كل شيء لدي بعض المهرجين قابل للابتذال والاستثمار حتي دماء الشهداء ولن نتعامل بأي نوع من الرقة أو النعومة مع من يدعي من الفنانين أنه قدوة يجب أن يسير علي نهجها الآخرون! ولنبدأ الموضوع بهذا السؤال، هل يريد محمد سعد أن يقنعنا أن قلبه "متشحتف" علي الثورة، وإنه ضد كل ألوان الفساد التي طالت كل شيء في حياتنا طوال الثلاثين عاماً الماضية؟؟ إذن لماذا لايدفع ضرائبه عن الأجر الحقيقي الذي يحصل عليه، ويصر أن يكتب في عقوده أجراً وهمياً يقل عن نصف أو ثلاثة أرباع ما يتقاضاه فعلاً؟؟ أليس هذا نوعاً قميئا من الفساد؟ ليس الاسم وحده هو مشكلة فيلم »تيك تيك بوم«، ولكن مضمونه ومايحمله من أفكار أقل مايقال عنها إنها مبتذلة! هي مقصدنا من هذا الموضوع، أفهم رغبة بعض السينمائيين في اللحاق بقطار الثورة، وتسجيل موقف بأنهم قدموا أعمالا تواكب الأحداث، وهي رغبة شبيهة بما حدث مع بعض السينمائيين الذي ابتذلوا حرب أكتوبر المجيدة هم اختزلوها في فيلمين أحدهما باسم بدور، والآخر باسم الوفاء العظيم، وسوف تكتشف أنهما سقطا من ذاكرة السينما. رغم أسماء كبار النجوم التي تحملها تترات كل من الفيلمين!وقبل نصر أكتوبر حدث نفس الشيء مع ثورة يولية، التي جاءت دون سابق إنذار، وكانت السينما المصرية، بعيدة عن طرح موضوعات لها علاقة من قريب أو بعيد بالسياسة، إلا في أضيق الحدود وبأساليب يغلب عليها الرمزية، ثم حدث أن كان أحد الأفلام الهزلية في طور التصوير، وفوجيء مخرج فيلم "عفريت عم عبده"، بقيام جماعة الضباط الأحرار بالثورة التي أطاحت بالملك فاروق، وأراد أن يحظي بشرف أن يكون أول المنافقين لضباط الثورة فقام مع السيناريست أبو السعود الإبياري بتغيير بعض المشاهد، وكانت قصة الفيلم تدور عن شبح عم عبده الذي قتله أحد المجرمين، فأصبح يطاردهم بعد موته، وإذا بتغيير في السيناريو يجعل الشبح، يخبر أحد الأشخاص بأن صحف الغد، سوف تحمل خبرا سوف يغير وجه التاريخ، وهو أن مجموعة من الجيش المصري سوف تقوم بانقلاب أو ثورة تطيح بالملك وأعوانه! طبعاَ غني عن الذكر أن الفيلم أصبح الآن في مزبلة التاريخ، رغم أنه من بطولة شكري سرحان، وإسماعيل يس، وهاجر حمدي والثلاثة كانوا من نجوم السينما في سنوات الخمسينيات! ونعود إلي فيلم تيك تيك بوم، الذي فاق كل محاولات الابتذال ودخل في مرحلة الافتراء علي الثورة والثوار، إما عن جهل وقلة وعي أو عن عمد! هذا الفيلم تقع مسؤليته تماماً علي محمد سعد، فهو الذي كتب له السيناريو والحوار، ولعب فيه كل الأدوار ولا أستبعد أبدا أن يكون قد قام بإخراجه، لأن اسم أشرف فايق علي التترات والأفيشات لايعني بالضرورة أنه المخرج، ولكنه المحلل، الذي يتحمل وزر ما صنعه بطل الفيلم! نتعرف في البداية علي" تيكا" أو محمد سعد، وهو صانع بمب في إحدي الحارات الشعبية، ويختزل تيكا كل أحلامه في الزواج من قطيفة "درة"، ابنةحارته وحبيبة قلبه، ولأن تيكا قريب من قلب شباب الحارة، فهو يدخل بيوتهم، وفي إحدي المرات يلفت نظره، أن أحدهم كتب علي حاسوبه الشخصي، خطة تخطيط الميدان، بشكل يوحي بمؤامرة للسيطرة علي ميدان التحرير، رغم أن الثورة لم تبدأ من ميدان التحرير، ولكن من أمام جامع مصطفي محمود ثم تحركت إلي كوبري الجلاء، حيث وقعت الواقعة، وأول صدام بين الثوار ورجال الشرطة! المهم أن ثورة 52 يناير تنطلق، أثناء احتفال تيكا بزفافه علي قطيفة، وتقع الحارة في براثن عصابات البلطجية، يقودهم محمد لطفي، ورغم كل ماسمعناه عما فعله البطجية أثناء الثورة، فلم يكن هناك حادث واحد، عن مجموعة منهم صعدت إلي الناس في مساكنهم، وكل ماحدث كان عمليات قطع طريق علي المارة والاستيلاء عنوة علي أموالهم أو سياراتهم أو التكاتك "جمع تكتك"!المهم أن تيكا أو محمد سعد يتصدي وحده لعصابات البلطجية، ويكتشف وياللعجب أنهم يضعون كل مايسرقونه من أموال ومشغولات ذهبية في مغارة تشبه مغارة علي بابا! وهو تصور بالغ البلاهة! ثم يتم القبض علي تيكا، من قبل قوت الجيش، ويتم اتهامه بالبلطجة، وفي السجن الحربي يلقي العجب العجاب، حيث يلتقي بالضابط المنفلوطي"محمد سعد نفسه" الذي شاهدناه في فيلم اللي باللي بالك، أبو شفة مقلوبة، وقد تحول هذا الضابط الذي يحمل رتبة عميد، إلي كائن مشوه متوحش، سادي النزعة، يطلق الرصاص بشكل عشوائي علي مخاليق ربنا فيصيب منهم من يصيب، ثم يتهم تيكا بقتل بعض الجنود، إلي أن يثبت العكس، ويتم الإفراج عنه، في الوقت الذي يصل إلي علمه، أن عصابة البلطجية التي يقودها محمد لطفي سوف تهاجم، مستشفي سرطان الأطفال 57357 وفي الكوميديا قد تقبل بعض المبالغات، والخروج عن المنطق، ولكن علي رأي أم كلثوم فإن للصبر حدود، و حدود أيضا، فقد تصور خيال كاتب السيناريو اللي هو محمد سعد نفسه، أن الأموال التي تتدفق علي المستشفي يتم »رزم رزم« تصل إلي سقف خزانة، موجودة داخل المستشفي ويمكن فتحها بأي طفاشة، ويصل تيكا للخزانة قبل أن تصل إليها عصابة البلطجية، ويقف أمام رزم الفلوس وهو مذهول، ويكاد شيطانه يلعب به، ويحرضه علي سرقتها، أو سرقة ماتيسر منها، غير أنه يلتقي بطفلة من مرضي المستشفي تنظر إليه في مسكنه وغلب، فيتراجع ويعود إليه ضميره، ولكنه قبل أن يغادر المستشفي محاطاً بكم من اطفالها يفاجأ بنفس العصابة تهاجمه كأن مفيش في البلد غيره، وقبل أن يطلق عليه زعيمها رصاص مسدسه، يفاجأ برصاصة تنطلق إلي ظهر البلطجي، من الضابط السادي مقلوب الشفة، وهو يقول لتيكا، الشرطة في خدمة الشعب!!! طبعا الفيلم يخلو تماما من الضحك، اللهم إلا الضحك علي المغفل اللي حايخش الفيلم، ويمتليء في نفس الوقت بكم هائل من الادعاءات، فالحارة الكبيرة فيها محل صائغ قبطي هو لطفي لبيب، وشيخ جامع هو جمال إسماعيل وخد عندك كلام في الوحدة الوطنية علي طريقة موضوعات الإنشاء في المدارس الابتدائية الحكومية! وطبعا لا يمكن أن يفوت محمد سعد فرصة الغناء، ولكن الشهادة لله، فقد تنازل في هذا الفيلم عن تلعيب مؤخرته وهو يغني آه لو كنت رئيس! تخيل بعد خمس أو عشر سنوات عندما يشاهد طفل ما هذا الفيلم علي إحدي القنوات الفضائية، ويعتقد أن ثورة يناير التي قام بها ملايين من الشعب المصري بينهم شباب ورجال ونساء وشيوخ، نجحوا في خلع حاكم فاسد مستبد وبطانته، من أجل حياة كريمة للجميع، لاشك أن هذا الطفل سوف يستقر في وجدانه بعد أن يشاهد فيلم »تيك تيك بوم« أن الثورة لم تكن إلا شوية بلطجية بيتخانقوا مع بعض يتصدي لهم مواطن أبله وعبيط !مش ده يبقي ابتذال واللا له مسمي تاني!