احتفل المجتمع الدولي في العشرين من نوفمبر 2009 بالذكري العشرين لإقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتفاقية حقوق الطفل والتي تعد إنجازا تاريخيا من إنجازات البشرية فهي اتفاقية فريدة من نوعها من حيث تبنيها للمعايير العالمية لرعاية جميع الأفراد دون سن الثامنة عشرة وكيفية التعامل معهم وحمايتهم وتعد الاتفاقية إضافة قوية للإطار الدولي لحقوق الإنسان ومع أنه لم يمض علي وجود هذه الاتفاقية سوي عقدين من الزمان إلا أنها حققت بمصادقة 193 دولة عليها حتي عام 2009 قبولا يكاد يكون عالميا. وكانت مصر واحدة من أوائل الدول الموقعة علي هذه الاتفاقية كما أنها صادقت علي جميع البروتوكولات الاختيارية وقد نجحت الحكومة المصرية في تحقيق العديد من الإنجازات في مجال حقوق الطفل علي مدي السنوات العشرين الماضية مما يجعلها حاليا علي الطريق الصحيح لبلوغ الأهداف الانمائية للألفية الخاصة بالأمم المتحدة. ومن هذا المنطلق احتفلت منظمة اليونيسيف بإطلاق نسخة خاصة من التقرير الرائد الذي تصدره المنظمة الدولية سنويا تحت عنوان »وضع الأطفال في العالم« خلال الأسبوع الماضي بالقاهرة تواكبا مع مرور عشرين عاما علي اعتماد اتفاقية حقوق الطفل وذلك بحضور السفيرة مشيرة خطاب وزيرة الدولة للأسرة والسكان والفنان خالد أبوالنجا سفير النوايا الحسنة.. وقد أكدت الدكتورة »إرما ماننكور« ممثل اليونيسيف في مصر ما شهده العالم من إنجازات نتيجة اعتماد اتفاقية حقوق الطفل وذلك بفضل الالتزام العالمي بنصوصها من جانب الحكومات والمجتمع المدني والمجتمع الدولي من حيث انخفاض العدد السنوي لوفيات الأطفال وانتظام الأطفال في المرحلة التعليمية وتوفير سبل الحماية لهم من العمل كجنود أو الاتجار بهم أو العمل كعبيد في المنازل وغير ذلك من الإنجازات التي تضمن للطفل حياة كريمة. إنجازات مصرية وأشادت الدكتورة »ماننكور« بالجهود التي بذلتها مصر في نطاق دعم حقوق الطفل مشيرة إلي أن الحكومة المصرية قد نجحت في خفض معدل وفيات الأمهات والأطفال الرضع بشكل كبير علي مدي السنوات العشرين الماضية وفي قطاع التعليم شهدت مصر زيادة في معدل الالتحاق الإجمالي من 89٪ إلي 96٪ وانخفاضا في معدلات التسرب من 3.85٪ إلي 0,49٪.. وذلك بخلاف ما قامت به مصر مؤخرا من تعديل لقانون الطفل وفرض حظر علي ممارسة ختان الإناث وإنشاء وزارة للأسرة والسكان كل هذه الإنجازات تعد تعبيرا مهما عن اتخاذ الإجراءات التي تحقق »المصالح الفضلي للطفل«.. وأكدت ممثلة اليونيسيف في مصر التزام المنظمة بدعم كل الجهود الوطنية في مصر والعالم والتي تضع الأطفال في صلب برنامج التنمية. وبالرغم من أن التقدم الملموس الذي تحقق علي الساحة الدولية في إطار تنفيذ نصوص اتفاقية حقوق الطفل الدولية فمازالت هناك العديد من التحديات ماثلة أمام أعمال حقوق الطفل وهناك العديد من الأسئلة المطروحة للإجابة عليها والتي أشار إليها تقرير اليونيسيف الصادر لعام 2010 بخصوص وضع الأطفال حول العالم وهي: أولا ما هو الفرق الذي أحدثته الاتفاقية في حياة الأطفال خلال العقدين الماضيين؟ وثانيا: ما هو دور الاتفاقية ومدي ملاءمتها في مواجهة الأزمات المالية والغذائية والفعلية الشديدة التي وقعت في الآونة الأخيرة؟ وأخيرا ما هو الدور الذي تؤديه الاتفاقية علي مدي العشرين سنة التالية وما بعد ذلك في عالم عدد سكانه آخذ في الازدياد والتحضر ويواجه تحديا بيئيا؟ استراتيجية متكاملة ومن ناحية أخري أوضحت السفيرة مشيرة خطاب وزيرة الدولة للأسرة والسكان أن مصر كانت من أوائل الدول التي أبدت اهتماما بحقوق الطفل وذلك بدعم من الرئيس محمد حسني مبارك وبرعاية السيدة سوزان مبارك قرينة رئيس الجمهورية وقد بدأ المجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر في مباشرة أعماله قبل تصديق الكثير من دول العالم علي الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.. وأكدت وزيرة الدولة للأسرة والسكان ما حققته مصر من إنجازات في هذا المجال علي مدي العشرين سنة الماضية من اعتماد قانون للطفل المصري والذي يستمد من الاتفاقية الدولية نصوصه وقد جرم القانون المصري العديد من الممارسات مثل ختان الإناث وتزويج الفتاة في سن مبكرة وتشغيل الأطفال وقد وضع القانون نظاما متكاملا لحماية الطفل ووقايته من العنف للحماية يعتمد علي التأهيل وإعادة اندماج الطفل في المجتمع بدون عقاب لأن الطفل هو الذي تعرض للاستغلال ولا يحق أن يتم عقابه بل يجب إعادة تأهيله ودمجه في المجتمع ليصبح عضوا مهما به. وأشارت السفيرة مشيرة خطاب إلي أن المجلس القومي للأمومة والطفولة قد حقق بالفعل نقلة كبيرة عندما وضع استراتيجية جديدة متكاملة للتعامل مع الأطفال بمصر تستمد أسسها من التقدم العالمي ولكن من منظور إرساء قيم المجتمع الذي يعيش فيه.. وأضافت موضحة أن إنشاء وزارة للأسرة والسكان في مصر جاء ليضع الأمور في نصابها الصحيح وبوعي وإدراك من القيادة السياسية بأهمية دور الأسرة في تنشئة الطفل وبالتالي فإن الاهتمام المتكامل بالأسرة شيء ضروري لتنشئة أطفال يتحقق بهم غد أفضل للوطن. الوثيقة العظمي ومن الجدير بالذكر فإن الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والتي حققت قبولا يكاد يكون عالميا بمصادقة 193 دولة عليها إلا أن هناك دولتين فقط لم تصادقا عليها وهما الصومال والولايات المتحدةالأمريكية ورغم أن كلتا الدولتين وقعت علي تلك الاتفاقية إلا أنهما لم تصادقا بعد عليها ومن ثم فقد أشارت وزيرة الدولة لشئون الأسرة والسكان إلي اعتقادها بأن إدارة الرئيس أوباما لابد أن تسارع في التصديق علي هذه الاتفاقية. وعلي كافة الأحوال فقد أكد التقرير السنوي لليونيسيف أن تأثير الاتفاقية وبروتوكوليها الاختياريين هو تأثير واسع الانتشار في جميع القارات والمناطق والبلدان والمجتمعات مما يجعلها »الماجنا كارتا« أي »الوثيقة العظمي« الضامنة لحقوق الأطفال لعدة عقود بل وربما لعدة قرون قادمة.. فلقد انتشر تأثير الاتفاقية وعم أنحاء العالم ويتضح ذلك من خلال الاستخدام المتزايد للغة »حقوق الطفل« في اللغة العامة للوثائق القانونية الوطنية والدولية وفي وسائل الإعلام ودساتير الدول وأنظمتها القانونية.. وبالرغم من التحديات العديدة التي تبقي ماثلة أمام أعمال حقوق الطفل إلا أن الاتفاقية تقدم رؤية لعالم يحمي ويصون حقوق الأطفال ويشجعهم علي المشاركة في اتخاذ القرارات التي تمسهم وتعزز هذه الرؤية إيجاد عالم يسوده السلام والتسامح والإنصاف واحترام حقوق الإنسان والمسئولية المشتركة وباختصار »إيجاد عالم جدير بالأطفال«.