بالمجاميع.. مواعيد اختبارات الهيئة والقبول بمدارس التمريض في مطروح (تفاصيل)    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 22-8-2025 بعد آخر انخفاض    عاجل: هجوم صاروخي على تل أبيب.. التفاصيل الكاملة لانفجارات عنيفة وتعليق الملاحة في مطار بن غوريون    السفير حسام زكي: التحركات الإسرائيلية في غزة مرفوضة وتعيدنا إلى ما قبل 2005    تطور جديد في مستقبل دوناروما.. وكيله يظهر في مانشستر سيتي    إبراهيم نور الدين يقدم برنامج «كورة مصر» على الفضائية المصرية    رابطة الأندية تعلن تعديل مواعيد وملاعب 7 مباريات في الدوري    اليوم الأول بدوري القسم الثاني.. تعادل كفر الزيات والسكة الحديد والإنتاج يحسمها بثنائية    «أغسطس يُسدل الستار على الموجات الحارة».. مفاجأة بشأن حالة الطقس الأسبوع المقبل    "الخريطة الزمنية كاملة" موعد بدء الدراسة 2025 – 2026 في مصر    مطرب الراب ناصر يغنى النصيب بفقرته فى مهرجان العلمين    رضوى الشربيني تعلق على عودة حسام حبيب ل شيرين عبدالوهاب: «يا ألف خسارة»    منها الإقلاع عن التدخين.. 10 نصائح للحفاظ على صحة عينيك مع تقدمك فى العمر (تعرف عليها)    الخارجية الفلسطينية: استباحة الاحتلال والمستوطنين للضفة الغربية انتهاك صارخ وتكريس لمخططات التهويد والضم    ترامب يعلن موعد قرعة كأس العالم 2026 في أمريكا    ضبط وكر لتجارة المخدرات بكلابشة والقبض على عنصرين شديدي الخطورة بأسوان    ترامب: الوضع الراهن في غزة يجب أن ينتهي    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل    كندا تتراجع عن الرسوم الجمركية العقابية على السلع الأمريكية    ثورة جديدة بتطوير المناهج «2»    موعد إجازة المولد النبوي 2025 للقطاعين الحكومي والخاص (رسميًا)    رواية مختلقة.. وزارة الداخلية تكشف حقيقة تعدي شخص على جارته    موقف بطولي على قضبان السكة الحديد.. إنقاذ شاب من الموت تحت عجلات القطار بمزلقان الغمراوي ببني سويف    مدرب توتنهام: لا مكان لمن لا يريد ارتداء شعارنا    خسارة سيدات الطائرة أمام صاحب الأرض ببطولة العالم بتايلاند    الوادي الجديد تطلق منصة إلكترونية للترويج السياحي والحرف اليدوية    صراع الخير والشر في عرض مدينة الأحلام بالمهرجان الختامي لشرائح ونوادي مسرح الطفل    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    إسلام عفيفى يكتب: الصفقات المرفوضة وتحالفات الضرورة    لغة لا تساوى وزنها علفًا    بعد مداهمة وكر التسول.. حملات مكثفة لغلق فتحات الكباري بالجيزة| صور    «التنظيم والإدارة» يعلن توقف الامتحانات بمركز تقييم القدرات.. لهذا السبب    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    محمود فوزي: الحكومة جادة في تطبيق قانون الإيجار القديم وحماية الفئات الضعيفة    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    المجاعة تهدد نصف مليون في غزة.. كيف يضغط المجتمع الدولي على إسرائيل؟    نجاح عملية دقيقة لاستئصال ورم بالمخ وقاع الجمجمة بمستشفى العامرية العام بالإسكندرية    عميد طب القصر العيني يتابع جاهزية البنية التحتية استعدادًا لانطلاق العام الدراسي    لمرضى السكري - اعتاد على تناول زبدة الفول السوداني في هذا التوقيت    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    "درويش" يحقق قفزة كبيرة ويتخطى 20 مليون جنيه في 9 أيام    الكشف الطبى على 276 مريضا من أهالى قرى البنجر فى قافلة مجانية بالإسكندرية    المقاومة العراقية تطالب بالانسحاب الحقيقي للقوات الأمريكية من العراق    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    المرور يضبط 120 ألف مخالفة و162 متعاطيًا للمخدرات خلال 24 ساعة    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    الاقتصاد المصرى يتعافى    الداخلية تكشف تفاصيل اقتحام منزل والتعدي على أسرة بالغربية    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر الثورة.. قليل من الأمل.. كثير من القلق
نشر في صوت البلد يوم 13 - 08 - 2011

الزائر للقاهرة هذه الايام يلحظ تغيرا لافتا في مشاعر المصريين تجاه ثورتهم العظيمة التي اطاحت بمبارك وحكمه خلال ثمانية عشر يوما وأحدثت موجات هائلة من التفاؤل والامل في غد افضل بعد رحيل الطاغية وحكمه الفاسد. فبعد نحو ستة اشهر على سقوط الديكتاتور، يستشعر من يسير في شوارع المحروسة ويلتقي مع عامتها وبسطائها، أن ذلك الحماس الثوري وتلك المشاعر المفعمة بالأمل التي تفجرت مع بدايات الثورة، تبدو أخذة في الانحسار بينما تتصاعد في الوقت ذاته مشاعر القلق والخوف على مصير الثورة والوطن برمته.
وتبدو الشقة واسعة والفارق شاسعا بين الأمل الذي إجتاح المصريين يوم تنحي مبارك عن السلطة يوم 11 شباط/فبراير وبين حالة القلق الاحباط التي تخيم على قطاعات واسعة من الناس. صحيح أن الثورة أنجزت عددا من الأهداف التي قامت من أجلها وكان بعضها ضربا من الخيال مثل الاطاحة برأس النظام وعدد من رموزه الكبار، وشاهد المصريون جميعا مبارك في قفص الإتهام حقيقة لا خيالا، لكن الثورة تبدو الان في مفترق طرق حقيقي يبعث على الكثير من القلق والمخاوف ليصبح السؤال الذي يتردد على السنة العامة والنخبة على حد سواء، مصر إلى اين؟
فلم تعد الطموحات والأمال العريضة التي فجرتها الثورة في عقول وقلوب الناس بنفس البريق والنضارة لا سيما وأنهم لم يلمسوا أي تغير حقيقي في حياتهم سوى الكلام الكثير الذي إنتعش سوقه بشكل غير مسبوق بالتزامن مع كساد وركود في سوق الأفعال والقرارات التي يمكن تقنع غالبية الناس أن ثورة عظيمة جرت في ربوع هذا الوطن. ربما يقول قائل إن ما تشهده مصر حاليا شىء عادي جدا ولا يدعو للقلق فهكذا دائما ديدن الثورات وطبائعها وأن موجات التفاؤل والاحلام العريضة التي ترافقها سرعان ما تعقبها موجة احباطات خصوصا عندما تتعثر الثورة في بعض مراحلها أو تضل طريقها المنشود. وهذا القول صحيح جدا في مجمله لكن ذلك لا ينفي أن هناك أسبابا مشروعة لحالة القلق وربما الخوف التي تنتاب الكثيرين في مصر.
تطهير ميدان التحرير من فلول الثورة
أول أسباب ذلك القلق هو ما يجري الآن في ميدان التحرير مركز الثورة الذي شهد أعظم لحظات إنتصارها عندما تنحي الديكتاتور. فمصر التي حضرت الى ميدان التحرير بكل طبقاتها وفئاتها وطوائفها، تبدو غائبة أو مغيبة عن هذا الميدان الذي كان في تلك اللحظات التاريخية ساحة لتوحيد ولم شمل المصريين حيث وذابت كل الفروق الوهمية والحقيقية بينهم، وبعد ستة أشهر عاد الميدان ليصح ساحة فرقة وتنابزوسجال بين أبناء الوطن، وانتهى الامر بان تم طرد الثوار منه لتحتله جحافل قوات الامن المركزي والشرطة العسكرية في مشهد يعيدنا لأجواء ما قبل الثورة، فقد تم بحمد الله تطهير الميدان على يد هذه القوات الجرارة من فلول الثورة والمندسين. أما السبب الآكثر مدعاة للقلق على مصير الثورة من طرد الثوار من ميدانهم، فهو ذلك السياج الذي يتم بناؤه يوما بعد يوم بين الثورة وحاضنتها الشعبية التي تضم الجماهير العريضة من المصريين والتي تبدو الان منصرفة بشكل لافت عما يجري لا سيما وانها لم تشعر بأن تغييرا لامس حياتها ومعيشتها وذلك نتيجة عدم قيام القائمين على الحكم الان باتخاذ أي إجراءات أو قرارات حقيقية تدفع الناس للتمسك بثورتهم والتطلع لما تحمله الايام القادمة. لكن الثوار يتحملون جانبا مهما من مسؤولية محاولة عزلهم عن الجماهير من خلال بعض الأخطاء نتيجة الحماس الثوري الزائد تارة أو بسبب قلة الوعي السياسي لدى بعضهم، بالاضافة الى عدم قدرتهم على التواصل مع الناس واقناعهم بأن كل ما يقومون به هو لمصلحتهم في النهاية. ولا شك أن النخب والقوى والفصائل السياسية المختلفة دينية كانت او مدنية ساهمت بنصيب وافر في دفع الناس بعيدا عن ثورتهم بسبب المعارك الجانبية التي خاضتها هذه القوى فيما بينها والتي غابت أحلام الناس وتطلعاتهم عنها بشكل شبه كامل. وسواء كانت هذه المعارك حقيقية أو أنها مفتعلة فان النتيجة إنها إستنزفت جانبا كبيرا من جهد الثورة وأنزلقت بها بعيدا عن أهدافها الحقيقية.
إعلام مبارك يبعث من جديد
هذه الاجواء الملبدة بالقلق والمتشحة بقدر لا باس به من المخاوف، بدت فرصة مؤاتية لأعداء الثورة للانقضاض عليها ومحاولة إنهاكها إلى درجة تجعلها غير قادرة على إكمال مسيرتها أو الانحراف بها نحو مسار أخر غير ما يبتغيه صناعها. هذا الإنهاك يتم عبر أكثر من وسيلة لكن الاعلام الرسمي يبدو الان رأس الحربة في إرهاق هذه الثورة وشيطنتها من خلال تحميلها كل أزمات ومحن المجتمع المصري رغم أن كل ما يشهده هذا المجتمع من أزمات وحرائق هو نتيجة الميراث الثقيل للنظام الفاسد الذي حكم مصر على مدى عقود. شيطنة الثورة تتم عبر سلسلة من المفردات المنتقاة تضع الثورة في مواجهة الوطن، فاصبح شعار مصر أولا هو كلمة السر في غالبية البرامج الموجهة التي يبثها التلفزيون الحكومي على قنواته المختلفة وكأن شعار الثورة أولا هو شعار مفارق او مناقض لمصلحة الوطن. كما بات معتادا في الاعلام الحكومي تكرار مقولات من قبيل توقف عجلة الانتاج وتعطيل مصالح الناس والتحذير من المجاعة والانهيار الاقتصادي بينما توارى الحديث عن غياب الامن وتقاعس أجهزة الشرطة عن القيام بواجبها في إعادة الاستقرار والامن للشارع في مواجهة بعض مظاهر البلطجة والخروج على القانون. وفي سياق الشيطنة هذا يمكن الإشارة الى إتهام أحد اعضاء المجلس العسكري لحركتي كفاية و6 إبريل، بالخيانة وتلقي تمويل من الخارج، وهي لغة أعادت للاذهان نفس الخطاب البوليسي الذي اعتمده مبارك في مواجهة خصومه ومعارضيه.
ثورة أم إنقلاب
ومن الأسباب المهمة لحالة القلق التي تخيم على المصريين الان هو حالة الضبابية التي تكتنف المشهد السياسي بعد الثورة والطريقة التي تداربها المرحلة الانتقالية التي يبدو أنها قد تطول وفقا لخطة خريطة الطريق التي وضعها المجلس العسكري ففي ظل هذا الغموض والعلاقة الملتبسة بين المجلس العسكري وبين القوى السياسية التي يحكمها خليط يراوح ما بين الثقة ونقضيها والأعجاب والتقدير تارة والهجوم والتوجس تارة أخرى، في ظل ذلك كله تجد كثيرين يتساءلون عن حقيقة ما جرى .. هل كان ثورة شعبية أطاحت بمبارك ويفترض أن تجهز على باقي نظامه تمهيدا لاقامة نظام سياسي جديد؟ أم أنها كانت إنقلابا عسكريا قاده الجيش تحت غطاء المظاهرات الشعبية الحاشدة، لقطع الطريق على سيناريو توريث جمال مبارك الحكم والذي كانت المؤسسة العسكرية تعارضه بقوة؟
ويبدو هذا السؤال مشروعا بالنظر إلى الفجوة الكبيرة بين الثوار القائمين على الحكم وعلى رأسهم المجلس العسكري، حيال طريقة إدارة الامور، فبينما تطالب القوى الثورية باحداث تغييرات جذرية تنقل هذا الوطن نقلة نوعية حقيقية من مرحلة حكم مبارك إلى مرحلة أخرى جديدة كليا تليق بالمصريين وثورتهم، فان مجريات الامور، كما يستشعر كثيرون ممن التقيتهم خلال زيارتي الأخيرة للقاهرة، لا تسير في هذا المسار، بل تبدو كأنها تسعي لأعادة ترميم النظام القديم بعد أن قطعت الثورة رأسه وبعض إطرافه. هذه الوجهة التي يراد للثورة أن تتبعها تبدو مناقضة تماما لمفهوم الثورة في حين أنها أقرب للاصلاحات منها للتغيير الجذري. ويظهر ذلك جليا من البطء في إتخاذ قرارت عاجلة لإنفاذ إرادة الثورة وتحقيق أهدافها وعدم الاستجابة إلا تحت ضغط الشارع وزئير المليونيات. وهنا يبدو مستقبل الثورة والوطن محكوما بالصراع الحالي بين إرادتين أو رؤيتين لما جرى: إرادة ميدان التحرير من ناحية وإرادة المجلس العسكري من ناحية أخرى وبالتالي فان مصير الثورة ومسارها يبقى رهنا بمصير هذا الصراع ولمن تكون الغلبة في النهاية، أو بلغة أكثر تفاؤلا، بقدرة الطرفين على الالتقاء حول قواسم مشتركة تحقق أهداف الثورة ولا تنال من طموحات ومكانة المؤسسة العسكرية في أي نظام سياسي جديد. ويبقى القلق حاضرا وتبقى المخاوف مشرعة بشأن مصير الثورة والوطن، طالما بقي هذا الملف مفتوحا دونما حسم واضح..
لكن كل أسباب القلق تلك لا تغلق أبدا نوافذ الأمل في غد أفضل لمصر وشعبها الذي يجمع، رغم مخاوفه، على أن عقارب الساعة بعد ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير، لن تعود إلى الوراء أبدا وأن الوضع لن يكون أسوأ مما كان عليه في عهد مبارك، أيا تكن الهواجس. ويبقى الرهان الحقيقي فيما يخص مستقبل مصر الثورة، على قدرة القوى الثورية والتيارات السياسية بمختلف مشاربها على الاتفاق على جملة من المبادىء والقواسم التي تحفظ للثورة زخمها وقدرتها على أن تمضي في طريقها نحو إكمال اهدافها، وهذا لن يتأتي إلا حين توضع الحسابات الحزبية الضيقة جانبا وتوضع الثورة ومطالبها فوق كل إعتبار وفي عين وقلب هذه المطالب والأهداف أحلام وهموم ومشاغل الغالبية العظمي من إبناء هذا الوطن الذين تمددت أحلامهم مع الثورة بطول البلاد وعرضها، فلا تجهضوا هذه الأحلام ولا تقتلوا الأمل في نفوس هذه الملايين التي شاركت في الثورة وأيدتها وضحت من أجلها، وعودوا الى ثورتكم يرحمكم الله.
كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.