دماء الشهداء تصرخ منذ قتل قابيل أخاه هابيل حقدا وغيرة ، بسبب أن الله بارك عمله كراعي غنم ولم يبارك عمل قابيل في الزراعة بالمثل .. ومكتوب في كل الكتب السماوية (توراة وإنجيل وقرآن)، أن الله سأل قابيل أين اخوك، أجاب لا أعلم، فقال له »صوت دم أخيك صارخ من الأرض ، فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك.. متي عملت في الأرض لا تعود تعطيك قوتها ، وتائها وهاربا تكون في الأرض«. لكن لأن ذاكرة الطغاة مثقوبة وآذانهم مسدودة ، وكروشهم ممدودة ، وعقولهم ملعونة .. لهذا لا يسمعون صوت صراخ دماء الشهداء.. ولهذا قتل زبانية مبارك ودهسوا 32 شهيدا جديدا بماسبيرو ، يضافون لقوائم شهداء المسيحية في عهد مبارك حتي وهو نائم مخلوع!! . ودماء الملايين من شهداء مبارك ، الأموات بالحيا الذين سرقهم وأذلهم سوف تطارده للأبد حتي لو خدروه ليزداد بلادة، أو حقنوه بالمهدئات .. ودماء الآلاف من شهداء المسيحية علي مر العصور تنضم الآن لأكثر من مائتي شهيد مسيحي في عصر السفاح ، يصرخون طالبين عدالة السماء ، بدءا من شهداء أبو قرقاص (الكشح) مرورا بديروط وسمالوط ونجع حمادي وملوي والزاوية الحمراء والاسكندرية وقنا ( خلاف تجار الذهب وانتهاء بوحشية ماسبيرو). أما دم الشهيد اللواء محمد البطران وحدها، فيستحق عنها مبارك وعصابته محاكمة عسكرية عاجلة ، أو الإعدام الفوري لأن الجريمة مكتملة الأركان .. قرات تقرير بعثة تقصي الحقائق المشكلة من اللجنة المصرية لحقوق الانسان ، واستمعت لشهادة شقيقته د.منال فغلب حزني اندهاشي ، الشهيد رئيس مباحث قطاع السجون بوزارة الداخلية ، قتله زملاؤه السبت 92 يناير التالي لجمعة الغضب ، أثناء تأدية واجبه في منع تنفيذ أمر إجرامي بتهريب 0051 مسجون من عتاة المجرمين المحبوسين بسجن القطا بالفيوم ، لترويع المصريين المتظاهرين سلميا طلبا لحقهم في الحياة بكرامة ومحاكمة الفاسدين .. قتلوا البطراوي لأنه ضابط شريف شجاع انبري دفاعا عن أمان كل المصريين.. ولم تتحرك النيابة للتحقيق إلا بعد اربعة أشهر أخفيت فيها معالم الجريمة !!.. مع أن النيابة في بلدي الحزين لا تغفل ولا تنام عن أي متهم خصوصا لو متوصي عليه لتأديبه، ولا تؤجل للصباح التحقيق مع أي متهم بجنحة إلقاء قمامة امام مكتب محافظ مهمل ، أو تقليم شجرة ، أو إصابة عمود نور في حادثة!!. وهذا الأسبوع حكمت المحكمة برئاسة المستشار شريف كامل علي المواطن المسيحي أيمن يوسف منصور ، بالحبس ثلاث سنوات بتهمة اثارة الفتنة الطائفية وتحقير الدين الإسلامي علي الفيس بوك بناء علي تحريات الشرطة .. فهل لا يعتبر هذا الانتقاء تمييزا وتهييجا للفتنة .. وهل لا تقرأ الشرطة تعليقات المسلمين المهينة للمسيحيين علي الفيس بوك نفسه!!.. وبالتحديد لم تقرأ الواقعة الشهيرة لشاب مسلم جمع صور فتيات مسيحيات من فريق ترتيل شهير ونشرها علي صفحته بعد الثورة ، وكتب يسبهن بألفاظ خارجة ويحل دماءهن لأنهن بلا حجاب.. ولما تجمعت الشكاوي أمام إدارة الفيس بوك أغلقت الصفحة..!!. لقد ألغي الجيش محاكمة الناشطة أسماء محفوظ عسكريا لنفس السبب – إهانة الجيش - لكنه أعاد محاكمة الناشط مايكل نبيل عسكريا، رغم انقطاعه عن الطعام شهرين ودخوله الرعاية المركزة مصابا بأمراض قاتلة أقلها الفشل الكلوي .. احتجاجا علي محاكمته عسكريا بنفس التهمة!! إن جريمة قتل البطران التي أدت إلي جرائم الانفلات الأمني ، والي هذا الكم المرعب من وحشية جرائم أكثر من عشرين ألف بلطجي ، اطلقوهم علينا ليلة الثورة كما كان الرومان يطلقون الأسود الجائعة علي ضحاياهم .. واغرقوهم بالمخدرات ، فتطور إجرامهم إلي حد ظهور ميليشيات مسلحة من ملثمين ينهبون ويخطفون جهارا نهارا طلبا للفدية ، وينجحون في الحصول عليها ، بل وفي تكرار عملياتهم بثقة من حماية من أطلقوهم . إن جريمة قتل الشهيد البطران وتوابعها تستحق محاكمة عاجلة ، وحكما سريعا ، وتكفي وحدها لإعدام مبارك وعصابته .. وكل المصريين في شدة الاحتياج لعودة ميزان العدل أعمي كما كان مرسوما علي جدران المحاكم قبل حرقها ، ميزانا أعمي لدولة معصوبة العينين عن التمييز .. وقانون حاسم باتر مخيف ، لا يميز ولا يفرق بين دين ودين ولا يتباطأ أو يتغابي أو يتآمر!. فهل يرجع القضاة عن غضبهم وعن إعلانهم أن القضاء في إجازة لحين تحقيق مطالبهم .. وأسألهم كيف غطي غضبكم من تأجيل مطالبكم علي قسمكم يوم امتهنتم مهنة العدل والقضاء المقدسة.. كيف أغلقتم المحاكم وأجلتم الفصل في قضايا المظلومين الذين ينتظرون قطرة من العدل، وسحقهم الصبر سنين تحت مدرعات بطء الاجراءات ، وعجز أدلة إثبات الحق في مجتمع تفشت فيه الرشوة والمحسوبية وتلفيق التهم .. كيف هانت عليكم مصر وانتم تعلمون إلي اي شاطئ ترسو السفينة بدون شرطة ولا قضاء ولا قانون ولا حكومة!!.. واسلمي يا مصر انا للفدا وإنا للشهادة جاهزون .