أتابع باهتمام وقلبي معه قبل غيره من الوزراء عماد أبوغازي وزير الثقافة فهو يواجه أصعب مسئولية يتحملها وزير في مصر. الوزير الذي سبقه وتولي شئون هذه الوزارة قبله وجثم فوقها عشرين عاما متصلة كانوا يكتفون بأن يقولوا عنه الوزير الفنان. وكان يكفيه هذا اللقب ليعوضه عن الفشل في أعمال هذه الوز ارة علي امتداد هذه الأعوام الطوال. يحترق مسرح ويقتل فيه أكثر من عشرين مثقفا ومسرحيا وفنانا يتحمل غيره من رجال الوزارة هذه المسئولية مع أنهم حذروا الوزير من قبل ولكن الوزير ليس مسئولا عن منع الحرائق فمهمته الحقيقية إشعال الحرائق في كل مكان ويكفي أنه يصمم ملابس السيدة الأولي في مصر وينصحها باختيار ألوانها فتلك مهمته الأولي ومادامت السيدة سوزان تعتبر ناجحا في مهمته فهذا يكفي مبررا لبقائه في كرسي الوزارة عشرين عاما. تضيع لوحة للفنان العالمي »زهرة الخشخاش« من متحف محمد محمود خليل ويكون المسئولون عن المتحف قد حذروا الوزير أن المتحف بغير أجهزة إنذار وأنه يمكن سرقته.. فهذا لايهم ويحاكم المسئولون عن المتحف بدلا من الوزير الذي يظهر في الصور وبراءة الأطفال في عينيه وزهرة الخشخاش تسربت من بين يديه وهو يقول إنه غير مسئول. وجوائز الدولة التقديرية الكبيرة والصغيرة يذهب أغلبها لأصدقاء الوزير ورجاله والمدافعين عن سياسته في الوزارة فهو يوزعها علي هواه ولمن يؤيدون بقاءه في الوزارة فوق رؤوس العباد والفن. وتسرب من بين يديه ومن مصر كلها مؤسسة اليونسكو فيقول له رئيس الدولة. ولا يهمك الوزارة هي الباقية. ويبقي الوزير بالفعل في الوزارة دون أن يحاسب علي الأموال التي أنفقها في الدعاية له في منصب اليونسكو. ويستقبل الوزير مديرة اليونسكو التي نجحت بدلا منه ويهنئها علي فوزها وفشله. وخلال عشرين عاما. لم تنتج وزارة الثقافة فيلما سينمائيا مصريا واحدا. ولم يشجع الوزير تصوير الأفلام الأجنبية في مصر. ويكتفي فاروق حسني بأن يظهر علي شاشة التليفزيون وشاشات السينما وهو يوزع الجوائز من أموال الدولة علي المحاسيب والأصدقاء ويطوف الوزير بدول الخليج يبيع فيها بمئات الألوف من الدنانير والدولارات رسوم الأطفال من رسمه ويشتريها أمراء الخليج مجاملة لوزير ثقافة مصر ويعلن الوزير أنهم يشترون فنه وعبقريته وإبداعه الخيالي. والوزير الجديد عماد أبوغازي مطلوب منه أن ينهض بالسينما المصرية التي مثلها وزير الثقافة المعزول وأن يجعلها مرة أخري من أبرز صادرات مصر كما كانت قبل أن ينقض ويستولي عليها الوزير الفنان. ومطلوب من عماد أبوغازي أن يشجع نشر الكتب بدلا من مشروع السيدة سوزان مبارك ووزيرها الثقافي وأن يجعل مصر عاصمة الكتاب العربي كما كانت قبل استيلاء الفنان الوزير علي وزارة الثقافة المصرية. وعلي عماد أبوغازي أن يطهر وزارة الثقافة مما أحاط بها من دعاية سيئة السمعة ومن رشاوي أحاطت كبار موظفي مكتب وزيرها وأن يجعل القاهرة مرة أخري عاصمة للثقافة العربية. وهذه ليست مهمة أو مهاما سهلة إنها تتطلب حبا للفنون وحبا للفنان وتتطلب عملا لا يهدأ لتعود بلادنا كما كانت يتجه إليها العرب جميعا بحثا عن منارة ثقافية هادية. حقيقة أن بلادنا خلال الأعوام الماضية فشلت في نواح كثيرة ولكن الفشل كان أبرز في ميدان الثقافة فقد ظن الوزير السابق الفنان أنه ورثها عن السيدة سوزان وأنها أوصت بها له ومن هنا استباح الوزارة في كل شئ ومهمة عماد أبوغازي صعبة للغاية فعليه أن يقوم أولا بعملية التغيير والنظافة قبل أن يبدأ البناء.