مونبيلييه المدينة الفرنسية الساحرة مدينة العلم والعلماء.. وأرض الجامعات وأقدمها خاصة كليات الطب والآداب.. ومع ذلك هي أيضا مدينة عابثة شديدة التحرر بها شواطئ للعراة.. وفي نفس الوقت هي مدينة المهرجانات المختلفة سينما مسرح.. فنون راقصة.. وتشكيلية.. وذلك نظراً لمناخها المتوسط والمشمس طوال الوقت. ولعل أشهر هذه المهرجانات هو مهرجانها السينمائي لدول البحر المتوسط.. الذي يحتفل هذا العام بدورته التاسعة والثلاثين في الفترة من (20 أكتوبر وحتي الثامن والعشرين منه). وتشهد هذ الدورة احتفاء خاصا بالسينما العربية من دول شمال إفريقيا المغرب.. والجزائر.. ولعلها من المرات القليلة التي تغيب فيها مصر عن المشاركة في هذا المهرجان.. ومنذ العام الماضي تولت رئاسته وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة »أوريللي فيلليتي» وهي أيضا كاتبة وروائية صدر لها ستة كتب تنوعت ما بين اجتماعية.. وبحثية في إطار روائي لعل أهمها من وجهة نظري هو الأول الذي صدر في عام 2003 »نهاية أيام الطبقة العمالية». وفي نفس الوقت تم تجديد الثقة في المدير الفني »كريستوف لوبارك» الذي أثبت جدارته خلفا للمدير السابق الناقد الكبير »جان فرانسوا يورجو». • لجنة التحكيم الدولية ترأسها هذا العام المخرجة والممثلة »أوراتيكا» والمنتجة »آن دومينيك توسان» و الكاتب »طاهر بن جلون» والمخرج »تييري دو بيريتي» والممثل »سوان أرلو».. وتمنح اللجنة جائزة »أنتيجون» الذهبية.. وهي الجائزة الكبري للمهرجان. أما لجنة تحكيم النقاد الدولية فهي تضم كاتبة هذه السطور »نعمة الله حسين».. رئيسا.. و»شارلوت لبينكا» من »فرانس أنتير» و»إكزافييه لوشيربور» بالإضافة للناقد الكبير »آلان ماسون» أيضاً هناك جائزة الجمهور.. وجائزة طلاب السينما للشباب وفي إطار الاحتفاء بالسينما العربية تم اختيار الفيلم المغربي »غزية» للمخرج »نبيل عيوش» ليكون فيلم الافتتاح.. وهو الفيلم الذي يمثل المغرب في الأوسكار وكأفضل فيلم مغربي وهذا الاختيار أثار الكثير من الجدل في المغرب لنفس الأسباب تقريباً الذي أثاره الفيلم المصري »شيخ جاكسون» فالأول عرض في مدينة صغيرة بالمغرب لمدة أسبوع وذلك حسب شروط قبول الأفلام في الأوسكار وقد أثار هذا العديد من الجدل خاصة أنه يقال إن الفيلم لم يحقق إيرادات بينما الفيلم المصري تم ترشيحه قبل أن يعرض في الأسواق.. اعتمادا علي أنه سيعرض خلال هذا الشهر لمدة أسبوعين وهو ما حدث فعلاً.
و»غزية» بالمغربي تعني »غزو» وقد استغرق نبيل عيوش مدة ثلاث سنوات لكتابة هذا الفيلم وهو ككل أفلامه يناقش الحرية الفردية والاجتماعية. وكان ذلك قبل مظاهرات »الحسيمة».. الفيلم بطولة »مريم التوازي» زوجته وهي ممثلة ومخرجة.. وشاركت معه في كتابة السيناريو.. بالإضافة لكل من دنيا بينيني.. وماجي أمين.. بطل فيلمه السابق »الزين اللي فيك» الذي أثار جدلاً شديداً بأنه أساء لصورة النساء في المغرب. وقد تم تصوير الفيلم في جبال أطلس بالمغرب واستديوهات »ورزازات» وكل من الدار البيضاء.. وبلجيكا.. ونبيل عيوش قدم للسينما ستة أفلام »مكتوب» سنة 97.. علي زاور سنة 2000، »لحظة ظلام» سنة 2003 »كل ما تريده لولا» سنة 2007 »خيل الله» سنة 2012 والذي يعد من أفضل أفلامه »والزين اللي فيك» سنة 2015.
وفي فيلمه »غزية» الذي سيعرض تجاريا في النصف الأول من أكتوبر في فرنسا.. يسعي عيوش لتقديم صورة حقيقية لما يحدث اليوم في المغرب.. مركزا علي الكثير من التناقضات الاجتماعية ومواضيع إنكار الهوية.. والاضطهاد الديني والعنصري.. والبحث عن الحرية والتحرر.. وذلك من خلال خمس شخصيات أولها شخصية المدرس الذي يعيش في جبال الأطلس سنة 1982 والذي يترك قريته ليذهب إلي الدار البيضاء.. وبعد 33 سنة يقدم لنا صورة أخري لأربع شخصيات.. وسوف يكون لنا تقديم أفضل فيما بعد في عدد آخر. وقد حرص »عيوش» وزوجته بطلة الفيلم علي حضور حفل الافتتاح وقد قوبلا بترحيب شديد.. رغم انتقاد الكثيرين له.
أما فيلم الختام فهو »الغطس» للمخرجة »ميلاني لوران».. بطولة »جيل لولوش» »إبراهيم أحمد» »وماريا فالفيرو». وفي إطار الاحتفال بالسينما الجزائرية يتم ترميم فيلمين قديمين هما »إجازة المفتش طاهر» للمخرج »موسي حداد» الذي أنتج 1972 والثاني »ليلي والآخرين» للمخرج »سيدي علي مازيف» إنتاج سنة 1977، كما تعرض مجموعة كبيرة من أفلام المخرج الجزائري »مرزاق علواش» وبرنامج عن شباب المخرجين الجزائريين خاصة في السينما التسجيلية.
وفي إطار التكريمات تقام احتفالية خاصة للمخرج »مانويل براديل» الذي توفي مايو الماضي.. ويعرض له واحد من أهم أفلامه، كما يتم تكريم الفنانة الممثلة »كاترين كانتو». وتضم المسابقة الرسمية عشرة أفلام من خمس عشرة دولة.. وذلك لوجود أكثر من فيلم إنتاج مشترك.. من صربيا وبلغاريا.. فرنسا.. إيطاليا.. فلسطين.. هولندا.. المغرب.. تونس.. إسبانيا.. بالإضافة إلي تسعة أفلام تعرض في إطار البرنامج الرسمي. بالإضافة إلي مسابقتين للأفلام الروائية القصيرة والأفلام التسجيلية.