الأعلى للجامعات: فتح باب القبول بالدراسات العليا لضباط القوات المسلحة    السيسي يؤكد التزام مصر بالحفاظ على المكانة الدينية لدير سانت كاترين    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض الزيت واللحوم والذهب    الرئيس السيسي يؤكد لليونان التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية والفريدة لدير سانت كاترين    اليونيسف يفضح جرائم الاحتلال: استشهاد وإصابة 50 ألف طفل فلسطيني منذ 7 أكتوبر    مصطفى شوبير يتعاقد مع شركة تسويق إسبانية    أسامة نبيه: أثق في قدرتنا على تحقيق أداء يليق باسم مصر في كأس العالم    أبرز المعلومات عن نظام البوكليت في امتحانات الإعدادية    فيلم سينمائي يشاهده 4 أشخاص فقط في السينما الخميس    خطيب المسجد الحرام: الحج بلا تصريح أذية للمسلمين والعشر الأوائل خير أيام العام    4 وفيات و21 مصابا بحادث انقلاب أتوبيس بمركز السادات    في لفتة إنسانية.. بعثة القرعة تعيد متعلقات حاجة فقدتها في الحرم    الإفتاء تحذر: الأضحية المريضة والمَعِيْبَة لا تجزئ عن المضحي    حكم من شرب أو أكل ناسيا فى نهار عرفة؟.. دار الإفتاء تجيب    108 ساحة صلاة عيد الأضحى.. أوقاف الإسماعيلية تعلن عن الأماكن المخصصة للصلاة    1800 كرتونة لحوم ومواشي.. كيف تستعد مديرية التموين في جنوب سيناء لعيد الأضحى؟    بصوت مروة ناجي.. حفل كامل العدد في حب كوكب الشرق أم كلثوم (تفاصيل وصور)    بعد «come back to me» الشعبية.. يوسف جبريال يشكر تامر حسني عبر السوشيال ميديا (فيديو)    ترامب يتحدّى أوامر القضاء.. وواشنطن تُخفي الأزمة الدستورية تحت عباءة القانون    اتحاد الكرة ينعى الناقد الرياضي خالد كامل    ضبط تشكيل عصابي تخصص في تزوير راغبي الحصول على مستندات رسمية بالقليوبية    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    خطيب الحرم المكي يحث الحجاج على الالتزام.. ويشدد: لا حج دون تصريح    تحرير 146 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    ديو "إهدى حبة" يتصدر التريند.. ديانا حداد والدوزي يشعلان الصيف    المشاط تلتقي المنسق المقيم للأمم المتحدة بمصر لمناقشة جهود تحقيق التنمية الاقتصادية    جامعة قناة السويس تواصل تمكين طلابها.. الملتقى التوظيفي السادس ب"السياحة والفنادق" يجمع كبرى المؤسسات    مجلس جامعة القاهرة يقرر صرف 2000 جنيه مكافأة لجميع العاملين والهيئة المعاونة    أوكرانيا تُعلن استعدادها لحضور الجولة الثانية من مفاوضات إسطنبول    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    الرئيس اللبنانى يزور العراق الأحد المقبل    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    تامر حسني يحتل تريند اليوتيوب ب المقص وملكة جمال الكون    جيش الاحتلال يعلن انضمام لواء كفير إلى الفرقة 36 للقتال في خان يونس    ضبط 33 كيلو مخدرات بحوزة 8 متهمين في أسوان ودمياط    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    ذكرى رحيل "سمراء النيل" مديحة يسري.. وجه السينما المبتسم الذي لا يُنسى    رئيس التنظيم والإدارة يستعرض التجربة المصرية في تطبيق معايير الحوكمة    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    وزير الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ضمن "سكن لكل المصريين 5 " بنتيجة ترتيب الأولويات    بنيامين نتنياهو يدخل غرفة العمليات.. ومسؤول آخر يتولى إدارة إسرائيل    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    القومي للبحوث يرسل قافلة طبية إلى قرية دمهوج -مركز قويسنا- محافظة المنوفية    المضارون من الإيجار القديم: مد العقود لأكثر من 5 سنوات ظلم للملاك واستمرار لمعاناتهم بعد 70 عامًا    ماكرون يتحدث مجددا عن الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماذا قال؟    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    فرنسا تحظر التدخين في الأماكن المفتوحة المخصصة للأطفال بدءًا من يوليو    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    تقارير: أرسنال يقترب من تجديد عقد ساليبا    عيار 21 الآن بعد الارتفاع العالمي.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 30 مايو 2025 بالصاغة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة مستقبلية
الثورة والقرار.. وبناء الدولة المدنية الحديثة
نشر في آخر ساعة يوم 31 - 05 - 2011

شهدت البلاد خلال الأسبوعين الماضيين جدلا شديدا واختلافات متباينة في الآراء والمعتقدات وصلت في بعض الأحيان إلي حد التشابك بالأيدي وتبادل الألفاظ غير اللائقة بل والنابية مما جعل البعض يشعر بالقلق الشديد علي مستقبل الثورة الوليدة التي أبهرت العالم كله.. وقد اتضح ذلك بكل جلاء خلال اجتماعات الحوار الوطني والوفاق القومي ثم تجلي خلال الإعداد والتجهيز لما سمي ب »جمعة الغضب الثانية« في ميدان التحرير ومختلف المحافظات وماشاهدناه بين انقاسامات حادة بين كافة الائتلافات والتيارات وما أكثرها.
بعضها يؤيد التظاهر ويدعو المواطنين للمشاركة فيه بهدف الضغط علي المجلس العسكري والحكومة من أجل تحقيق مطالب الثورة وخاصة فيما يتعلق بسرعة محاكمة رموز النظام السابق والبعض الآخر وفي مقدمتهم الإخوان المسلمون وأنصار التيار السلفي يرفضون المشاركة في هذه الوقفة الاحتجاجية بل ويطالبون المواطنين بعدم المشاركة فيها باعتبار أن الداعين لها والمشاركين فيها هم الليبراليون وأصحاب الفكر المدني والكفرة كما جاء في أحد المنشورات التي وزعت علي الجماهير بالإضافة إلي ماتمثله هذه التظاهرات من قلق وتوتر وإعاقة للعمل والإنتاج بل وتهديد للحرية والديمقراطية.
ولما كانت الديمقرطية أحد أهم مطالب الثورة إلي جانب الحرية والعدالة الاجتماعية فإن الاختلاف في الرأي هو جزء أصيل وهام من مفاهيم الحرية والديمقراطية ينبغي احترامه والتأكيد عليه وذلك علي أن يتم طبقا لأصول الحوار الراقي المتمدين الذي يراعي حقوق كل الناس وألا تكون الغلبة فيه لأصحاب الصوت العالي والمتشددين.
ولما كان المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو المنوط به إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية حتي يتم إعداد دستور جديد وانتخاب مجلس شعب ورئيس جمهورية جديد وانطلاقا من إحساسه بجسامة المسئولية وخطورة الموقف علي مستقبل الثورة وأمن واستقرار البلاد فقد أعلن رفضه وعدم تحمسه لهذه التظاهرة التي لن تفيد بل ربما تؤدي إلي مزيد من القلاقل وتعكير صفو الأمن الذي نحن في أشد الحاجة إليه في الوقت الراهن لتحقيق الاستقرار من أجل دفع عجلة الإنتاج في جميع المجالات ولتعويض ما تحقق من خسائر جسيمة خلال الفترة الأخيرة كما أعلن رفضه انطلاقا وتحسبا لكل هذه المخاطر أنه لن يكون مسئولا عن تأمين هذه المظاهرة ويتعين علي الداعين والمنظمين لها أن يتحملوا مسئولية الحفاظ عليها وعلي المشاركين فيها من أية عناصر مغرضة يمكن أن تندس فيها بهدف إحداث حالة من الفوضي التي لايحمد عقباها وشارك المجلس الأعلي في هذا الاتجاه جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين وبعض القيادات الأخري.
وفي الوقت الذي تجمع فيه الآلاف من المؤيدين للتظاهر في ميدان التحرير كانت هناك مظاهرات أخري في ميدان الحسين وأمام المنصة التذكارية مؤيدة للمجلس الأعلي في قراراته ومؤكدة ثقتها فيه باعتباره السند الأساسي في حماية الثورة منذ اللحظات الأولي لقيامها وصمام الأمان لأمن واستقرار هذا الوطن.
وإذا كان الداعون »لجمعة الغضب« غاضبين لأنه من وجهة نظرهم لم يتحقق شيء من أهداف الثورة حتي الآن ويطالبون بضرورة سرعة محاكمة مبارك ورموز نظامه وإعدامهم إذا ما تطلب الأمر ذلك ردا علي ماتعرض له شباب الثورة من استعمال القوة المفرطة. والتي أدت إلي سقوط المئات من الشهداء والجرحي.. ولكن أليس للقضاء قواعد وللمحاكمات أصول خاصة أن القضاء المصري الشامخ يتمتع بسمعة عالمية لايجب أن نخسرها أو تزعزع الثقة فيها حتي نتمكن إيضا من استرداد أموالنا المهربة في مختلف دول العالم.. ذلك أن قواعد استعادة هذه الأموال تستوجب مثول هؤلاء المتهمين أمام القضاء الطبيعي وليس أمام محاكم عسكرية أو استثنائية كما أنه لابد أن تتم هذه المحاكمات دون أية ضغوط أو تهديدات يمكن أن يتعرض لها القضاة وتؤثر بشكل أو بآخر في منطوق الحكم كما هو حادث الآن في بعض المحاكم وتنقله أجهزة الإعلام المحلية والعالمية.
وقد طالب البعض أيضا بحل المجالس المحلية باعتبارها بؤر فساد أفرزها النظام السابق وكذلك إقالة المحافظين ورؤساء الجامعات وانتخاب آخرين لتحقيق العدالة والتأكيد علي رأي المواطن في اختياراتهم طبقا للقواعد والنظم الديمقراطية ومعهم الحق كل الحق في ذلك وأن كان هذا يحتاج بالطبع إلي بعض الوقت حتي يتم الانتخابات اللازمة علي أسس سليمة تؤدي إلي الغرض المطلوب منها وتحقق العدالة والصدق والجدية في الاختيار.. وأما أن يطالب البعض بانتخاب قادة القوات المسلحة فهذا بكل تأكيد نوع من الشطط والمزايدة غير المسئولة يغيب عنها الوعي والنضج السياسي الذي نحن في أشد الاحتياج إليه في هذه المرحلة الحرجة للغاية.
والحقيقة أننا ونحن في ظل هذا الحراك السياسي المشحون والمليء بالحماس والانفعال والذي نهدف من ورائه إلي إقامة »الدولة المدنية الحديثة« دولة العلم والقانون والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان دولة تراعي كل القيم الإنسانية والحضارية التي كنا من أوائل الأمم والشعوب التي ساهمت في إرساء قواعدها علي مر التاريخ وفي مقدمتها قيم العدالة والتسامح وقبول الآخر والإيمان بحرية الرأي والعقيدة لكافة المواطنين دون تفرقة.. ولابد أن نثبت ونؤكد للعالم كله أننا أمة متحضرة وشعب ناضج قادر علي مزاولة الديمقراطية
والحرية وحماية حقوق الإنسان.. قلوبنا ناصعة البياض مثل ثورتنا خالية من الحقد والكراهية والرغبة الجامحة في الانتقام والإقصاء هذه المشاعر البغيضة التي أكتوينا بنارها علي مدي ستين عاما لايجب أن تكون أسلوبنا في التعامل.. عقولنا مفتوحة لاستيعاب متطلبات العصر واللحاق بركب التقدم من أجل سعادة ورفاهية شعبنا.
إننا نقدر ثورية وانفعال الشباب الذين فجروا ثورة الخامس والعشرين التي حمتها قواتنا المسلحة الباسلة واحتضهنا شعبنا العظيم وهو شيء طبيعي تماما مثل تواصل الأجيال.. غير أن إصلاح البيت من الداخل وتطويره وتحديثه طبقا لأحدث النظم لا يعني هدمه علي كل من فيه.. ولاشك أن الثورية شيء عظيم ومطلوب لتنشيط حركة الشعوب وتطويرها ولكنه مطلوب بالتأكيد تغليفها بسياج من العقلانية والحكمة والتأني حتي تحقق أهدافها المرجوة ولا تضل طريقها مع الأخذ في الاعتبار أن كثيرا من الثورات لم تحقق أهدافها إلا بعد سنوات من قيامها.. وهنا أود أن أشير مرة أخري إلي قول عالمنا الجليل الشيخ الشعراوي: الثائر دائما يثور ولكن الثائر الحق هو الذي يثور لكي يهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد.. قالها قبل عشرين عاما وكأنه يقدم النصيحة لثوارنا الأبطال هذه الأيام.
حذاري من أولئك الذين يريدون فرض آرائهم وإرادتهم علي الآخرين بالقوة بل ويحاولون الإساءة إلي القوات المسلحة ويهاجمون رموزها لأن ذلك ليس في صالح القوات المسلحة ولا في صالح الوطن كما أنه ليس أيضا في صالح الثورة ذاتها ولا أهدافها ومبادئها النبيلة التي قامت عليها وحازت رضي وإعجاب كافة أبناء الشعب المصري والعالم أجمع.
كما أن هذا الشعب الذي عاني كثيرا من تحكم وجبروت وطغيان النظام السابق لن يسمح مرة أخري بعودة مثل هذه المفاهيم تحت أي مسمي أو جماعة أو تيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.