[email protected] إذا كانت المملكة العربية السعودية تفخر دائما علي امتداد تاريخها أنها تقدم كل تسهيلاتها لخدمة وراحة ضيوف الرحمن، فإنها يجب أن تهتم أكثر بوسائل السفر وتيسير استقبالهم في مطاراتها التي ساءت للأسف الشديد في موسم العمرة هذا العام، وبالتحديد طوال شهر رمضان المبارك فقد عانيت شخصيا من رحلة عذاب نتيجة لسوء خدمة الخطوط العربية السعودية، والفوضي والارتباك وغياب الخطة الرشيدة في مطار الملك عبدالعزيز بجدة، وتخلف الحقائب لساعات طويلة، وعجز المسئولين السعوديين عن إيجاد حلول فاصلة لمشاكل المعتمرين!! سافرت علي الخطوط السعودية لتأدية »العمرة« في الأسبوع الأول من رمضان تفاديا للزحام، وكان سفري علي رحلة الفجر 7 أغسطس التي تقلع من القاهرة الخامسة صباحا، ووصلت »جدة« في حوالي الثامنة، وبعد ختم الجوازات توجهت إلي سير استلام الحقائب كالمعتاد.. انتظرت حوالي ساعة كاملة ولم تصل الحقائب، ولاحظنا أن الحقائب التي تصل لركاب (علي نفس رحلتنا) ولكن أصحابها إما سعوديون أو أجانب يعملون داخل المملكة، ولما طال الانتظار وسط حالة من الفوضي والارتباك وعلامات الاستفهام، ذهبنا إلي مكتب الشركة في نهاية الصالة وكان يجلس عليه ثلاثة موظفين، تأمل كل واحد منهم تذاكرنا، ثم أخبرنا أن حقائبنا قد وصلت إلي مدينة الحجاج التي تبعد حوالي 25كيلومترا عن مطار الملك عبدالعزيز الذي نتواجد فيه الآن.. كيف حدث ذلك.. وما هو السبيل إلي استلام أمتعتنا، فتلك قصة مثيرة أبطالها الإهمال والتسيب واللامبالاة والاستهتار بوقت وجهد الركاب! فعند التوجه إلي مكتب الخطوط السعودية بمطار القاهرة لإنهاء إجراءات السفر والوزن، صنف القائمون عليها الركاب حسب نوعية »التأشيرة« ، فالحاصلون علي تأشيرة »عمرة« تصل حقائبهم إلي مدينة الحجاج، أما السعوديون أو الأجانب المقيمون ويعملون في السعودية فحقائبهم تصل إلي المكان الطبيعي وطبقا للنظام المعمول به طول العام بمطار الملك عبدالعزيز! موظفو الخطوط السعودية أجروا هذا التصنيف دون أن يخبروا الركاب بذلك علي الإطلاق، سواء قبل سفرهم، أو بعد وصولهم »جدة«، ولم يعلن المضيفون ذلك حتي داخل الطائرة أثناء الرحلة، بل كان الخروج من الطائرة عشوائيا بلا أي تنظيم أو ترتيب!! عدت لأسأل: وهل يمكن الذهاب إلي مدينة الحجاج بتاكسي علي نفقتي الخاصة لاستلام حقيبتي؟! أجابوني بأن ذلك مستحيل، لأن مكان استلام الحقائب هناك غير مسموح بدخوله من خارج المطار تنفيذا لتعليمات الأمن.. ورفعت صوتي بعد أن ضاق صدري وأنا »صائم« وأفتقد أمتعتي وأدويتي الموجودة داخل حقيبتي: والحل؟ أجابني موظف الخطوط المغلوب علي أمره نتيجة لغياب الخطة والالتزام: أمامك حلان: إما أن تغادر المطار بدون الحقيبة وتأتي مرة أخري بعد زمن لا يقل عن ست ساعات.. أو تنتظر معنا حتي وصول الحقائب من مدينة الحجاج في نهاية اليوم، ولأن كلا الحلين أسوأ من الآخر، فقد فضلت الحل الأول مرغما وأنا أستدعي هذه القصة التي حدثت منذ أكثر من عشر سنين من ذاكرتي: كنت في مدينة »كولون« بألمانيا للعلاج، وأثناء رحلة العودة عن طريق »أمستردام«بهولندا حيث لا يوجد طيران مباشر للقاهرة، حدث أن تأخرت الطائرة التي ستقلني من كولونيا كما نسميها إلي أمستردام، حوالي ساعة وسيترتب علي ذلك التأخير أن مكتب k.L.M بمطار هولندا سيغلق ولن يتسلم مني الحقائب نتيجة لهذا التأخير، وهنا تقدمت موظفة الخطوط »الأجنبية« لتتقدم لي ببالغ اعتذارها عن هذا الموقف، وتقدم لي أيضا »خيارين« ولكن مختلفين تماما عن حلي الخطوط »السعودية«: إما أن تسافر إلي أمستردام الآن وتتسلم حقيبتك هناك ونستضيفك ليلة في فندق خمس نجوم علي حساب الشركة نتيجة لهذا التأخير وتستأنف رحلتك غدا علي أول رحلة، أو تختار السفر اليوم للقاهرة، ولكن بدون الحقائب، علي أن تصلك غدا علي عنوان منزلك وهذه مسئوليتنا علي أقرب رحلة، واخترت الحل الثاني، لأفاجأ بوصول حقائبي فعلا في المساء، ومعها »شيك« غير بنكي سلمه لي »المندوب« لاستلام قيمته من مقر الشركة بشارع قصر النيل المجاور للخطوط »السعودية« كتعويض واعتذار عما لحق بي من تأخير خارج عن إرادتهم!! صحيح أن مقر الشركة »الأجنبية« علي بعد خطوات من »السعودية« لكن الأولي تحترم الراكب تماما وآدميته ووقته أيا كانت ملته أو جنسيته أو دينه، والثانية الخطوط »السعودية« تستهين بآدميته حتي لو كان مسلما ذاهبا للتقرب إلي الله طالبا عفوه ورضاه لأداء العمرة في شهر القرآن!! وأعود إلي مطار الملك عبدالعزيز والذي اخترت مغادرته غاضبا بدون حقيبتي التي تحتوي علي ملابسي وأغراضي وأدويتي، متعبا مرهقا بعد أن ضاع يوم كامل من رحلتي هباء مفوضا أمري إلي الله عن كل الأخطاء والحماقات والاستهتار التي ارتكبتها الخطوط السعودية في حقي، واستلمت حقيبتي في مساء ذلك اليوم، رافعا تفاصيل رحلة العذاب أمام المسئول الأول عن الطيران في السعودية الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، خاصة أن شكاوي المعتمرين منها تواصلت حتي بعد انتهاء شهر رمضان المبارك ونشرتها الصحف اليومية بالقاهرة، عندما حدث ارتباك شديد داخل المطار من تأخر وصول المعتمرين وتخلف الحقائب وتدخلت الشرطة العسكرية لتهدئة الغاضبين، ومطلوب من المسئولين عن الخطوط السعودية وعلي رأسهم مديرها العام المهندس خالد الملحم وضع خطة جديدة واستراتيجية حتي لا تتكرر تلك الأحداث المؤسفة مستقبلا، فلقد فشلوا فعلا في رحلات موسم العمرة في رمضان، فماذا سيفعلون بالنسبة للحج ونحن علي أبوابه؟!