17 نوفمبر 1989 إعلان وصول مصر إلي نهائيات كأس العالم بإيطاليا 1990 للمرة الثانية. 8 أكتوبر 2017 إعلان وصول مصر إلي نهائيات كأس العالم بروسيا 2018 للمرة الثالثة. 27 سنة و10 شهور و21 يوما هي الفارق بين المناسبتين الأعظم والأكبر في تاريخ كرة القدم المصرية.. فوارق عديدة.. واختلافات متنوعة بين الحدثين.. حلقات معلومة.. وحلقات مجهولة بين الواقعتين.. شخصيات ولاعبون ومسئولون وإداريون و(كذابين زفة) أيضا.. إخفاقات واتهامات وحقائق وأكاذيب وشائعات وظواهر وخفايا وخبايا.. وسطور قادمة نحاول خلالها عقد مقارنة بين الأحداث القديمة والوقائع الجديدة. رحلتان صعبتان للغاية للفريق الوطني لكرة القدم للوصول إلي نهائيات كأس العالم بإيطاليا 1990 ثم روسيا 2018، والرابط الأهم بين المرحلتين تمثل في روح التحدي والإصرار التي كان عليها اللاعبون خلال المشوارين من أجل كتابة التاريخ الكروي المصري ولإسعاد جماهير الكرة. روح التحدي تمثلت في وصايا ودروس محمود الجوهري قبل مايقرب من 28 سنة وإيمان اللاعبين بقدرات مدربهم وإصرارهم علي تحقيق ما يريد من أجل مصر وهي الروح التي بثها في نفوسهم وقتها لتحقيق الأمل الذي بالفعل تحقق أمام منتخب الجزائر في لقاء العودة بالقاهرة وأمام مايزيد عن100ألف متفرج وملايين المصريين الذين خرجوا إلي الشوارع فرحين بالفريق الذي واصل انتصاراته لتحقيق الهدف ومن خلال مشوار صعب للغاية من الإعداد والتجهيز والمعسكرات الطويلة والقصيرة. ولم يختلف الأمر كثيرا.. فما أشبه الليلة بالبارحة كما يقولون.. فهناك عناصر فنية توافرت في منتخب 1990 ولعل أغلبها توافر أيضا في متنخب مصر 2017 مع اختلاف المستويات والمهام.. الجوهري استغل كل لحظة لإعداد المنتخب قبل السفر إلي باليرمو وكالياري لملاقاة هولندا وإيرلندا وإنجلترا.. واستغل أيضا كل مناسبة للإعلان عن مصر ونجوم مصر والفكر التدريبي المصري وشغل العالم كله عندما رد علي سؤال أثناء المؤتمر الصحفي الذي كان ينعقد عقب وصول المنتخبات مباشرة.. ووجه أحد الصحفيين سؤالا إلي "الجنرال" عن الطريقة التي سيلعب بها منتخب الفراعنة.. وقال سوف نلعب بالطريقة الجوهرية.. وقام بالتحدث والكلام عن عدد من طرق اللعب الحديث ولكن الكلمة علقت في أذهان كل الحاضرين وكانت مثارا للحديث طوال أيام مباريات الدور الأول. ولاشك أن هناك فكرا جديدا لدي لاعبي الجيل الحالي وجهازهم الفني بقيادة هيكتور كوبر الذي انفك نحسه مؤخرا واستطاع تحقيق الحلم الكبير والوصول مع الفراعنة إلي نهائيات كأس العالم بروسيا 2018، وإذا جلس كوبر مكان الجوهري في حالة قيادته للمنتخب في روسيا فلابد له من اختراع طريقة يلفت بها الأنظار مثلما فعل الجوهري تماما وهو مايخطط له كوبر من الآن حيث أعلن عقب التأهل إلي روسيا أنه لن يضيع لحظة واحدة في سبيل الإعداد والتجهيز للمنتخب قبل مشاركته في المونديال ، وأن لديه نجوما كبارا لا غني عنهم علي الإطلاق ولن يستبعد أي لاعب من أصحاب الإنجاز وممن ساهموا في التحدي الكبير وأن الفترات القادمة تمثل فرصة ذهبية لاكتشاف المعدن الأصيل للنجوم المصريين وأن هناك أكثر من نجم سوف يحصلون علي فرصتهم كاملة. وقال كوبر لقد تحولت من مدرب سيئ الحظ "ومنحوس" إلي مدرب ضمن المعدودين علي مستوي العالم وأصبحت أكثر حظا عن غيري، ولايهمني الآن إن بقيت واستمريت مدربا للفراعنة في المونديال أو رحلت حيث أعلم أن هذا الكلام علي مائدة اتحاد الكرة الآن. وقال كوبر إن الشعب المصري وجماهير كرة القدم هي صاحبة الإنجاز الكبير ولم أر في حياتي جمهورا يعشق منتخب بلاده مثل الجمهور المصري. ونفس الكلام تقريبا وأكثر ذكره الجنرال محمود الجوهري عام 1990 وبعد لحظات من الوصول إلي نهائيات كأس العالم. وإذا نظرنا إلي بعض النواحي الفنية في مقارنة سريعة بين طرفي الفريقين سواء في الفترات التي سبقت مباريات التصفيات أو خلال الفترة الهامة القادمة والتي تمثل فترة الإعداد.. فقد كان الجوهري صاحب القرار الأول والأخير في هذا الشأن ولم يتدخل أحد في شئونه وكان يقوم بتجهيز المعسكرات الطويلة والقصيرة قبل لقاءات التصفيات وتم إلغاء بطولة الدوري الممتاز في هذا الموسم ولم تستكمل كما شارك المنتخب الثاني في بطولة كأس الأمم الأفريقية والتي أقيمت وقتها بالجزائر. أما الظروف الحالية فهي تختلف تماما عن ذي قبل فهناك عدد ضخم من اللاعبين المحترفين من أعضاء المنتخب الوطني وهؤلاء يلعبون في أندية كثيرة في مختلف دول العالم وهؤلاء سوف يبقون ضمن صفوف فرقهم حتي اللحظات الأخيرة وقبل المونديال ويشاركون في فترات إعداد ولقاءات دولية ودية متفق عليها حسب الأجندة الدولية للمواعيد، وربما يتم عزل اللاعبين المحليين في فترة من الفترات مع إتاحة الفرصة الكاملة لكوبر للاتفاق علي إقامة اللقاءات الدولية الودية قبل المونديال وحسب اختياراته، وربما يتدخل اتحاد الكرة في هذا الشأن حيث هناك رعاة يساعدون المنتخب ويتكلفون بإقامة المباريات والمعسكرات، أما أيام الجنرال محمود الجوهري فلم يعط أي مساحة لأي أحد للكلام أو إبداء الرأي في هذه النقطة بالذات سواء باختيار المباريات الودية أو أماكن إقامة المعسكرات وغيرها مما يهم الفريق الوطني. وتأمل الجماهير المصرية أن يبتعد الفريق الوطني الحالي في طموحاته عن فريق 1990 ويصعد إلي الأدوار التالية بدلا من مشاركته كضيف شرف فقط وخروجه من الدور الأول مثلما حدث مع الجوهري!! فهل يتحقق هذا الأمل مع الأرجنتيني كوبر؟!!