تتضاءل أحزاننا عندما نجد يدا حانية تمسح دموعنا وتذوب همومنا عندما نبوح بها لقلب ينصت لأناتنا أمام همومك ومشاكلك نمد جسور التواصل وستجد وسط أحزانك قلبي دائما معك. يقولون إن الطبع يغلب التطبع لكني حاولت أن أثبت عكس مقولتهم تزوجت من رجل بدا عمليا إلي أقصي حد.. لا تشكل المشاعر نسبة كبيرة من اهتمامه أو تفكيره.. ولأن زواجي جاء تقليديا كان عليّ التأقلم مع طباع زوجي.. لقنتني أمي أن الزوجة العاقلة هي من تسير حياتها بهدوء وتلتزم الحكمة في تعاملها مع زوجها ولا تفتعل المشاكل ولا تبدي اعتراضا علي أي شيء يقوله أو يأمر به »نصائح تبدو غريبة في زمننا هذا ومع ذلك وجدتني ألتزم بها« لم تكن لي خبرة كافية بالحياة فقد عشت حياة مغلقة طوال فترة دراستي فرضتها عليّ تربية صارمة لأب حاد الطباع.. كنت أشعر مع صديقاتي بغربة بفعل هذه التربية فأبدو منتمية لزمن غير الزمن الذي تعيشه صديقاتي.. سبب لي ذلك بعض الضيق لكن سرعان ماكنت أتجاوزه فكانت شخصيتي أقرب للمسالمة ليس فيها ذلك النوع من التمرد الذي كنت ألاحظه علي زميلاتي وقريباتي.. المهم صرت علي هذا الحال حتي بعد زواجي فكنت الزوجة المطيعة الهادئة وكان لهذه الخصال دور كبير في ترشيحي للزواج من رجل فرضت مهنته كتاجر منشغل معظم الوقت يبغي الراحة في الساعات القليلة التي يقضيها فضلا عن عصبية زائدة خاصة في لحظات عصبيته وما أكثرها التي يبدو فيها وكأنه نسي أنه خريج جامعة وأنه ورث مهنته عن أبيه فيصبح أقرب لصورة هذا الأب فطباعه الغريبة الغليظة.. كنت أعرف ذلك وتمنيت تغييره وراهنت علي الزمن وحسن سلوكي معه لكني لم أبذل جهدا كافيا فلم أعترض أو أبدي تذمرا أو ضيقا أو حتي تلميحا كنت أنفذ بدقة نصائح أمي التزام الهدوء حتي تمر عاصفة زوجي.. سنوات عشتها علي هذا النحو لم أكن أعرف أن دروس أمي لم تكن علي هذا القدر من الصواب الذي توهمته لكني اكتشفت ذلك بعد فوات الأوان عندما تحول زوجي إلي ديكتاتور يمارس جبروته علي أقرب الناس إليه أولاده والذين تحولوا مثلي إلي مجرد آلات تسمع وتنفذ أوامره دون أي مناقشة لم أنتبه لحجم المأساة التي تحملها أولادي إلا بعدما كبروا وأصبحت لهم حياة مستقلة وللأسف فشل كل منهما فيها.. الابن أصبح ضعيف الشخصية مهزوزا لا يثق في نفسه فتحول إلي لعبة في يد زوجته التي استلمت زمام أمره من والده فتحول ابني الي مسخ أشعر بالشفقة كلما رأيته يرتعش أمام أوامر زوجته.. علي العكس تماما كان حال أخته التي حاولت الانتقام من فعلة والدها بها فدفع زوجها المسكين الثمن من عصبية وحِدة وشجار وتطاول.. أخجل من تصرفاتها التي كثيرا ما يشكو منها زوجها وبعد أن فاض الكيل به تزوج من أخري وأصرت ابنتي علي الطلاق وكان لها ماتريده..هكذا انتهت حياة أولادي بالفشل وأعرف أنني أتحمل جزءا كبيرا من ذلك أتساءل الآن كيف قبلت ذلك وكيف عشت عمري كله قبل اكتشاف حجم الكارثة التي أنا مقدمة عليها. لكنني أشعر بالعجز لا أعرف كيف يمكنني تصحيح خطئي؟ وأعيد لحياة أولادي الاستقرار؟! لصاحبة هذه الرسالة أقول: أوافقك الرأي تماما علي أن اكتشافك جاء متأخرا ولا أعرف كيف مرت عليك السنوات الطوال بطول العمر كله دون أن تنتبهي إلي كارثة ما أنت مقدمة عليه.. وعلمتك أمك ضرورة طاعة الزوج ونسيت أن تعلمك أن الزواج مسئولية مشتركة وأن الحياة أخذ وعطاء وأن لكل طرف حقوقا كما أن له واجبات.. لكنك للأسف التزمت بواجباتك وأهملت حقوقك فكانت النتيجة ضياع هذه الحقوق .. ولم تؤذك سلبيتك وحدك بل امتدت لأولادك. وبالرغم من خطورة ما انتهي إليه حالهم.. إلا أنه بإمكانك محاولة تغييرك مادام لديك إصرار وعزيمة علي هذا التغيير عليك أن تقفي بجوارهم لتصحيح خطئك.. حاولي أن تعيدي ثقة ابنك في نفسه لتصبح شخصيته أكبر في مواجهة جبروت زوجته وحاولي أن تعيدي التوازن لنفس ابنتك وعلميها ما اكتسبته من الحياة نبهيها إلي أخطائها وحاولي أن تضعيها علي الطريق الصحيح.. أعرف أن الأمر شاق.. لكنه ليس مستحيلا إذا ما توفرت له الإرادة القوية فلا تيأسي.