في نهاية صيف 1969 كانت زيارتي الأولي لتركيا، قادما إليها من قلب أوروبا، من برلين ثم طريق ال E5 عبر المجر يوجوسلافيا شمال اليونان (تسالوزيكي قولة) ثم الدخول إلي حدود تركيا استانبول وعبور تركيا كلها حتي الوصول إلي سوريا وحلب.. وتركيا لها في نفوسنا جميعا: العرب بشكل عام والمصريون بشكل خاص جدا شعور آخر حب غائب.. كلمات كثيرة فات زمن طويل دون أن نقولها.. ليس مني شخصيا ذلك أن جدي لأمي تركي من حلب عندما كانت حلب مقاطعة تركية (من أنطاكية التركية) وليس لأن أسرة محمد علي كلها تنتمي لتركيا عندما كانت »قولة kavala) جزءا من تركيا.. ولكن ربما لأنني عندما كنت صغيرا دون السابعة من العمر كنت أذهب مع الأسرة إلي تكية المغاوري في نواحي جبل المقطم وفيها رأيت فاتنة السينما ليلي فوزي لأول مرة وكذلك »سارة« المغنية الجميلة التي أدت حسناء الربيع للاذاعة المصرية قبل وفاتها في عملية جراحية أشياء كثيرة تعود بذاكرتنا إلي الوراء كثيرا.. المهم كلها مرتبطة بتركيا سواء أهلنا هناك أو وجودهم هنا. في المسجد الأزرق في استانبول أديت الصلاة ثم وقفت اقرأ ما هو مكتوب من آيات قرآنية علي جدران الاسقف. وفوجئت بمجموعة من الفتيات يتقدمن مني وبعد التحية يسألن : هل تستطيع أن تقرأ ماهو مكتوب؟ وعندما قلت نعم سألتني أن أقرأ.. ورأيت الدموع في أعينهن جميعا.. ووقتها لعنت العلمانية وما صنعته العلمانية بتركيا وأبناء تركيا، جعلت أبناء وبنات الجيل الجديد جميعا لا يستطيعون قراءة القرآن، دين الدولة ودين الاسلام الذي حاربت تركيا العالم جميعا من أجله عندما آلت عاصمة الاسلام إليهم بعد أن فتحت المدينة التي بشر الرسول بفتحها للإسلام!.. والآن وبعد ما يقرب من مائة عام من الزمان وفي ظل حكم تركي هو بالتأكيد أميل للعالم الإسلامي والاقتراب منه تعلن تركيا الدولة الصديقة أنها في ظل التقدم الاعلامي العالمي ستفتح أولي محطاتها التليفزيونية الفضائية لتتكلم للعالم العربي كله باللغة العربية بعد أن دخلت تركيا فعلا إلي قلوب العرب جميعا بعدد من المسلسلات الرومانسية الراقية إلي قلوب العرب أخبرتهم خلالها أنها قريبة منهم جزء منهم لم تبتعد أبدا رغم طول السنين! نعم تركيا بمشاعرها وبسياستها تقترب من العالم العربي رويدا رويدا تعود إلي حضن العالم العربي وتؤكد للعالم العربي أنها ستكون فعلا الجسر القوي الذي يقودهم ويربطهم بالعالم الأوروبي الذي أخذ عنهم الكثير من العلوم والفنون الله وحده يعلم ماذا سيكون عندما يتم هذا الربط بين دنيا العرب والعالم الأوروبي عبر تركيا في مستقبل الأيام.