في نتائج مهمة للجولة الثالثة للمشاورات بين مصر وتركيا في إطار مذكرة التفاهم الخاصة بالحوار الاستراتيجي بين البلدين الموقعة في3 نوفمبر2007, اتفقت القاهرةوأنقرة علي تأسيس مجلس أعلي للتعاون الاستراتيجي برئاسة رئيسي وزراء البلدين أعلن ذلك مساء أمس وزير الخارجية أحمد أبو الغيط ونظيره التركي أحمد داود أغلو خلال مؤتمر صحفي مشترك في ختام المباحثات التي شهدتها أنقرة علي مدي يومين. وأكد وزير الخارجية أحمد ابو الغيط أن مصر تؤيد تركيا تماما في مطالبتها لإسرائيل بالاعتذار عن هجومها علي سفن أسطول الحرية لغزة في المياه الدولية للبحر المتوسط في مايو الماضي. وقال في تصريحات لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في أنقرة علي هامش زيارته لتركيا, إن تركيا لها الحق في التمسك باعتذار إسرائيل عن هذا الهجوم بعد أن أهانت إسرائيل العلم التركي. وأضاف أبو الغيط أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل تمر بواحدة من أصعب فتراتها علي الإطلاق منذ60 عاما, مشيرا الي أنه في حالة تكرار أي حادث مماثل لما قامت به إسرائيل ضد أسطول الحرية لغزة فإن ذلك قد يؤدي الي أزمة أعمق في العلاقات مع تركيا قد تصل الي تدمير هذه العلاقات. وحول تأثير الأزمة في العلاقات التركية الإسرائيلية علي الجهود المبذولة من جانب تركيا للمساعدة في تحقيق السلام في الشرق الأوسط وتحديدا بالنسبة للمفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل, شدد ابو الغيط علي أنه سيكون من الصعب للغاية بالنسبة لتركيا أن تقوم برعاية مثل هذه المفاوضات. ولفت إلي أنه إذا كان الحديث منقطعا أساسا بين تركيا وإسرائيل, فكيف يمكن ان تقوم تركيا بمثل هذا الجهد, مشيرا الي أن تركيا تشعر بأن إسرائيل وجهت اليها إهانة كبيرة بالاعتداء علي العلم التركي عندما هاجمت السفن, ولذلك تصر علي اعتذار إسرائيل, وهذا من حقها. وحول المبدأ الجديد, الذي بدأت تركيا تطبقه في سياستها الخارجية, مبدأ صفر المشاكل مع الدول المجاورة, وإلي أي مدي يمكن ان يحقق النجاح, أعرب أبو الغيط عن أمله في أن تنجح تركيا في تنفيذ هذه السياسة لافتا الي أنه في أحيان كثيرة يصعب الوصول الي تسويات أو حلول أو تحقيق الأهداف بسهولة من خلال المبادئ التي تتحرك الدول من خلالها, بسبب مواقف الأطراف الأخري. واضاف أن هذا المسعي من جانب تركيا يحظي بالكثير من التقدير والاحترام في المنطقة, ونأمل في أن تتوصل تركيا الي نجاح في هذه السياسة وان تصل بمشاكلها مع جيرانها الي درجة الصفر, لأن مثل هذه المبادئ والسياسات لها مشاكلها وتعقيداتها. وبالنسبة للتحرك التركي في العراق, والذي بات يواجه انتقادات في الإعلام المحلي داخل تركيا, ومن بعض الدوائر في العراق, اكد أبو الغيط أن هناك تطابقا كاملا في الرؤية بين مصر وتركيا في هذا الشأن, وتقوم هذه الرؤية علي ضرورة اشتراك جميع الأحزاب والمجموعات والتكتلات في العراق في العملية السياسية وعدم استبعاد اي طرف من الأطراف لأن استبعاد اي طرف من شأنه أن يؤدي الي تعقيدات في التسوية. وأضاف أن تركيا تري ضرورة إشراك الجميع في العملية السياسية وتشكيل الحكومة الجديدة بشكل سريع وانتهاء الوجود الأمريكي في العراق والتخلص من بقاياه, ونحن نتفق معها تماما في هذه الرؤية. وحول تقييمه لنتائج زيارته لتركيا والمباحثات التي جرت خلال جولة المشاورات الاستراتيجية بين مصر وتركيا في أنقرة أمس, قال وزير الخارجية إن زيارته لتركيا جاءت بهدف الاستمرار في تعزيز وتقوية العلاقات المصرية التركية. واضاف أن مصر وتركيا وقعتا مذكرة تفاهم بشأن الحوار الاستراتيجي في3 نوفمبر من عام2007, ومنذ ذلك الوقت هناك تمسك بالحوار الاستراتيجي بين البلدين والبناء علي ما جاء في هذه المذكرة وتطويره إلي ان وصلنا الي الاتفاق اليوم علي تشكيل المجلس الاعلي للعلاقات الاستراتيجية. وأشار إلي أن هناك تطورا كبيرا في العلاقات بين مصر وتركيا يعكسه استمرار الزيارات المتبادلة بمعدل ليس له مثيل بين تركيا واية دولة اخري بالعالم, فضلا عن تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بشكل كبير منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين حيز التنفيذ في مارس2007, مما أدي الي تضاعف حجم التبادل التجاري3 مرات خلال السنوات الثلاث الأخيرة ليصل الي أكثر من5 ر3 مليار دولار فضلا عن زيادة حجم الاستثمارات في تركيا لتصل الي1.5 مليار دولار. وأوضح أبو الغيط ان تركيا تسعي للاستفادة من الأسواق المفتوحة لمصر, وترغب بشدة في الاستفادة من اتفاقية الكوميسا للوصول الي اسواق إفريقيا عن طريق مصر وكذلك النفاذ الي دول الشمال الافريقي عبر اتفاقية أغادير. وشدد أبو الغيط علي أن علاقات مصر وتركيا هي علاقات تكامل لا تنافس, لأن هناك تفاهما بين البلدين علي شكل اقليم الشرق الأوسط وتطوراته, وليس هناك تناقض في المصالح بينهما, كما يسعي البلدان الي تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.