تابعت ما دار من جدل في الشارع السياسي في الآونة الأخيرة حول البحث عن الأسلوب الأمثل الذي تجري به الانتخابات البرلمانية القادمة، لتمثيل الأحزاب السياسية بقدر أكبر مما كانت عليه في برلمانات ما قبل الثورة، ورغم رفع نسبة القوائم لتصبح ثلثا المقاعد، والثلث فقط للمقاعد الفردية، إلا أن الآراء تباينت داخل الأحزاب، فمن يقول بأن تكون الانتخابات كلها بالقائمة، والبعض رفض التعديل مؤكدين أنه يفتح الباب علي مصراعيه أمام فلول الحزب الوطني ويكرس العصبيات والقبلية، ومن قال إن نظام القائمة النسبية غير المشروطة بنسبة مائة في المائة الذي تطالب به أغلبية القوي السياسية، قد يتحول في ظل ارتفاع نسبة الأمية وضعف الوعي السياسي إلي مجرد مسألة شكلية، والسؤال الذي يطرح نفسه من وجهة نظري: أين هذه الأحزاب التي نبحث لها عن تمثيل مناسب في البرلمان؟ أقول ذلك ليس من فراغ، ولا من باب الترف في الحديث، فالأحزاب الرسمية في مصر قبل ثورة 52 يناير، رغم كثرتها، كان المعروف منها لدي الناس أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، وتواجدها بين الجماهير باعتراف قادتها كان محدودا للغاية، وكانت توصف بأنها مجرد يافطات علي عدد من المباني والصحف، وبعد الثورة زاد العدد، ولا أعتقد أن الصورة النمطية للناس عن الحياة الحزبية قد تغيرت، كما أن نسبة المشاركة في عضوية الأحزاب مازالت متدنية ولا تتعدي 5٪ من عدد السكان، وفي رأيي كان يجب أن يدور البحث في اتجاه آخر، بأن تبحث هذه الأحزاب عن كيفية تجعل لها تأثيرا وفاعلية، وأن تعيد تصحيح أوضاعها من الداخل، بدلا من الصراع والانقسامات التي تشعر أي مراقب بأن هناك (كعكة) يتصارعون علي من يحصل عليها قبل الآخر، خاصة أن الحياة السياسية برمتها قد تغيرت فلم يعد هناك مخاوف من أي تدخل سواء من أمن الدولة أو غيره، وكم كنت أتمني لو أن الأحزاب سواء القديمة منها أو الجديدة كان همها البحث عن آليات جديدة تتيح بأن يكون لتواجدها قيمة حقيقية، بأفكار جديدة، وأناس لا يهمهم سوي المصلحة العامة، بدلا من الثرثرة في وسائل الإعلام، والعمل من أجل قضايا المجتمع، لا من أجل مسائل شخصية، والبحث عن أعضاء جدد لديهم القدرة علي المنافسة، يدخلون في قوائم الحزب، حتي تجذب الجماهير إليها و تثري الحياة الحزبية بدلا من مجرد تواجد برلماني هزيل، حتي لو تم العثور علي أفضل أساليب الانتخابات.