وفي معركة استقلال القضاء، قبل ثورة 52يناير الماضي، كانت حركة كفاية شريكا فاعلا بالتظاهر والشعار الرائع الذي مزج بين مطلب استقلال القضاء ومناهضة النظام: »ياقضاة، ياقضاة، حررونا من الطغاة«.. 21ديسمبر 4002.. تاريخ فارق في مسار النضال الوطني المصري المعاصر.. هو يوم بزوغ حركة كفاية (الحركة الوطنية من أجل التغيير) التي مهدت الطريق أمام التيارات والائتلافات التي انبثقت عنها لتتجمهر يوم 52يناير 1102 وترعد في وجه الطاغية الجبار مبارك ووريثه وعصابتهم الآسنة، فيسقط الرأس ويحتجزه القانون مع بعض رموز زمنه المنحط، ليتواصل الكفاح الثوري ضد من يطلق عليهم الذيول والفلول المراوغة. كانت حركة كفاية أول مسمار في نعش مبارك ونظامه.. احتوت تلك الحركة الوطنية الرفيعة كل رموز العمل الوطني علي اختلاف توجهاتهم وميولهم الفكرية والعقائدية.. كان علي رأسها وقت التكوين قبل سبعة أعوام الناشط السياسي القبطي المحترم جورج إسحق وذلك باختيار كل أعضاء الجمعية التأسيسية الذين رأوا أن يضعوا علي رأس هذا الكيان الوطني الثوري شقيقا مسيحيا ليعلنوا تجاوزهم وتخطيهم للحماقات الطائفية اللعينة وتوحدهم السامي تحت مظلة الحركة بهدف إسقاط النظام. »لا للتمديد.. لا للتوريث«.. »يسقط يسقط حسني مبارك«.. كل شعارات الثورة يوم 52يناير مستلهمة من شعارات حركة كفاية.. شعارات مناهضة للنظام ورئيسه.. أطلقها أبطال حركة كفاية منذ سبعة أعوام في عز هيلمان وجبروت مبارك ووزير داخليته الفاجر حبيب العادلي وطغيان ابنه المرفه جمال مبارك الذي أنشأ وقتها حاشيته ووزراءه وتدثر برجال أعماله الذين ساندوه بقوة المال ليمنحهم السلطة في تزاوج جهنمي بين العنصرين.. ضرب.. سحل.. هتك عرض.. اعتقال.. ترويع.. تهديد.. كلها منوعات إجرامية ضد أعضاء حركة كفاية الأبطال من نظام مبارك وقوات الأمن الخادمة لعرشه.. يوم 62/5/7002.. قامت تلك القوات الفاجرة بهتك أعراض الناشطات السياسيات من سيدات وفتيات حركة كفاية علي مرأي من العالم أمام كاميرات الفضائيات فوق سلم نقابة الصحفيين.. وقد هددت حركة كفاية برفع الأمر للمحكمة الجنائية الدولية.. وهم نفس الزبانية الأمنيين الذين قاموا بانتهاكات وحشية ضد الثوار في 82يناير الماضي وذلك بالقنص القاتل وفقء العيون وإصابتهم برصاصات تصيبهم بالعجز عن الحركة، ورغم ذلك منحهم الوزير السابق منصور العيسوي درجات ترقية بينما كانوا قيد التحقيق بسبب هذه الجرائم. وفي معركة استقلال القضاء، قبل ثورة 52يناير الماضي، كانت حركة كفاية شريكا فاعلا بالتظاهر والشعار الرائع الذي مزج بين مطلب استقلال القضاء ومناهضة النظام: »ياقضاة، ياقضاة، حررونا من الطغاة«.. وفي عام 5002 أثناء الانتخابات الرئاسية المحبوكة لمبارك، خرجت حركة كفاية بتظاهرة امتدت خمس ساعات متصلة وسط المدينة، وانبثقت عنها حركات عديدة مثل: فنانون من أجل التغيير وشباب من أجل التغيير وغيرها.. أما الأسماء التي شكلت نواة حركة كفاية وأعطت مثالا زاهيا علي تآلف الأضاد فهم: الراحل د.عبدالوهاب المسيري.. الراحل د.محمد السيد سعيد.. الكاتب الكبير د.عبدالحليم قنديل.. الكاتب الصحفي محمد عبدالقدوس.. د.فاروق عبدالخالق الخبير الاقتصادي الدولي.. المهندس أحمد بهاء الدين شعبان.. الناشط السياسي أمين إسكندر.. الناشط السياسي جورج إسحق.. د.كريمة الحفناوي.. الناشطة السياسية شاهندة مقلد.. وعلي رأس الشباب الناشط السياسي والمدون المحبوس احتياطيا علاء عبدالفتاح وشباب آخرون. إذن، حركة كفاية مهدت لثورة 52يناير، لكنها أخفقت في نقل النموذج الائتلافي الرشيد للتيارات الثورية الجديدة التي تعطلت عن اتخاذ موقعها الصحيح في الحياة السياسية بسبب التشرذم والاختلاف بين عناصرها.. كفاية هي النموذج والقدوة التي يجب أن نستعيدها لننهض علي أساس صحي. ❊ ❊ ❊ نجيب محفوظ: فتنة الرؤي.. فخامة الحكي.. بهاء الأمكنة.. شجن الأزمنة.. أسئلة الوجود.. فلسفة الموت.. مغزي الحياة.. وسمات أخري لإبداع هذا الروائي المصري العالمي الفذ، الذي احتفلنا يوم 11ديسمبر الحالي بمرور مائة عام علي مولده عام 1191.. »الإسلام والعلم بواعث النهضة«.. هكذا ذكر ورأي نجيب محفوظ الذي كاد يلقي حتفه عام 4991 بطعنة سكين من متأسلم جاهل لا يعرفه ولم يقرأ إبداعه.. بينما تحفل أعمال محفوظ بالرؤي الفلسفية الإيمانية العميقة التي تحتاج لثقافة معرفية رفيعة كي يتمكن القارئ من التقاط المعاني الكامنة فيها.. والآن، حاليا.. ونحن إزاء هيمنة برلمانية وشيكة من المتطرفين والمتشددين.. يواجه الأستاذ نجيب محفوظ، الخالد رغم رحيله عام 6002، دعاوي التكفيريين والمشككين في إبداعه النفيس وآرائه.. رغم أنه القائل كما ذكرت في مستهل الفقرة بأن الإسلام والعلم بواعث النهضة، وهو الرأي الفخم الذي يبرئه من تهم التكفير السابقة والحالية وعلي رأسها افتراءات الشيخ السلفي عبدالمنعم الشحات الذي يدعي أن أدب محفوظ فاسق وعربيد!! فهل يتحلي بالثقافة والموضوعية ويقرأ أعماله بحياد وبلا آراء عدوانية مسبقة، تتسم بالجمود والتحجر ومعاداة الرحابة الفكرية والتسامح الذي حض عليه الإسلام الصحيح غير المشوه بوباء القهر والاستبداد البغيض؟!!