علي طرفي مؤخرة اللنش يتراص عشرة قوارب صيد صغيرة خمسة في كل صف، جمعناها أثناء الرحلة زادت أحيانا وقلت بعض الوقت ولم يواصل معنا للنهاية إلا اثنان. استهواني بساطة التصرف ..يتراصون علي جانبي المجري الملاحي ويشاورون عند اقترابنا ويلقون بالحبل لآخر قارب يقوم صاحبه بربطه في إحدي جنباته ويمارسون حياتهم بتلقائية أدهشتني، أحدهم يصلح شباك الغزل منذ رأيته في السابعة والنصف وحتي الحادية عشرة والنصف غير مهتم بحركة القارب المتغيرة ولا صياح المحيطين ولا حتي بعض الخلافات متربعا لا يري إلا عمله والآخر وضع صينية ألومنيوم علي طرف القارب وأخذ ينظف بسكين صغيرة أسماكا يعدها لوجبة غداء أسرته بحرفية عالية ثم أخذ يقطع بصلا وطماطم فكما فهمت يدفع بها لفرن متخصص في مدينة المطرية حتي يؤدي صلاة الجمعة ويعود به لأسرته المنتظرة والثالث تقدم بثقة عبر القوارب الخمس ليصعد عندنا يتناول كوب شاي من البوفيه الصغير في خلفية اللنش الذي وضع برادا كبيرا علي موقد بوتاجاز وملأه بالمياه ثم وضع كمية من الشاي والسكر وتركه يغلي ليبيعه في أكواب زجاجية صغيرة وأمهلني حتي ينتهي هذا الدور ليصنع لي شاي كشري أخف والبعض الآخر سارح في ملكوت الله. في منتصف المسافة سمعت أصواتا عالية لأجد القاربين الأخيرين التابعين لمن يشرب بجوارنا الشاي وقد انفلت رباطهما وتراجعا حرين في المياه وهناك رأس صبي يظهر من سطح البحيرة عاريا يسبح ليلحق بحبلهما قبل أن (يسيحا في المياه ) وكان من أقرب قارب لهما وتحمل صاحبهما الزعيق بضرورة أن يبقي كل صاحب قارب فيه حتي لا تضيع منا صلاة الجمعة وقد توقف اللنش ثم دار في دائرة ليصبح في مرمي الصبي يلقي الحبل لنا ونعاود الرحلة. ويقترب منا قارب صاروخ محمل بعلف حيواني أخضر يشير بإصبعيه لفمه فيبادر أحد الشباب بسيجارة فيطلب منه إشعالها لأنه لا يملك (ولعة) ويضعها في فمه ويعاود الانطلاق من جديد.