للمرة الثانية حاول المخلوع مبارك، ونجلاه، ورموز نظامه، النصب علي الدولة بتقديمهم ل4 طلبات تصالح تقدم بها كلٌ من مبارك، وصفوت الشريف، وزكريا عزمي، ورشيد محمد رشيد، غير أن جهاز الكسب غير المشروع رفض الطلبات الأربعة، بسبب إصرار المتهمين علي التصالح في جزء من القضايا دون البقية، ورد جزء من المبالغ التي حصلوا عليها بطريق الكسب غير المشروع دون رد غرامتها المماثلة، مقابل انقضاء الدعاوي الجنائية المقامة ضدهم جميعها. وبينما تُجري لجان جهاز الكسب غير المشروع برئاسة المستشار عادل السعيد، فحص ممتلكات مبارك ونجليه لبيان حجم ما حققوه من كسب غير مشروع حتي يتم تحديد القيمة المالية لها، أكد عدد من خبراء وأساتذة القانون، أن ما فعله مبارك ورموزه محاولة جديدة للنصب علي الدولة، وأن السجن سيكون في انتظار هؤلاء المتهمين حال ثبوت عدم رغبتهم في التصالح وسداد المبالغ المتهمين بكسبها بطريقة غير مشروعة. حيث قال المستشار محمد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن جهاز الكسب غير المشروع قد حدد المبالغ التي تم إهدارها عن طريق كسب غير مشروع من الرئيس الأسبق حسني مبارك ورموزه، فإن هذا الأمر من المفروض أن يتم بشكل موضوعي وحسابي واقتصادي سليم، والمفروض أن يلتزم المتهمون بما قدّره الجهاز وأن يلتزم بدفع المبلغ وفق ما حددته مادام يقوم علي أسس سليمة. أما الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذة القانون الجنائي، فقالت إنه إذا كان هناك إخلال بشروط التصالح المنصوص عليها بالقانون فيجب رفض هذا التصالح وتوقيع العقوبة علي المتهمين، إنما إذا كان المحكوم عليه أو المتهم في قضايا الكسب غير المشروع سيدفع كل ما يتطلبه القانون ففي هذه الحالة يجوز التصالح معه وإعفاؤه من العقوبة مقابل دفع هذه المبالغ، لكنني من واقع الأرقام الأخيرة عن حجم الأموال المطلوب سدادها من الرئيس الأسبق ورموزه التي تصل إلي مليارات والأموال التي يرغبون فقط في ردها لجهاز الكسب غير المشروع التي لم تتجاوز نصف مليار فإن الفارق ضخم جدا، ثم إن السؤال هنا: هل المبلغ المراد رده للجهاز قد ثبت فعليا بالدليل القاطع أن المتهمين حصلوا عليه من عدمه لأنها نقطة مهمة، لأنه لايمكن أن يحسب كسب غير مشروع أو التصالح إلا مع المبالغ التي ثبت بالفعل أنهم حصلوا عليها إنما أن تؤخذ المسألة بصفة تقديرية فقد يكون فيها ظلم لأطراف التصالح، لأن المعيار هنا هل ثبت علي المتهمين حصولهم علي هذه المبالغ أم لا. أضافت: «كما أن التصالح ليس حتما مع كل القضايا فكل قضية مستقلة عن الأخري تماما، فهناك قضية يجد المتهم أن الحكم بها متوافق مع المبلغ الذي أخذه فيرده المتهم مطمئنا دون أن يشعر بالظلم، وقد تكون هناك قضايا أخري لم يحصل المتهم علي الأموال التي حُكم بها عليه أو حصل علي جزء منها فليس من العدل أن نلزمه بدفع كل القضايا، ولكن يدفع فقط منه ما يثبت قانونا حصوله علي هذه الأموال المقابلة، ومن حقه أن يجازئ هذا التصالح لأن كل قضية مستقلة تماما بذاتها عن القضايا الأخري، فلا يجوز أن ألزمه بدفع مبلغ عن مجموعة قضايا، هذا إذا كان المتهم يستطيع رد هذه المبالغ، وإذا لم يستطع لا يتم التصالح بشأنها». وقال الدكتور نبيل سالم، أستاذ القانون الجنائي بجامعة عين شمس: «يفترض مبدأ التصالح أن يجري التفاوض بالضرورة بين المتهم والجهات الجنائية المختلفة لتحديد شروط التصالح والالتزام بها من الطرفين، فإذا لم يصلا إلي اتفاق فليس هناك ما يلزم الجهة القضائية قانونا بقبول التصالح مع المتهم، وأظن أن مسألة المدي الزمني الذي يمكن أن يتضمنه التفاوض بشأن التصالح بطبيعة الحال لن يستغرق وقتا طويلا، ولكن للفترة اللازمة فقط علي الاتفاق علي شروط التصالح، وإنهاء قضايا الكسب غير المشروع بالتصالح من شأنه أن يعيد إلي خزانة الدولة مبالغ طائله استولي عليها المتهم بدون وجه حق. أضاف: «أعتقد أن من مصلحة المتهمين في هذه القضايا التصالح مع الدولة ورد اعتبارهم قانونا وانقضاء الدعوي الجنائية». وكان جهاز الكسب غير المشروع قد رفض طلب التصالح المقدم من حسني مبارك ونجليه، الذي يطلب فيه رد 147 مليون جنيه قيمة ما حصل عليه في قضية القصور الرئاسية دون رد باقي الأموال التي حصل عليها في قضايا الكسب غير المشروع التي تقدر بنحو 27 مليار جنيه، وهو ما رفضه الجهاز حيث لا يجوز التصالح في جزء دون باقي الأجزاء المتهم فيها بالحصول علي أموال باستغلال النفوذ والتربح. أما بالنسبة لوزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف، فتقدم بطلب للتصالح في جزء واحد فقط من عناصر الثروة التي حققها بطريق غير مشروع، وهي أن يرد مبلغ 20 مليون جنيه فقط قيمة قطعة أرض وفيلا حصل عليها بدون اتباع الإجراءات القانونية المنصوصة بالقانون دون أن يتطرق إلي باقي العناصر التي كشف تقرير الخبراء عنها. تقرير الخبراء كشف قيام الشريف بصفته من العاملين في الجهاز الإداري بالدولة سابقًا بالحصول لنفسه ولزوجته وأولاده علي كسب غير مشروع مقداره 304 ملايين و674 ألفا و552 جنيها، عبارة عن عقارات وشقق سكنية وأراضٍ فضاء وأراضٍ زراعية وفيلات وهو ما يعني أنه لابد من تسديده هذا المبلغ وغرامة مماثلة بإجمالي 609 ملايين و349 مليونا و104 آلاف جنيه وهو ما رفض أن يدفعه وأصر علي دفع 20 مليون جنيه. أما طلب التصالح المقدم من زكريا عزمي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية الأسبق، فتضمن طلبه برد مبلغ مليون و812 ألف جنيه غير معلومة المصدر وغرامة مماثلة بإجمالي 3 ملايين و638 ألف جنيه، وشقة في سان استيفانو، علي أن يشمل هذا التصالح انقضاء الدعاوي الجنائية في كل القضايا المتهم فيها، وهو ما رفضه جهاز الكسب غير المشروع حيث ثبت حصوله علي مبلغ 36 مليونًا و367 ألف جنيه، وهو ما يعني أن إجمالي المستحقات المطلوبة منه 72 مليونا و734 ألف جنيه. وبالنسبة لوزير الصناعة والتجارة الأسبق رشيد محمد رشيد فقد عرض علي الكسب غير المشروع في طلب التصالح أن يسدد 528 مليون جنيه مقابل انقضاء الدعاوي الجنائية المقامة ضده ورفع اسمه من قوائم المتحفظ عليهم والترقب والوصول دون دفع غرامة مماثلة علاوة علي تصالحه في جزء واحد من القضايا المتهم فيها بالكسب غير المشروع دون باقي القضايا الأخري المتهم فيها، إلا أن الجهاز طالبه بدفع مليار و44 مليون جنيه، وليس 528 مليونا فقط ومع إصرار «رشيد» علي دفع 528 مليونا فقط رفض الجهاز التصالح معه. وبشأن وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي فقد طلب التصالح أيضا في عنصر واحد فقط من عناصر ثروته التي حصل عليها بطريق غير مشروع وهو أن يرد 4 ملايين و600 ألف جنيه وغرامة مماثلة لهذا المبلغ بإجمالي 9 ملايين و200 ألف جنيه، إلا أن الجهاز تبين له أن «بطرس غالي» مطالب بسداد 35 مليون جنيه، وأن محاكم الجنايات أصدرت أيضا ضده أحكام بغرامات تقدر بنحو المليار ونصف المليار جنيه، وبناء عليه تم رفض الطلب وإخطاره بذلك، فقرر حصر ما عليه من أموال لسدادها للدولة فقرر الجهاز إحالة الطلب إلي لجنة لإعادة تقييم ثروته.