حرص وزير الخارجية الألماني جيروفيستر فللا خلال زيارته لمصر يوم الخميس الماضي علي تفقد »ميدان التحرير« أشهر ميادين العالم في الوقت الحاضر والذي شهد اندلاع شرارة ثورة شباب مصر يوم 25يناير 2011 وهي الثورة التي أبهرت الدنيا كلها وأشاد بها كل زعماء العالم وكتابه ومفكريه. ويعتبر جيروفيسترفللا وهو في نفس الوقت نائب المستشارة وزعيم حزب الأحرار الديمقراطي FDP المشارك في الحكم أول مسئول أوربي تطأ قدماه أرض ميدان التحرير.. كما حرص علي الالتقاء مع مجموعة من الشباب الذين فجروا هذه الثورة التي ألهمته، كما قال الرئيس الأمريكي أوباما وجدان البشرية في كل مكان. وأكد لهم سعادة وتقدير ألمانيا حكومة وشعبا لهذه الثورة التي تمكنت من إسقاط نظام الحكم في مصر الذي استمر لمدة 30عاما ونقلها إلي مرحلة ديمقراطية مهمة في تاريخها علي مر العصور، كما أكد فيسترفللا مساندة بلاده التامة للثورة المصرية وحرصها علي مساعدة مصر في تعويض الخسائر المادية التي تكبدها الاقتصاد المصري بسبب الظروف التي مرت بها البلاد خلال فترة الثورة وتقديم مساعدات سخية لدعم مسيرة الحرية والديمقراطية وبحماية حقوق الإنسان في مصر وتحقيق التنمية الشاملة بما يحقق مزيدا من الرخاء والاستقرار في البلاد. وقد حرص علي أن يؤكد هدف زيارته الحالية لمصر وأنها من أجل تقديم المساعدة والدعم سواء المادي أو المعنوي وليس الوصاية أو الإملاء، فنحن لا نملك سوي تقديم يد العون وعروض للمساعدة كما أننا نريد شراكة ندية وعلي المصريين أن يقرروا ماذا يريدون وماذا لا يريدون معربا عن ترحيب بلاده بالالتزام الواضح الذي عبرت عنه القيادة المصرية لعملية التحول الديمقراطي وأنه لارجعة عنها في ظل احترام كافة حقوق المجتمع والمواطنين. ونظرا لما يمثله قطاع السياحة من أهمية بالنسبة للاقتصاد القومي المصري حيث يعتبر واحدا من أهم مصادر النقد الأجنبي فقد أشار فيستر فيللا إلي قرار الحكومة الألمانية رفع الحظر عن السياح الألمان لمصر لكي يعود تدفق السائحين الألمان والذين بلغ عددهم العام الماضي أكثر من مليون ومائتي ألف سائح واحتلوا بذلك المرتبة الأولي بالنسبة للسياح الأجانب الذين يزورون مصر. والحقيقة أن زيارة وزير خارجية ألمانيا لمصر تعد غاية في الأهمية لعوامل عدة أولها أنها تؤكد عمق العلاقات التاريخية بين مصر وألمانيا الاتحادية ومالها من أهمية وثقل في إطار المعسكر الغربي بصورة عامة والاتحاد الأوروبي بصورة خاصة بحيث يمكن القول أن هذه الزيارة وماجاء خلالها من تصريحات إنما تأتي متناغمة وبالتفاهم مع توجهات المجموعة الأوروبية التي تلعب فيها ألمانيا دورا رائدا وبالتالي فإن ما أعلنت عنه ألمانيا وأكده وزير خارجيتها من جديد من رغبة أكيدة في دعم مصر ماديا ومعنويا خلال المرحلة القادمة إنما هي رغبة أوروبية شاملة سبق وأن عبر عنها أيضا قادة كل من المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدةالأمريكية وهو ما يتطلب منا أن نعمل ونتحرك بسرعة للاستفادة من هذه الروح الطيبة والرغبة الصادقة لدي دول المجتمع المتقدم للمساعدة في المرحلة القادمة لكي ندعم اقتصادنا ونعوض ما لحق بنا من أضرار خلال الأسابيع الأربعة الماضية وتأكيدا علي مدي أهمية هذه الزيارة نجد أن وزير الخارجية قد إصطحب معه وزير التعاون الاقتصادي الألماني ديرك نيبل وعددا من وكلاء الوزارة في مختلف مجالات التعاون الاقتصادي والفني والمالي والذين أجروا محادثات مفصلة مع نظرائهم المصريين بهدف تفعيل وتوسيع نطاق التعاون بين البلدين في أقرب وقت ممكن ولقد سبق أن أجريت حوارا شاملا مع وزير التعاون الاقتصادي الألماني ديرك نيبل Dir Niebel خلال زيارته لمصر في أغسطس من العام الماضي ونشر علي صفحات »آخر ساعة« استعرض خلاله مجالات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات ورغبة ألمانيا الأكيدة في تدعيم وتوثيق هذه العلاقات وكانت الغرفة التجارية الألمانية العربية قد عقدت ندوة الأسبوع الماضي بمقرها في القاهرة بحضور السفير الألماني بوك تم خلالها استعراض فرص التعاون بين البلدين وتشجيع رجال الأعمال والمستثمرين الألمان لزيادة نشاطهم في مصر ونقل التكنولوجيا الألمانية المتطورة دعما وتطويراً للاقتصاد القومي المصري. وفي ضوء شكوي رجال الصناعة والأعمال المصريين من مشكلة ندرة العمالة الفنية المدربة فإنني أدعو الجانبين المصري والألماني علي ضرورة التعاون من جديد لتوسيع نطاق مشروع »التعليم الفني والتدريب المهني« والمعروف باسم مشروع كول مبارك لكي يشمل كل محافظات مصر نظرا لما يمثله هذا المشروع من أهمية بالغة في تخريج شباب مدرب فنيا وتكنولوجيا لتلبية احتياجات الصناعة من هذه الكفاءات خاصة أن خريجي هذه المدارس قد أثبتوا وجودهم بجدارة في المصانع التي عملوا بها. هيئة المعونة الألمانية الفنيةGTZ تقوم بدور ملموس في تنمية وتطوير قطاعات عديدة في الاقتصاد المصري في مقدمتها تطوير نظم الري الزراعي من خلال استخدام نظم حديثة لترشيد استخدام مياه الري والاستفادة منها في التوسع الزراعي في المناطق الصحراويةو هناك أيضا مشروع هام لتوليد الطاقة من الرياح يمكن التوسع فيه علي امتداد الشواطئ المصرية والتي يصل طولها إلي حوالي 3 آلاف ك.م مع ضرورة التوسع في استخدام الطاقة الشمسية بالتعاون مع ألمانيا وهي رائدة في هذا المجال كما أن هناك علماء مصريين نابغين يعملون في ألمانيا في هذا القطاع المستقبلي الهام حيث قام المهندس إبراهيم سمك بتغطية أسطح البرلمان الألماني بمبني المستشارية الألمانية في مدينة برلين بالخلايا الشمسية لتوليد الطاقة ونظرا لأن شبابنا يمضي الآن بخطي ثابتة علي طريق الحرية والديمقراطية فإننا نأمل أن يلتقي الشباب في كلا البلدين من خلال الزيارات المتبادلة والندوات والمؤتمرات المشتركة لتبادل الفكر والمعرفة وتعميق الرؤي في مجال حرية الرأي والتعبير والعمل الحزبي في إطار مناخ الحرية والديمقراطية والاستفادة من تجارب الشعب الألماني في هذا المجال خاصة وأنهم قد عاشوا أيضا تحت سيطرة وقمع الحكم النازي قبل الحرب العالمية الثانية. ويمكن للمؤسسات الحزبية الألمانية المتواجدة في مصر مثل هانز سايدل وكونراد أدينادر وفريدريش إيبرت وفريدرش ناديان أن تلعب دورا بارزا ومؤثرا في هذا المجال.