4: 8 و كلَّم قايينُ -(قابيل)- هابيلَ أخاه، و حدث إذ كانا في الحقل أنَّ قايين قام على هابيل أخيه و قتله 4: 9 فقال الرَّبُ لقايين: "أين هابيل أخوك؟" فقال: "لا أعلم، أحارسٌ أنا لأخي؟" 4: 10 فقالَ: "ماذا فعلت؟ صوت دم أخيكَ صارخٌ إليَّ من الأرض" استرعتني تلك الجملة السَّابقة من الإصحاح الرَّابع من سِفر التَّكوين من التَّوراة، دعونا نفترض أوَّلاً أنَّ تلك الآية لم تُحَرَّف و أنَّها حقَّاً نزلت من السَّماء، و لنتأمَّلها جيِّداً: " صوت دم أخيكَ صارخٌ إليَّ من الأرض " هل يصرخ الدَّم؟ هل يصل صراخه إلي عنان السَّماء؟ و أيُّ دمٍ يصرخ؟؟ نعلم جيداً أنَّ ما من شيءٍ في السَّماوات و الأرض إلَّا يسبِّح بحمد اللَّه، كلُّ خليَّة، كلُّ ذرَّة، تقول "سبحان اللَّه و بحمده"، تقول..تقول بلغتها الَّتي لا نفهمها أو نسمعها، و لكنَّها تقول، تسبِّح، هذا كلامٌ لا شكَّ فيه.. إذاً فيمكن أيضاً أن تصرخ الأشياء، لسببٍ أو لآخر، بنفس اللغة التي لا نفهمها أو نسمعها و الَّتي تسبِّح بحمد اللَّه، و لا يسمعها إلَّا اللَّه، و لا يفهمها إلَّا اللَّه، دعونا نفترض ذلك، ربَّما نصل إلي شيء.. لماذا صرخ دمُ هابيل؟ لأنَّه مقتول؟ مظلوم؟ قُتِلَ غدراً؟ ( و في رواياتٍ كثيرةٍ ذُكِرَ أنَّه قُتِلَ في العشرين من عمره و هو نائمٌ في الحقل (. حسن، تري ماذا قال دمه و هو يصرخ؟؟ هل صرخ تظَلُّماً؟ شكوي؟ بكاءً لأنَّه أُريقَ غدراً و ظلماً من أخيه؟؟ هل صرخ طلباً للانتقام؟؟ لو فرضنا أنَّ كلَّ ذلك صحيح، فإنَّه لَشيءٌ جديرٌ بالتَّأمُّل.. دم المقتول يصرخ.. دم المظلوم يصرخ.. لا يسمعه من في الأرض و لكنَّه يصل إلي السَّماوات السَّبع.. إذاً..هذه الأرض..كلُّ الأرض.. تصرخ.. تصرخ بالشَّكوي من الظلم و الموت غدراً و زوراً و إثماً و جنوناً، تصرخ لربِّ السَّماء بالانتقام.. بالثَّأر.. و إلا كيف تهدأ تلك الأرواح القلقة؟؟