[email protected] وسط ضبابية المرحلة التي تمر بها الثورة الآن.. ورغم القلق المشروع والمبرر الذي يعيشه كل ثائر أن تنجح محاولات إجهاض ووأد الثورة.. وأمام تخوف من انفراط عقد القوي الثورية الذي بدأ أسرع مما كان متوقعا ومنتظرا ومطلوبا. من بين هذه المشاعر المختلفة بالترقب والتوجس والحذر يطل دائما بين الحين والآخر بصيص أمل يجعلنا علي يقين أن نجاح ثورتنا ليس بالأمر المستحيل وإن بدت الظروف صعبة والأحداث مضطربة والمشاهد مرتبكة. خطوتان علي الطريق الصحيح تزيد فينا هذا الأمل، بدت أولاهما علي استحياء ولم تنل اهتماما إعلاميا كبيرا.. بلا ضجيج تولدت الفكرة ونمت وبدأت أولي خطواتها للتنفيذ.. الفكرة وراءها نشطاء حركة 6 أبريل بمحافظة القليوبية.. قاموا بتدشين حملة حملت شعار »مشكلتك إيه« هدفها التعرف علي مشاكل الجماهير من أبناء المحافظة والبحث معهم عن حلول لها بعد عرضها علي المسئولين. الفكرة التي تبدو بسيطة ربما بسبب ذلك لم تحظ باهتمام إعلامي باستثناء الخبر الصغير الذي نشرته جريدة الشروق.. ومع ذلك أري أنها تعد خطوة عملية لو كتب لها النجاح ستكون بمثابة أول تحرك فعال للخروج من شرنقة الجدل السفسطائي الذي أقحمت القوي السياسية فيه منذ رحيل مبارك. فلاشك أن دوامة الخلافات التي أنهكت هذه القوي بشكل بدا متعمدا تحركه رغبة البعض في إنهاء واستنزاف طاقتها في صراع عقيم حتي تحيد عن المسار الصحيح الذي يقود في النهاية لنجاح الثورة. كان من الضروري أن تسارع القوي الثورية للجماهير تتواصل معها تتعرف علي مشاكلها وترصدها وتعمل علي حلها.. فهذه هي الأرضية المطلوب الانطلاق منها الآن والتركيز عليها حتي يدرك المواطن البسيط أن الثورة بالفعل قامت من أجله .. وأنها عندما رفعت شعارتها العبقرية عيش .. حرية.. عدالة اجتماعية.. كانت تلخص بصدق همومه ومطالبه في حياة كريمة أفضل. نبل الشعارات للأسف تاه وسط دوامة الجدل والصراع.. هذا الصراع الذي فتح الباب علي مصراعيه للمتربصين بالثورة.. الساعين لإحهاضها. لم يكتف هؤلاء بالجرائم التي ارتكبوها في حق الثوار.. لكنهم لايكفون أيضا علي بث سمومهم لدفع المواطن البسيط للكفر بالثورة والشعور بأن كل مشاكله التي يعاني منها سببها هؤلاء الثائرون الذين لايكفون عن الاحتجاج. رغم كذب هذه الإدعاءات إلا أن مكر القوي المضادة وأحيانا مايؤتي ثماره خاصة أن مشهد القوي السياسية يبدو مضطربا ومبتعدا يوما بعد الآخر عن هموم ومشاكل هؤلاء البسطاء. من هنا كان لابد من التحرك لمد جسور التواصل مع المواطنين والاقتراب منهم وإزالة كل الغموض حول المشهد المضطرب وإحساس الجماهير بأن الثورة بالفعل لم تقم إلا بهم ومنهم ولهم. هذه هي البوصلة الصحيحة التي يجب أن يتحرك وفقا لها الثوار.. حتي لايتركوا الساحة لأعداء الثورة يمرحون ويبثون سمومهم فيها. يجب أن ينتبه الجميع أن نجاح الثورة كان وراءه تلك الشعارات التي مست هموم الشعب وعليها الآن تحويل وترجمة هذه الشعارات إلي واقع يعاش. لذلك أري أن ما قامت به حركة 6 أبريل بالقليوبية هي خطوة مهمة علي الطريق الصحيح.. ولايقل عنها أهمية تلك المبادرة التي تبناها حزب الحرية والعدالة بإعداد قوائم سوداء تضم أسماء كل قيادات الحزب الوطني المنحل وكل من دخل المجمعات الانتخابية وهدف القائمة بالطبع هو منع وصول هؤلاء للبرلمان مرة أخري. خطوة عملية وفعالة وتصب في صالح انتخابات نزيهة وحرة خاصة أمام قانون انتخاب مازال يفتح الباب أمام تسلل هؤلاء الفاسدين مرة أخري حيث ينص القانون علي المزج بين نظامي الفردي والقائمة.. برغم الأصوات المخلصة التي بحت للمطالبة بأن تتم الانتخابات بنظام القائمة فقط لكن للأسف لم يتم الاستجابة لها ليظل الخطر قائما من إقحام الفسدة أصحاب الخبرة في تزوير وتزييف إرادة الجماهير وتشويه الانتخابات بأعمال البلطجة التي تمرسوا عليها. أعتقد أن مواجهة هؤلاء لن تكون إلا بإقرار قانون الغدر الذي يقضي بعزل كل من شارك في إفساد الحياة السياسية ومنعه من ممارسة السياسة لمدة خمس سنوات.. وحتي يتم إقرار هذا القانون تبقي للخطوة التي تبناها حزب الحرية والعدالة وجاهتها وتعد مساهمة إضافية لعزل هؤلاء المفسدين. نحن في أمس الحاجة لهذه القوائم السوداء والتي لاتعد بأي شكل من الأشكال خطوة إقصائية أو انتقامية كما يحلو للبعض الترويج ضدها.. فيكفينا ما عانينا منه جراء إقحام هذه الوجوه في المشهد السياسي الذي بات بالفعل عطنا وفاسدا ولن ينصلح الحال إلا بابتعاد هذه الوجوه علنا لنصلح ما أفسدوه طوال تصدرهم الساحة.. يصعب أن يعول هؤلاء علي نسيان الشعب فذاكرة الشعوب حديدية.. والشعب لن ينسي بسهولة جرائمهم ومكانهم الطبيعي هو إلصاقهم في قوائم العار.