إلا بعد ما نشوف الأمل.. يا تري فيه أمل؟!!