في عام 1993 عاد الدكتور حسن وهبة أستاذ جراحة الأذن بكلية طب جامعة عين شمس، زميل معهد هاوس بلوس أنجلوس، من الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولديه حلمين يسعي بكل طاقته لتحقيقهما، الأول تأسيس معمل جراحي لتدريب الجراحين علي جراحات الأذن، وتحقق حلمه بعد أن أنشأ أكبر معمل تدريبي في الشرق الأوسط سنة 1995بكلية طب جامعة عين شمس. والحلم الثاني، الذي أوشك علي تحقيقه هو أن أي طفل مصري يولد بصمم يُجري له عملية زراعة القوقعة دون تحميل أسرته أي أعباء مالية، وتم تحقيق حلمه الثاني بعد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمجانية إجراء العملية من خلال التأمين الصحي. ساهم وهبة، في تدريب أكثر من 100 جراح علي العملية في المراكز التابعة للجامعات الحكومية مثل طب الزقازيق وسوهاج وأسيوط وطنطا وحديثًا في جامعة المنيا، ولا يزال يحمل علي عاتقه حلم زراعة القوقعة لكافة المصابين بالصمم بالمجان.. • سألناه، هل يوجد رقم واضح لعدد المصابيين بصمم وراثي؟ لا توجد لدينا إحصاءات دقيقة برقم مؤكد حتي الآن، ولكن يتم عمل الإحصاء بالنزول للقري والمحافظات والأرياف وسيناء أيضًا، وهناك عدد تقريبي يختلف بنسبة غير ثابتة كل عام وهو 30 ألف طفل مصاب سنويًا، ونقوم كل عام بزرع 5000 قوقعة للمرضي ومن المقرر أن نكون عالجنا كل الأطفال المصابيين بحلول عام 2020. ما هي عملية زرع القوقعة؟ هي عملية جراحية تتم لأي طفل مصاب بصمم عميق بالأذنين، وتتم بزرع جهاز إلكتروني تحت الجلد ويخرج منه كابل كهربائي ونقوم بإدخالها في القوقعة الموجودة بالفعل في الأذن والتي يخرج منها عصب السمع الواصل بالمخ والمسئول كليًا عن السمع. ويتم تعليق ميكروفون خلف الأذن ويقوم بجمع الأصوات المختلفة من كافة الاتجاهات المحيطة ويأخذ الصوت ويتم تحويله لكهرباء، ويتم إصدار أصوات مترجمة لكهرباء وتسير في الأسلاك وتتحول لموجات راديو ويحولها لكهرباء تصل للكابل المزروع وتقوم بعمل استثارة للعصب السمعي ويتم نقل المعلومات من القوقعة للمخ، وهذه العملية تتم في أقل من عشر ثانية ولا يوجد تأخير في وصول الصوت إطلاقًا. وكيف تتم العملية ؟ العملية الجراحية تتم بفتح فتحة في العصب الوجهي وخلف الأذن وتستغرق 40 دقيقة في تنفيذها، وفي بعض الأحيان تستغرق 10 ساعات تختلف وفق جراح وآخر ولدينا في مصر حوالي 53 جراحا متمرسا في زراعة القوقعة. كم عدد الحالات التي يتم علاجها كل عام؟ هناك نسبة تقريبية تم وضعها في وحدة السمعيات والتخاطب والتأهيل بمستشفي بهتيم، التي أقوم فيها بإجراء عمليات زرع القوقعة، فمن المتوقع أن تتم زراعة القوقعة ل 700 مريض أو أكثر كل عام، ممن يعانون الضعف الشديد في السمع، ويجب أن يعلم كل مريض أن لديه الحق الكامل في إجراء العملية دون دفع جنيه واحد في المستشفيات التابعة لهيئة التأمين الصحي، والتأمين يقدم خدمة للمريض بتحمل كافة التكاليف شاملة الجراحة وثمن الجهاز والتقييم السمعي والتأهيل التخاطبي بعد العملية، وتدريب الأهل علي شحن الجهاز وكيفية التعامل معه. كيف تحقق حلمك بألا يوجد طفل في مصر لا يسمع؟ تحقق بعد مشوار طويل جدا وكفاح استمر لسنوات وتدريب الجراحين علي أعلي مستوي، واستيراد أجهزة القوقعة، وبدأ ببعض المساهمات من الحكومة المصرية بتحمل نسبة 30٪ من تكلفة العملية والمساهمة بعد ذلك وصلت ل 80٪ ثم الآن أصبحت التكلفة مجانًا بالكامل. هل هناك سبب واضح للإصابة بالصمم؟ بالتأكيد كل شيء له سبب، فنحن من أعلي الدول في العالم إصابة بالصمم الوراثي، وذلك ناتج عن عوامل وراثية وبسبب زواج الأقارب بنسبة كبيرة، وفقدان السمع قد يكون نتيجة الإصابة بالحمي الشوكية »هيموكوكس»، والأدوية السامة للأذن مثل بعض المضادات الحيوية للأطفال والتي تستخدم في بعض الأمراض والالتهابات الشديدة، ولابد أن تؤخذ بحذر شديد وبنسبة ضئيلة جدًا والاسم العلمي لها هو »الأمينو جلايكوسايدز». كيف تتم المفاضلة بين الأطفال في ترتيب إجراء عملية الزرع؟ السمع حق لكل طفل، فلا يوجد أولويات في اختيار من يقومون بإجراء العملية، فمن حق كل طفل أن يكون طبيعيا ليصبح عضوا عاملا بالدولة ولا يصبح عبئًا علي أسرته ولا علي بلده فلابد من توفير العلاج والرعاية الطبية له علي أكمل وجه، والجميع يمكنه إجراء الجراحة باستثناء من ولدوا بعيب خلقي ولا يوجد لديهم عصب سمعي وتلك النسبة ضئيلة جدًا، ولو فرضنا وجود أطفال أعمارهم (سنة وخمس سنوات و10 سنوات)، جميعهم مصابون بالصمم تكون الأولوية لعمر السنة لأن فرصته أكبر في تحصيل الأصوات والنتائج ستكون أفضل، ويجب ألا يكون الطفل من ذوي الإعاقات الذهنية مثل التوحد. والأعمار الكبيرة.. هل يمكنهم إجراؤها؟ بعد تخطي الطفل عمر الخمس سنوات إن لم يكتسب الطفل لغة عن طريق مراكز التخاطب فإن النتائج تكون غير مرضية وفي بعض الأحيان لا ينصح بزراعة القوقعة، أما في البالغين بعد اكتساب اللغة فلا توجد حدود سنية طالما اكتسب اللغة وفقد السمع بعدها، فيمكن زراعة القوقعة دون التقيد بسن محدد. وهناك ضرورة لتأكد الأطباء من إمكانية استجابة الجهاز العصبي للطفل بالقوقعة قبل زراعتها والتي تظهر في الفحوصات الأولية التي يجريها الطفل، ويجب تحذير كل الأمهات من استخدام السماعات العادية تعمل علي تجميع الأصوات المحيطة بالمصاب وتقوم بتكبيرها داخل الأذن ولا تكون لها فائدة علي الإطلاق. لماذا لا يتم الكشف علي الطفل منذ الولادة لتعجيل نسبة الشفاء؟ مصر بها مشروع لا ينقصه سوي التشريع القانوني، وهو مقرر في دول عدة بداية من عمان في التسعينيات والإمارات والسعودية والكويت بصدد تطبيقه. وفي مصر نمتلك الجهاز المسئول عن الكشف علي سمع المولود وهو »الانبعاث الصوتي المحمول» وموجود بأغلب المراكز الصحية، ويتم معرفة إذا كان الطفل يسمع أم لا منذ اليوم الأول للولادة ويتم إجراء كشف تأكيدي بعدها بشهرين، ومن الممكن زرع القوقعة في عمر 6 شهور للطفل. المشكلة في مصر الآن عدم وجود قانون يجبر الأب والأم علي الكشف منذ الولادة علي سمع الطفل مثل عينة كعب القدم وهي مقرة إجباريًا علي شهادة الميلاد للكشف عن هرمون الغدة الدرقية. وماذا عن حملات التبرعات التي تنادي بالتبرع للأطفال؟ محاربة الفساد لن تتم إلا بتوفير الخدمات مجانًا دون أعباء مالية، حينما أخذ الرئيس قرارًا صارمًا بإجراء عمليات زرع القوقعة التي تتكلف 200 ألف جنيه مجانًا لكل المواطنين الخاضعين للتأمين الصحي وغير الخاضعين تتم بإقرار علي نفقة الدولة، قضي بذلك علي مافيا التبرعات الذين جنوا ثروات عن طريق جمع التبرعات بإعلانات تليفزيونية لزرع القوقعة. كيف يتم دمج الأطفال زارعي القوقعة بأقرانهم في التعليم؟ إن لم يتم معاملة الطفل الخاضع للعملية كغيره من الأطفال في نفس مرحلته العمرية فنحن بصدد إهدار للمال العام، فلماذا إذن قامت الدولة بتحمل تكاليف العملية وأجرتها له مادام مصيره سيكون الإقصاء. الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم رجل مستنير وتبني تلك القضية منذ اليوم الأول لتوليه الوزارة وقضي تمامًا علي كلمة »دمج» الطفل زارع القوقعة لأنه طفل طبيعي ليس بحاجة لدمج من الأساس مادام أجري العملية وأصبح يسمع جيدًا فلماذا يتم إقصاؤه ووضعه في فصول الصم والبكم أو وضعه مع ذوي الاحتياجات الخاصة. ما المشكلات التي تواجهنا الآن في مجال زراعة القوقعة؟ - لا توجد مشكلة إلا في زيادة عدد العمليات التي يتم إجراؤها، وبزيادة العمليات قد تنتهي صلاحية الجهاز بعد 10 سنوات، وتوفير قطع غيار للجهاز الذي يتم تركيبه خارجًا، ومن يتحمل تكلفة عمليات إعادة الزرع، ولابد من وضع إحصائية بعدد من أجروا العملية لوضع حل مستقبلا، ولا بد أن نقضي علي نسبة الزرع السريع التي يمارسها بعض الجراحين غير المتمرسين ممن يفشلون في إجراء الجراحة. وهناك مشكلة أخري نحن بصدد مواجهتها وهي زرع القوقعة في الأذنين، لأن المريض سيشعر أن كل الأصوات قادمة من اتجاه واحد فقط مما قد يعرضه لمخاطر مثل الحوادث، ويصعب عليه تفسير الكلام وسط الضوضاء.