تشهد مدينة شرم الشيخ حدثا اقتصاديا مهماً بانعقاد أكبر مؤتمر دولي حول الشمول المالي الذي ينظمه البنك المركزي لمدة 3 أيام بمشاركة 94 دولة و119 مؤسسة عالمية ويقام تحت رعاية رئاسة الجمهورية.. ويعقد المؤتمر لأول مرة في مصر بالتعاون مع التحالف الدولي للشمول المالي. حيث يعتبر المؤتمر السنوي للتحالف الدولي للشمول المالي أهم ملتقي لصانعي سياسات الشمول المالي في العالم. يمثل الشمول المالي إتاحة الخدمات المصرفية والبنكية عالية الجودة لجميع فئات المجتمع بما فيها الفئات غير القادرة، وتيسير سبل الوصول إلي الخدمات المصرفية لمن ليس لديهم حسابات بنكية أو لا تتوافر لهم هذه الخدمات علي مستوي العالم.. مع التركيز علي إتاحة التمويل للشركات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة من خلال القنوات الرسمية للقطاع المالي. ويعقد مؤتمر الشمول المالي كل عام في إقليم من أقاليم العالم ويركز علي إعداد السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالشمول المالي، وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء ومن المتوقع أن يشارك في المؤتمر الذي ترعاه رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ما يزيد علي 800 مشارك من أكثر من 94 دولة ممثلة في 119 مؤسسة من وزارات المالية وبنوك مركزية. ومن المتوقع حضور رئيس صندوق النقد العربي ومحافظي البنوك المركزية للدول العربية والعديد من محافظي البنوك المركزية في دول العالم ونوابهم من الدول أعضاء التحالف الدولي.. فالمؤتمر السنوي يعد أهم ملتقي لصانعي سياسات الشمول المالي في العالم.. ويولي طارق عامر محافظ البنك المركزي قضية الشمول المالي أهمية خاصة نظرا لأهمية القضية علي المستوي الدولي. وتبدأ جلسات وأعمال المؤتمر بجلسة تعريفية من التحالف الدولي للشمول المالي والتي تعقد يوم الثلاثاء 12 سبتمبر للتعرف علي مجهودات التحالف.. يعقبه مؤتمر صحفي.. ويوم الأربعاء يعقد البنك المركزي المصري ندوة تعريفية يتخللها توقيع مذكرة تفاهم بين البنك المركزي المصري والمجلس القومي للمرأة. وقد تأسس التحالف الدولي للشمول المالي عام 2008 ويضم 94 دولة من الدول النامية ممثلة في 119 مؤسسة (وزارات مالية وبنوك مركزية) حيث يعد أول شبكة دولية للتعلم من تجارب الدول الأعضاء في مجال الشمول المالي، ويعمل التحالف علي تطوير الأدوات المستخدمة لتطبيق الشمول المالي وتبادل الخبرات الفنية والعملية بين الدول الأعضاء ومساعدتها في صياغة السياسات والاستراتيجيات الإصلاحية وآليات التطبيق وإعداد الزيارات التعليمية.. وقد انضمت مصر للتحالف الدولي للشمول المالي في عام 2013 وتقرر عقد المؤتمر السنوي للتحالف الدولي للشمول المالي بمدينة شرم الشيخ بعد مقارنتها بعدد من البلدان الأخري في المنطقة.. حيث يعقد هذا المؤتمر سنوياً في إقليم مختلف كل عام، ويركز المؤتمر علي إعداد السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالشمول المالي.. وقد تم عقد أول مؤتمر سنوي للتحالف الدولي للشمول المالي في عام 2009 بدولة كينيا ثم عقد بعد ذلك في كل من أندونيسيا، المكسيك، جنوب أفريقيا، ماليزيا، ترينداد، وتوباجو، موزمبيق وفيجي. ويقدم التحالف منحاً ومساعدات مالية لأعضائه لتطبيق السياسات وذلك من خلال اختيار المبادرات الأكثر فعالية وقابلية للنجاح وتشترط هذه المنح الالتزام بما ورد في إعلان مايا بشأن تضييق سياسات الشمول المالي داخل الدول، ويوفر التحالف منصة إليكترونية لتبادل المعرفة تتيح للأعضاء تبادل الآراء بحرية ووضوح وقاعدة بيانات عالمية متكاملة لموضوعات وسياسات الشمول المالي والالتزامات الواردة بإعلان مايا.. وقالت مي أبو النجا وكيل محافظ البنك المركزي للرقابة والإشراف علي البنوك إن الشمول المالي أصبح محور اهتمام العديد من الحكومات والجهات المالية والرقابية، نظرا لتأثيره الإيجابي علي اقتصادات الدول، حيث ثبت أن هناك علاقة وثيقة بين الشمول المالي والاستقرار المالي، وأشارت إلي أن الشمول المالي يؤثر علي الجانب الاجتماعي من حيث الاهتمام بالفقراء ومحدودي الدخل والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من خلال ضمان وصول الخدمات المالية إليهم. وعلي صعيد آخر يعتبر مؤتمر التحالف الدولي للشمول المالي الذي تشارك فيه نخبة متميزة من المؤسسات المالية والدولية ووزارات المالية والبنوك المركزية فرصة مهمة لاستعراض أهم التجارب في مجال الشمول المالي، وقد حققت مصر تقدما ملحوظا في هذا المجال، ويسعي الجهاز المصرفي في مصر إلي التوسع الشمولي المالي بالوصول إلي فئات جديدة في المجتمع ودمجها في التعاملات المالية والمصرفية. أيضا يعد هذا المؤتمر الدولي المهم فرصة لاستعراض النجاح الذي أحرزته مصر في الإصلاحات الاقتصادية في ضوء المؤشرات الإيجابية للاقتصاد المصري والتي تتمثل في استقرار سعر الصرف، بعد قرار التعويم الذي تم اتخاذه في بداية نوفمبر 2016، وزيادة الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي إلي 36.1 مليار دولار بنهاية أغسطس 2017 وزيادة حصيلة الصادرات السلعية وتحسن أداء قطاع السياحة.. وقيام البنك المركزي بسداد طلبات دولارية للمستوردين أو للشركات الأجنبية بحوالي 1.5 مليار دولار منذ تحرير سعر الجنيه مقابل الدولار، منها 552 مليون دولار لتوزيع أرباح المساهمين وسدد البنك المركزي طلبات متراكمة من المستوردين والشركات الأجنبية بعدة مليارات من الدولارات.. كما أن هناك تعاملات تجارية بتحويلات دولارية بلغت 49 مليار دولار جري تنفيذها منذ تعويم سعر الجنيه مقابل الدولار وحتي شهر أغسطس 2017.. إضافة إلي نجاح طروحات السندات الدولارية التي طرحتها الحكومة المصرية بالأسواق الدولية، وعودة كبار المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين الحكومي.. ونجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي الطموح الذي تنفذه الحكومة المصرية بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي في تحقيق أهدافه، ونجاح قطاع البترول في تخفيض المستحقات المتراكمة للشركاء الأجانب من 6.3 مليار دولار، إلي 2.3 مليار دولار، مما كان له أكبر الأثر في تحفيز الشركاء الأجانب علي الإسراع بأعمالهم وزيادة استثماراتهم في مصر.. بالإضافة إلي إصدار قانون جديد للاستثمار، ومشروع لائحته التنفيذية، بما يؤكد جاذبية الفرص الاستثمارية في مصر والطاقات الكامنة في الاقتصاد المصري، وقدرته علي النمو بمعدلات مرتفعة خلال الفترة المقبلة. في سياق ذي صلة، ناقش المهندس ياسر القاضي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مع إبراهيم الحداد مدير المكتب الإقليمي العربي للاتحاد الدولي للاتصالات خلال الأسبوع الماضي، مشاركة مصر في »المبادرة العالمية لتعميم الشمول المالي» التي أطلقتها مجموعة البنك الدولي والاتحاد الدولي للاتصالات واللجنة المعنية بالمدفوعات والبني التحتية للسوق(»PMI) ومؤسسة »بيل وميليندا جيتس»، إذ تهدف المبادرة إلي نشر الخدمات المالية الرقمية في الدول النامية وتسريع وصول المواطنين إلي هذه الخدمات عبر المؤسسات الرسمية، وقد جاء اختيار ثلاث دول نموذجية للمشاركة في تنفيذ المبادرة وهي مصر والصين والمكسيك. وتم اختيار مصر للمشاركة في المبادرة العالمية لتعميم الشمول المالي استناداً إلي استراتيجية التحول الرقمي التي تنفذها مصر ومن شأنها نشر مفهوم الشمول المالي وتعاون الجهات الحكومية المختلفة لتقديم خدمات أفضل للمواطنين، وكذلك قدرة الحكومة علي إدماج أكثر من 44 مليون مواطن نحو القطاع المالي الرسمي، إلي جانب توافر قوانين وأنظمة وبنية تكنولوجية لتقديم الخدمات المالية، وتشجيع الدولة لنشر ثقافة الابتكار والتكنولوجيا الرقمية.. وقال المهندس ياسر القاضي إن مصر قطعت شوطاً كبيراً في مجال تقديم خدمات الشمول المالي سواء من خلال تحديث البنية الأساسية أو تطبيق أُطر تنظيمية للعمل في هذا القطاع، وذلك أيضاً بالتكامل بين الوزارات والجهات المعنية. من جانبه، قال وزير المالية عمرو الجارحي، إن مؤتمر الشمول المالي الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ يعد فرصة عظيمة لعرض تجربة مصر للإصلاح الاقتصادي أمام جميع الدول المشاركة في هذا المحفل، إلي جانب الاستفادة من تجارب الدول الأخري، وتحديد ما نحتاجه لمواكبة التطور التكنولوجي العالمي لتحقيق الشمول المالي والوصول إلي المعدلات العالمية، وخصوصاً في ظل سعي الدولة بشكل جاد لتحقيق هذا الشمول وتقليل تداول الكاش. وتابع وزير المالية في تصريحات له: الشمول المالي يساعد علي تضمين جميع أفراد المجتمع ومشروعاته للاستفادة من الخدمات المالية المختلفة، فضلاً عن تقليل تداول الكاش والتحول إلي مجتمع رقمي تنخفض فيه نسب الفساد وتنحصر فيه البيروقراطية، مضيفاً: »كما أن معرفة حجم الاقتصاد الحقيقي للدولة يبداً بتحقيق الشمول المالي وبالتالي القدرة علي التعرف بشكل كبير علي المعاملات المالية التي تتم بداخل الاقتصاد وحصر معاملات المشروعات المختلفة التي تمكن من تحديد أكثر دقة للقياسات الاقتصادية المختلفة مثل الناتج المحلي الإجمالي».