يحتفل المهندسون المصريون بعد غد الجمعة بمولد نقابتهم من جديد، وليبقي يوم الخامس والعشرين من نوفمبر، علامة فارقة في تاريخ نقابة المهندسين المصرية، التي ستشهد أول انتخابات حرة منذ عشرين عاماً تقريباً، لتنتقل إلي عهد جديد من الحرية والديمقراطية الحقيقية بعد أن دخلت طوال السنوات الماضية، وتحديداً منذ عام 1994 في نفق مظلم، وكانت نموذجاً فاضحاً لكل الجرائم التي ارتكبها النظام السابق في حق النقابات المهنية، حيث تم تجميد مجلسها المنتخب شرعياً، وفرضت عليها الحراسة، ورغم كل المحاولات والحشود من المهندسين لمحاولة استعادة نقابتهم، إلا أن النظام السابق كان يقف بالمرصاد لكل هذه الجهود. الانتخابات القادمة ستكون شاهدة علي عودة نقابة المهندسين إلي عهدها عبر انتخابات حرة نزيهة، تخوض فيها التيارات السياسية تجربة ديمقراطية تعين هذه النقابة العريقة علي العودة إلي سابق عهدها، حيث تخوض عدة تيارات سياسية وتجمعات نقابية من بينها مهندسون ضد الحراسة ومهندسون من أجل التغيير ومهندسون من أجل نقابة مستقلة غمار الانتخابات، وقبل أيام من إجراء الانتخابات اكتست النقابة العامة للمهندسين والنقابات الفرعية بالمحافظات باللافتات الانتخابية للمرشحين خالية من أي شعارات دينية أو حزبية أو سياسية، بناءً علي تعليمات اللجنة العليا للانتخابات. يتنافس في الانتخابات المقبلة علي منصب النقيب العام للمهندسين 31 مرشحاً، ويتنافس علي المقاعد المكملة 209 مرشحين بينما يصل عدد المرشحين في كافة الشعب إلي 624 مرشحاً، في حين وصل عدد المرشحين في النقابات الفرعية ل 1719 مرشحاً من أصل 476 ألفا و202 مهندس في كافة أنحاء الجمهورية، ويبلغ من لهم حق التصويت في الانتخابات نحو 339 ألف مهندس، وتجري الانتخابات تحت إشراف قضائي كامل بحضور أكثر من 200 قاض للإشراف علي مجريات العملية الانتخابية، بداية من التصويت وحتي عمليات فرز الأصوات، وإعلان النتيجة النهائية للانتخابات. اللجنة المشرفة علي انتخابات النقابة برئاسة المهندس مصطفي الغزاوي أعلنت أن عدد المقار الانتخابية التي سيتم التصويت فيها 63 مقرا انتخابيا علي مستوي الجمهورية في كافة المحافظات، وبعدد من اللجان يبلغ 141 لجنة، وأشارت اللجنة إلي أن التسجيل في الانتخابات سيكون إليكترونياً بالاتفاق مع شركات رعاة لتسهيل عملية التسجيل مما يتيح للمهندس أن يدلي بصوته في أي لجان للعضوية بالجمهورية لمقاعد النقيب، وأعضاء الشعب، والأعضاء المكملين. كما أكدت اللجنة علي إعطاء الحق لجميع المهندسين في إمكانية تسديد الاشتراكات المتأخرة قبل يوم الانتخابات، وأن يتقدم المهندس بإيصال الاشتراك مع الكارنية، وبطاقة الرقم القومي وقت التسجيل، بالإضافة إلي أحقية تصويت المهندسين بالمعاش من شيوخ المهنة، وتوفير كافة الرعاية لهم. من جانبه أعلن المهندس مصطفي الغزاوي رئيس اللجنة أن عدد المهندسين الذين لهم حق التصويت في محافظة القاهرة يبلغ 173 ألف مهندس، وفي الأسكندرية 36 ألف، وفي محافظة الجيزة نحو 53 ألف، وباقي المحافظات تتراوح ما بين 5 إلي 10 آلاف مهندس، لا فتاً إلي أن عدد المقار الانتخابية لمحافظة القاهرة سيبلغ 15 مقراً انتخابياً، بينما سيكون عدد المقار الانتخابية في محافظة الجيزة نحو 10 مقار انتخابية، وأوضح الغزاوي إلي أنه سيتم فتح باب التصويت لحين إدلاء كافة الناخبين الموجودين في اللجان بأصواتهم، وليس هناك موعد محدد لغلق باب التسجيل. وكشف رئيس اللجنة العليا للانتخابات عن منع تواجد أي من مندوبي المرشحين داخل اللجان لمتابعة عمليات التصويت والفرز، بسبب ارتفاع عدد المرشحين الذي يتجاوز 2500 مرشح، لافتاً إلي تعاقد اللجنة علي 4000 زجاجة للحبر الفسفوري لاستخدامها في الانتخابات، كما أشار إلي مخاطبة النقابة لوزير الداخلية من أجل تأمين الانتخابات داخل وخارج المقرات الانتخابية، ومخاطبة مصلحة الأحوال المدنية بالوزارة لإرسال بيانات وعناوين المهندسين علي مستوي الجمهورية لتوزيعها علي المرشحين منسوخة علي إسطوانات إليكترونية مقابل 5 جنيهات لل CD مشيراً إلي أن ذلك كلف النقابة 750 ألف جنيه. اللجنة محايدة وأكد رئيس اللجنة المشرفة علي الانتخابات أن اللجنة تقف علي مسافة واحدة من جميع المرشحين، ولا تدعم مرشحا علي حساب آخر، مشيراً إلي أنه تم توفير بطاقة انتخابية لكل مهندس دفع الاشتراك أو لم يدفعه، وأن اللجنة اعتمدت علي التوزيع الجغرافي وليس المقار الأساسية التي تملكها النقابة،وأن اللجنة الانتخابية الواحده ستحوي 5 صناديق لاختيار النقيب العام والشعب والنقباء الفرعيين ومجلس النقابة الفرعية. في المقابل أكد الدكتور إسماعيل عثمان رئيس اللجنة العليا لإدارة النقابة أنه تم الانتهاء من إعداد القوائم النهائية للمرشحين علي جميع المقاعد النقابية وتم إعلانها بالنقابة الرئيسية والنقابات الفرعية كما تم الانتهاء من إعداد صناديق الانتخابات الزجاجية وتم توزيعها علي 23 نقابة فرعية حسب عدد الأصوات. وأشار إلي أن الأعضاء المسددين للاشتراكات السنوية حتي 2011 لهم حق التصويت، وأنه يحق لكافة المهندسين المقيمين خارج محافظات الفروع المقيدين بها في أي فرع آخر الإدلاء بأصواتهم عن طريق التسجيل الإليكتروني، ودعا رئيس اللجنة المشكلة لإدارة نقابة المهندسين، كافة المهندسين في مختلف المحافظات بالتوجه يوم الانتخابات للإدلاء بأصواتهم لمنع سيطرة أي فصيل سياسي علي النقابة، مشيراً إلي أن إجراء الانتخابات المرتقبة للنقابة يوم الجمعة المقبل سيمثل نقلة كبيرة لأكبر نقابة في مصر من حيث عدد أعضائها الذين يقتربون من نصف مليون مهندس يشاركون في بناء مصر وتعميرها. وكان الدكتور هشام قنديل وزير الموارد المائية والري والمشرف العام علي نقابة المهندسين وفقاً للقانون قد تلقي تقرير اللجنة العليا لاستلام وإدارة شئون النقابة العامة للمهندسين وإجراء الانتخابات، والذي تضمن المهام التي نفذتها اللجنة لاستلام المقر الرئيسي، والمقرات الفرعية بالمحافظات، وعددها 23 نقابة فرعية وأيضاً إجراءات الحفاظ علي أموال النقابة بالبنوك والشركات التي تساهم بها النقابة، كما تناول التقرير الخطوات التي اتخذتها اللجنة في سبيل تحقيق انتخابات نزيهة، وتحت إشراف قضائي كامل، لأول انتخابات تمر بها النقابة منذ أكثر من 15 عاماً في سبيل الوصول إلي مجلس منتخب يعيد للنقابة دورها الرائد في المجال الهندسي وخدمة أبنائها من جموع المهندسين. وشهدت الأيام الماضية اشتعال المنافسة بين قائمتي تجمع "مهندسون ضد الحراسة" الممثل لتيار الاستقلال، و"مهندسو مصر" التي تمثل تيار الإخوان المسلمين بالنقابة، أبرز قائمتين متنافستين في الانتخابات، وقام أعضاء القائمتين بعدة جولات ميدانية شملت محافظات الوجه البحري والقبلي لعرض برامجهم الانتخابية. المنتفعون والأرزقية وأعلن أعضاء تجمع مهندسون ضد الحراسة أن البرنامج الانتخابي لأعضاء القائمة يركز علي أهمية استقلال النقابة ورفض جميع أشكال التبعية لأي تيار أو جماعة، وأن تكون السيادة في نقابة المهندسين لجمعيتها العمومية، وهو ما ذكره المهندس طارق النبراوي المرشح علي منصب النقيب، مشيراً إن قائمة تجمع مهندسون ضد الحراسة التقت خلال جولاتها الانتخابية بعدد كبير من المهندسين بالنقابات الفرعية في عدد من محافظات الوجه البحري، وقامت بعقد مؤتمر في مدينة طنطا شرح فيه أعضاء القائمة برنامجهم الانتخابي وإمكانات تحقيقه. النبراوي أكد أنه لن يسمح لأي جهة بالسيطرة علي النقابة، قائلاً: "لن يكون هناك مكان للمنتفعين والأرزقية بالنقابة، لافتاً إلي أن قائمة مهندسون ضد الحراسة تهدف إلي عودة روح العمل التطوعي للنقابة، وأنها تضم عدداً من رموز المهنة الذين ضحوا من أجل استقلال النقابة. كما أشار إلي ضرورة تفعيل دور النقابة في الإشراف علي المشاريع القومية، والاهتمام بالنواحي الاجتماعية، والارتقاء بمستوي الخدمات المقدمة للمهندسين، لافتاً إلي ضرورة تفعيل التعاون العربي والأفريقي الهندسي، بالإضافة إلي رفع المستوي المهني والفني للمهندس، فضلاً عن رعاية المهندس اجتماعياً وصحياً. فيما قال المهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان الأسبق أحد الداعمين لمرشحي قائمة تيار الاستقلال أن المهندسين وافقوا علي فرض الحراسة القضائية علي النقابة خوفاً من سيطرة جماعة الإخوان المسلمين عليها في محاولة لاختطافها، وأضاف قائلاً: "ربنا يسترها علي مصر، متهماً الإخوان بالقفز علي ثورة 25 يناير، ومعترضاً علي ترديدهم عبارة "سنطبق الشريعة الإسلامية". وناشد الكفراوي جموع المهندسين بالتوجه إلي صناديق الانتخابات لإعطاء أصواتهم لصالح استقلال النقابة، وعدم تمكين الإخوان المسلمين من السيطرة علي النقابة، وقال إنه عندما كان نقيباً للمهندسين كان الإخوان المهندسون لديهم الرغبة الدائمة في السيطرة علي النقابة وإقصاء الجميع منها. بينما شدد الدكتور ممدوح حمزة الاستشاري الهندسي علي ضرورة أن يكون قرار المهندسين نابعاً من داخل نقابتهم، وليس من مكتب الإرشاد، منتقداً سعي الإخوان إلي إدارة النقابات المهنية بقرار من المرشد، قائلاً: "إذا فاز الإخوان في انتخابات النقابة لن نتركهم، وسنقف لهم بالمرصاد"، وأكد حمزة علي أن اختيار نقيب المهندسين سيكون قرار الجمعية العمومية للمهندسين، وسيكون نابعاً من داخل مقر النقابة، وليس من مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين. أضاف حمزة: "المهندس فقد مهنته وكرامته بسبب محاولة سيطرة البعض علي النقابة"، مشيراً إلي أنه يجب أن ينظر الجميع إلي المشروعات الكبري التي تمت في مصر خلال ال 19عاماً الماضية، وهي عمر الحراسة، فجميعها ليس للمهندس المصري يد أو مشاركة فيها، بل جمعيها تتولاها وتخترقها شركات أجنبية من مختلف الجنسيات. فيما قال المهندس معتز الحفناوي أحد أعضاء القائمة أن البرنامج الانتخابي لمهندسون ضد الحراسة يستلزم سلسلة من الإجراءات الحادة علي المجلس المقبل أن يبدأ بها، ومنها تعديل قانون النقابة الذي مضي علي العمل به أكثر من أربعين عاماً. بينما يؤكد المهندس محمد النمر القيادي بتجمع مهندسون ضد الحراسة أن اختيار قائمة التجمع للمهندس طارق النبراوي مرشحاً لمنصب النقيب لم يكن اختياراً عشوائياً أو بحكم الزمالة، وإنما اختيار متعمداً، مضيفاً أن النبراوي كان أبرز المناضلين في نقابة المهندسين من أجل رفع الحراسة عن النقابة طوال ال19 عاماً الماضية حيث فترة فرض الحراسة القضائية علي النقابة. وأشار النمر إلي النبراوي هو الرجل الذي وقف في وجه نظام مبارك، وقاد المهندسين للنزول في الشارع بالمظاهرات والاعتصامات من أجل تحرير النقابة، وهو الذي حصل علي حكم تاريخي نهائي برفع الحراسة، لافتاً إلي أن الانتخابات ستجري بناء علي هذا الحكم، قائلاً: "نحن نريد نقيباً من بيننا وليس قادماً بالباراشوت لم نره طوال سنوات المعاناة الماضية".