مجرد كتابة العنوان تذكرني بالسعادة، اليوم افتتاح الدورة السادسة والعشرين، عمر كامل، دخلت في إطار أكثر من عشرين دورة منها وقضيت أحلي الأوقات. أحلي أوقات عمري بالفعل قضيتها بين البحر وقاعات السينما في الإسكندرية لم توجه لي دعوة رسمية من إدارة المهرجان أبداً، ولم أشارك في التغطية الصحفية أبداً. كنت أذهب للمتعة فقط، وما حصلت عليه من متعة عبر دورات مهرجان الإسكندرية المتتالية لم تعادله أي متعة أخري. الخليط -المكون من الإسكندرية مدينة وبحراً والسينما مصرية وعربية وأجنبية، وبإضافة الصحبة المتغيرة - له مفعول السحر. محتفظة بصورة واحدة فوتوغرافية لإحدي ندوات المهرجان، الصورة تضم نعمة الله حسين ورءوف توفيق وطارق الشناوي وصلاح أبوسيف وزوجته وإيناس إبرهيم وأنا وزوجي محمود سعد وغيرنا. كانت هذه مرحلة الشيراتون وهي مرحلة متوسطة في تاريخ المهرجان، كان قد استقر ويتابعه عدد كبير من النقاد والصحفيين ربما جميع المهتمين بالسينما منهم، ويشارك فيه عدد كبير من النجوم والفنانين، وتعرض فيه أفلام قيِّمة. أما ذاكرتي فتحتفظ بصور لا حصر لها، وبمجرد أن قررت الكتابة تدفقت الذكريات. في السنوات الأولي للمهرجان كان النقاد يقيمون في فنادق مثل مكة والحرم وكانت تعقد فيها الندوات، وكانت الأفلام تعرض في دور العرض في وسط المدينة، وكنت أنا أقيم مع عائلتي في شقة قريبة وأدخل قاعة الندوة علي أطراف أصابعي ويتوسط لي زوجي لدي إدارة الجمعية لاستخراج كارنيه لحضور الأفلام في قاعات السينما. في عام 1984 عقد المهرجان في فندق رامادا ( تغير اسمه الآن ) كان الفندق جديداً ولم يفتتح بعد، ويبدو أن إدارته قررت استضافة المهرجان كنوع من الدعاية، أتذكر التاريخ لأنني كنت حاملا في الشهر السابع، وكنت قد استطعت إقناع أستاذيَّ وصديقي رحمهما الله محمد عودة وفيليب جلاب بروعة مهرجان الإسكندرية السينمائي بمجرد حكاياتي عن الرحلات السابقة، فقررا أن يتابعا المهرجان معنا، استأجرنا شقة مفروشة قريبة من الفندق وعشنا فيها معا، وكنا نذهب إلي السينما في وسط المدينة، وبين الفيلم والآخر كان عودة وفيليب يحكيان لنا ذكرياتهما ويقدمان لنا مطاعم ومقاهي وسط البلد وحكاية كل منها، انضم لنا أصدقاء المهرجان وأصبحنا نتنقل كمجموعة كبيرة، نركب المواصلات العامه ونعود إلي الفندق لنحضر الندوات. حتي الآن كلما مررت بسينما «مترو» أشرب الخروب الذي علمنا الأستاذ عودة أنه أحسن خروب في مصر، وكلما قابلت توماس جورجسيان ذكرني بكيلو الجوافة الذي اشتراه وأكلناه جميعاً في الأتوبيس حيث كنا نحتل المقاعد الخلفية ونثير ضجة بضحكاتنا وتعليقاتنا علي الأفلام. لم يعقد المهرجان في رمادا ثانية وانتقل بعدها إلي الشيراتون.. وتغيرت الصحبة عاماً بعد آخر.. إلا بعض الثوابت.. الغريب أن كل من انضم إلي المهرجان تأثر بلمحة جميلة منه. أتساءل الآن: لماذا حرمت نفسي من هذه المتعة؟! ولا أجد إجابة مناسبة.