تتضاءل أحزاننا عندما نجد يدا حانية تمسح دموعنا وتذوب همومنا عندما نبوح بها لقلب ينصت لأناتنا أمام همومك ومشاكلك نمد جسور التواصل وستجد وسط أحزانك قلبي دائما معك. عشت بقلب ميت بعد قصة حب فاشلة لم أعرف لحياتي طعما ولامعني بعدها . حتي بعدما تزوجت وأنجبت كنت أعيش حياتي بلا إحساس حقيقي . تطاردني ذكرياتي فأغوص في تفاصيلها بينما تمر أيامي لاأتفاعل معها بأكثر مايتفاعل من يشاهد فيلما سينمائيا . لم أشك ولم أعتب لكني عرفت بحق معني الألم . داويت جرحي بانكفاء علي الدراسة والعلم حصلت علي الماجستير والدكتوراه لم يكن لنجاحي سوي هدف واحد هو مجرد رسالة أبعثها لمن خانني. ها أنذا أتقدم بعدما راهنت علي ضعفي وانهياري إذا ما تخليت عني . كان أستاذي ومعلمي لاأعرف كيف فتحت له قلبي رغم فارق السن . تعجبت لماذا لم يتزوج حتي بعدما وصل لهذه السن إلا أن تعجبي زال بعدما اقتربت منه وخدعني بحب كاذب وأفقت من وهمي لأعرف أن قلبا مثل قلبه لم يخلق يوما للحب والكل بالنسبة له مجرد أقزام لايستحقون منه سوي الركل لكنني لم أمنحه الفرصة لتحقيق ساديته والتلذذ بتعذيب الآخرين . انسحبت في الوقت المناسب وسلمت من ركلته. تناسيت الجرح بمزيد من الانكباب علي العمل ونجحت كأستاذة جامعية وطبيبة متميزة لكن بقلب كسير. ولم يفلح زواجي من آخر وإنجابي لطفلين رغم حبي الشديد لهما إلا أن حنينا دائما للماضي كان يأخذني دائما من واقعي فلا أتفاعل كما ينبغي معه . ظللت علي ذلك الحال حتي التقيتها زوجته بصحبة طفلتها ابنته هرعت إلي ملهوفة تطلب المساعدة شعرت أنني نسيت كل ماتعلمته من الطب داهمتني ذكرياتي الأليمة تماسكت بصعوبة وحاولت التركيز قدر استطاعتي شخصت الحالة وكتبت الدواء .أسبوع مضي وأنا غرقي في بحر من الأحزان حتي جاءتني ثانية تطل الفرحة من عينها وتنهال علي بكلمات شكر ودعوات ثم فجأة بدت في عينها ملامح حزن لم أتوقعها. تباسطت في الحديث معها علي غير عادتي مع مرضاي علها تكشف لي عن حياتها كيف تمضي معه وفاجأتني وهي تحكي عن ظروفها الصعبة التي تمر بها بعد رحيل زوجها. انتبهت فجأة للسواد الذي يلفها ولعيونها المنكسرة الحزينة. مات إذن رحل عن عالمنا . لم يعد مهما إذا أن أبالغ في أناقتي لعلي أقابله صدفة فيراني علي أكمل وجه . لم يعد هناك من أحاول دائما تحديه حتي وإن لم يكن له وجود ظاهر في حياتي. انتبهت لنفسي فجأة ألهذا الحد كنت أنانية أهكذا تبدو صورتي الحقيقية كأنها صورة مكررة لأنانيته . كم أنا مخطئة في حق نفسي وحق زوجي وأولادي . ضيعت أجمل سنوات عمري معهم تائهة في أوهام . كنت مريضة بحبه وبجرحي منه ولم أترك لنفسي الفرصة لأفتح لزوجي قلبي وأهب له مشاعر كان الأحق بها . أريدك أن تساعديني في تخطي هذه المرحلة فهل أجد في كلماتك بعضا من التشجيع ؟ لصاحبة هذه الرسالة أقول : بقدر إشفاقي علي سنوات من عمرك ضاعت في وهم كاذب بقدر سعادتي أنك أفقت من أوهامك وأدركت مدي خطؤك في حق نفسك وأسرتك وهذه هي الخطوة الأولي في طريق التخلص من الأوهام التي سيطرت علي حياتك. وأعتقد أن مشكلتك أنك بالغت في حزنك لفشلك في قصة حب رغم أن كثيرين لم بسلموا منها ومع ذلك استطاعوا الاستمرار دون الإحساس بهذا القدر من الحزن والمرارة دعيني أصارحك أنها درجة من الأنانية أعمتك حتي عن زوجك وأخذتك بعيداً عن أسرتك كلماتي تبدو قاسية لكنني لاأقصد بها إدانتك بقدر دفعك لإدراك مدي الأذي الذي تسببته لأسرتك التي بلا شك فقدت جزءا كبيرا من اهتمامك الحقيقي بسبب تلك الأوهام . عموما فات أوان تأنيب الضمير ومازالت هناك فرصة لتعويضهم بمزيد من الحب بالتأكيد هم في أمس الحاجة إليه بعدما تاه لسنوات طويلة في دوامة من ذكريات لاتستحق الرجوع إليها .