تتويجها بالتكريم وسط زملائها وتلاميذها وأصدقائها من الوسط الصحفي والفني كان علامه فارقة من علامات الدورة ال 33 لمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي لدول البحر المتوسط، وعلامة فارقة علي المستوي الشخصي بالنسبة لي كأحد تلاميذها ومحبيها ببيتنا الأول والحضن الدافئ مجلة آخر ساعة، ووسط حفاوة الجميع وفي دورة متميزة تحمل اسم الواد التقيل برنس السينما المصرية حسين فهمي نالت الناقدة والكاتبة الصحفية نعمة الله حسين مدير تحرير مجلة آخر ساعة التكريم الخاص بها، والذي جاء متأخرا لسنوات طويلة علي حد قول الأمير أباظة رئيس المهرجان الذي أعرب في بداية حديثه في حفل الافتتاح عن سعادته بتكريمها في هذه الدورة، معتذرا عن التأخير طوال هذه السنوات . رحلة عطائها في الكتابة الصحفية التي تنوعت بين صحافة التحقيقات والصحافة الفنية والنقد الفني استمرت قرابة 40عاما، إلي جانب إدارتها للمركز الصحفي الخاص بالصحف الأجنبية في العديد من دورات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، جعلا منها أيقونة متميزة في العديد من المهرجانات العربية والدولية. وفي هذه الدورة الجديدة من عمر المهرجان الذي يتلاقي فيه الأصدقاء والأشقاء والفنانون يربط بينهم بحر واحد كان لي وافر الحظ أن أقوم بهذا العرض الخاص لإصدار من إصدارات المهرجان عن السادة المكرمين من الفنانين والنقاد من مصر ومن الوطن العربي والغرب . »عين مصرية علي السينما الأوربية» هو اسم الكتاب الخاص الذي يروي مسيرة العطاء المهنية والشخصية للناقدة نعمة الله حسين والذي أعدته الكاتبة السورية لمي طيارة، وهي المرة الأولي في تاريخ المهرجان أن تقوم ناقدة سورية بالكتابة عن ناقد مصري، فلم يمنع حاجز المسافة أن يخرج هذا الكتاب للنور يحمل بين صفحاته العديد من الأسرار والعلاقات الإنسانية بين »لمي ونعمة» دون انتقاص أو استطراد لم تتعرض له الكاتبة في مشوار السرد أو الحكي . استهلت الكاتبة في مقدمة الكتاب بأنها لم تشأ أن يخرج بالشكل التقليدي بل حاولت أن يكون كتابا دراميا يشبه حياة صاحبته، وعلي الرغم من لقاءاتهما المستمرة في مهرجان القاهرة إلا أن مهرجان الرباط لسينما المؤلف عام 2010 كان صاحب الفضل لأن يجتمعن سويا في مهرجان سينمائي . ثم توالت المهرجانات مابين سوريا والجزائر التي قربتني منها شخصيا وفكريا وإنسانيا وثقافيا ، فأحببت فيها مثابرتها علي حضور الأفلام والندوات. تري لمي أن السبع سنوات الأخيرة التي جمعت بينهما جاءت متأخرة جدا وخسارة حقيقية بالنسبة لها فهي افتقدت كثيرا من لقاء نعمة الله حسين، إلي أن جاءت الفرصة بتكليفها من الأمير أباظة رئيس المهرجان بإعداد كتاب يحمل مسيرتها وهي تعرف سلفا أن الكتابة عن شخص مهمة غير سهلة وتحتاج للكثير من الأمانة والحرص وطريقة مختلفة في التناول والتقديم . الفصل الأول من الكتاب يحمل عنوانا خاصا كان له أثر في تكوين ونشأة نعمة الله حسين التي ولدت بالقرب من ميدان الجيش لأب هو حسين حسن، رجل ميسور يملك مطبعة ومكتبا للاستيراد والتصدير، أسماها والدها نعمة الله لأنها المولود الأول الذي رزق به بعد سنوات من الزواج، فكان العنوان والدي أورثني حب السينما والسفر والقراءة، وتقول نعمة »لم يدخل مطبعته كتابا للطباعة أو التجليد إلا وقرأه، حتي قصاصات الورق الصغيرة كان يقرؤها ، وبالتالي تشكلت لديه ثقافة عالية جدا». رغم أنها تزوجت من الكاتب الصحفي والناشط السياسي »سيد عواد» وهو إنسان متفتح إلا أنها مازالت تري أن والدها كان أكثر انفتاحا، خاصة أنه كان يؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة . نعمة الله الطفلة الشقية ترجع بذكرياتها إلي أيام الطفولة وخاصة في فصل الصيف حيث كان والدها يضاعف مصروفها لدعوة الأصدقاء إلي الإسكندرية، وفي بعض الأحيان كان يعطي أصدقاءنا مصروفا آخر مثلنا. في المرحلة الإعدادية كانت تجيد حفظ المسرحيات ولم تجيد حفظ دروسها وكانت تشارك في العروض التي تشرف عليها المدرسة . في عام 73 كانت محطتها الأولي في الجامعة ونظرا لتفوقها في الثانوية العامة كافأها والدها بإرسالها هي وشقيقها شكري إلي دولة أوروبية فاختارت نعمة فرنسا، وهي المحطة التالية التي يحمل عنوانها الكتاب »سافرت إلي فرنسا كنوع من المكافأة واللغه الفرنسية جأتني بالحظ». وأثناء وصولي إلي باريس قابلت مجموعة من الشباب المصريين وذهبت برفقتهم إلي أحد مكاتب التوظيف، وكان للحظ دور هنا لأن يختاروني للعمل في مطبعة لإجادتي اللغة الفرنسية . الفصل الثالث يحمل عنوان تداعيات زيارتها الأولي إلي فرنسا »مزارع العنب» وتشرح من خلاله رسالة »جان كلود» مدير مكتب تبادل الطلبة والخدمات الاجتماعية الذي كانت تعمل به في باريس، يخبرها برغبته بزيارة القاهرة لتأسيس مشروع عمل من الجامعات المصرية بهدف إرسال الشباب المصريين للعمل في مزارع العنب وأبرم اتفاقا مع رؤساء الجامعات المصرية ثم عاد إلي فرنسا، وكان عام 74 هو العام الذي ذهبت فيه أعداد كبيرة من الطلبة المصريين إلي فرنسا للعمل في قطاف العنب. لم تغفل نعمة الله دور والدتها في تكوينها فكان الفصل الرابع من الكتاب الذي يحمل عنوان والدتي نموذج للعطاء والطيبة »هو محور الحديث عن السيدة المتعلمة التي تتقن الإنجليزية وتعلمت الفرنسية وصاحبة الصوت الجميل» . تقول نعمة الله »كنت انزعج من طيبة والدتي الزائدة وأعتبرها ضعفا، لم أكن أعرف أن التعالي عن الصغائر يحتاج لقوة شخصية، ورغم أن والدي تزوج مرات عدة إلا أنها حافظت علي علاقتنا الجيدة به، فكانت تملك بعد نظر، لو أننا ابتعدنا عن والدنا قد لانلقي التربية السليمة». نعمة الله والصحافة »كان ومايزال خطي لايقرأ» بعد تخرجها في كلية الإعلام عام 76 اقترحت عليها صديقتها »صفاء درويش» التقدم لمجلة »آخرساعة» للعمل في صفحة المجتمع.. وتقول نعمة الله عندما قابلني طارق فودة وجدني فتاة متحررة، رفيعة تلبس علي الطريقة الأجنبية وكانت أيامها موضة الراجل قال أنا مستقيل من العمل الأمر الذي جعلني أحزن وأعتقد أن وجهي سيئ، ثم دعتني »بهية» من السكرتارية وأخبرتني أن طارق فودة يقدم استقالته في اليوم عشرات المرات، ثم اصطحبتني إلي الأستاذ حازم فودة مدير التحرير وبدوره أخذني إلي رئيس التحرير الكاتب رشدي صالح الذي طلب مني أن أقترح عليه أفكارا لمواضيع وتحقيقات، وفي اليوم التالي عدت له بثلاثة مواضيع هي شخصية المعلم بين الأدب والسينما والواقع ومضيفات السكة الحديد وتعريفة ركوب الأتوبيسات ، ولكنه رفضها علي الرغم من إعجابه الشديد بها وأعطاني خمس كراسات خط عربي وطلب مني ملئها وإعادتها لأن خطي لايقرأ ومايزال حتي الآن . مباحثات السلام كانت سببا في إصدار قرار بتعييني هكذا تحدثت في الفصل السادس الذي يشير إلي أنها أول صحفية مصرية تدربت في لوموند الفرنسية، ففي عام 77 طلب والدها من صديقه فؤاد محيي الدين نائب رئيس مجلس الوزراء أن يعين ابنته في الأهرام وبالفعل أعطاها خطاب توصية إلي الأستاذ حمدي الجمال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير، ولأنها متمردة رفضت هذه الطريقة . في عام 78 كانت تجري مباحثات السلام وكانت آخر ساعة بحاجة لصحفيين يغطون المؤتمر ممن يتقنون اللغة الأجنبية وتعاونت مع السيدة إيفلين رياض برفقة الزميل إبراهيم قاعود خريج نفس الدفعة، وبعد أول تغطية للمباحثات حصلت علي مكافأة بعدها صدر قرار بتعييني . الفضل يعود »لآخر ساعة» وندمت لأنني تركت قسم التحقيقات آخر ساعة كان لها الفضل في تعريف جريدة الخليج والشرق القطرية علي كتاباتي وتعاملت في الصفحات الفنية من خلالها ، لكن آخرساعة أتاحت لي تجربة العمل في كافة الأقسام الصحفية وكان من أهم الموضوعات التي قدمتها في السياسة وهو موضوع مترجم حول »الفرق مابين شخصية عبدالناصر والسادات» إلي جانب تحقيق هام حول الحملة الأساسية لإنقاذ الآثار الغارقة في عرض البحر المتوسط والتي كان منها تمثال إيزيس الذي انتشل بعد ذلك بسنوات . علاقة الحب القوية التي ربطت بينها وبين زوجها »سيد عواد» اختصتها الكاتبة في أكثر من فصل حيث تناولت بداية التعارف واللقاء الأول الذي جمع بين قلبيهما عندما تناولا فنجانين من القهوة ووصولا إلي رغبتهما في الزواج بعد أن حذرتها زميلتها كريمة كمال من الزواج منه بعد ماقالت لها »يا نهارك أسود ومنيل .. ملقتيش غير الراجل اللي بيعاكس طوب الأرض .. وعندة علاقات قد كده ؟» .. فقلت لها أنا بحبه وقضي الأمر ..وفي يوم كنا متجهين إلي الزقازيق لحضور عرض مسرحي انقلبت بنا السيارة وأثناء إسعافانا كنت أنادي دائما علي سيد لأطمئن علي حالته لأنني كنت أحبه جدا وشعر وقتها سيد بلحظة الصدق فقرر أن يتزوجني . نعمة الله هي الأم الحنون التي لم تنجب أطفالا ولكن أولاد إخوتها أسعدونها وعوضونها عن حنان الأطفال، فهي تعرضت أكثر من مرة للإجهاض . أما بالنسبة لعلاقتها بالسينما الفرنسية وارتباطها بها فكان سببه إقامتها بباريس من جانب وصديقها اللبناني انطوان خليفة مسئول المهرجانات ب uni france» وصديقتها »سيلفي» والناقد السينمائي المصري صلاح هاشم والذي كان يقيم بفرنسا وشاركت في العديد من المهرجانات منها »كان ، سوتشي في روسيا، موسكو، مونز في بلجيكا» بالإضافة إلي المهرجانات العربية في سوريا والمغرب والجزائر. مهرجان الإسكندرية السينمائي »طفولتي السعيدة قادتني إلي دورته الأولي». ارتبط عشقها بالمهرجان بدوراته الأولي، منذ أن كانت صغيرة تعشق طائرتها الورقية علي شاطئ الإسكندرية إلي أن قررت أن تستبدلها بمقعد أمام الشاشة العملاقة وتبدأ من هنا رحلتها مع عشقها للسينما، وتوجت بمشاركتها في فعاليات المهرجان بصحبة الناقدة ماجدة موريس وصديقتها الكاتبة تهاني الصوابي مدير تحرير مجلة حواء، إلي أن توطت العلاقة أكثر عندما طلب منها الراحل فوزي سليمان أن تشترك في الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما . مهرجان القاهرة السينمائي »فكني» بأربعة أو خمسة موظفين ترصد الكاتبة في هذ الجزء علاقة نعمة الله حسين بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عندما توفي سعد الدين وهبة ودعاها الفنان حسين فهمي بعد أن شغل منصب رئيس المهرجان لأن تكون المسئولة عن المركز الصحفي للضيوف الأجانب، وانتهت علاقتها بالمهرجان في عام 2012 بعد 20 عاما من العطاء . في جعبتها الكثير والكثير من اللقاءات والضيوف العرب والأجانب وأنجزت كتابا في بداية الألفينيات عن القديرة نادية لطفي ضمن فعاليات المهرجان القومي للسينما عام 2002 بعنوان نادية لطفي زهرة الصعيد البرية. تري أن الصحافة والمهرجات لم يشغلاها عن حياتها وأسرتها البسيطة حيث وازنت بينهما وساعدها في ذلك زوجها القدير سيد عواد. وأخيرا وليس آخرا قالوا عنها ... » ثلاثة أشياء تعشقها نعمة الله حسين .. السفر والسينما .. وسيد عواد.. »الأمير أباظة رئيس المهرجان». ليست مجرد ناقدة سينمائية متميزة، تقرأ الأفلام بقلبها ومشاعرها دون الإخلال بموضوع النقد » ... الناقد علي أبو شادي» . »الأخت الغالية .. الصديقة والحبيبة.. نعمة الله حسين.. أنت من القلة الذين احترموا سلاح القلم.. وكنت من أشرف من كتب في صاحبة الجلالة.. أنت حقيقية.. أمينة.. نظيفة.. شريفة.. راقية ووفية.. أحبك وأحترمك ..» الفنانة يسرا . » نعمة .. تعجز الكلمات عن رسمك لأنك أجمل لوحة وأنت تعلمين حبي للرسم ، وتعجز أغاني عبدالمطلب وفايزة أحمد ونجاة وعبدالغني السيد عن وصف سعادتي لكونك أجمل صديقة في الكون»... مستشار البرمجة العربية في مهرجان دبي أنطوان خليفة . » نعمة .. التي كرمت السينما منذ عقود.. الآن تكرمها السينما في بلدها وبيتها»... المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي . تكريم نعمة الله حسين تأخر كثيرا ، فهي أمدت القراء بالكثير من المعرفة والمعلومات الفنية المفيدة سواء في بلادنا أو في الخارج » مدير التصوير سعيد شيمي ». نعمة الله حسين أضافت الكثير للعديد من المهتمين والقراء والمتابعين للفن السابع.. شكلت رؤيتهم وقناعتهم.. وصار الاسم محفورا في الذاكرة »الكاتبة الصحفية كريمة كمال» . اسمها نعمة وهي نعمة كبيرة من السماء علي مدار 30 عاما من الصداقة »الكاتبة الصحفية تهاني الصوابي» . إذا كان الحب هو أكسير حياتها.. فإن الحب هو أيضا مفتاح الدخول إلي كتاباتها النقدية بمجلة آخر ساعة »الكاتبة الصحفية انتصار دردير».