حالة واضحة من الارتباك والقلق أصابت صناع السينما المصرية، بعد اندلاع ثورة يناير، وهي نفس حالة القلق التي تنتابهم بعد كل أزمة اقتصادية أو سياسية، تهز المجتمع المصري أو العالمي، صحيح أن السينما مثل أي صناعة أخري تتأثر سلبا وإيجاباً بالأحداث المحيطة، لكن السينما المصرية يبدو أنها "بتتلكك" حتي تتوقف، أو ترتبك والحقيقة أنها لم تكن يوماً في حالة صحية مناسبة تدفعها للأمام، وكل المؤشرات تؤكد أنها كانت تعاني ارتباكاً مؤلما يهدد بتوقفها في أي لحظة! في لقاء تليفزيوني علي قناة دريم اجتمع كل من محمد العدل ومحمد حسن رمزي، وهشام عبد الخالق، في برنامج يامسهرني الذي تقدمه إنجي علي للحديث عن أزمة السينما، بعد ثورة يناير، وكان هناك شبه اتفاق بين الثلاثة أقطاب ، علي أن السينما المصرية قد أصيبت بالشلل الكامل، تحت زعم أن الناس لاتذهب للسينما، نتيجه لحظر التجول، رغم أن حظر التجول يبدأ الساعة الثانية مساء، ونتيجة أيضاً لإحجام القنوات الفضائية عن شراء أفلام جديدة، ولأن العالم العربي يشهد ثورات في أكثر من منطقة عربية، ويصعب مع تلك الظروف توزيع الأفلام العربية في منطقة الخليج، باختصار تخرج من هذا الحوار بحقيقة كنا نعلمها ولكننا لم نكن نواجهها بهذا الوضوح، وهي أن معظم منتجي السينما عندنا لايعملون بأموالهم مطلقا، في مجال السينما، ولكنهم يعتمدون علي الدعم الخارجي، رغم أن الأفلام لو تم إنتاجها بما يرضي الله، فسوف تحقق مكاسب خيالية من الداخل فقط، مثل السينما الهنديه والصينية، والنيجيرية! والزعم بأن الناس لاتذهب للسينما فيه مبالغة كبيرة، لأن حقيقة الأمر أن الجمهور المصري يذهب لدور السينما التي تعرض أفلاماً أجنبية، وقاعات السينما لاتخلو من الرواد رغم حظر التجول، لأن آخر العروض تنتهي في الحادية عشرة مساء، ومسألة إحجام الجمهور عن مشاهدة الأفلام المصرية في الفترة الأخيرة، يرجع لعدة أسباب، أهمها سوء مستوي ما تقدمه من أفلام مقارنة بما تقدمه السينما العالمية، ولأن نجوم السينما المصرية أصبحوا خارج الزمن، وليس منهم من يسعي لتطوير أدائه او اكتساب مهارات جديدة، فحق عليهم مصير الديناصورات ، التي اختفت من علي وجه الأرض نتيجة لعدم قدرتها علي التطور وفق متطلبات الحياة وتحدياتها! فالطبيعة تلفظ الكائنات الغبية التي لاتحمل قدرة علي التفاعل مع الزمن! وليس أسوأ من حال النجوم إلا حال شركات الإنتاج التي تسيطر عليها عقليات بالية مهترئة، ويكفي أن تستمع إلي حديث أحد منتجي السينما، الذي يؤكد حرصه علي وجود الرقابة خشية أن يجنح كتاب السيناريو، ويظهر بينهم واحد يترك فرصة لبطل فيلمه أن يتحدث إلي "ربنا"! ولم يفكر أي من هؤلاء أن يدرس حال السوق ليعرف لماذا يقبل الجمهور علي متابعة ألافلام الأمريكية ولماذا يحجم عن مشاهدة الأفلام التي تنتجها شركته؟ ❊❊❊ فيلم غير معلوم أو مجهول UNKNOWN هو أحدث الأفلام الأمريكية التي يشاهدها الجمهور المصري الآن، بالتزامن مع عرضها العالمي، وقد حققق الفيلم إيرادات مرتفعة في دور العرض في أمريكا وكندا وفرنسا وإيطاليا، وفي القاهرة أيضا متحديا بذلك كل مزاعم شركات الإنتاج المصرية التي تدعي ارتباك سوق السينما نظرا لظروف الثورة وغياب الأمن وحظر التجول وحجج أخري واهية، لم يمتد أثرها إلا بقدر ضئيل علي رواج الفيلم الأمريكي ، ومجهول من بطولة النجم الأيرلندي المخضرم "ليام نيسون" والألمانية "ديانا كروجر"، والأمريكية جانيوري جونز ومجموعة من الممثلين من جنسيات مختلفة، مخرج الفيلم هو الأسباني الشاب "جايوم كوليت سيرا" وقصة الفيلم عن رواية ألمانية باسم" سرقوا عقلي" الترجمة الأقرب OUT OF MY HEADوأحداث الفيلم تدور في برلين المعاصرة، التي تضم خليطا من الجنسيات وتشهد عمليات هجرة غير شرعية، مثل معظم الدول الأوروبية، وفي البداية نتعرف علي شخصية العالم الأمريكي د.مارتن هاريس"ليام نيسون"، الذي يزور برلين لحضور محاضرة عن الكيميا البيولوجية، يلقيها العالم بروفيسور بريلسير، برعاية أحد أمراء السعودية الذي يمول مشروع تطوير وسائل الزراعة، لإنتاج الحبوب لإنقاذ العالم من مجاعات محتملة وهو المشروع الذي سوف يدر مليارات الدولارات، ويؤثر في الاقتصاد العالمي، بما يفوق ماتدره صناعة السلاح والأدوية وتجارة المخدرات! وفي الطائرة نتعرف علي د.مارتن وزوجته الجميلة ليزا"جانيوراي جونز" التي تصاحبه في رحلته الي برلين، وعندما يصلان الي الفندق يكتشف د.مارتن أنه فقد حقيبته الخاصة التي تحمل اوراقه في المطار، فيستقل سيارة أجرة تقودها امرأة"ديانا كروجر" ويهرع الي المطار، ونظرا للسرعة المفرطة التي تقود بها "جينا " لتصل الي المطار، تنقلب سيارة الأجرة وتسقط في النهر، ويكاد د.مارتن أن يلقي حتفه، إلا أن سائقة سيارة الأجرة الشجاعة تتمكن من إنقاذه، ولكنها تهرب قبل أن تصل الشرطة، لانها تعمل بدون أوراق هجرة ، فهي فتاة صربية دخلت برلين بطريقة غير شرعية، وعندما يفيق د.مارتن ، يجد نفسه في مستشفي خاص قضي بها أربعة أيام، في غيبوبة، ويكتشف أيضا أنه فقد ذاكرته بشكل مؤقت، ويسعي جاهدا لمعرفة أسباب وجوده في برلين، وعندما يسترد ذاكرته بعد عدة أيام، يتوجه مسرعا الي الفندق الذي ترك فيه زوجته، ولكنه عندما يتقدم منها ليخبرها بأسباب تغيبه، يكتشف أنها تنكره تماماً، بل يكتشف أنها ترافق شخصاً آخر يدعي أنه د.مارتن هاريس، وعبثاً يحاول مارتن أن يؤكد أنه العالم الذي جاء لحضور مؤتمر الكيمياء البيولوجية، ولكنه يجد أن كل الطرق موصدة في وجهه، فيسعي للبحث عن سائقة سيارة الأجرة التي أنقذت حياته، لتساعده، ولكنها تتهرب منه خوفاً من التورط مع الشرطة وترحيلها من البلاد! وفي أجواء مليئة بالغموض تتكشف الأسرار، ويكتشف مارتن هاريس هويته الحقيقية التي كان يجهلها، وأنه قاتل محترف يعمل لحساب منظمة إرهابية دولية، وجاء إلي برلين لاغتيال العالم الألماني ، ولكن الحادثة التي تعرض لها، تربك خطة المنظمة ، فتقرر التخلص منه واستبداله بعميل آخر! ❊❊❊ فيلم "المجهول" من أفلام التشويق والحركة، جيدة الصنع، ولكنه لايكتفي بالمطاردات لإثارة شهية المشاهد، ولكنه يتضمن عدة ألغاز تحفز الجمهور علي محاولة فك شفرتها للوصول الي حلها قبل أن يخبره بذلك سيناريو الفيلم الذي يقدم له الحل في النهاية! ولايخلو السيناريو المحكم الذي شارك في كتابته كل من أوليفربوتشر، وستيفن كورنويل، من لمحات سياسية عن فريق من الشرطة السرية التي كانت تعمل في جهاز المخابرات قبل سقوط حائط برلين، ثم أصبح أفرادها يعملون لحسابهم الخاص"مثل ضباط أمن الدولة المنحلة عندنا" وهؤلاء يشكلون مكمن خطر حقيقي لتعاونهم مع المنظمات الإرهابية العالميه! ويعتبر المجهول الفيلم الثاني الذي يحقق إيرادات عالية في حياة النجم المخضرم ليام نيسون الذي يقترب من الستين من عمره، ومع ذلك يحتفظ بلياقة بدنية يتفوق بها مع من هم دون الثلاثين، وكان فيلمه الأول "TAKEN" الذي عرض العام الماضي، قد حقق إيرادات مرتفعة وضعته في الصف الأول لعدة أسابيع متتالية، ويشارك في الفيلم الممثل الأمريكي العجوز فرانك لانجيلا، مع النجم الألماني سباستيان كوخ، الذي لعب بطولة فيلم "حياة الآخرين"، وفيلم فالكيري الذي أعاد تقديمه توم كروز قبل عامين ولم يلق نجاحاً، أما ديانا كروجر النجمة الألمانية الشابة التي غزت السينما العاليمة فقد بدأت شهرتها بعد اختيارها لأداء شخصية هيلين الجميلة في فيلم طروادة، كما شاركت في فيلم " كتيبة الأوغاد"للمخرج "كوينتين تارانتينو" أما الممثله الجميلة "جانيوراي جونز" فقد بدأت شهرتها مع مسلسل "MAD MEN" الذي استمر نجاحه ثلاثة مواسم متصلة وحصل علي الجولدن جلوب في عامين متتاليين!